Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

عربي ودولي

الأربعاء 04 ديسمبر 2024 9:55 صباحًا - بتوقيت القدس

وعد ترمب ووعيده.. الوعيد بالجحيم محاولة لإطفاء النار بالنار

رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم

د. حسين الديك: الفترة المقبلة قد تشهد تصعيداً غير مسبوق في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بدعم كامل من إدارة ترمب

د. رائد نعيرات: ترمب يسعى للتركيز على مواجهة الصين وتجنب الصدام المباشر مع روسيا ما يدفعه لعدم العودة إلى الشرق الأوسط

سليمان بشارات: ترمب يريد أن تتحول دول الشرق الأوسط من مراقب إلى فاعل بشأن صفقة يطلق فيها سراح المحتجزين الإسرائيليين

د. سعد نمر: تصريحات ترمب النارية محاولة لفرض حل سريع لأزمة غزة وإنهاء ملف المحتجزين الإسرائيليين قبل توليه الرئاسة

فراس ياغي: تصريحات ترمب تهدف إلى إظهار اهتمامه بإنهاء الحرب في غزة وهي بحد ذاتها دلالة إيجابية رغم الصيغة التهديدية

 

تأتي التصريحات النارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، متوعداً الشرق الاوسط بـ"الجحيم" حال لم يتم إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، قبل توليه الرئاسة رسمياً في العشرين من الشهر المقبل، في مرحلة حرجة بالمنطقة، ما من شأنها أن تُصعد الحرب بدلاً من توقفها.


ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن تصريحات دونالد ترمب النارية تعكس شخصيته والتقارب الأيديولوجي والسياسي بين ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يثير تساؤلات حول ملامح المرحلة المقبلة في السياسات الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، مع تبني سياسات أكثر تشددًا وانحيازًا لإسرائيل أكثر وضوحاً مقارنة بإدارة بايدن.


وبالرغم من أن تلك التصريحات نارية ولافتة بشكل غير مسبوق تجاه المنطقة، لكن بعض المحللين والمختصين يرون أن تصريحات ترمب ربما تمهد لإمكانية تحقيق اختراق في ملف المحتجزين الإسرائيليين أو التهدئة في غزة.

 

تحالف شخصي بين ترمب ونتنياهو

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي، د. حسين الديك أن تصريحات ترمب التي يهدد فيها الشرق الأوسط حال عدم إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، تعكس التحالف الشخصي بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتعبر عن تقارب أيديولوجي وسياسي عميق بين اليمين الأمريكي واليمين الإسرائيلي المتطرف. 


ويوضح الديك أن هذه التصريحات لم تكن مفاجئة، إذ إنها تعكس الموقف الحقيقي لترمب الذي لطالما اتسم بسياساته المتشددة ودعمه المطلق لإسرائيل، خاصة خلال فترة رئاسته الأولى.


ويشير الديك إلى أن ترمب، مثل العديد من الرؤساء الأمريكيين، يقدم وعوداً انتخابية تختلف كثيراً عن سياساته بعد توليه السلطة. 


ويصف الديك هذا التباين بأنه "حتمية تاريخية" في السياسة الأمريكية، حيث تُستخدم الحملات الانتخابية لجذب الناخبين، فيما تُعاد صياغة الأولويات بعد الوصول إلى الحكم.


ويلفت الديك إلى أن سجل ترمب مليء بخطوات داعمة لإسرائيل أثارت الجدل، بدءاً من نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، مروراً بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وصولاً إلى تحويل القنصلية الأمريكية في القدس إلى (وحدة الشؤون الفلسطينية) تحت مظلة السفارة الأمريكية في القدس.


هذه الخطوات، بحسب الديك، تشكل دليلاً على التزام ترمب بسياسات تتماهى مع تطلعات الحكومة الإسرائيلية اليمينية.


ويلفت الديك النظر إلى الطبيعة الأيديولوجية لإدارة ترمب، التي تتألف من تيارات يمينية محافظة، تشمل المسيحيين الإنجيليين والمتصهينين، إضافة إلى المحافظين الجدد. 


ويعتبر الديك أن هذه التركيبة أرسلت رسائل واضحة إلى العالم، بمن في ذلك الفلسطينيون، وحتى حركة حماس، مفادها أن هذه الإدارة تتبنى موقفاً متسقاً مع الحكومة الإسرائيلية وتوجهاتها اليمينية المتطرفة.


ويشير الديك إلى أن هذه التحالفات الأيديولوجية بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية ليست مبنية فقط على المصالح السياسية، بل تمتد إلى أسس عقدية وأيديولوجية تدعم استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتوسيعه.


ويرى الديك أن تصريحات ترمب الأخيرة تعكس ملامح المرحلة المقبلة، حيث أكد نتنياهو، في خطابه أمام الأمم المتحدة،  رسم "شرق أوسط جديد"، إذ إن هذا التناغم بين الدولتين يشير إلى أيام صعبة مقبلة، خاصة مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض.


ويوضح الديك أن ترمب، الذي يدير سياساته بعقلية وصفها بـ"العنجهيّة" سيعمل على تنفيذ سياسات أكثر انحيازاً لإسرائيل من إدارة بايدن، ومن المتوقع أن تتسم ولايته الجديدة بسياسات عدائية تجاه الفلسطينيين، تشمل تشديد الحصار على قطاع غزة، وتسهيل تزويد إسرائيل بالأسلحة عبر قرارات تنفيذية مباشرة دون الرجوع إلى الكونغرس.

 

خطط ترمب المحتملة لتنفيذ التهجير القسري للفلسطينيين

 

ويحذر الديك من خطط ترمب المحتملة لتنفيذ التهجير القسري للفلسطينيين، في قطاع غزة والضفة الغربية، مشيراً إلى أن ترمب سبق أن صرح بأن "مساحات إسرائيل صغيرة وتحتاج إلى التوسع". 


ويلفت الديك إلى أن هذه السياسات قد تتضمن تهجير سكان قطاع غزة إلى الخارج، وهو أمر وصفه بالخطير جداً، ولم تجرؤ إدارة بايدن على طرحه.


ويؤكد الديك أن الفترة المقبلة قد تشهد تصعيداً كبيراً وغير مسبوق في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، بدعم كامل من إدارة ترمب، بما يعكس موقفاً متطرفاً أكثر من أي وقت مضى، وليس شرطاً باستخدام أسلحة أكثر فتكاً، بل بتحقيق حلم إسرائيل بتهجير الفلسطينيين.


وفي ما يتعلق بإمكانية تحقيق تسوية سياسية بين إسرائيل وحماس، يرى الديك أن تصريحات ترمب ستزيد من تعقيد الموقف. 


ويشير الديك إلى أن هذه التصريحات ستدفع نتنياهو إلى تبني مواقف أكثر تشدداً، ما يُبعد احتمالية التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة أو تحقيق أي تهدئة.


ويوضح أن نتنياهو يهدف إلى فرض اتفاق استسلام على المقاومة الفلسطينية يتضمن إطلاق سراح المحتجزين، وخروج قيادات حماس من غزة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي العسكري للقطاع.


على الصعيد الدولي، يرى الديك أن العالم يتعامل مع تصريحات ترمب بجدية، لكنه في الوقت ذاته يعاني من ضعف في مواجهة السياسات الأمريكية. 


ويشير الديك إلى غياب نظام دولي متعدد الأقطاب أو حتى ثنائي القطب كما كان في العقود الماضية، مما يتيح للولايات المتحدة التصرف كشرطي عالمي، بينما يتصرف ترمب كأنه زعيم للعالم.

 

 

شخصية عنجهية غالباً ما تبني مواقفها على حقائق غير واقعية

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي د. رائد نعيرات أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب حول غزة تأتي في سياق شخصيته العنجهية، التي غالباً ما تبني مواقفها على حقائق غير واقعية. 


ويستدل نعيرات بتصريح سابق لترمب قبل نحو شهر، حين قال إنه لا يعرف بوجود محتجزين إسرائيليين أحياء في غزة، ليظهر اليوم كأنه يجهل ما جرى في المنطقة وما قامت به إسرائيل من تدمير شامل واستنفاد كافة خياراتها العسكرية لإعادة هؤلاء المحتجزين.


ويوضح نعيرات أن التهديد باستخدام القوة لم يعد مجدياً، مشيراً إلى أن إسرائيل نفسها فشلت في تحقيق ذلك، بالرغم من استخدامها كل إمكاناتها الحربية. 


ويقول نعيرات: "إذا كان هناك تهديد يجب أن يوجَّه، فإنه يجب أن يكون للإسرائيليين، لدفعهم إلى تقديم تنازلات تُفضي إلى إطلاق سراح المحتجزين".


ويوضح نعيرات أن أهالي المحتجزين الإسرائيليين فهموا تصريحات ترمب في سياق الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وليس على المقاومة الفلسطينية. 


ويشير نعيرات إلى أن أهالي المحتجزين الإسرائيليين باركوا هذه التصريحات لأنهم يدركون، بعد عام كامل من الحرب، أن أبناءهم لن يعودوا عبر التصعيد العسكري، وإنما من خلال صفقة تبادل محتملة. 


ويصف نعيرات تصريحات ترمب بأنها "فارغة من محتواها"، متسائلاً عما يمكنه تقديمه لإسرائيل على صعيد العمليات للضغط على المقاومة من أجل الإفراج عن المحتجزين في غزة.


ويشير نعيرات إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن قد أعطت إسرائيل كافة الدعم المطلق، حيث زودتها بأسلحة متطورة، بما في ذلك منظومة الدفاع الجوي "ثاد"، التي لم تمنحها الولايات المتحدة لأي دولة أُخرى، بل وصل الحد الى إرسال طاقم لتشعيلها في إسرائيل.


وفي ما يتعلق بتناقض تصريحات ترمب، يشير نعيرات إلى أنه خلال حملته الانتخابية، أكد أنه لا يريد إشعال الحروب، بل يسعى لإطفائها، وهو ما يتناقض مع مواقفه الأخيرة. 


ويقول نعيرات: "هذه التناقضات متوقعة من شخصية ترمب، الذي غالباً ما يطلق تصريحات غير مترابطة ومواقف سياسية يصعب التنبؤ بها".


ويرى نعيرات أن ترمب يسعى للتركيز على مواجهة الصين، وتجنب الصدام المباشر مع روسيا، ما يدفعه لعدم العودة إلى الشرق الأوسط. 


ويشير نعيرات إلى أن هذا النهج بشأن العودة بالحروب للشرق الأوسط يتعارض مع مصالح الدولة المؤسسية الأمريكية، حيث إن الانخراط الأمريكي في الشرق الأوسط سابقاً، وخاصة في أفغانستان والعراق، هو الذي أتاح للصين الصعود كقوة عالمية تهدد الولايات المتحدة.


وفي سياق الحديث عن إبرام اتفاق في قطاع غزة، يوضح نعيرات أن هناك سيلاً من الأخبار في الإعلام العبري خلال الأيام العشرة الماضية، تشير إلى محاولة إسرائيلية لتهيئة الرأي العام لصفقة قريبة مع قطاع غزة. 


ويقول نعيرات: "لا يمكن الجزم بحجم هذه الصفقة أو طبيعتها، لكن من المحتمل أن تشمل هدنة أو اتفاقاً أوسع قد يتضمن انسحاباً من قطاع غزة".


ويوضح نعيرات أن تصريحات ترمب المتعلقة بالشرق الأوسط تمنح العديد من الدول الأوروبية الجرأة لقول "لا" للسياسات الأمريكية، نظراً لعدم رضا العديد من المؤسسات الأمريكية عنها، وهو ما انعكس سابقاً في رفض "صفقة القرن". 


ويؤكد نعيرات أن العالم بات أكثر وعياً بحقائق الصراع على فلسطين، ما يُعزز قدرته على مواجهة شخصيات سياسية مثل ترمب.


ويشير نعيرات إلى أن العودة الأمريكية للشرق الأوسط في ظل شخصية ترمب ستظل مثار جدل داخلي وخارجي، خاصة مع تعارضها مع المصالح الأوروبية والدولية.

 

تصريحات ترمب تتطلب قراءة دقيقة ضمن سياقات متعددة

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب بشأن الشرق الأوسط، وتهديداته حول ضرورة إطلاق المحتجزين الإسرائيليين قبل تسلمه مقاليد الحكم الشهر المقبل، تتطلب قراءة دقيقة ضمن سياقات متعددة. 


ويوضح بشارات أن شخصية ترمب لمعروفة خلال ولايته الأولى (2016-2020)، تتسم باتخاذ قرارات مفاجئة وتنفيذها بشكل سريع ودون انتظار توافق أو استجابة من الأطراف الأخرى، وهذه السمة تجعل من تصريحاته الأخيرة رسائل تستهدف ثلاثة أطراف رئيسية: إسرائيل، والفلسطينيين، والدول والوسطاء في منطقة الشرق الأوسط.


ويشير بشارات إلى أن ترمب، من خلال تصريحاته، يبعث برسالة واضحة للإسرائيليين، مفادها أنه لا مجال للمناورة أو التراجع عن أي قرارات يتم اتخاذها، وهذا الموقف يتناقض مع النهج الذي اتبعته إدارة الرئيس جو بايدن، والتي تعرضت لانتقادات بسبب ضعف مواقفها وتراجعها عن قرارات سابقة تحت ضغط إسرائيل.


ويلفت بشارات إلى أن ترمب يسعى للتأكيد أنه لن يسمح لإسرائيل، خصوصاً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالتلاعب أو التراجع عن أي خطوة أمريكية، حتى لو كانت لا تتناغم تماماً مع الرؤية الإسرائيلية.


ويؤكد بشارات أن هذا التوجه يعكس اختلافاً جذرياً في النهج، حيث تسعى إدارة ترمب إلى فرض أجندتها دون تقديم مساحة كبيرة للنقاش أو التعديل، وهو ما يجعل علاقته مع إسرائيل أكثر وضوحاً في تحديد الأولويات المشتركة، ولكن دون السماح بسياسات إسرائيلية قد تؤثر على المصالح الأمريكية المباشرة.


أما الرسالة الثانية، فتتجه نحو الفلسطينيين، خاصة فصائل المقاومة في قطاع غزة، حيث يرى بشارات أن تصريحات ترمب تحمل طابع الضغط النفسي، إذ تسعى لإحداث حالة من القلق بين الفلسطينيين عبر التلويح بالعقوبات والتهديدات، لكن الفلسطينيين، الذين عايشوا تجربة ترمب في ولايته السابقة وتعرضوا خلالها لإجراءات صارمة مثل قطع المساعدات وإغلاق المكاتب التمثيلية الفلسطينية في واشنطن، قد أصبحوا أكثر قدرة على التعامل مع هذه التهديدات.


ويشير بشارات إلى أن الفلسطينيين يعيشون أصلاً تحت وطأة الحصار والحرب المستمرة منذ أكثر من عام، وهو ما يجعلهم الطرف الأكثر معاناة من الانتهاكات والجرائم، وبالتالي لن يكون لديهم ما يخسرونه إذا قرروا التصدي لسياسات ترمب أو تحدي توجهاته.


ويلفت إلى أن الطرف الثالث المستهدف بتصريحات ترمب هم الوسطاء والدول الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، سواء على المستوى العربي أو الإقليمي.


ترمب، وفقاً لبشارات، يريد من هذه الأطراف أن تتحول من موقف المراقب إلى موقف الفاعل المباشر بقضية المحتجزين الاسرائيليين وإطلاق سراحهم، وهذا التوجه يفسر التحركات الأخيرة لبعض الدول، مثل تركيا، التي بدأت بإظهار رغبة في لعب دور بارز في أي محادثات أو صفقات محتملة، كما أن الدول العربية، مثل مصر، تشهد تسارعاً في نقاش القضايا الإقليمية، وهو ما يعكس تأثير تصريحات ترمب في دفع هذه الدول نحو إيجاد حلول للمشكلات العالقة، خاصة فيما يتعلق بقطاع غزة.


ويعتقد بشارات أن ترمب، بالرغم من خطابه التصعيدي، قد لا يتجه لاستخدام القوة العسكرية المباشرة، وبدلاً من ذلك، من المرجح أن يلجأ إلى استخدام القوة السياسية والدبلوماسية، مثل فرض العقوبات الاقتصادية والسياسية على أطراف يعتقد أنها تعرقل أي جهد دبلوماسي، ويستدل على ذلك بتجربته السابقة، حيث انسحب من الاتفاق النووي مع إيران وفرض عقوبات صارمة عليها، وقطع العلاقات مع مؤسسات دولية مثل اليونسكو.

 

 نهج "خفض حالة الصراع" من خلال الصفقات السياسية

 

وبحسب بشارات، فإن ترمب يعتمد على نهج "خفض حالة الصراع" من خلال الصفقات السياسية، وهو ما قد يعني تقديم حوافز للأطراف المتعاونة مع رؤيته، وفي الوقت نفسه فرض عقوبات قاسية على الأطراف التي تعرقل تنفيذ أجندته.


ويرى بشارات أن هناك دلالات على أن تصريحات ترمب قد تكون مؤشراً على قرب التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، فترمب يسعى لتقديم نفسه كرئيس قوي قادر على تحقيق إنجازات لم تتمكن إدارة بايدن من تحقيقها. 


هذا النوع من الخطاب بحسب بشارات، يمكن أن يُستخدم كجزء من حملة انتخابية مبكرة، حيث يظهر ترمب بمظهر الزعيم الذي يستطيع فرض إرادته وتحقيق اختراقات سياسية قبل توليه المنصب رسمياً.

 

تساؤلات عن قدرة ترمب على تقديم جديد في الصفقة

 

يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د.سعد نمر أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب تجاه الشرق الأوسط تحمل طابعاً نارياً يعكس أسلوبه المعتاد في الحكم، فترمب المعروف بحزمه وسعيه لتجنب التسويف في القضايا يسعى وفق تصريحاته الأخيرة إلى فرض حل سريع لأزمة غزة وإنهاء ملف المحتجزين الإسرائيليين قبل توليه الرئاسة مجدداً.


وبحسب نمر، يهدف ترمب من خلال تصريحاته إلى إيصال رسالة واضحة للأطراف المعنية، مفادها أن الشرق الأوسط قد يواجه ظروفاً أسوأ إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية. 


ورغم حدة تصريحاته، يطرح نمر تساؤلات حول قدرة ترمب على تقديم جديد في هذا الملف، مشيراً إلى أن إسرائيل ضغطت وارتكبت مجازر إبادة خلال إدارة الرئيس جو بايدن ولم تحقق أي شيء.


ويُرجّح نمر أن ترمب يعتمد في تهديداته على تكثيف الضغط على حماس وغزة، مشيراً إلى أن هذا الضغط قد يتجلى في تصعيد إسرائيلي إضافي في القطاع.


ومع ذلك، يشير نمر إلى أن التصعيد الإسرائيلي ليس أمراً جديداً بالنسبة لغزة، التي تواجه مجازر يومية وحرب إبادة متواصلة، ما يعني أن تهديدات ترمب قد لا تأتي بجديد.


ويلفت نمر إلى أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة لا تحمل أي بوادر مشجعة على إمكانية التوصل إلى صفقة شاملة، فإسرائيل ترى في الهدنة المؤقتة وسيلة لإطلاق سراح المحتجزين دون إنهاء الحرب، وهو أمر ترفضه المقاومة الفلسطينية. 


ويؤكد نمر أن المقاومة، التي وضعت شروطها على الطاولة وهي شروط واضحة لكل العالم، تُصر على وقف الحرب بالكامل، وإدخال المساعدات الإنسانية، وفتح المعابر، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة كجزء من أي صفقة محتملة، وهي مطالب محقة.


ويرى نمر أن هذا الموقف الإسرائيلي المتعنت يشكل عائقاً كبيراً أمام تحقيق تقدم، خاصة أن إسرائيل تعتقد أنها استفادت من وقف إطلاق النار في لبنان لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة، حيث إن هذا التصعيد يعكس رؤية إسرائيلية تعتبر غزة ساحة عمليات مفتوحة، ما يزيد من تعقيد الموقف ويجعل التوصل إلى اتفاق أكثر صعوبة.


وفي ما يتعلق بالمجتمع الدولي، يعبّر نمر عن تشاؤمه الشديد من إمكانية تدخل الدول الكبرى لوقف العدوان الإسرائيلي أو الضغط باتجاه حل إنساني وسياسي شامل في غزة، فالمجتمع الدولي، الذي يضم الولايات المتحدة والدول الأوروبية الداعمة لها، يفتقر إلى الإرادة السياسية لاتخاذ خطوات حاسمة ضد التصرفات الإسرائيلية أو سياسات ترمب المستقبلية.


ويوضح نمر أن العام الماضي شهد صمتاً دولياً أمام حرب الإبادة والمجازر المستمرة في غزة، ما يشير إلى عجز المؤسسات الدولية عن التدخل لحماية الفلسطينيين أو وقف العدوان، لذا، يشكك نمر في إمكانية حدوث تغيير جوهري بعد تسلم ترمب زمام الرئاسة وطرح خطط جديدة لإنهاء الحرب في غزة.

 

ترمب يحاول الظهور كقائد قـوي قادر على  فرض صفقات سياسية

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، التي حملت تهديداً عليناً بـ"الجحيم" لمن لا يفرج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، تأتي في سياق محاولاته الظهور كقائد قوي قادر على فرض صفقات واستراتيجيات سياسية قبيل وصوله للبيت الأبيض.


ويربط ياغي بين هذه التصريحات وأخرى أطلقها ترمب في اجتماع مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث بدا متفاجئاً بعدم وجود أسرى إسرائيليين أحياء في قطاع غزة، وهذا التفاجؤ يشير إلى اهتمام ترمب بحسم ملف الأسرى بشكل يساهم في إنهاء الحرب، ليعود إلى البيت الأبيض دون أن يواجه أزمات مفتوحة في الشرق الأوسط.


ويؤكد ياغي أن تصريحات ترمب لا تستهدف قطاع غزة المدمر بالفعل، بل تبدو موجهة نحو قيادة حركة حماس في الخارج، إذ إن تهديده قد يحمل إشارة إلى إمكانية تصعيد عبر عمليات اغتيال تطال قادة الحركة، في محاولة للضغط على حماس وداعميها للقبول بصفقة تبادل الأسرى. 


ومع ذلك، يشير ياغي إلى أن حماس ليست في موقف يخشى تهديدات كهذه، إذ تعودت قيادة الحركة على التعامل مع ظروف قاسية، فيما يشير ياغي إلى أن من يريد اخراج المحتجزين أحياء بصفقة محتملة يجب أن يراعي بقاء قيادات الطرف الآخر على قيد الحياة لضمان نجاح التفاوض.


ويشير ياغي إلى أن تصريحات ترمب تُظهر جانباً من شخصية ترمب، الذي يسعى لترويج صورته كرجل حازم يستطيع فرض إرادته على الجميع. 


ويؤكد ياغي أن الواقع في الساحة الفلسطينية مختلف، إذ إن الفلسطينيين، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس، سبق أن رفضوا "صفقة القرن" التي طرحها ترمب بفترة رئاسته الأولى دون أن يولوا أي اهتمام لتهديداته أو قوته السياسية.


وبالنسبة لتصريحات ترمب التهديدية قبل وصوله لتسلم زمام السلطة في البيت الابيض، يعتقد ياغي أنها تهدف إلى إظهار اهتمامه بإنهاء الحرب في قطاع غزة، وهي دلالة إيجابية رغم الصيغة التهديدية، فترمب يعلم أن أي حل لقضية الأسرى لن يكون إلا عبر صفقة تبادل، وهو يدرك أن استمرار الحرب يُعمق الأزمة الإنسانية والسياسية في المنطقة، وهو ما لا يرغب بمواجهته بعد تقلده الرئاسة.


وفي السياق ذاته، يرى ياغي أن إسرائيل تُدرك صعوبة تحقيق أهدافها بالقضاء الكامل على حركة حماس، لكنها تسعى إلى إخراج الحركة من الحكم في غزة وتفكيك قدراتها العسكرية بحيث لا تشكل تهديداً مستقبلياً، ومن هنا يبدو أن تشكيل "لجنة الإسناد المجتمعية الإدارية" التي تم التوافق عليها بين حركتي حماس وفتح على حكم غزة يمثل خطوة نحو مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة وشكل الحكم فيها.


ويُشير ياغي إلى أن هذه اللجنة، التي جاءت بموافقة مشتركة بين فتح وحماس، تعكس إدراكاً داخلياً لحتمية التغيير في قطاع غزة بعد الحرب، وهو ما قد يتماشى مع استباق الأهداف الإسرائيلية الساعية إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي والإداري في القطاع.


ويؤكد ياغي أن قراءة تصريحات ترمب تختلف بين الأطراف المختلفة، فبينما يأخذ البعض تهديداته بجدية نظرًا لسجله في تنفيذ وعوده، فإن قوى المقاومة الفلسطينية لا تعيرها اهتماماً كبيراً، إذ تركز حماس على الاتفاقيات الملموسة وليس على الخطابات السياسية.


ويشير ياغي إلى أن حماس تُطالب بضمانات أمريكية لإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة بشكل كامل، وهو ما يُشكل تحدياً كبيراً أمام نتنياهو، إذ إن الأخير، الذي يواجه ضغوطًا داخلية في حكومته، لا يستطيع تقديم التزامات واضحة بشأن إنهاء الحرب بشكل نهائي.


ويرى ياغي أن تصريحات ترمب وتوجهاته تعكس حالة من الترقب الدولي تجاه قطاع غزة، إذ تقف المنطقة أمام خيارين: إما التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، أو تصعيد إضافي يمتد ليشمل ساحات أخرى وسوريا البداية، لكن في الغالب فإن التصعيد المحتمل يُشير إلى تحول الأنظار نحو إيران كجزء من المشهد الإقليمي المعقد والتوجهات الاسرائيلية الامريكية.


وبالرغم من وجود تفاؤل حذر بإمكانية الوصول إلى اتفاق، فإن ياغي يؤكد أن هناك عقبات كبيرة تحتاج إلى معالجة، فعلى سبيل المثال، قضية معبر رفح والنقاشات حول شكل إدارة غزة بعد الحرب التي حسمت فلسطينيا بوساطة مصرية لا تزال مفتوحة، وتحتاج إلى ضوء اخضر امريكي إسرائيلي وذلك لتحديد إطار الحل النهائي.

دلالات

شارك برأيك

وعد ترمب ووعيده.. الوعيد بالجحيم محاولة لإطفاء النار بالنار

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.13

شراء 5.11

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 177)