Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الثّلاثاء 03 ديسمبر 2024 8:28 صباحًا - بتوقيت القدس

تصريحات يعلون حول التطهير العرقي.. صحوة ضمير أم خصومة سياسية؟

القدس - خاص بـ "القدس" والقدس دوت كوم

د. أشرف بدر: تصريحات يعلون تشكل انتقاداً صريحاً لأداء الحكومة وما تمليه من تعليمات للجيش الإسرائيلي

محمد ابو علان دراغمة: تصريحات يعلون تبرز ظاهرة يصبح القادة العسكريون والسياسيون أكثر ميلاً للخطاب "الليبرالي" بعد خروجهم من السلطة

د. رائد أبو بدوية: تصريحات يعلون قد تستخدم كشهادة إضافية تدعم الأدلة القاطعة المتوفرة بالفعل حول الانتهاكات الإسرائيلية في غزة

فايز عباس: تصريحات يعلون عن "التطهير العرقي" "هزة أرضية" في إسرائيل خوفاً من استغلال الفلسطينيين لها في المحافل الدولية

د. عمر رحال: تصريحات يعلون لا تعكس "صحوة ضمير" بقدر ما تأتي في سياق الصراعات السياسية والمناكفات الداخلية في إسرائيل

ياسر مناع: يعلون يصفي حساباته مع نتنياهو مظهراً إياه كمسؤول عن سياسات تُعرض إسرائيل لعواقب خطيرة


تكشف تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون حول ارتكاب جيش الاحتلال عمليات تطهير عرقي في شمال قطاع غزة عن تصدعات عميقة في المشهد الإسرائيلي الداخلي وتفتح المجال لانتقادات دولية متزايدة ضد السياسات الإسرائيلية في غزة، لكن تلك التصريحات تظهر حجم المناكفات السياسية ووصولها لمنحدر كبير في دولة الاحتلال الإسرائيلي.


ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن تصريحات يعلون تعتبر انتقاداً عليناً لأداء الحكومة الإسرائيلية، ما يعكس الصراعات الحادة في دولة الاحتلال، كما تعزز هذه التصريحات الرواية الفلسطينية حول جرائم الحرب الإسرائيلية، مما يضع تل أبيب في أزمة دولية، خاصة مع تصاعد الدعوات إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية.


ويشيرون إلى أن تلك التصريحات تظهر عمق التوترات الشخصية بين يعلون وبين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لكنها تعكس قلقاً عميقاً على مستقبل إسرائيل ومكانتها الدولية، كما أنها قد تُضيف دليلاً إضافياً على الجرائم الإسرائيلية في غزة أمام المحاكم الدولية، مما يثير مخاوف من تصاعد الضغوط على إسرائيل في ظل القضايا القانونية المرفوعة ضدها.


ويلفتون إلى ان تداعيات هذه التصريحات مازالت مستمرة، وسط انتقادات واسعة لها حكومية وحتى المعارضة، مع محاولات لتبرير السياسات العسكرية، بهدف إعادة صياغة الرواية الرسمية الإسرائيلية حول الحرب على غزة، لكن يبقى الوضع الداخلي في إسرائيل مشحوناً، مع وجود خشية حقيقية على مستقبل إسرائيل.


ويؤكدون ان تصريحات يعلون لم تعكس "صحوة ضمير" بقدر ما كانت جزءاً من الصراعات السياسية الداخلية، إذ أن علاقته المتوترة مع نتنياهو، الذي دفعه للاستقالة، تثير تساؤلات عن الدوافع الكامنة وراء تصريحاته. 


ويعتقد الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات أن هذه التصريحات تبرز ظاهرة ميل القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين إلى تبني خطاب "ليبرالي" بعد مغادرتهم الحكم، في محاولة منهم للترويج لأنفسهم في سياق محاولتهم تصدر المشهد السياسي مجدداً.


ابعاد داخلية وخارجية عميقة


يرى الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي د. أشرف بدر أن تصريحات وزير الحرب ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق موشيه يعلون الأخيرة حول ارتكاب جيش الاحتلال جرائم حرب وتطهير عرقي في شمال غزة، تحمل أبعاداً داخلية وخارجية عميقة. 


ويوضح بدر انه على صعيد الداخل الإسرائيلي، تُعد تصريحات يعلون انتقاداً صريحاً لأداء الحكومة وما تمليه من تعليمات للجيش الاسرائيلي رغم انه تنصل من انتقاد الجيش بشكل مباشر، وهو أمر يحرّك المياه الراكدة داخل المشهد السياسي الإسرائيلي، نظراً للمكانة الرفيعة التي يحظى بها يعلون في المجتمع الإسرائيلي.


وبحسب بدر، يُعتبر يعلون شخصية بارزة في المشهد السياسي الإسرائيلي، فهو ينتمي لحزب الليكود الحاكم ويُنظر إليه كرمز من رموز المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وقد أثار هجومه العلني على سياسات الحكومة الحالية موجة من النقاشات حول الأداء الحكومي والعسكري، مما قد يُمهّد الطريق لتصاعد الأصوات المعارضة داخل إسرائيل. 


خلافات عميقة مع نتنياهو


ويرى د. بدر أن تصريحات يعلون تُعبّر عن خلاف سياسي عميق بينه وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعود إلى قيام الأخير بتهميشه سياسياً وإقصائه من المناصب المؤثرة، وهو ما ترك ندوباً واضحة في علاقتهما.


ويشير بدر إلى أن الانتقادات التي وجهها يعلون، رغم كونها تحمل طابعاً شخصياً بسبب الخلاف مع نتنياهو، إلا أنها تُظهر قلقاً حقيقياً على مكانة إسرائيل ومستقبلها، فبحسب يعلون، فإن سياسات نتنياهو تُلحق ضرراً بالغاً بالمشروع الصهيوني الذي عملت إسرائيل على بنائه لعقود. 


ويشير بدر إلى أن يعلون، رغم اختلافه مع نتنياهو في النهج، يتفق معه في الهدف الأساسي المتمثل بخدمة المشروع الصهيوني، لكن يعلون يرى أن سياسات نتنياهو تُدمّر ما تم تحقيقه.


أما على الصعيد الدولي، فيؤكد بدر أن تصريحات يعلون قد تعزز الرواية الفلسطينية بشأن ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وعمليات تطهير عرقي، خاصة في قطاع غزة، وهذه التصريحات قد تُستخدم كأدلة داعمة في المحاكم الدولية، حيث تواجه إسرائيل دعاوى قضائية بشأن جرائمها ضد الفلسطينيين. 


ويرى بدر أن هذه المواقف تُسلّط الضوء على الانقسامات الداخلية الإسرائيلية، مما يُضعف من صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي.


ويشدد بدر على ان تصريحات يعلون ليست نابعة من صحوة ضمير، بل تُعد جزءاً من خصومة سياسية عميقة، مؤكداً أن يعلون نفسه متهم بارتكاب جرائم حرب خلال توليه وزارة الحرب، وهو ما يجعله جزءاً من منظومة الاحتلال والاعتداءات التي يمارسها الجيش الإسرائيلي.


عاصفة انتقادات غير مسبوقة


يصف الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة تصريحات وزير الحرب ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق موشيه يعلون، التي تحدث فيها عن ارتكاب مجازر وعمليات تطهير عرقي في شمال قطاع غزة، بأنها أحدثت عاصفة غير مسبوقة في الأوساط السياسية الإسرائيلية، حيث تعرض يعلون لهجوم حاد من مختلف الأطياف السياسية في إسرائيل، سواء من الائتلاف الحاكم أو المعارضة، كما أثارت صدى واسعا على المستوى الخارجي.


على المستوى الداخلي، يوضح دراغمة أن الحكومة الإسرائيلية بكل مكوناتها شنت هجوماً على تصريحات يعلون، واصفة إياها بأنها تشوه سمعة الجيش الإسرائيلي، كما أعادت المعارضة السياسية بقيادة يائير لبيد وبيني غانتس استخدام خطاب الدفاع التقليدي، مؤكدين أن "الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي يعمل وفق القيم الإنسانية والقانون الدولي"، وأن ما يقوم به في غزة ليس عمليات إبادة جماعية أو تطهير عرقي، بل "مكافحة الإرهاب".


ويشير دراغمة إلى أن العاصفة لم تقتصر على الساحة السياسية، بل امتدت إلى المجتمع الإسرائيلي، فقد دفع والد أحد الضباط الإسرائيليين الذين قتلوا في غزة إلى تقديم شكوى رسمية ضد يعلون لدى الشرطة الإسرائيلية والشاباك، مطالباً بفتح تحقيق في تصريحاته، واعتبر والد الضابط أن هذه التصريحات تعرض حياة الجنود للخطر وتشكّل تهديداً لأمن الدولة.


ظاهرة الخطاب "الليبرالي" بعد الخروج من السلطة


ويؤكد دراغمة أن تصريحات يعلون لا تعكس صحوة ضمير، بل تأتي في إطار الصراعات السياسية الداخلية الإسرائيلية، فالعلاقة بين يعلون ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شابها توتر عميق، خاصة بعد أن دفع الأخير يعلون للاستقالة من منصب وزير الحرب، وهذا الخلاف الشخصي والسياسي العميق يفسر حدة تصريحات يعلون، التي يرى فيها البعض محاولة لتصفية الحسابات مع نتنياهو.


ورغم ذلك، يلفت دراغمة إلى أن تصريحات يعلون تبرز ظاهرة مألوفة في المشهد الإسرائيلي، حيث يصبح القادة العسكريون والسياسيون أكثر ميلاً للخطاب "الليبرالي" بعد خروجهم من الحكم، دون أن يصل ذلك إلى حد دعم حقوق الفلسطينيين بشكل كامل. 


ويستشهد دراغمة بمواقف مشابهة لشخصيات مثل إيهود أولمرت، وإيهود باراك، ويائير غولان، الذين دعوا إلى حلول سياسية بعد تركهم مناصبهم الرسمية.


على الصعيد الخارجي، يرى دراغمة أن تصريحات يعلون حظيت بتغطية إعلامية دولية واسعة، مما أثار قلقاً كبيراً في إسرائيل. 


ويؤكد دراغمة أن أهمية هذه التصريحات تأتي من صدورها عن شخصية عسكرية بارزة شغلت مناصب رسمية رفيعة، وجاءت في توقيت حساس بعد صدور أوامر اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير حربه.


ويشير دراغمة إلى أن هذه التصريحات تضيف وزناً قانونياً لرواية المحكمة الجنائية الدولية حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، وقد تدفع إلى إصدار المزيد من أوامر الاعتقال بحق قيادات عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك رئيس الأركان الحالي وقادة المنطقة الجنوبية في الجيش.


مواجهة تصريحات يعلون داخلياً


في مواجهة العاصفة التي أثارتها تصريحات يعلون، بدأت إسرائيل تحركات لاحتواء تداعياتها، حيث يشير دراغمة إلى اجتماع سينعقد في الكنيست تحت عنوان "الحصار - نموذج الانتصار حسب القانون الدولي"، سيحضره وزراء وأعضاء من الكنيست وقادة عسكريون وخبراء في القانون الدولي، والهدف من الاجتماع هو تبرير سياسات الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة، بما في ذلك إخلاء السكان وفرض الحصار، باعتبارها "إجراءات قانونية وضرورية لمكافحة العدو".


ويوضح دراغمة أن هذا الاجتماع يعكس محاولة إسرائيلية للرد على الانتقادات الدولية وإعادة صياغة الرواية الرسمية للدفاع عن الجيش، مع التأكيد على أن العمليات العسكرية تتماشى مع القانون الدولي.


في هذه الأثناء، يشير دراغمة إلى أن يعلون وفي محاولة منه لتخفيف وقع تصريحاته التي اثارت الجدل الواسع اكد أنه لم يقصد الجيش الإسرائيلي، وإنما يقصد المستوى السياسي الذي يتحدث علانية عن تطهير عرقي في شمال غزة الآن، وتوطين اليهود فيها.


ويلفت دراغمة إلى أن يعلون زعم أنه يأمل أن خروجه العلني قد يمنع الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ جرائم حرب، وتحميل المسؤولية لضباط الجيش الإسرائيلي، كما كان الأمر في السابع من أكتوبر، وقال أيضاً:" علينا أن نعرف كيف ننتصر، ونبقى إنسانيين".


شهادة إضافية لدعم الأدلة القاطعة حول الجرائم في غزة


يعتقد أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية، د. رائد أبو بدوية، أن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون حول جرائم الحرب والتطهير العرقي في شمال قطاع غزة تحمل أبعاداً سياسية واضحة وتكشف عن انقسامات حادة في الداخل الإسرائيلي. 


ويعتبر أبو بدوية أن تصريحات يعالون، رغم أهميتها، لا تشكل دليلاً قانونياً قاطعاً بحد ذاتها أمام المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، لكنها قد تستخدم كشهادة إضافية تدعم الأدلة القاطعة المتوفرة بالفعل حول الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.


ويوضح أبو بدوية أن يعالون، بصفته عسكرياً سابقاً، قدم تحليلاً يعكس قلقاً متزايداً بشأن صورة إسرائيل الدولية ومستقبلها السياسي. 


ووفق أبو بدوية، فإن يعلون يعتقد أن تصريحاته حول سياسات التطهير العرقي والاستيطان قد تهدد مكانة إسرائيل الدولية وتدفع بها نحو الهاوية، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية لمحاسبتها على جرائمها في الأراضي الفلسطينية.


معارضة استمرار الاحتلال بغزة..

ويشير أبو بدوية إلى أن تصريحات يعلون تأتي في سياق معارضة استمرار الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، وهو ما يعكس وجود تيار داخل إسرائيل، حتى بين القيادات السابقة، يعارض سياسات اليمين المتطرف الحاكم وخاصة بما يتعلق باحتلال قطاع غزة. 


ويبيّن أبو بدوية أن هذا الخطاب السياسي من قبل يعلون يعكس أيضاً مستوى الانقسام العميق غير المسبوق في الداخل الإسرائيلي، حيث بات التناحر بين القوى السياسية يصل إلى ذروته، ما يضع إسرائيل على مفترق طرق كبير يهددها كدولة يهودية ويضعها أمام تحديات وجودية، سواء على المستوى الداخلي أو الدولي.


ويوضح أبو بدوية أن ما يخشاه المعارضون لسياسات اليمين الإسرائيلي هو أن احتلال قطاع غزة يترتب عليه خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة، إضافة إلى تأثيراته الديموغرافية، خاصة في ظل القلق الإسرائيلي المتزايد من التركيبة السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية وداخل حدود عام 1948، ثم محاولة السيطرة على مليوني فلسطيني في غزة ما يعني زيادة تلك المخاوف، التي تشكل ضغطاً إضافياً على القيادة الإسرائيلية لاتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بمستقبل الاحتلال.


ترمب ودفعه نتنياهو لتسوية متوقعة


وحول السيناريوهات المستقبلية، يرى أبو بدوية أن عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قد تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البحث عن تسوية شاملة تشمل قطاع غزة والضفة الغربية والتطبيع مع العالم العربي. 


ويؤكد أبو بدوية أن هذه التسوية قد تتضمن انسحاباً إسرائيلياً من قطاع غزة كجزء من صفقة سياسية أوسع تهدف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية لإسرائيل، خاصة في الضفة الغربية، وتعزيز علاقاتها التطبيعية مع الدول العربية.


"هزة أرضية" في إسرائيل خوفاً من استغلالها بالمحافل الدولية


يوضح المختص بالشأن الإسرائيلي فايز عباس ان تصريحات يعلون حول تنفيذ جيش الاحتلال عمليات تطهير عرقي شمال غزة، أثارت عاصفة سياسية وإعلامية داخل إسرائيل وخارجها، خاصة ان التصريحات جاءت بناءً على شهادات ضباط وجنود يخدمون في غزة.


ويلفت عباس إلى أن يعلون معروف بتاريخه العسكري والسياسي، ووصفه العمليات الجارية بأنها "جرائم حرب" أمر له أبعاد كبيرة، خاصة أنه أشار إلى أن الجنود ينفذون أوامر تتعارض مع قناعاتهم الشخصية. 


ووفق عباس، يعتبر هذا التصريح غير عادي بالنظر إلى المكانة الأمنية التي يتمتع بها يعلون، حيث أثار التصريح انتقادات واسعة من الائتلاف الحكومي والمعارضة، وطالبه العديد بالتراجع والاعتذار، إلا أنه أصر على موقفه ورفض الخضوع للضغوط السياسية.


ويرى عباس أن تصريحات يعلون شكّلت "هزة أرضية" في إسرائيل، لكنها لم تكن نتيجة القلق الإسرائيلي من الاعتراف بجرائم الحرب أو عمليات التطهير العرقي بحد ذاتها، بل بسبب الخوف من استغلال الفلسطينيين لهذه التصريحات في المحافل الدولية، حيث أنه مع تصاعد الانتقادات الدولية للعدوان الإسرائيلي على غزة، يبدو أن هذا التصريح قد يفتح الباب أمام مطالبات أوسع بمحاسبة إسرائيل دوليًا.


ويلفت عباس إلى أن وزير الحرب السابق، يوآف غالانت يواجه مذكرة اعتقال دولية من المحكمة الجنائية الدولية، وصف تصريحات يعلون بأنها "ادعاءات كاذبة"، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي ينفذ عملياته "وفق القانون وأخلاقيات الجيش". 


ويشير عباس إلى أن يعلون، في المقابل، صعّد من تصريحاته، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي "لم يعد الأكثر أخلاقية في العالم"، وأنه ادعاء تكرر سابقًا في سياق انتقادات للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال.


عباس يوضح أن تصريحات يعلون لا تعكس بالضرورة "صحوة ضمير"، بل تبدو كتحذير من التداعيات الخطيرة على الجنود الإسرائيليين، سواء من حيث المخاطر التي يواجهونها في غزة أو المحاكمات الدولية التي قد تنتظرهم. 


ويعتقد عباس انه من الواضح أن يعلون يخشى على مستقبل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة.


ووفقًا لعباس، فإن تصريحات يعلون لن تمر مرور الكرام، إذ قد تُستخدم كأداة سياسية وقانونية ضد إسرائيل في المحافل الدولية، مما يعزز جهود الفلسطينيين للمطالبة بمحاسبة الاحتلال، كما قد تؤدي هذه التصريحات إلى مزيد من التوتر داخل إسرائيل بين الحكومة والمعارضة، وبين القيادة العسكرية والنخب السياسية.


لا تعكس "صحوة الضمير" بل صراعات سياسية في إسرائيل


يرى الكاتب والمحلل السياسي ومدير مركز "شمس" لحقوق الإنسان، د. عمر رحال، أن تصريحات وزير الحرب الأسبق موشيه يعلون بشأن تنفيذ إسرائيل لجرائم حرب وعمليات تطهير عرقي في شمال غزة تحمل أهمية خاصة، لأنها تصدر عن مسؤول عسكري سابق يدرك تمامًا ما ينطوي عليه القانون الدولي من متطلبات وما يشكله خرقها من جرائم حرب. 


يعلون، وفق رحال، تحدث من منطلقات عسكرية بعيدًا عن السياقات السياسية، حتى وإن كان يريد بها مناكفات سياسية داخلية، وهو ما يضفي على تصريحاته مصداقية نسبية ويجعل من الصعب إنكارها أو تجاهلها، خاصة عند النظر إليها من الناحيتين القانونية والسياسية.


ويشير د. رحال إلى أن تصريحات يعلون، رغم أهميتها، لا تعكس "صحوة ضمير" بقدر ما تأتي في سياق الصراعات السياسية والمناكفات الداخلية في إسرائيل.


محاولات يعلون تصدر المشهد السياسي بعد نتنياهو


ويوضح رحال ان يعلون كان يومًا جزءًا من المنظومة العسكرية التي ارتكبت تلك الجرائم، يسعى الآن عبر هذه التصريحات إلى تحقيق مكاسب سياسية شخصية، فهو يطمح إلى العودة إلى الساحة السياسية الإسرائيلية بعد مرحلة بنيامين نتنياهو، ويريد أن يصنع لنفسه صورة جديدة أمام المجتمع الدولي، وخصوصًا الأوروبيين، بوصفه "صانع سلام" وداعمًا لحقوق الإنسان، رغم سجله الحافل بالانتهاكات والجرائم خلال فترة توليه المسؤولية.


ويلفت رحال إلى أن هذه الاستراتيجية ليست جديدة في المشهد الإسرائيلي، حيث يحاول العديد من المسؤولين العسكريين والأمنيين الذين تورطوا في جرائم حرب إعادة صياغة صورتهم بعد انتهاء فترة خدمتهم، عبر الظهور بمظهر المسالمين وداعمي السلام.


تشكل مرجعاً قانونياً في إدانة إسرائيل


ويرى د. رحال أن تصريحات يعلون يمكن أن تشكل مرجعًا قانونيًا وسياسيًا هامًا إذا استُخدمت بشكل صحيح من قبل المؤسسات الحقوقية الدولية، فقد تؤدي هذه التصريحات إلى توفير أدلة استرشادية حول الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، خاصة إذا ما توافرت شهادات داعمة أخرى من مسؤولين عسكريين سابقين مثل يعلون، لكن رحال يشكك في استعداد يعلون للإدلاء بشهادته أمام المحافل القانونية أو التعاون مع المؤسسات الحقوقية، فهدفه الأساسي هو تحسين صورته السياسية وليس تحقيق العدالة لضحايا الجرائم.


ويؤكد رحال على أهمية استغلال مثل هذه التصريحات لتسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية في غزة، مشيرًا إلى أنها قد تفتح الباب أمام محاكمات دولية مستقبلية لاسرائيل وقادتها، خاصة إذا ما قدمت كأدلة داعمة لتوثيق جرائم الحرب في المحاكم الدولية.


تصفية الحسابات مع نتنياهو بعد قرار الجنائية الدولية


يرى الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع ان تصريحات يعلون، التي وصف فيه ما يحدث في قطاع غزة بأنه "تطهير عرقي"، وأثارت ردود فعل واسعة، تكشف عن أبعاد متعددة تتعلق بالمشهد السياسي والعسكري الإسرائيلي الحالي.


ويشير مناع إلى أن يعلون، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الفلسطينيين، يُعد من أبرز الشخصيات العسكرية الإسرائيلية التي تحمل سمعة راسخة في المؤسسة الأمنية، حيث تولى منصب وزير الجيش سابقًا، وقاد عمليات عسكرية كبيرة، ما يجعل تصريحاته ذات تأثير كبير في المشهد السياسي الإسرائيلي. 


ويوضح مناع أنه ومع ذلك، فإن وصف يعلون للوضع في غزة بـ"التطهير العرقي" يشكل خروجًا عن الخطاب التقليدي المعتمد داخل الأوساط السياسية والعسكرية، ما يثير تساؤلات عن أسباب ودوافع هذا الطرح.


ويربط مناع تصريح يعلون بالخلاف الشخصي العميق بينه وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أجبره على الاستقالة من منصب وزير الجيش في 2016، ويعتبر يعلون من أشد منتقدي نتنياهو، خاصة في ما يتعلق بالسياسات الأمنية وإدارة الأزمات. 


ويوضح مناع أن تصريحات يعلون تأتي في وقت حساس، حيث يواجه نتنياهو ضغوطًا محلية ودولية على خلفية اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية. 


ووفقًا لمناع، فإن يعلون يسعى إلى تصفية الحسابات بينه وبين نتنياهو واستثمار قرار المحكمة الجنائية الدولية وهذا التوقيت الحرج لتوجيه ضربة لنتنياهو، مظهرًا إياه كمسؤول عن سياسات تُعرض إسرائيل لعواقب قانونية وسياسية خطيرة.


ويرى مناع أن تصريحات يعلون تسلط الضوء على صراع متزايد بين النخب العسكرية التقليدية، التي ينتمي إليها يعلون، والنخب الجديدة التي صعدت في السنوات الأخيرة بدعم من نتنياهو وحلفائه. 


ووفق مناع، فإن يعلون يعبر في تصريحاته عن قلقه من التحولات في الاستراتيجيات الأمنية الإسرائيلية، والتي يعتبرها خطرة على الأمن القومي، ما يعكس استراتيجيات انتهازية قصيرة الأمد، ما يعمق الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.


تحول غير مسبوق بالخطاب الإسرائيلي الداخلي


ويؤكد مناع أن استخدام يعلون لمصطلح "التطهير العرقي" يكشف عن تحول غير مسبوق في الخطاب الإسرائيلي الداخلي، إذ يفتح الباب أمام انتقادات دولية جديدة لإسرائيل، كما يثير التصريح تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين المؤسسة العسكرية والسياسية في ظل استمرار الخلافات بين النخب المختلفة، وهو ما قد يؤثر على استقرار النظام الإسرائيلي في المرحلة المقبلة.

دلالات

شارك برأيك

تصريحات يعلون حول التطهير العرقي.. صحوة ضمير أم خصومة سياسية؟

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.64

شراء 3.63

دينار / شيكل

بيع 5.13

شراء 5.11

يورو / شيكل

بيع 3.83

شراء 3.8

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 175)