Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الإثنين 11 نوفمبر 2024 8:50 صباحًا - بتوقيت القدس

عشرون عاماً في حضرة الغياب.. دماءٌ غزيرةٌ جرت في نهر الحريّة

رام الله - خاص بـ"القدس" والقدس دوت كوم-

بسام زكارنة: غياب ياسر عرفات ترك فراغاً كبيراً أثّر بشكل سلبي ليس فقط على الساحة الفلسطينية

‫عصام بكر: أبو عمار بشخصيته الكاريزمية وحنكته السياسية شكّل دوماً صمام أمان للوحدة الوطنية

‫د. أحمد رفيق عوض: عرفات كان قائداً فذاً واستثنائياً وتميّز بصفات فريدة وكان صانعاً للأحداث لا تابعاً لها

‫عماد غياظة: أبو عمار تميز بروح التمرد على الواقع لتبقى حقوق الشعب الفلسطيني دائماً في الصدارة

‫د. قصي حامد: حنكته القيادية كانت قادرة على منع الانزلاق نحو انقسامات حادة في نسيج المجتمع الفلسطيني

‫أكرم عطا الله: لديه قدرة فريدة على صياغة رمزية نادرة لا يزال أثرها العميق في وجدان الشعب الفلسطيني

 

شهدت القضية الفلسطينية انعطافات خطيرة في العقدين اللذين تليا رحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات "أبو الوطنية الفلسطينية"، حيث ترك غيابه فراغاً مؤثراً على مختلف الأصعدة، في ظل حرب وجودية يتعرض لها الشعب الفلسطيني.


ويؤكد سياسيون وكتاب ومحللون في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن استشهاد ياسر عرفات (أبو عمار) حمل أبعاداً عميقة للشعب الفلسطيني، فعرفات كان رمزاً لوحدة الفلسطينيين وشخصية عالمية لم تتمكن الأحداث الدولية من تجاهلها، وكانت رؤيته تمثل القوة والاحتضان للشعب الفلسطيني، مشيرين إلى أن شخصيته كانت فريدة وصانعة للأحداث، حيث تميز بقدراته الاستثنائية على إدارة التحديات.


ويشددون على أنه يتوجب بعد عشرين عاماً الحفاظ على إرث ياسر عرفات بالوحدة والصمود، مطالبين بترجمة ذلك إلى أفعال لتعزيز المكانة الوطنية ومواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني اليوم.

 

معانٍ عميقة وحزينة في ذكرى الشهيد الخالد

 

يوضح عضو المجلس الثوري لحركة فتح بسام زكارنة أن تاريخ استشهاد الرئيس ياسر عرفات "أبو عمار" يحمل في طياته معاني عميقة وحزينة للشعب الفلسطيني، وهو تاريخ أسود للفلسطينيين.


ويؤكد زكارنة أن هذه الذكرى تمثل استحضاراً لشخصية أبو عمار الذي كان بمثابة أب ثانٍ لكل فلسطيني، عرف عنه احتضانه للشهداء والجرحى، وإيمانه العميق بوحدة الشعب الفلسطيني وهو أبو الوطنية الفلسطينية. 


ويؤكد زكارنة أن حضور أبو عمار كان طاغياً على الساحتين الدولية والعربية، حيث لم يكن مجرد زعيم فلسطيني، بل كان رمزاً عالمياً للوحدة والصمود.


ويقول زكارنة: "لا يمكن لأحد أن ينكر مدى تأثير ياسر عرفات الواسع على المستويات الدولية والإقليمية، وقدرته على جعل القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمامات السياسية العالمية".


ويؤكد زكارنة أن شخصية الرئيس الراحل ياسر عرفات كانت بمثابة قوة توحيد للشعب الفلسطيني، مؤكداً أنه لو كان أبو عمار على قيد الحياة، لما حدث الانقسام الذي شهدته الساحة الفلسطينية بعد رحيله. 


ويقول: "أعتقد أن الانقسام لم يكن ليتحقق أبداً في ظل وجود أبو عمار، فهو كان يشكل محل إجماع لكل أطياف الشعب الفلسطيني، وكان دائماً قادراً على جمع الكلمة وتوحيد الصفوف". 


ويشدد على أن غياب أبو عمار ترك فراغاً كبيراً أثر بشكل سلبي ليس فقط على الساحة الفلسطينية، بل أيضاً على مواقف القادة والشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية، مما أدى إلى تراجع الاهتمام والدعم العربي مقارنة بما كان عليه في عهده.


ويشير زكارنة إلى أن القضية الفلسطينية تعاني اليوم من حالة ضعف غير مسبوقة، تتزامن مع الإبادة الجماعية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، خصوصاً في ظل غياب شخصية قيادية بحجم وقوة أبو عمار. 


ويقول زكارنة: "الرمزية التي كان يمثلها أبو عمار لا يمكن تعويضها، وكانت الحاجة ملحة بعد رحيله إلى قيادة جماعية تسد مكانه وتعيد للقضية الفلسطينية زخمها ومكانتها على الساحة الدولية. للأسف، منظمة التحرير وحركة فتح شهدتا تراجعاً كبيراً منذ غيابه".


ويعتقد زكارنة أن الأثر الدولي الكبير لأبو عمار كان واضحاً، حيث كان له حضور قوي وتأثير واسع على حركات التحرر العالمية. 


ويقول زكارنة: "كان أبو عمار يدير علاقاته الدولية بحنكة، مستثمراً هذه العلاقات لصالح القضية الفلسطينية، ووضعها دوماً في صدارة المشهد السياسي العالمي، وكان هناك تجنيد مستمر لمواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، وكان يعرف تماماً كيف يكسب تعاطف ودعم المجتمع الدولي".


ويتحدث زكارنة عن الدور الميداني للرئيس الراحل ياسر عرفات، مشيراً إلى أنه كان دائماً ميدانياً موجوداً بين أبناء شعبه، خاصة في اللحظات الحرجة والصعبة. ويستذكر زكارنة موقف أبو عمار خلال الأحداث في لبنان، حيث كان بين المقاتلين، يشاركهم المخاطر ويقف إلى جانبهم. 


ويقول زكارنة: "أبو عمار كان قريباً من الجماهير، يشعر به كل فلسطيني كوالد، ويستمدون منه القوة والإلهام، لو كان موجوداً اليوم، لوجدناه بين الجماهير، يقودهم ويشد من أزرهم في غزة وفي جنين وفي طولكرم وفي لبنان".


ويشدد على أن غياب ياسر عرفات ترك فراغاً لا يمكن ملؤه بسهولة، مشدداً على ضرورة استلهام دروس الوحدة والصمود التي غرسها في الشعب الفلسطيني، والعمل على استعادة قوة ومكانة القضية الفلسطينية كما كانت في زمنه. 


ويقول زكارنة: "نحن اليوم بحاجة إلى إعادة الروح الوطنية التي أسس لها أبو عمار، والعمل الجاد لإعادة تنظيم الصفوف لمواجهة التحديات التي تهدد وجودنا وحقوقنا".

 

تداعيات كبيرة تركها غياب عرفات

 

يؤكد عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب وعضو لجنة التنسيق الفصائلي في فلسطين، عصام بكر أن تأثير غياب الرئيس الشهيد ياسر عرفات على الوضع الفلسطيني كان كبيراً، وهناك تداعيات كبيرة تركها هذا الغياب، مستحضراً روح ياسر عرفات كرمز للقضية الوطنية وكمناضل كرس حياته لتحقيق الحرية لشعبه.


ويشير بكر إلى أن عرفات، بشخصيته الكاريزمية وحنكته السياسية، شكل صمام أمان للوحدة الوطنية، حيث تمكن من جمع الفصائل الفلسطينية تحت مظلة واحدة، معتبراً أن عرفات كان نقطة التقاء للفلسطينيين، راسخاً في قناعته بأن التناقض الأساسي هو مع الاحتلال، بغض النظر عن حجم الاختلافات الداخلية بين الأطراف. 


ويوضح بكر أن هذه القاعدة التي أسسها عرفات ظلت أساس العمل الوطني الفلسطيني، حيث كانت جميع المكونات تلتقي حول ضرورة مواجهة الاحتلال كأولوية.


ويشير بكر إلى أنه وعلى مدار عشرين عاماً، مرت القضية الفلسطينية بمتغيرات محلية وإقليمية ودولية هائلة، واصفاً المرحلة بأنها كانت مثقلة بالتحديات، حيث عانت القضية من التراجع والتصدع، خاصة بسبب الانقسام الفلسطيني الذي تفاقم بعد غياب عرفات. 


هذا الانقسام العمودي والأفقي، كما يقول، خلف آثاراً مدمرة على المشروع الوطني الفلسطيني، وأتاح المجال للاحتلال الإسرائيلي لمضاعفة إجراءاته العدائية من استيطان وتهويد للقدس، وهدم للمنازل، وإغلاق للمناطق الفلسطينية وتحويلها إلى معازل.


ويؤكد بكر أن عرفات كان قد مد يده للسلام حتى اللحظة الأخيرة، لكن صعود القوى الدينية والقومية المتطرفة في إسرائيل، والتي تعتمد على خطاب نفي وجود الشعب الفلسطيني، أفشل كل محاولات التوصل إلى تسوية. 


ويشير بكر إلى أن رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استخدموا محادثات السلام كوسيلة للخداع والتضليل، ولم تكن لديهم نية حقيقية لتحقيق سلام عادل. 


وبالنظر إلى جميع المحطات بعد اغتيال عرفات، يؤكد بكر أن خسارته كانت صدمة كبيرة للفلسطينيين الذين وقفوا مذهولين أمام الإعلان عن استشهاده، مشيراً إلى أن الجنازات التي أقيمت له في باريس والقاهرة ورام الله جسدت حجم الخسارة.

 

إعادة بناء الهوية الوطنية

 

ويشدد بكر على أن عرفات، بمواقفه الراسخة التي رفض فيها التنازل عن الثوابت الوطنية، أعاد بناء الهوية الوطنية الفلسطينية من خلال منظمة التحرير، في وقت حاول فيه الاحتلال محو هذه الهوية وإعادة الفلسطينيين إلى وضعية لاجئين بلا روابط وطنية. 


ويقول بكر: "لا شيء يمكن أن يسد الفراغ الذي تركه عرفات، وهو سيد الحضور البهي، هذا ما يمكن أن يقال بتواضع في إطار محاولة تقييم الخسارة خسارة على المستوى الوطني والشعبي والرسمي مواقفه الراسخة بعدم التنازل عم الثوابت الوطنية".


ويعتبر أن عرفات واجه هذا التحدي بإصرار، وتمكن من تثبيت الحقوق الفلسطينية في الساحة الدولية، محطماً الرواية الإسرائيلية التي كانت تسعى إلى إنكار وجود شعب فلسطيني صاحب حقوق لا تقبل المساومة.


ويشير بكر إلى أن أحد أهم إنجازات عرفات كانت تأكيد الهوية الوطنية الجامعة، وهو ما مكن الفلسطينيين من تثبيت وجودهم في الجغرافيا السياسية العالمية، خاصة في مؤسسات الأمم المتحدة، كما كان عرفات صوته صريحاً يطالب برفع الظلم التاريخي عن الشعب الفلسطيني وتصحيح هذه المظالم. 


في هذا السياق، يرى بكر أن ذكرى استشهاد عرفات يجب أن تكون مناسبة للتمسك بمسار الوحدة الوطنية، والتأكيد على أن إنهاء الانقسام بات أمراً لا يحتمل التأجيل، وأن ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية لطي هذه الصفحة المؤلمة من التاريخ الفلسطيني.


ويرى بكر أن برنامج الإجماع الوطني، الذي أكد عليه عرفات في إعلان الاستقلال عام 1988 في الجزائر، لا يزال هو المظلة التي تلتقي تحتها القوى الفلسطينية كافة. 


ويشير إلى أن هذا البرنامج يرتكز على حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، مستشهداً بالقرارات المتعاقبة للمجالس الوطنية الفلسطينية. 


ويشدد بكر على أن هذا البرنامج السياسي لا يزال يحظى بإجماع القوى الفلسطينية، وهو ما تم التأكيد عليه في جولات المصالحة المختلفة، داعياً إلى البناء على هذه الأسس لتعزيز استمرار وحدة منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، حيث استطاع عرفات أن يبني منظمة التحرير كإطار وحدوي جامع للكل الفلسطيني.


ويؤكد بكر أن الفلسطينيين لا يعتمدون على الشخص بل على المؤسسة، وهي منظمة التحرير عنوان الشعب الفلسطيني الموحد وممثله الشرعي والوحيد، ولطالما أعلن الرئيس محمود عباس بهذا الشأن التمسك الحازم بالأهداف ذاتها، والسير على ذات الخطى التي قضى الرئيس عرفات عليها، بل كانت هناك ترجمات وتحركات قادت للاعتراف بدولة فلسطين، والحصول على عضوية الامم المتحدة وغيرها الكثير، بالرغم من التعثر بحاجز الرفض المغذى أيديولوجياً في إسرائيل بعقلية "الجيتو" ونفي وجود الآخر، ومحاولات الاقتلاع.

 

مواجهة التحديات الحالية تتطلب تغييرات جذرية

 

وفي سياق استشراف الحلول المستقبلية، يرى بكر أن مواجهة التحديات الحالية تتطلب تغييرات جذرية، تبدأ بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وإعادة التأكيد على أن المرحلة الراهنة هي مرحلة تحرر وطني. 


ويشدد بكر على ضرورة إعادة توجيه وظيفة السلطة الفلسطينية، التي تأسست بقرار من المجلس المركزي لمنظمة التحرير كخطوة نحو الاستقلال، مشيراً إلى أهمية تغيير وظيفتها لتصبح أداة لتعزيز الصمود الوطني بدلاً من إدارة الأزمة الحالية.


ويرى بكر أن الاحتلال الإسرائيلي استغل الوضع الراهن لتعزيز سيطرته وتوسيع استيطانه، مدفوعاً بعقلية ترفض التعايش مع الشعب الفلسطيني وتسعى إلى اقتلاعه. 


ويعتقد بكر أن الرد المناسب يجب أن يكون قلب الطاولة على الاحتلال، والتحرر من الأوهام التي علقت بالمسار السياسي منذ اتفاقيات أوسلو. 


ويؤكد بكر أهمية إطلاق الطاقات الشعبية الفلسطينية في مواجهة شاملة مع الاحتلال، معتبراً أن هذا المسار هو السبيل الوحيد لإحياء الأمل لدى الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته الوطنية.

 

تحولات كبرى أثّرت على مسار القضية الفلسطينية

 

يؤكد المحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض أنه خلال العشرين عاماً التي تلت غياب الرئيس ياسر عرفات، شهدت القضية الفلسطينية تحولات كبرى وتحديات جذرية أثّرت على مسارها ومستقبلها.


ويوضح عوض أن واحدة من أبرز الانعطافات كانت تراجع فعالية حل الدولتين، التي ترسّخت جذورها في اتفاق أوسلو، إذ أصبح الاتفاق نموذجاً فاشلاً في تحقيق الأهداف الفلسطينية، وفي وقتنا الحالي، يشهد هذا الحلّ حالة انسحاب تدريجية من المشهد السياسي الدولي.


عوض يشير إلى أن القضية الفلسطينية تراجعت بشكل ملحوظ على الأجندات العالمية والإقليمية خلال غياب أبو عمار. 


ويؤكد عوض أن الانقسام الفلسطيني الداخلي الفظيع، كان أبرز محطات الأحداث بعد استشهاد أبو عمار، والذي بات يشكّل خطراً حقيقياً، مع احتمالية أن يتطور إلى انفصال دائم، إذا لم يتم التعامل معه بحذر، كما شهدت الساحة الإسرائيلية انقلاباً سياسياً واجتماعياً نحو التطرف، حيث انهارت فكرة التعايش المشترك، ليحلّ محلها فكر الجدران، والعزلة، والعنصرية المتفاقمة.


وعلى مدار العقدين الماضيين، تزايدت محاولات تهميش القضية الفلسطينية وإلغاء حقوق الشعب الفلسطيني، بحسب عوض، لكن بالرغم من تلك التحديات هناك إنجازات ملموسة، مثل الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، الذي رسّخ الاعتراف القانوني والإنساني بوجود كيان فلسطيني، ولكن تبقى الدولة الفلسطينية بدون حدود واضحة، وجغرافيا منقسمة، وديموغرافيا متبعثرة. 


وفي سياق التدهور المستمر، يشير عوض إلى أن الاعتراف الدولي بفلسطين يظل محاطاً بأسئلة حول كيفية تحويله إلى واقع يضمن الاستقرار في المنطقة.


غياب عرفات كان خسارةً كبرى لا يمكن إنكارها، حيث كان قائداً فريداً واستثنائياً، وفق عوض، الذي يؤكد أن الشهيد ياسر عرفات لعب دوراً مفصلياً في صياغة الهوية الوطنية الفلسطينية الحديثة، وأن استشهاده كان نقطة مفصلية في مسار ميلاد الدولة الفلسطينية كما نعرفها اليوم. 


عوض يشير إلى أن إسرائيل كانت تدرك حجم وقوة عرفات عندما قررت اغتياله، فهو لم يكن مجرد زعيم محاصر، بل كان قادراً على محاصرة الاحتلال ذاته، وإحراج السياسة الإسرائيلية، ما جعل إسرائيل تعتقد أن اغتياله سيحلّ بعض أزماتها. 


لكن، وبحسب عوض، لم تحلّ الأزمة بل تعمقت بعد غيابه، فالشعب الفلسطيني دفع ثمناً باهظاً وكوارث متلاحقة نتيجة فقدان ذلك القائد القادر على جمع الفرقاء وإيجاد حلول للأزمات، لكن الشعب بقي صامداً في وجه إسرائيل.


ويرى عوض أن عرفات تميز بصفات فريدة، فقد كان صانعاً للأحداث لا تابعاً لها، ومبادراً لا ينتظر الظروف، ويمتلك قدرة فائقة على المناورة والتفاوض في أحلك الظروف. 


ويصفه عوض بأنه كان مصدراً للفعل والحركة، وقادراً على تدوير الزوايا وتحريك الجموع، مُبقياً دائماً على فكرة الوحدة الفلسطينية، وهي التي شكّلت أساس قوته في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.


ويؤكد عوض أن المرحلة الأكثر صدقاً في مسيرة عرفات كانت لحظة استشهاده، التي أرست مبادئ الحركة الوطنية الفلسطينية وأثبتت صلابة النضال الفلسطيني، "لقد كان رمزاً للوحدة الوطنية، وقادراً على خلق الأمل والحلول، ليظل استشهاده بمثابة لحظة فارقة لا يمكن تعويضها"، يوضح عوض.

 

المرحلة التي أعقبت استشهاد عرفات تمثل انعطافة خطيرة

 

يؤكد عماد غياظة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، أن المرحلة التي أعقبت استشهاد ياسر عرفات تمثل انعطافة خطيرة في مسار القضية الفلسطينية، بغياب شخصية مثل ياسر عرفات، بقدراته التفاوضية والنضالية الفريدة، وترك فراغاً لا يزال الفلسطينيون يعانون منه حتى اليوم. 


ويوضح غياظة أن عرفات كان يتمتع بكاريزما نادرة وقيادة فريدة، لكن طبيعته القيادية لم تتوافق دوماً مع متطلبات العمل المؤسسي التقليدي، ما أحدث تبايناً في طرق إدارة شؤون القضية الفلسطينية.


ويؤكد غياظة أن عرفات تميز بروح التمرد على الواقع، وتحدّى الظروف القاسية التي واجهت حقوق الشعب الفلسطيني من أجل أن تبقى الحقوق بالصدارة. 


ورغم أن سياساته، خاصة في العقدين الأخيرين من حياته، كانت تبدو أحيانًا كمغامرات سياسية، فإن غياظة يؤكد أنها كانت مغامرات مدروسة بعناية ولها أبعاد وطنية عميقة، فقد كان حريصًا على إبقاء القضية الفلسطينية حية على الساحة الدولية، والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني، رغم المعاداة والمصاعب التي واجهته.


ويشير غياظة إلى أن ما نعيشه اليوم هو إرث ياسر عرفات، الذي أنشأ بنية سياسية وكياناً وطنياً، لكنه ترك أيضاً ملفات حساسة وتحديات متراكمة تحتاج إلى من يتولاها بمسؤولية، ولم يتم فهم الإرث الذي تركه عرفات بالشكل الكافي.


ويرى غياظة أنه بالرغم من وجود قيادات تولت مهام استكمال إرث عرفات، فإن هذه القيادات لم تتمكن من التعامل بشكل كافٍ مع الواقع المعقد الذي أوجده، ما أدى إلى ضعف في مواجهة المتغيرات السياسية والضغوط الدولية.


ويؤكد غياظة أن الدروس والعبر المستفادة من تجربة عرفات لا يمكن فهمها أو تقييمها بشكل كامل دون العمل ضمن إطار مؤسسي متين، فغياب العمل المؤسسي جعل من الصعب الاستفادة الكاملة من إرث عرفات، حيث إن عرفات هو شخصية لقائد مؤسس.


ويشدد غياظة على أهمية تعزيز المؤسسات الوطنية الفلسطينية لضمان استمرارية النضال وتحقيق الأهداف الوطنية.

 

لحظة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية

 

في حديثه حول الأثر العميق لرحيل الرئيس ياسر عرفات وما تركه الغياب طيلة العشرين سنة الماضية، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة د.قصي حامد أن استشهاد عرفات شكّل لحظة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ككل. 


ويوضح حامد أن تغييب ياسر عرفات، وما تبع ذلك من تطورات، أحدثت تغييرات جذرية في المشهد الفلسطيني. 


ويؤكد حامد أن الشعب الفلسطيني افتقد، بعد رحيل عرفات، حنكة قيادية كانت قادرة على ضبط الأمور الداخلية ومنع الانزلاق نحو تحديات كبرى، أبرزها الانقسام الفلسطيني، الذي ظل مشهداً مركزياً خلال العقدين الماضيين.


ووفقاً لحامد، كان أول التحديات التي واجهها الشعب الفلسطيني بعد غياب عرفات هو ضرورة اختيار قيادة فلسطينية ذات كفاءة وحنكة سياسية عالية، حيث كانت أدواره التي شغلها بحاجة إلى كادر كبير كي يشغلها، كما كان التحدي الآخر هو الانقسام الفلسطيني الذي بات أحد أخطر المشاهد المؤثرة سلباً على القضية الفلسطينية. 


ويوضح أن الانقسام السياسي والجغرافي المستمر حتى اليوم انعكس على الوضع الداخلي الفلسطيني، وعلى موقع القضية الفلسطينية على الصعيدين الدولي والإقليمي. 


ويقول حامد: "لو كان ياسر عرفات حياً، لما سمح بامتداد هذا الانقسام إلى هذا الحد، بحكم شخصيته الكاريزمية وثقل تاريخه السياسي، وقدرته على التدارك ومنع وقوع مثل هذا الانقسام المؤسف".


ويؤكد حامد أن عرفات كان يتمتع بقدرة فريدة على الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني، كما كان حريصاً على أن تكون بوصلته واضحة وموجهة نحو المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، وليس نحو الصراعات الداخلية، ولا يسمح لتلك الخلافات أن تسيطر على الشعب الفلسطيني، ودون أن يضيع الفلسطينيون في خلافات داخلية تستنزف طاقتهم وقضيتهم.


ويؤكد حامد أن عرفات كان يمتلك شبكة علاقات دولية واسعة، تشمل حركات تحرر وقوى مؤثرة في العالم، وكان قادراً على إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة على جدول أعمال الدول العربية والمجتمع الدولي. 


ويؤكد حامد أن ياسر عرفات لم يكن مجرد قائد سياسي، بل كان شخصية كارزمية حملت هم القضية الفلسطينية لاكثر من خمسين سنة، استطاع خلالها عرفات بناء جسور مع مختلف الدول، بما فيها الدول الهامشية والقوى الكبرى، وأسس قاعدة دعم قوية للقضية الفلسطينية.


ويتطرق حامد إلى الخلل في الانقسام الذي حدث بين حركتي فتح وحماس بعد رحيل عرفات، مشدداً على أن الانقسام السياسي والجغرافي كان أمراً يجب أن لا يحدث أبداً. 


ويقول حامد: "كان من المفترض أن نعيد بناء الجسم القيادي الفلسطيني على أسس سليمة، وأن نحترم نتائج الانتخابات، لضمان مشاركة جميع القوى في اتخاذ القرارات المصيرية"، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني لا يزال يعاني من آثار هذا الانقسام، بالرغم من وضوح التشخيص وسبل العلاج.


ويشدد حامد على ضرورة استخلاص العبر والدروس من تجربة عرفات، مشيراً إلى أن عرفات كان يدمج بين العمل السياسي والدبلوماسي والعسكري بمهارة فائقة، مستفيداً من جميع مقومات الشعب الفلسطيني وفصائله، وهذه التوليفة المثالية التي تميز بها عرفات لا تزال غائبة عن الفلسطينيين اليوم.


ويقول حامد: "عرفات كان يمسك بجميع الخيوط المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وقد نختلف على أسلوبه في إدارة الأمور، لكنه كان يضمن أداء المهام بكفاءة، ولم يكن أحد يشعر بأن هناك تقصيراً في دعم القضية". 


ويشدد حامد على أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى تعزيز وحدته واحترام الإرادة الشعبية لضمان استمرارية النضال من أجل تحقيق تطلعاته.

 

الأب الروحي للقضية الفلسطينية

 

يصف الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله يصف الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات بأنه "الأب الروحي للقضية الفلسطينية"، مشيراً إلى قدرته الفريدة على صياغة رمزية نادرة ما زالت تترك أثرها العميق في وجدان الشعب الفلسطيني. 


ويرى عطا الله أن رمزية ياسر عرفات لم تكن مجرد صفة شخصية، بل كانت مزيجاً من التاريخ النضالي والمعارك التي خاضها عرفات في سبيل إعادة إحياء الحركة الوطنية الفلسطينية. 


ويؤكد عطا الله أن غياب أبو عمار ترك الفلسطينيين بحالة من اليُتم السياسي، وكأنهم لم يتمكنوا من إدارة أمورهم بأنفسهم بعد رحيله، فقد تجسد هذا الشعور باليُتم في حالة من التشتت والانقسام الداخلي، حيث اقتتل الفلسطينيون على إرثه السياسي، مثل أبناء يتصارعون بعد فقدان والدهم على ما تركه لهم.


ويوضح أن هذا الاقتتال أدى إلى دخول الفلسطينيين في نفق مظلم لا يبدو له مخرج. 


ويؤكد عطا الله أن غياب عرفات فتح الباب أمام حالة من الضعف والانكشاف، وبدت الساحة الفلسطينية مفتقدة للنظام السياسي الموحد الذي كان يجمع الجميع تحت مظلة واحدة. 


ويعتقد عطا الله إن هذا النفق المظلم الذي دخله الفلسطينيون بعد رحيل عرفات يُظهر مدى أهمية عرفات كرمز جمع الفلسطينيين، فقد أسدل غياب عرفات الستار على مشروع التسوية الذي كان هو من دشنه في الساحة الفلسطينية، حيث إن المسار السياسي الذي بدأه أبو عمار انتهى برحيله، إذ لم يعد هناك طريق واضح للتسوية، وتحولت القضية الفلسطينية إلى نزاعات داخلية ومناكفات بين الفصائل، فيما أصبح ما تبقّى من العلاقات مع إسرائيل أشبه بإدارة ذاتية تفتقر إلى أي بُعد سياسي حقيقي، وهو ما يتعارض مع أهداف الحركة الوطنية الفلسطينية التي تأسست لتحقيق الاستقلال والحرية.


ويؤكد عطا الله أن عرفات، لو كان حاضراً اليوم، لكان الوضع الفلسطيني مختلفاً تماماً، إذ إن عرفات كان يضطلع بأدوار تجمع الفلسطينيين، مؤكداً أن رمزيته الأبوية كانت ستمنع الانقسامات الحادة التي شهدتها الساحة الفلسطينية بعد رحيله. 


ويرى عطا الله أن عرفات، بصفته قائداً ومؤسساً وطنياً، كان يمتلك القدرة على توحيد كافة الأطياف الفلسطينية، بحيث لم يكن ممكناً لأي طرف أن يتحدى سلطته أو رمزيته، حتى في أحلك الظروف، مشيراً إلى أن كل الفصائل، حتى تلك التي اختلفت مع نهجه السياسي، كانت تجد مكانها تحت مظلته.


ويبين عطا الله أن حماس، على سبيل المثال، لم تكن لتتحدى رمزية عرفات بالطريقة التي حدثت بعد وفاته. 


ويؤكد عطا الله أن تلك القوة الرمزية التي كان يتمتع بها عرفات كانت كافية للحفاظ على التماسك الوطني، حيث استذكر بداية ظهور حركة حماس بشكلها السياسي والتنظيمي القوي، وكيف أنها لم تتجرأ في عهد عرفات على اتخاذ مواقف متطرفة في التحدي السياسي. 


ويشدد عطا الله أن عرفات كان الأب الحقيقي للفلسطينيين، واستطاع أن يجعل من النظام السياسي الفلسطيني كياناً موحداً تحت قيادته، حيث كان يعرف كيف يوازن بين القوى المختلفة ويوحدها نحو هدف مشترك.

دلالات

شارك برأيك

عشرون عاماً في حضرة الغياب.. دماءٌ غزيرةٌ جرت في نهر الحريّة

تل ابيب - فلسطين المحتلة 🇮🇱

إلى حمزة المهاجر قبل حوالي 2 ساعة

مع اني اتفق معك انه ابو عمار سبب مصايبنا، حبيت اقلك: تلحس ط ي ز ي 😂😂😂😂😂

كيستا - السّويد 🇸🇪

ابو حمزة المهاجر قبل 3 أيام

ياسر عرفات كان كلب حراسة وماسح لاحذية لليهود والنصارى والمقالات الطويلة العربضة الخرائية لا تجدي نفعا ولا تسوق هذا الخنزير المرتد عن دين الله فلقد فطس كالخنزير ولا اسف عليه .

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:48 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.75

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.29

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%59

%41

(مجموع المصوتين 17)