Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأربعاء 06 نوفمبر 2024 8:30 صباحًا - بتوقيت القدس

حرب المستوطنين في الضفة.. الأداة الإجرامية للقيادات السياسية

رام الله - خاص بـ"القدس" والقدس دوت كوم-

د. واصل أبو يوسف: الوحدة الوطنية السبيل لمواجهة جرائم المستوطنين ولا بد من تكامل الجهود لمواجهة تلك المخاطر

عبد الله أبو رحمة: هناك حاجة لإعادة بناء منظومة حماية محلية تهدف إلى ردع المستوطنين والتصدي لاعتداءاتهم

هاني أبو السباع: جرائم المستوطنين تعكس تصعيداً خطيراً وتضع السلطة الفلسطينية في موقف حرج أمام شعبها

د. عمر رحال: المستوطنون باتوا أداة سياسية بيد شخصيات حكومية متطرفة ويتم استغلالهم كخزان انتخابي

نزار نزال: هجوم المستوطنين على البيرة يحمل رسائل بأنهم يسعون إلى توسيع اعتداءاتهم لتشمل المدن

عماد موسى: الهدف الرئيسي من جرائم المستوطنين المتصاعدة هو دفع الفلسطينيين نحو التهجير القسري

 

تعكس الاعتداءات المتصاعدة التي يقوم بها المستوطنون في الضفة الغربية تطوراً خطيراً يعكس تحولاً كبيراً في طبيعة هذه الجرائم ومستوى العنف المصاحب لها والأماكن التي يصلون إليها، خاصة بعدما استهدفوا مدينة البيرة بإضرام النيران في مركبات ومنازل المواطنين، ما يعكس نوايا تهجير قسري وتنفيذ خطة الحسم التي طرحها الوزير الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.


ويرى سياسيون ونشطاء وكتاب ومحللون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن هذه الاعتداءات تأتي في سياق حرب إبادة تسعى إلى ترسيخ السياسات الاحتلالية من خلال الهجمات العنيفة على المواطنين في الضفة وغزة، مؤكدين أهمية تضافر جهود القوى والفصائل والسلطة الفلسطينية والمجتمع المدني، لتفعيل لجان الحراسة الشعبية لمواجهة المستوطنين وحماية الممتلكات، والتحرك دولياً لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المعتدين.

ويؤكدون أن المستوطنين قد تجاوزوا في اعتداءاتهم المناطق النائية نحو المدن الكبرى، ويُعد ذلك جزءاً من سياسة واضحة تدعمها الحكومة الإسرائيلية الحالية، بهدف فرض واقع جديد يحرم الفلسطينيين من الأمن في مدنهم وقراهم، وبالتالي الضغط نحو التهجير والاستيلاء على الأرض.

 

حرب إبادة واسعة النطاق

 

يوضح د. واصل أبو يوسف، منسق القوى الوطنية والإسلامية في فلسطين، أن الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون، وآخرها إحراق مركبات ومنازل في مدينة البيرة، تأتي ضمن إطار حرب إبادة واسعة النطاق تستهدف الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية. 


ويؤكد أبو يوسف أن هذه الجرائم تتطلب تضافر الجهود بين مختلف القوى والفصائل الفلسطينية وجميع مكونات الشعب الفلسطيني، داعياً إلى تفعيل لجان الحراسة الشعبية بشكل عاجل لمواجهة هذه الاعتداءات. 

ويشدد أبو يوسف على أن مسؤولية حماية الممتلكات والمواطنين تقع على عاتق الجميع، وأن هناك مواقع عدة تتطلب تعزيز التواجد الشعبي فيها، لضمان سلامة الأهالي والحد من تصاعد اعتداءات المستوطنين.


ويؤكد أهمية التحرك الدولي لكشف الجرائم التي يرتكبها المستوطنون بدعم من قوات الاحتلال، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي مطالَب باتخاذ موقف واضح ضد هذه الانتهاكات الجسيمة، التي تُعد خرقاً للقوانين الدولية، مشدداً على أن الوحدة الوطنية هي السبيل لمواجهة هذه الجرائم، وكذلك أهمية التنسيق وتكامل الجهود الشعبية والسياسية في مواجهة المخاطر التي تهدد الفلسطينيين، إلى جانب أهمية تحرك السلطة الفلسطينية دولياً على الصعيد السياسي، وكذلك الدبلوماسي والقانوني لمواجهة هذه الجرائم.

 

منظومة عنف تكاملية تحمل رسائل تهديد مباشرة

 

يوضح مدير عام دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة أن الاعتداءات المتصاعدة التي ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين تأتي ضمن منظومة تكاملية تجمع بين السياسات الحكومية الإسرائيلية الداعمة للاستيطان وأعمال العنف التي ترتكبها "ميليشيات فتيه التلال"، وهو ما تجلّى في وصول المستوطنين إلى قلب المدن الفلسطينية، حيث شهدت مدينة البيرة مؤخراً هجوماً عنيفاً لمجموعات المستوطنين.


ويشير أبو رحمة إلى أن هذه الهجمات تهدف لبث رسالة واضحة للفلسطينيين بأنهم غير مرغوب فيهم على أرضهم، بغض النظر عن تصنيف المناطق، سواء أكانت خاضعة للسيطرة الفلسطينية وفق تصنيف "أ"، أم تخضع لإدارة مشتركة في "ب"، أم مناطق "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بحسب اتفاقية أوسلو.


ويوضح أبو رحمة أن هذه الاعتداءات تحمل رسائل تهديد مباشرة للفلسطينيين، سواء من خلال الترويع أو ممارسة العنف المباشر، إذ تكرّس السياسات القائمة رؤية وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، التي تنص على "نظرية الحسم"، والتي يروّج من خلالها لخيارات أساسية أمام الفلسطينيين؛ إما القتل أو الهجرة أو الرضوخ والقبول بأن يعيشوا دون أي حقوق أو حماية تحت مظلة "يهودية الدولة". 


ويرى أبو رحمة أن هذه الرؤية تمثل خطراً وجودياً على الفلسطينيين، وتسعى إلى تقويض أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.


ويشير أبو رحمة إلى أن تطور جرائم المستوطنين يعكس تصعيداً ملحوظاً في عنفهم، إذ لم تعد الاعتداءات مقتصرة على أعمال التخريب الفردية كالكتابة على الجدران أو ثقب إطارات السيارات، كما كان يحدث سابقاً، بل انتقلت إلى تنفيذ اعتداءات جماعية وأعمال حرق شاملة، مثل ما جرى في بلدات حوارة والمغيّر وقرى أُخرى في الضفة الغربية، وصولاً إلى مدينة البيرة. 

 

زعزعة أمن الفلسطينيين ودفعهم للرحيل

 

ويؤكد أبو رحمة أن هذه الجرائم تأتي بدعم سياسي واضح من الحكومة الإسرائيلية الحالية، إذ تلقّى مرتكبو هذه الجرائم تعاطفاً ودعماً من شخصيات سياسية بارزة، مثل إيتمار بن غفير وبنيامين نتنياهو، ما يعزز بيئة طاردة للفلسطينيين ويحاصرهم في سعيهم لتوسيع مساحات معيشتهم أو التحرك بحرية.


ويوضح أبو رحمة أن تجاوُز المستوطنين كافة الخطوط الحمراء وجرأتهم على التوغل في المدن الفلسطينية كما حصل في مدينة البيرة يعيدان للأذهان مجازر العصابات الصهيونية في عام 1948 مثل مجزرتي دير ياسين والطنطورة، حيث يُستهدف اليوم مجدداً المدنيون في المناطق المأهولة، وهو ما يمكن أن ينذر بتصعيد خطير، إذ قد تصل جرائم المستوطنين إلى بيوتنا وفي قلب المدن.


ويشدّد  أبو رحمة على أن هذه الاعتداءات ترمي إلى زعزعة أمن الفلسطينيين ودفعهم للرحيل عن أرضهم، حيث لم تعد هناك "تصنيفات" للمناطق بين "أ" و"ب" و"ج"، وفق ما يروّج له المتطرفون مثل سموتريتش، الذي يؤكد أن الحلم بإقامة دولة فلسطينية قد انتهى، وأنه لا مكان لمفهوم "الدولة الفلسطينية" ضمن الرؤية الإسرائيلية الحالية.

 

غياب المحاسبة الدولية شجّع تصاعد اعتداءات المستوطنين

 

ويرى أبو رحمة أن غياب المحاسبة الدولية يمثل أحد أبرز العوامل التي شجّعت المستوطنين على تصعيد اعتداءاتهم، أنه لا يتم اتخاذ أي إجراءات عقابية ضدهم، بل يتم الإفراج عنهم في حال القبض عليهم، كما حدث في قضية المستوطن المتهم بقتل الشهيد قصي معطان في برقة، الذي أُطلق سراحه بعد أيام قليلة فقط من احتجازه ولا يزال يمارس ارهابه وجرائمه ويقود مجموعات منظمة. 


ويعتبر أبو رحمة أن هذه السياسات الإسرائيلية تمثّل تحدياً على المستوى الدولي، إذ يجب على المجتمع الدولي السعي لمحاسبة المستوطنين، مؤكداً أن هناك عدداً من المستوطنين المتورطين في هذه الجرائم ممن أُدرجت أسماؤهم، لكن لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة ضدهم.


ويدعو أبو رحمة إلى التحرك على عدة مستويات لمواجهة هذه الاعتداءات المتزايدة؛ فعلى الصعيد الدولي، لا بد من المطالبة بالعمل على ملاحقة هؤلاء المستوطنين وتقديمهم للمحاكمة، وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته إزاء توفير الحماية للشعب الفلسطيني.


ويؤكد أبو رحمة أهمية إشراك المتضامنين الدوليين والنشطاء الإسرائيليين الداعمين للسلام في هذه الجهود، داعياً إلى تفعيل دور الدبلوماسيين والقناصل الأجانب في الأراضي الفلسطينية من خلال زيارات ميدانية للمناطق المتضررة، لنقل صورة دقيقة عن الجرائم المرتكبة وحشد التأييد الدولي لوقفها.


أما على المستوى المحلي، فيشدّد أبو رحمة على ضرورة تفعيل لجان الحماية الشعبية في المناطق الفلسطينية لمواجهة اعتداءات المستوطنين بشكل فاعل، مؤكداً أن الفلسطينيين لا يمكنهم انتظار وصول المستوطنين إلى أبواب منازلهم دون استعداد، وأن هناك حاجة لإعادة بناء منظومة حماية محلية تهدف لردع هذه الاعتداءات، وضمان أمن وسلامة المواطنين في كل قرية ومدينة. 


ويشير أبو رحمة إلى أن التحرك السريع على الأرض بات ضرورياً، لا سيما في القرى الفلسطينية الواقعة على أطراف المناطق المعرضة لهجمات المستوطنين، حيث يتعين إنشاء فرق حراسة تعمل على مدار الساعة وتراقب تحركات المستوطنين، وأن يقوم عناصر المؤسسة الأمنية بدورهم في المناطق التي يتواجدون فيها، حتى لا يتكرر مشهد الهجمات الأخيرة التي طالت المناطق المدنية.


ويؤكد أبو رحمة أن الهجمات المستمرة للمستوطنين، وغياب المحاسبة عن جرائمهم، وتهديدات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تشكل مؤشراً خطيراً على نوايا إسرائيل الرامية لتهجير الفلسطينيين قسرياً من أراضيهم، أو مواجهة جرائم الإبادة كما يحدث في غزة. 


ويدعو أبو رحمة إلى تحمل الجميع، سواء على المستوى الوطني أو العربي أو الإسلامي أو الدولي، مسؤولياتهم لحماية المدنيين الفلسطينيين العزل ومنع تهجيرهم من أراضيهم.

 

المستوطنون يقومون بمهام جيش الاحتلال العدوانية

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمتخصص بالشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع أن الاقتحام الأخير الذي نفذته مجموعة من المستوطنين المتطرفين لمدينة البيرة، وإضرامهم النيران في منازل ومركبات ممتلكات المواطنين، يعدّ تصعيداً خطيراً يعكس تطوراً في مستوى الجرائم التي يرتكبها المستوطنون. 


ويوضح أبو السباع أن هذه الحادثة ترسل رسائل مهمة عدة، أبرزها محاولة المستوطنين تحمل دور ومهام الجيش الإسرائيلي في قمع الفلسطينيين، خاصة بعد تواتر تقارير تشير إلى تزايد استهدافهم بالحجارة والزجاجات الحارقة في الطرق الالتفافية في الضفة الغربية. 


ويرى المستوطنون، حسب تحليل أبو السباع، أن الجيش لا يقوم بواجبه في حمايتهم، ولذلك يسعون إلى تنفيذ مهام الجيش بأنفسهم، لترويع الفلسطينيين وردعهم.


ويشير أبو السباع إلى أن المستوطنين يسعون أيضاً، من خلال هذه الاعتداءات، إلى ترهيب الحاضنة الشعبية للمقاومة، بحيث يرون أن استهداف المدن والقرى الفلسطينية في الشمال والوسط سيؤدي إلى إرهاق الحاضنة الشعبية، ودفع السكان للرحيل عن أراضيهم، في محاولة لفرض تهجير قسري غير معلن. 


هذه السياسة، بحسب أبو السباع، تعتمد على الضغط المباشر على الفلسطينيين لإجبارهم على ترك ممتلكاتهم، وهو ما يُعدّ خرقاً واضحاً لكل المواثيق الدولية وانتهاكاً لسيادة السلطة الفلسطينية في المناطق الخاضعة لسيطرتها الأمنية.


ويؤكد أن هذه الجرائم تضع السلطة الفلسطينية في موقف حرج أمام شعبها، حيث باتت عليها مسؤولية كبيرة في تقديم حماية فعلية للمواطنين، كما أن السلطة مطالبة اليوم بالتحرك الدولي عبر المؤسسات المعنية لفضح جرائم المستوطنين وإبراز مدى خطورة هذه الهجمات، خاصة مع التزام المجتمع الدولي حتى الآن بالاستنكار اللفظي دون اتخاذ إجراءات ملموسة للحد من هذا السلوك الوحشي.


ويشير أبو السباع إلى أن الحكومة الأمريكية قد طالبت، مؤخراً، بأن تضع الحكومة الإسرائيلية حداً لهذه الاعتداءات، إلا أن أبو السباع يشدد على أن المستوطنين يتصرفون بتشجيع غير معلن من قوات الاحتلال المنتشرة في الضفة الغربية، ما يوفر لهم غطاءً مباشراً لاستمرار جرائمهم، ويظهر ذلك بوضوح في سلوك المستوطنين الذين يأخذون القانون بأيديهم ويعمدون إلى تنفيذ العقوبات، من خلال الاعتداءات العنيفة وإضرام النيران، بهدف تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

 

 وصول المستوطنين إلى قلب مناطق السيطرة الفلسطينية

 

ويتطرق أبو السباع إلى وصول المستوطنين إلى قلب مناطق خاضعة للسيطرة الفلسطينية الأمنية، معتبراً أن هذه رسالة واضحة للفلسطينيين بأنهم غير آمنين حتى في المناطق التي توجد فيها السلطة الفلسطينية بقوة.


ويعكس هذا الواقع، وفق أبو السباع، عدم وجود حد للجرائم التي يرتكبها المستوطنون، حيث لا يوجد أي رادع أو مانع يحد من سلوكهم العنيف، ما يزيد من الضغط على السلطة الفلسطينية ويضعها أمام تحدٍّ كبير في ظل هذه الظروف المتصاعدة.


ويشير إلى وجود دعوات لتشكيل لجان حماية شعبية من الأهالي، بهدف السهر على ممتلكاتهم ليلاً، وخلق حالة تأهب تحذر السكان من أي اقتحامات أو اعتداءات محتملة. 


وفي الوقت ذاته، يلفت أبو السباع إلى أن دعوات أخرى تتصاعد للردع باستخدام وسائل المقاومة، لتأمين الممتلكات وتوفير ردّ فعل حقيقي يمنع المستوطنين من تكرار هذه الاعتداءات.


ويؤكد أبو السباع أن المطلوب هو تعزيز الوحدة والتكاتف الشعبي، واستعادة وسائل الانتفاضة الأولى لتشكيل لجان شعبية تحمي القرى القريبة من المستوطنات والمدن المحاذية للطرق الالتفافية، من أجل الحد من اعتداءات المستوطنين المستمرة.

 

المستوطنون أصبحوا "رأس حربة" لجيش الاحتلال

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي د. عمر رحال، مدير مركز "شمس" لحقوق الإنسان، أن اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين تتضمن عدة رسائل واضحة تسعى لإثبات أن هذه الأراضي تعود لإسرائيل، وفقاً لمنظور ديني يسعى لانتزاع حق الفلسطينيين في العيش على أرضهم. 


ويشير رحال إلى أن المستوطنين باتوا يشكلون أداة سياسية بيد شخصيات حكومية يمينية متطرفة كوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، حيث يتم استغلالهم كخزان انتخابي يضمن لهم البقاء في الحكم ضمن سياسة تتبنى المستوطنات كأحد أُسسها الجوهرية.


ويؤكد أن هذه الاعتداءات ليست أعمالاً فردية، بل إن المستوطنين أصبحوا بمثابة "رأس حربة" للجيش الإسرائيلي في تنفيذ أجندات تركز على تهجير الفلسطينيين وإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية والمادية. 

ويعتبر رحال أن الهدف النهائي لهذه السياسات تدمير روح الأمل لدى الفلسطينيين، وتجريدهم من الشعور بالأمان.


رحال يؤكد أن مفهوم التهجير القسري لا يوجد في "قاموس" الفلسطينيين، ويستدل بتجارب تاريخية أثبتت أن الفلسطينيين يتمسكون بأرضهم ويرفضون النزوح، بالرغم من الضغوطات المستمرة.


ويرى رحال أن تزايد الاعتداءات من المستوطنين يضع النظام السياسي الفلسطيني، ولا سيما المؤسسة الأمنية، أمام أزمة ثقة متفاقمة مع المواطنين، الذين يشعرون بالإحباط نتيجة عدم القدرة على توفير الحماية اللازمة لهم في مواجهة هذه الهجمات المتصاعدة. 


ويشير رحال إلى أن هناك إخفاقاً من كافة الأطراف المعنية، سواء الفصائل أو المؤسسات الرسمية أو مؤسسات المجتمع المدني، في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، ما شجّع المستوطنين على تصعيد هجماتهم، وربما التحضير لارتكاب مجازر منظمة في المستقبل القريب، إذ يرى رحال أن الاعتداءات الحالية ليست سوى "بروفة" لشيء أكبر وأكثر خطورة.


ويعتقد أنّ الهجمات التي شهدتها مدينة البيرة مؤخراً تقدم دليلاً واضحاً على هذا التصعيد المنهجي، حيث يسعى المستوطنون لتنفيذ مزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين، بغرض تهجيرهم من مناطقهم وإيقاع المزيد من الضحايا. ويرى أن هذا النمط من الجرائم يستوجب رداً حازماً من قبل المؤسسات الفلسطينية، وأن هناك عدة خيارات أمام الفلسطينيين للتصدي لهذا التهديد.


وفي ما يتعلق بالخيارات الممكنة، يشير رحال إلى ضرورة أن تضطلع المؤسسة الأمنية الفلسطينية بمسؤولياتها كاملة في توفير الأمن والحماية للمواطنين، باعتبار هذا الدور واجباً أساسياً لأي مؤسسة أمنية في العالم. 


ويقترح رحال، في المقابل، أن تتعاون الفصائل الفلسطينية والبلديات المحلية بتشكيل لجان حماية شعبية تُعزز قدرات الدفاع عن السكان، وأن لا تقتصر المسؤولية على المؤسسات الرسمية فقط.

 

فرص للتأثير من خلال المجتمع الدولي

 

أما على الصعيد الدولي، فيرى رحال أن هناك فرصاً للتأثير من خلال المجتمع الدولي، وذلك بتفعيل دور الأمم المتحدة للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءات المستوطنين، إلى جانب الدفع نحو ممارسة المزيد من الضغط على المحكمة الجنائية الدولية، بهدف اعتبار المستوطنين غير شرعيين ومحاكمتهم على الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني. 


ويوصي رحال بتكثيف الجهود للملاحقة القانونية ضد المستوطنين في المحاكم الدولية والوطنية، لتعزيز شرعية القضية الفلسطينية وتوسيع نطاق التضامن الدولي معها.


ويؤكد رحال أن الفلسطينيين لا يفتقرون إلى الخيارات لمواجهة هذه التحديات، مشدداً على أهمية تضافر الجهود الداخلية والخارجية، عبر التعاون بين الجهات الرسمية والشعبية، والدفع نحو مواقف قوية في المحافل الدولية، لضمان وقف التصعيد المستمر وحماية حقوق الفلسطينيين.

 

اعتداءات المستوطنين تحمل أصداء "النكبة"

 

يرى الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال أن موجة العنف والاعتداءات التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية تحمل أصداء "النكبة" عام 1948، والتي أدت حينها إلى تهجير وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين.


ويفسر نزال هذا التصعيد المتزايد من جانب المستوطنين بأنه يأتي ضمن استراتيجية منظمة تتجاوز العشوائية، حيث أضحت تلك الهجمات ممنهجة وتدار من قبل قيادات الاستيطان وبإشراف من الجهات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، ما يعكس تنامياً ملحوظاً في مستوى التهديدات التي تستهدف المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية.


ويشير نزال إلى أن انتشار السلاح بين المستوطنين بلغ أرقاماً غير مسبوقة، إذ تم توزيع نحو 200 ألف قطعة سلاح بأوامر مباشرة من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي يحرص، إلى جانب الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، على تعزيز الدعم والتنسيق بين المستوطنين. 


ويؤكد نزال أن قادة المستوطنين في الضفة الغربية يعملون على تطوير شبكة منظمة من الهجمات على البلدات والمدن الفلسطينية، ويبدو أن التحريض على تهجير الفلسطينيين يدور ضمن دائرة الأهداف المستترة التي تسعى إسرائيل لتحقيقها، بمساعدة المستوطنين، في إطار ما يُعرف بخطة "الحسم" التي يرعاها سموتريتش.


ويلفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية باتت تعتبر المستوطنين بمثابة قاعدة صلبة تدعم سياساتها في الضفة الغربية.


وبحسب نزال، فإن المستوطنين باتوا يعززون من موقف الحكومة الحالي، ويشكلون ما يشبه ميليشيا موازية للجيش الإسرائيلي، تضطلع بتنفيذ الهجمات العنيفة التي يعجز الجيش عن تنفيذها أو التي قد تثير غضب المجتمع الدولي، بالرغم من أن المجتمع الدولي حتى الآن يبدو غير معني بإدانة تلك الانتهاكات بشكل فعّال. 


ويؤكد نزال أن الصمت الدولي، خاصة من جانب الولايات المتحدة، يعتبر "ضوءاً أخضر" لمزيد من العنف ضد الفلسطينيين، لا سيما مع انتشار السلاح بيد المستوطنين الذين يقومون بهجمات منظمة تتعدى القرى الفلسطينية النائية إلى قلب المدن.


وفي سياق الاعتداءات الأخيرة على مدينة البيرة، يعتبر نزال هذه الهجمات "خطوة نوعية" تحمل رسائل رمزية بأن المستوطنين يسعون لبسط سيطرتهم وتوسيع نشاطهم لتشمل المدن الكبرى، وليس فقط القرى النائية التي كانت تتعرض للاعتداءات سابقاً. 


ويرى أن هذا التغيير يعكس تصعيداً خطيراً، ويؤكد أن أهداف المستوطنين تتجاوز التهديدات العشوائية، لتصبح مدروسة ومتواطئة مع القيادة السياسية التي لا تخفي دعمها لتلك التحركات. 


ويشير نزال إلى احتفال قيادات إسرائيلية بوصول عدد المستوطنين المسلحين إلى نحو 200 ألف، ما يعكس دعماً سياسياً مباشراً ويعزز من خطورة الوضع، خصوصاً أن تلك الأسلحة قد وُزعت بشكل منظّم وبدعم من مؤسسات دولة الاحتلال.


ويلفت نزال إلى أن هذه الاعتداءات قد تسهم في تحفيز الفلسطينيين على الهجرة الطوعية خوفاً من المصير المجهول، مؤكداً أن صمت المجتمع الدولي وغياب الرادع العربي يشجع المستوطنين على التمادي.


ويعتقد نزال أن هذا التصعيد ما هو إلا مقدمة لسيناريو خطير ومخطط بعيد المدى قد يؤدي لتغيير جذري في التركيبة السكانية في الضفة الغربية، كما يهدف لتحقيق واقع جديد على الأرض يستحيل تغييره مستقبلاً.

ويرى نزال أن الرد الفلسطيني على هذا التصعيد يجب أن يتخذ عدة مسارات، تبدأ من تحقيق وحدة وطنية حقيقية بين كافة الفصائل الفلسطينية. 

 

تشكيل لجان حراسة محلية

 

ويؤكد نزال ضرورة تشكيل لجان حراسة محلية لحماية المواطنين وممتلكاتهم من الهجمات المنظمة للمستوطنين، والتصدي لتلك الميليشيات التي باتت تعمل كقوة موازية للجيش الإسرائيلي. 


ويتطلب التصدي كذلك، وفق نزال، فضح تلك الانتهاكات على المستوى الدولي وتسليط الضوء على المخاطر التي يواجهها الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذه الخطوة قد تساعد في تعزيز الوعي الدولي بمدى جسامة التهديد الذي يتعرض له الفلسطينيون.


ويدعو نزال القيادة الفلسطينية إلى تفعيل دور المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، وذلك لإدانة المستوطنين، على اعتبار أن أفعالهم جرائم تستوجب المحاسبة، مشدداً على ضرورة متابعة قضاياهم أمام المحاكم الدولية لمحاصرتهم قانونياً. 


ويرى نزال أن من شأن هذا التحرك الضغط على إسرائيل والحد من الدعم الدولي غير المحدود لممارساتها.


ويحذر نزال من تداعيات التهاون في مواجهة المستوطنين الذين أصبحوا يشكلون "جيشاً داخل جيش".


لكن نزال يؤكد أن التجارب السابقة تثبت قدرة الفلسطينيين على الصمود في وجه المخططات الإسرائيلية مهما بلغت خطورتها، إلا أن هذا الصمود يحتاج إلى دعم وتكامل بين الفصائل والمؤسسات الفلسطينية، محذراً من أن استمرار الأوضاع على حالها قد يدفع بعض الفلسطينيين إلى البحث عن ملاذات أكثر أمناً، وهذا ما تريده إسرائيل لإضعاف صمود الشعب في أرضه.

 

عماد موسى: الهدف الرئيسي من جرائم المستوطنين هو دفع الفلسطينيين نحو التهجير القسري

 

يوضح الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين ليست أفعالًا فردية، بل تمثل جانبًا أساسيًا من استراتيجية حكومة اليمين المتطرفة في إسرائيل. 

ويرى موسى أن ما يجري على الأرض يُعد امتداداً لسياسة التطهير العرقي والإبادة، بهدف ضم الضفة الغربية بالكامل إلى السيطرة الإسرائيلية، وذلك من خلال استغلال الظروف الحالية كفرصة أخيرة لتنفيذ هذا المشروع.


ويشير موسى إلى أن خطورة الاعتداءات لا تتوقف عند المواطنين فحسب، بل تمتد لاستهداف المؤسسات الأمنية الفلسطينية، عبر إثارة مواجهات مسلحة بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي من جهة، وأجهزة الأمن الفلسطينية من جهة أُخرى، إذ تسعى إسرائيل إلى استنزاف تلك الأجهزة وتحطيم بنيتها التحتية، من خلال تدمير مقراتها وإيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى بين عناصرها، ما يؤدي إلى إخراجها عن الخدمة وإشاعة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. 


ويرى موسى أن الهدف الرئيسي من هذه الأعمال هو دفع الفلسطينيين نحو التهجير القسري، حيث تستغل إسرائيل عمليات الحرق والتدمير المتعمد لمنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم لدفعهم إلى الرحيل عن أراضيهم.

ويبرز موسى أن الاعتداءات المستمرة تسعى أيضاً إلى القضاء على اتفاقية أوسلو، إذ يعتبر المستوطنون اتفاقية أوسلو بمثابة "خطيئة" يجب محوها بالكامل.


ويقول موسى: "إن المستوطنين وحكومة اليمين المتطرفة تجرأوا على مهاجمة ميثاق الأمم المتحدة علناً، كما حدث عندما مزق مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة الميثاق أمام الجمعية العامة، وتوسعت هذه الاعتداءات لتشمل الأونروا وموظفيها، حيث تعرضت مقارها للهدم والتخريب، إضافة إلى حوادث اعتقال واغتيال بعض موظفيها".


ويؤكد موسى أن الاعتداء الإسرائيلي على قوات "اليونيفيل" في لبنان يُعد سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة، من أجل السيطرة على مقار تلك القوات.


ويسعى الجيش الإسرائيلي بحسب موسى، من خلال هذه الاعتداءات إلى تفكيك الشرعية الدولية، وبالتالي، فإن خلق حالة من الفوضى في النظام العالمي يمكن أن يتيح لإسرائيل التوسع نحو الشرق، مستفيدة من الدعم المتزايد من بعض الدول العربية التي وقعت اتفاقيات تطبيع معها. 


ويؤكد موسى أن وصول المستوطنين إلى قلب المدن الفلسطينية يُعد دليلاً واضحاً على عزمهم وقدرتهم على تنفيذ مشروعهم التوسعي دون خوف أو تردد، داعياً إلى مواجهة هذا الخطر المتزايد عبر تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وإجراءات للتصدي لهم. 


ويشدد موسى على أن المجتمع الدولي يلعب دوراً حاسماً في التصدي لهذه السياسات، داعياً إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل الضغط على المجتمع الدولي، ومطالبته بإعادة النظر في عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، على أساس أنها انتهكت شروط العضوية واستحقت وضع "الكيان المارق"، وبالتالي فتح المجال لمحاكمتها دوليًا عبر المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إضافة إلى محاكمتها على المستوى الوطني في بعض الدول.


ويرى موسى أن مثل هذه الخطوات قد تُدخل إسرائيل في تحديات غير مسبوقة على الصعيد الدولي، من أبرزها زعزعة شرعية وجودها، وفقدان الدعم الذي تستند إليه من الدول الغربية الليبرالية، ما قد يؤدي إلى تآكل القيم التي تسوقها إسرائيل لنفسها كدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وحرياته.

دلالات

شارك برأيك

حرب المستوطنين في الضفة.. الأداة الإجرامية للقيادات السياسية

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل 15 أيام

يا ظالم الك يوم

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 78)