أقلام وأراء
الإثنين 21 أكتوبر 2024 10:13 صباحًا - بتوقيت القدس
اجتماع دول البريكس القادم.. الواقع والتحديات
مروان أميل طوباسي
يأتي اجتماع دول مجموعة "البريكس" المزمع عقده في مدينة كازان الروسية بالأيام القريبة القادمة وسط ظروف عالمية مليئة بالتحولات المتسارعة والتحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة ما يتعلق بحرب الإبادة والتهجير والاقتلاع العرقي التي تنفذها دولة الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني والشعب اللبناني، وما يجري من محارق غير مسبوقة بحق شعبنا في شمال غزة تذكر بجرائم الهولوكوست النازية بحق الشعوب الأوروبية، كما وفي إطار إشعال الولايات المتحدة لبؤر توتر في مناطق أخرى من العالم ولجرائمها الطويلة عبر التاريخ بحق شعوب العالم.
وتترأس روسيا هذه القمة التي ستعقد على أراضيها في إطار إفشال الجهود الغربية لعزل روسيا ومواجهة التحالف الغربي. وتريد موسكو من الدول الأخرى أن تعمل معها لإصلاح النظام المالي العالمي، وإنهاء هيمنة الدولار الأميركي، ومحاربة سيطرة البنك الدولي الذي يعمل لخدمة مصالح الدول الغربية.
ويتمثل المحور الرئيسي في هذا التوجه الصيني الروسي أساساً في إنشاء نظام مدفوعات جديد يقوم على شبكة من البنوك التجارية المرتبطة ببعضها البعض من خلال البنوك المركزية لمجموعة البريكس والتي يشكل مجموع دخلها القومي ما نسبته ٣٧% المجموع العالمي. ومن أجل إنشاء بورصة تجارية للحبوب تابعة لمجموعة دول البريكس لتحديد الأسعار العالمية للمنتوجات الزراعية، خاصة وأن روسيا هي أكبر مصدر للقمح بالعالم.
تواجه دول البريكس هذه التحديات في سياق تسارع محاولات القوى الغربية وتحديداً الولايات المتحدة وإسرائيل، لتنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الجديد" أو ما قد يسمى أيضا بـ"إسرائيل الكبرى". إلى ذلك، تستمر تداعيات حرب الوكالة في أوكرانيا ضد روسيا على المستوى الدولي والإقليمي، إضافة إلى التدخلات الأمريكية في شوؤن عدد من دول أمريكيا اللاتينية، واستمرار حصار كوبا وفنزويلا وتدخلات الغرب بالقارة الأفريقية، وهو ما يدفع لدور أكبر لدول مجموعة البريكس في مواجهة هذه الضغوط والمخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين ومبدأ حرية الشعوب ومحاولات استدامة دور الشركات الاحتكارية.
مواجهة التدخلات والهيمنة الغربية
يأتي هذا التوجه لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي إضافة إلى السياسي في ظل سعي القوى الغربية للهيمنة ولزعزعة استقرار الدول ذات السيادة، بما في ذلك "دول البريكس" ودول الجنوب العالمي. المحاولات المستمرة للتدخل في شؤون الدول عبر العقوبات، والتهديدات، ودعم الإرهاب الدولي، تدفع دول "البريكس" لتعزيز التعاون والتنسيق في هذا المجال، حيث يمثل البريكس ركيزة أساسية في مسار السعي للوصول إلى النظام العالمي المتعدد الأقطاب. وهو ما يتعارض مع مصالح القوى الغربية التي تسعى لاستمرار هيمنتها في إطار النظام الدولي أحادي القطب.
تواجه منطقتنا تحديات جيوسياسية متزايدة، خاصة في ظل استمرار الاحتلال الاستعماري وتصعيد سياسة الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني، ومحاولات توسيع نفوذ دولة الاحتلال الإسرائيلي على حساب الدول المجاورة، وفق ما يجري بالجنوب اللبناني والخرائط المعلنة من نتنياهو وأعضاء حكومته.
هذه التحديات تزيد من أهمية التعاون بين دول "البريكس" لدعم سيادة الدول والحد من التدخلات الغربية. كما أن دور البريكس في مواجهة هذه التحديات يبرز من خلال دعم القضايا الإقليمية مثل فلسطين ولبنان، حيث يمكن أن يقدم التحالف دعماً غير مباشر لهذه الدول في مواجهتها للتدخلات الخارجية أو حتى مباشر من خلال الدعم العسكري لإيران العضو بالمجموعة، كما وللدولة السورية من خلال التواجد الروسي فيها.
خلال زيارة الرئيس أبو مازن لموسكو قبل شهرين، تم تقديم طلب انضمام دولة فلسطين لعضوية هذه المجموعة الدولية. وقد وجه الرئيس بوتين الدعوة للأخ الرئيس أبو مازن للمشاركة في أعمال الدورة القادمة بعد أيام بروسيا. إن عقد جلسة عمل خاصة حول فلسطين خلال قمة المجموعة وفق ما أعلن، يعكس الاهتمام بدور دول المجموعة بالقضية الوطنية وحقوق شعبنا ومواقفها المعلنة من أجل ضرورة وقف حرب الإبادة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين شعبنا من حقه في تقرير المصير وإقامة دولته ذات السيادة المستقلة.
إضافة إلى الجوانب السياسية والأمنية، تسعى دول "البريكس" لاتخاذ إجراءات اقتصادية تحد من هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي. هناك جهود متزايدة لاعتماد العملات المحلية في التبادلات التجارية بين دول البريكس وفق ما أعلن عن ذلك بالفترة السابقة خاصة من جانب الصين التي تخوض الولايات المتحدة والتحالف الغربي حرباً اقتصادية ضدها وتحرشات عسكرية في بحر الصين، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً للنظام المالي الحالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. إن اعتماد هذه السياسات سيسهم في تقليل الاعتماد على الدولار وزيادة مرونة اقتصادات الدول الأعضاء.
في النهاية وفي الوقت المتوقع فيه أن يستمر تصاعد الدور الذي تلعبه البريكس، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي أو السياسي، يتوجب على هذه المجموعة العالمية الناشئة كقوة صاعدة اتخاذ مزيد من الإجراءات والعقوبات الفعالة ضد إسرائيل، وبالمقدمة منها التحالف معنا من أجل تجميد عضوية دولة الاحتلال في هيئة الأمم وإعادة النظر بكل العلاقات بين دول المجموعة وإسرائيل كنظام استعماري استيطاني وأبرتهايد، وبالمقدمة منها الصين وروسيا. ومع تزايد الضغوط الغربية، ستجد دول البريكس نفسها أمام تحديات كبيرة ، لكنها تمتلك باعتقادي الأدوات الكافية لمواجهة تلك التحديات وتقديم نموذج جديد للتعاون الدولي على طريق العدالة الشعوب.
..............
إن عقد جلسة عمل خاصة حول فلسطين خلال قمة البريكس وفق ما أعلن، يعكس الاهتمام بدور دول المجموعة بالقضية الوطنية وحقوق شعبنا ومواقفها المعلنة من أجل ضرورة وقف حرب الإبادة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
تقليص مساحة غزة وتهجير أهلها.. أخطر المخططات الإسرائيلية
حديث القدس
2024 عام الزلازل و2025 عام الهزات الارتدادية
راسم عبيدات
غزة.. بداية عام جديد والإبادة مستمرة
بهاء رحال
رغم المجاعة.. التكافل في غزة بـ"الرغيف"
ريما محمد زنادة
وكالة الغوث.. ومعركة نزع الشرعية
فتحي كليب
مهابةُ الفكرةِ وهيبةُ المسيرةِ
عام التحديات
حديث القدس
ستون عاماً من الثورة.. النصر آت ؟
د. فوزي علي السمهوري
توثيق التعذيب في فلسطين.. بين الأمل بالإنصاف والتحديات العملية
سماح جبر
معركة غير متكافئة
حمادة فراعنة
الحرديم ولماذا يرفضون قانون التجنيد؟ حرب أهلية مقبلة
إسماعيل المسلماني
تمر الأعوام وتبقى الآلام
حديث القدس
انكشاف المستعمرة وعريها
حمادة فراعنة
2024 عام الكارثة والبطولة.. 2025 عام الحسم
هاني المصري
نحن في حالة ضياع وتيه... والبداية من مخيم جنين
راسم عبيدات
حسام أبو صفية.. الطبيب يتحدى الإبادة
جمال زقوت
صناعة القائد في وسائل الإعلام.. بين التلميع والتضليل
د. أسامة ارميلات
تصعيد مرعب للجرائم الإسرائيلية الفظيعة
حديث القدس
لسان الحال والأحوال.. علقم يا وطن
إياد أبو روك
صباحُ الخَيْر يا غزَّة
بهاء رحال
الأكثر تعليقاً
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
النداء الأخير من المحرقة...صرخة أنس تقرع جدران الخزان
بهدوء.. أسئلة وأجوبة!
إسرائيل ترفض تزويد السلطة الفلسطينية بالسلاح لدعم عملية جنين
مقتل الصحفية شذى الصباغ في جنين.. دعوات لتحقيق مستقل وشفاف تشارك فيه جميع الأطراف
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
الأكثر قراءة
طلبة الإعلام في العربية الأمريكية يزورون "القدس"
نيويورك تايمز: وراء تفكيك حزب الله عقود من الاستخبارات الإسرائيلية
هآرتس: اختفاء غزيين كانوا معتقلين لدى الجيش الإسرائيلي
مقتل الصحفية شذى الصباغ في جنين.. دعوات لتحقيق مستقل وشفاف تشارك فيه جميع الأطراف
مفاوضات الصفقة.. المحتجزون يُلدغون من جُحر نتنياهو عشر مرات!
القسام تقتل 5 جنود إسرائيليين من المسافة صفر في مخيم جباليا
2025 عام التحولات وسقوط الأقنعة والسرديات.. تحديات خطيرة تُحدّق بالقضية الفلسطينية
أسعار العملات
الأربعاء 01 يناير 2025 2:37 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.79
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 336)
شارك برأيك
اجتماع دول البريكس القادم.. الواقع والتحديات