أقلام وأراء
الخميس 10 أكتوبر 2024 12:58 مساءً - بتوقيت القدس
طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر و ما بعده من تداعيات على المنطقة العربية
شكل السابع من اكتوبر وعملية طوفان الأقصى دون شك، مفاجئة غير متوقعة وصدمة أمنية لاسرائيل، حيث تمّ خلالها إطلاق الالاف من الصواريخ من قطاع غزة وبالتزامن مع عملية توغل مسلحين من حركة حماس باستخدام طائرات شراعية، يليها اقتحام الحدود من قبل وحدات مسلحة، اخترقوا الحاجز الحدودي بعد تفجيره، ليدخلوا الى مقر القيادة الجنوبية وما يعرف بفرقة غزة التابعة للجيش الاسرائيلي، ورافق ذلك أيضاً عمليات تشويش الكترونية على أجهزة الاتصال مع القادة العسكريين، وعلى اثر هذه العملية قتل البعض ونقل البعض منهم أسرى إلى غزة.
إن التوضيح الميداني السابق المختصر يشكل بداية الصراع الذي إستمر لما بعد السابع من إكتوبر عام 2023م وحتى اليوم، وتحولت الوقائع الى حرب طاحنة بين الطرفين في غزة، لتتطور الأمور والأحداث بفتح جبهات جديدة، مثل الجبهة الأساسية بعد غزة في جنوب لبنان وما عرف بمصطلح وحدة الساحات، في كل من سوريا واليمن والعراق ممثلة بفصائل مدعومة من ايران، كل هذه التطورات المتسارعة والمتلاحقة وتداعيات السابع من اكتوبر، تعدت في مدتها الزمنية العام وما يزيد حتى اليوم، إن فتيل الحرب الدائرة ما زال مشتعلاً والقذائف الصاروخية تحرق الجميع، لقد تحول السابع من اكتوبر وبعد سنة من القتال الى حرب اقليمية في المنطقة، ونيرانها المستمرة يصعب إخمادها حتى اللحظة.
للأسف ما شهدناه والعالم من نتائج متفاقمة لهذا الصراع، وبشكل خاص في غزة بما في ذلك ما أصاب الشعب فيها من الدمار والقتل والخسائر الكبيرة من الضحايا بين مفقود وجريح بمن فيهم من مات جوعاً، تؤكد أن الشعب الفلسطيني عانى الكثير وهو الخاسر الأكبر من هذا الصراع الدائر، ومن الناحية العسكرية فقد حددت واعلنت اسرائيل هدفها وهو القضاء على حركة حماس خاصة قدراتها العسكرية في قطاع غزة، وبشكل يضمن في المستقبل عدم تشكيلها خطراً على الأمن القومي الاسرائيلي، وتحديداً على المستوطنات فيما يعرف بغلاف غزة، يضاف الى هذه الاهداف الاسرائيلية السعي نحو اعادة المختطفين الاسرائيليين وعودة السكان الى مساكنهم، وهو الهدف ذاته المراد من الصراع أيضاً مع حزب الله والمنطقة الحدودية الشمالية.
ويوم السابع من اكتوبر لعام 2024م، والذي يصادف ذكرى عام على الصراع، شهد بعث رسائل واضحة تمثلت بما شاهدناه من موجة قصف صاروخي من قبل حركة حماس لاسرائيل، ارتبطت من حيث توقيتها ودلالتها بقصف صاروخي متزامن أيضاً مصدره جنوب لبنان واليمن وسوريا، وبشكل يُفيد باستمرار هذا الصراع. وفيما يتعلق بالوضع السياسي والعسكري للصراع مع اسرائيل، من الواضح أن بعض أهداف اسرائيل قد تحققت في غزة، إضافة لقتل بعض القادة العسكريين لحماس مثل استشهاد اسماعيل هنية، وتدمير مناطق شاسعة في قطاع غزة، ومن جهة الصراع المحتدم في جنوب لبنان فقد قتل بعض قادة وحدة الرضوان وصولاً الى اغتيال القائد العام لحزب الله إلى جانب استشهاده مع غيره أيضاً، وقد اعلنت اسرائيل أن هدفها هو القضاء على المسلحين المقاومين على حدودها الشمالية، والقضاء على قدراتهم العسكرية القتالية، والعمل على انشاء منطقة خالية من السلاح، إلى جانب تطبيق القرار الأممي رقم ( 1701)، ومع كل هذه الاغتيالات والدمار الكبير، الا أن من الواضح بأن الصراع مستمر حتى بعد عام من القتال، ويبدو جلياً اليوم بأن التهدئة غائبة عن هذا الصراع، ووحدة الساحات مستمرة بل أننا دخلنا عملياً الى وضع متطور من الحرب يغلب عليه اتساعها لتشمل البلدان المجاورة، ومن ملامحها الاستخدام الاكبر للصواريخ والمقاتلين ، ودخول مرحلة الاجتياح البري للجيش الاسرائيلي لجنوب لبنان، وما رافق هذه التطورات من مشاهد القتل والدمار والتهجير في لبنان وبصورة تشبه ما حدث في غزة الى حد ما، ومؤخراً نلمح اشتعال أوسع للجبهة السورية وبصورة أكبر من الحروب الداخلية التي تعاني منها أصلاً، بما في ذلك اشتعال أبرز للمنطقة الموازية للجولان، كما توسعت الحرب في العراق وشمل ذلك ضرب الميليشيات الايرانية لاهداف في اسرائيل، وبالتالي يمكن القول ومن خلال خارطة الصراعات أن الوضع الأمني تفاقم بعد السابع من اكتوبر وتحول الى صراع دموي اقليمي في المنطقة، والسؤال الذي يفرض نفسه على واقعنا اليوم هو إلى أين تتجه الأوضاع، وما هي تداعيات وأبعاد هذا الصراع المشتعل بين المقاومة وما عرف بوحدة الساحات من جهة واسرائيل من جهة أخرى وبصورة تشهد قصف صاروخي لا يتوقف ؟.
ولقد تزامنت ذكرى السابع من اكتوبر مع خطاب المرشد الاعلى الايراني الخامنئي وخطبة الجمعة في طهران، وقد اشتمل الخطاب على قسمين باللغتين الفارسية والعربية قاصداً من ذلك مخاطبة الشعوب العربية، وقد شدد في خطابه على حق حزب الله الدفاع عن غزة، قائلاً :" قاتلوا العدو المعتدي وافشلوه.."، وأشاد فيه بزلزال السابع من اكتوبر، وحث اللبنانيين ( حزب الله) والفلسطينيين على القتال وحرب الاسناد ، وأعتقد أن حرب الاسناد والمساندة تريد اليوم من يساندها بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها، وأوضح المرشد كذلك " انه كله ايمان بأن النصر قادم"، ولكن للاسف الشعبين في غزة وجنوب لبنان لا تتوفر لهما المقومات الاساسية فهم يفترشون العراء ولا يجدون الطعام ولا المأوى والعلاج اللازم، والنازحين في الضاحية الجنوبية دمرت بيوتهم، وسحقت مدنهم وتحولت الى ركام من اسمنت وحديد، للأسف الشراكة اتضحت بأنها في المكاسب والارباح فقط مع وحدة الساحات، ولا تتضح أبداً الشراكة في الخسائر والضحايا والدماء التي كانت بشكل خاص في البلدان العربية ومن الدم العربي .
وقال المرشد أيضاً في خطابه :" ازالة الكيان الملطخ بالعار من ساحة الوجود"، لكن وبكل واقعية وحسب النتائج وبعد سنة من الصراع الدائر، نلاحظ أن القوة العسكرية بين المليشيات من جهة واسرائيل المدعومة بقدرات عسكرية من عدة دول من جهة أخرى، واضحة ولا تحتاج شرح خاصة مع ما نشاهده من دمار في لبنان وغزة، وبالطبع هذه الحالة الميدانية المؤلمة لا تشمل ايران نفسها والتي اقتصرت على ضربات صاروخية بين الفينة والأخرى، وللاسف الشعب العربي يقاتل ولا يعرف على وجه التحديد الى اين سيكون مصيره ومستقبله الراهن، وما لاحظناه من حدة في خطاب المرشد الخامنئي وضعت المنطقة في وضع بعيد عن أي حل سياسي، يمكن أن يساعد في إخماد النيران المتقدة، ولا يساهم أيضاً في انقاذ الارواح من العرب في وحدة الساحات والتي نفقدها كل لحظة، والسؤال الذي يتكرر هو هل نحن العرب نعرف الى أين يتجه مستقبلنا ومستقبل منطقتنا ؟، والتي تتضح بوادرها المستقبلية من القتل والدمار البالغ في لبنان وسوريا والعراق واليمن ، فالى اين تتجه بلداننا العربية؟، بينما نجد أن الاخرين يفاوضون لكسب المصالح وحمايتها، دون تعريض بلدانهم للدمار والتخريب، مثل مصالح ايران ومفاوضاتها مع امريكا والمرتبطة بالملف النووي وما يتصل به من مبالغ مالية مترتبة لايران، إن المشكلة هنا وبعد السابع من اكتوبر باتت واضحة، وتتصل بمدى إدراكنا في البلاد العربية لواقع توازن القوى في هذه الحرب، وما خلفته من دمار في مدننا وبلداننا العربية وبكل أسف.
الصراع الحالي الى اين ، وما مستقبل الشرق الاوسط وتحديداً في هذه الحرب الطاحنة المستمرة، فهل سيستمر السابع من اكتوبر لسنوات اخرى قادمة، واذا استمر فما هي نتائجه على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية في بلداننا العربية والتي لم تستفيد أو تنتصر حتى الان، وهو ما يدفعنا لسؤال آخر وهو هل سننتصر أم سنخسر وما تداعيات النجاح أو الفشل علينا، وان انتصرنا فما هو مستقبل المدن المدمرة بفعل الحرب كما هو الحال في سوريا ولبنان واليمن؟.
ان الوضع الجيوسياسي المتأزم حاليا في منطقتنا، يضعنا أمام سؤال مهم وهو هل ستبقى الاوضاع متأزمة، وهل حقاً نشهد اليوم مرحلة تغيير النفوذ أم مرحلة تغيير الخرائط على الارض حدودياً وسياسياً واقتصادياً، ولاشك ان الاجابة عن هذه الاسئلة ستحمل اجابتها الايام القادمة، فهي وحدها الكفيلة بتوضيح النتائج استناداً لما ستتركه الصراعات على ارض الواقع وفي الميدان العسكري
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر و ما بعده من تداعيات على المنطقة العربية