Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 24 أغسطس 2024 10:31 صباحًا - بتوقيت القدس

التوازنات الفلسطينية الجديدة بين المصالحة والنفوذ الإقليمي ودور الولايات المتحدة

في ظل تصاعد التحديات الإقليمية والدولية، تشهد الساحة الفلسطينية تحركات دبلوماسية محورية لإعادة ترتيب البيت الداخلي. من أبرز هذه التحركات إعلان الرئيس محمود عباس نيته التوجه إلى غزة، وفق ما جاء من أهداف بالمرسوم الرئاسي الصادر بالخصوص، في خطوة قد تعكس تحولاً استراتيجيا في السياسة الفلسطينية الحالية، وهو أمر مطلوب برأيي. بالتوازي مع ذلك، تستمر الولايات المتحدة في لعب دور حاسم في إفشال المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ صفقة الأسرى من جهة، ومحاولات نتنياهو الحثيثة لاستمرار احتلال قطاع غزة، والإيحاء بأن الخلاف حول محور فيلادلفيا هو ما يعيق المفاوضات، وليس إنهاء الحرب والانسحاب الكامل والأسرى، في محاولة للاستفادة من واقع مرحلة الانتخابات الأمريكية من جهة أخرى، ما يثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة ومن ضمنها إعلان الرئيس عباس.

إعلان الرئيس محمود عباس التوجه إلى غزة يشير إلى محاولة لتوحيد الصف الفلسطيني في وجه الجرائم والتصعيد الإسرائيلي المستمر وانغلاق الأفق السياسي. هذه الزيارة المحتملة تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تواجه القيادة الفلسطينية ضغوطاً كبيرة من الداخل والخارج حول الوحدة وشكل الحكومة والأداء. إن نجاح هذه الزيارة في تحقيق المصالحة قد يكون له تأثير كبير على مستقبل الوحدة الوطنية الفلسطينية التي يطالب بها شعبنا وينتظرها، إلا أنه لا يخلو من تحديات.
التحدي الأكبر يكمن في كيفية تقبل حركة حماس لهذه المبادرة، في ظل استمرار سيطرتها النسبية على غزة رغم حرب الإبادة والاقتلاع، حيث سيكون من الضروري تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على مصالح حركتي فتح وحماس، وبين تحقيق الوحدة الوطنية وتهيئة الأجواء من ناحية أخرى، ستراقب إسرائيل وحلفاؤها الإقليميون والدوليون هذه الخطوة عن كثب، وقد تعتبرها تهديداً لمصالحها إذا أدت إلى تعزيز الوحدة الوطنية وبالتالي موقف حماس السياسي في الانخراط في العملية السياسية بشكل عام رغم رفضها حتى الآن مجريات المفاوضات بالدوحة والقاهرة.

دور الولايات المتحدة في إفشال المفاوضات

على الجانب الآخر، تلعب الولايات المتحدة دوراً معقداً في إفشال المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار. على الرغم من إعلانات بايدن المتكررة والكاذبة بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة قريبة. فالواقع يشير إلى أن مكونات النظام الأمريكي قد تكون غير راغبة في السماح بتوقف الحرب التي تخدم رؤيتها ومصالحها الاستراتيجية في المنطقة من خلال دعم واشنطن المستمر لإسرائيل والشراكة معها والتماهي بينهما في العديد من محددات العلاقة وأهمها العقائدية والمضمون الاستعماري الوظيفي، حتى في ظل استمرار الفظائع في غزة.
فشل المفاوضات قد يكون نتيجة مباشرة لهذا الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل. فبعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإسرائيل، ظهر بوضوح أن هناك توافقاً أمريكياً إسرائيلياً على مواصلة عمليات الاحتلال العسكرية من حرب الاقتلاع والإبادة، ما يضعف من فرص التوصل إلى هدنة أو تبادل للأسرى، وقد يعكس ذلك رغبة أمريكية في الحفاظ على الضغط على حماس وإضعافها قدر الإمكان من جانب، واضعاف السلطة الوطنية من جانب آخر من خلال الضغط وإجراءات الاحتلال المختلفة من جانب آخر، مع السعي لتحقيق أهداف سياسية أبعد من مجرد وقف إطلاق النار في غزة ومحاولات فرض الاستسلام على شعبنا.
إعادة ترتيب البيت الفلسطيني

التحركات نحو المصالحات تأتي في وقت تزداد فيه الضغوط على القيادة الفلسطينية تحت مبررات شكل الحكومة والأداء والتجديد من جانب الغرب والعرب، كما ورغبة شعبنا في رؤية التغيير لكن خارج الدعوات الأمريكية الخبيثة وبعيداً عنها. الحديث الذي صرح به الصحافي الإسرائيلي إيهود ايعاري حول مصالحات داخلية قبل أيام والذي ما زالت المعلومات عنه غير واضحة لدي، في وقت لم يتم إيضاح الأمر حوله من أصحاب الشأن قد يكون بالاتجاه أيضاً، ورغم تعدد وجهات النظر حوله، إلا أنه يعكس رغبة في خلق جبهة موحدة قائمة على التصفية المطلوبة وطنياً للخلافات داخل "فتح"، وإنهاء ظاهرة الإقصاء والإبعاد والتفرد لتكون قادرة على التعامل مع هذه التحديات بعيداً عن المصالح الضيقة. ولكن هذا الأمر يواجه عقبات كبيرة، لا سيما في ظل معارضة إسرائيل وحلفائها لأية خطوة قد تؤدي إلى تقوية الموقف الفلسطيني الموحد، ورغبة البعض القليل من داخل البيت الفلسطيني في عدم تنفيذ ذلك، خاصة المتعلق فيها بموضوع القائد مروان البرغوثي الذي يمثل اليوم قاعدة واسعة من التقاطعات والتوافقات الوطنية وفق الاستطلاعات المختلفة، هو أمر مرتهن أيضاً من جهة أخرى بإطلاق سراحه من خلال الصفقة أو بغير ذلك ليكون هو ورفاقه أحراراً.
من ناحية أخرى، قد تواجه حماس تحديات في الحفاظ على سيطرتها على غزة، إذا تم تنفيذ توجه الرئيس عباس إلى غزة وتحقيق المصالحات الفتحاوية والمصالحة الوطنية الشاملة. فيمكن أن تؤدي الترتيبات الجديدة إن نجحت إلى تقليص نفوذ حماس المتفرد منذ الانقلاب وتحديداً الجناح المرتبط بحركة الإخوان، ما قد يدفع الحركة إلى البحث عن دعم إضافي من حلفائها الإقليميين لتعزيز موقفها وموقعها مثل إيران وتركيا في ظل رغبة الطرفين في تعزيز مكانتهما ومصالحهما بالمنطقة وحتى على المستوى الدولي، أو قد يثير خلافات حمساوية داخلية حول ذلك، وتغليب الجانب الوطني فيها بعد كل الدمار المؤلم الذي أحدثه الاحتلال في غزة.

مستقبل حماس في ظل المصالحة المحتملة

على الرغم من هذه التحديات، يبقى دور حماس محورياً في أية عملية سياسية مستقبلية رغم وضوح التباين بين قيادتها. فنفوذها العسكري والشعبي ليس فقط في غزة يجعل من الصعب تجاهلها في أي ترتيبات سياسية حتى الآن. إذا تمت المصالحة بطريقة تشمل حماس وتحافظ على مصالحها، قد تستفيد الحركة من هذه الخطوة لتعزيز موقفها. ومع ذلك، إذا شعرت حماس بأنها مهددة بفقدان نفوذها، قد تلجأ إلى تصعيد الصراع أو تعميق تعاونها مع حلفائها لتعزيز موقعها إن لم تدرك أهمية دورها، وتعيد تقييم المرحلة وتجربتها أو التحولات الجارية وأهمية الوحدة الوطنية.
التطورات الفلسطينية تأتي في وقت تزداد فيه التوترات الإقليمية، خاصة مع استمرار المجازر الإسرائيلية ومسارعتهم في تنفيذ المشروع الصهيوني التوراتي بالحسم المبكر، خاصة مع تصعيد سياساتها بالضفة الغربية والقدس وتحديداً في شمالها بطولكرم وحنين ونابلس. إيران وحزب الله يراقبان عن كثب ما يجري، وقد يعتبران أي تصعيد في غزة فرصة لزيادة دعمهما لفصائل المقاومة الفلسطينية، وتصعيد عمليات الاستنزاف العسكري في شمال فلسطين على الحدود اللبنانية وتوسيع نطاق النار.
بينما تتخذ روسيا والصين موقفا حذراً، مع مراقبة التطورات بقلق، فقد تجد موسكو نفسها مضطرة للرد إذا استمر التصعيد والاعتداء على حلفائها من دول المنطقة، رغم عدم رغبتها في توسعة الحرب لانشغالها فيما يجري بحق سيادة أراضيها من حرب الوكالة ضدها في أوكرانيا، بينما قد تحاول الصين التدخل دبلوماسياً لتهدئة الوضع حفاظاً على مصالحها الاقتصادية تحديداً وعدم توتير الأجواء في بحر الصين، وفق الاستفزاز الأمريكي الجاري.
لذلك فان التطورات الراهنة تشير إلى تغيرات بالواقع الإقليمي وأن الساحة الفلسطينية مقبلة على مرحلة جديدة قد تحمل في طياتها فرصاً كبيرة للمصالحة إن أدرك الجميع المصالح الوطنية العليا، وبذلك تمتين دور ومكانة منظمة التحرير من خلال الانعقاد السريع المجلس الوطني الفلسطيني، وفق التوافق على عضويته، ولكنها أي المرحلة لا تخلو من التحديات أيضا بين إعلان الرئيس عباس التوجه إلى غزة، وفشل المفاوضات بسبب الدور الأمريكي، والتوترات الإقليمية المتصاعدة. ستلعب هذه العوامل مجتمعة دورا حاسماً في تحديد مستقبل القضية الفلسطينية، وما إذا كانت ستؤدي إلى تسوية سياسية أو تصعيد مستمر وتوسعة نطاق الحرب بالمنطقة والذي نلاحظ بوادره.
واضح أنه لا يوجد أمامنا اليوم سوى توحيد الجهد الوطني المخلص في إطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد ولكافة الاعتبارات المتعلقة بالمكانة الدولية لها، وضرورة المراجعات النقدية الداخلية ورفع كفاءة أدائها وتوسيع مشاركة كل فئات شعبنا فيها، والتوافق على رؤية وبرنامج وأدوات سنداً لبنود إعلان بكين تنسجم مع متطلبات المرحلة التي يستهدف الاحتلال فيها الكل الفلسطيني دون تردد أو حتى معيقات دولية جادة سوى فقط من صمود وإرادة شعبنا وكفاحه الوطني ومقاومته المتعددة الأشكال، تحول دون ذلك وفق ما هو واضح أيضاً من توجهات المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس التي لم تعط الكلمة الواضحة للتجمعات العربية والأقليات الإثنية الأخرى أمام تزايد صوت "تجمع غير الملتزمين " أمام مؤتمر حزبهم، بل أكدت على انحيازها الكامل لإسرائيل وحقها بالدفاع عن نفسها... إلخ ، وبالطبع للمرشح ترامب بمواقفه المعروفة بالخصوص والأكثر انحيازاً.

.......
لا يوجد أمامنا اليوم سوى توحيد الجهد الوطني المخلص في إطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد ولكافة الاعتبارات المتعلقة بالمكانة الدولية لها، وضرورة المراجعات النقدية الداخلية ورفع كفاءة أدائها وتوسيع مشاركة كل فئات شعبنا فيها.

دلالات

شارك برأيك

التوازنات الفلسطينية الجديدة بين المصالحة والنفوذ الإقليمي ودور الولايات المتحدة

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)