Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 25 يوليو 2024 10:58 صباحًا - بتوقيت القدس

لماذا فشلت المدرسة؟

المدرسة الفاشلة هي التي تخلق أجيالا تستطيع القراءة والكتابة، ولكنها لا تستطيع التفكير.

المدرسة الفاشلة التي تحكم على الطالب من خلال ورقة وقلم.

المدرسة الفاشلة التي ينظر إليها الطالب كسجن والمعلم كسجّان.

المدرسة الفاشلة التي ينظر الطالب إليها كسوق والمعلم منتج والطالب مستهلك.

المدرسة فاشلة، لأن الكتاب الذي لا يناقش فيها يفقد قيمته.


الذهاب إلى المدرسة لا يقتصر فقط على الكتاب ومنح درجات للطلاب، بل يتعلق الأمر بتكوين صداقات وتعلم الاحترام والتسامح والإصغاء وفهم العالم، لأن التعليم ليس للمدرسة فقط بل للحياة. إن هدف التعليم هو خلق إنسان جيد لا خلق طالب جيد، وأن المدرسة لن تكون مكاناً للتعلم إلا إذا علمت الطالب أن يقول لا، وأن يستعمل عقله وأن يبحث عن الحقيقة، وأن الهدف من المدرسة هو خلق جيل قادر على فعل أشياء جديدة، ليس ببساطة تكرار ما فعلته الأجيال السابقة.


ينتظر الأطفال ومن خلفهم الأهل والمجتمع بفارغ الصبر ذهاب الأطفال إلى المدرسة في سن السادسة، ولكن أعداداً كبيرة منهم يسيطر عليها الملل والتوتر والخوف والكراهية للمدرسة، علما أن السنوات الثلاث الأولى في حياة الطفل هي الأهم، هذا يحدث لأن المجتمع يبني مدارس تحقق أقل ما وعدت به، وتفشل في مساعدة الأطفال على التفكير بأنفسهم ولا تطور عقل الطالب، ولا تنتج عقلاً مرناً مفكراً يتقبل الآخر ويقبل الاختلاف.


إن التركيز على جعل الطفل عضواً في المجتمع لقي اهتماماً أكثر من المدرسة على حساب خلق طفل مفكر، واليوم يتحدث الكثيرون عن فشل المدرسة وأن المدرسة هي مكان يسأل فيه المعلم وعلى المتعلم أن يجيب إجابة صحيحة دون تعليق، ودون تفسير، علماً أن الأطفال لا يتعلمون بمجرد الدخول إلى الصف والاستماع إلى المعلم وتدوين الملاحظات، بل يتعلمون عندما يشاركون ويتفاعلون ويناقشون ويحاورون ويكتبون.


هناك تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة لم تأخذها المدرسة باعتبارها، منها:

- التحول من التركيز على المعلم إلى المتعلم.

- التحول من التلقين والتلقيم والتكديس والتقديس والتخزين إلى أساليب أكثر تحفيزاً ومرونة وتنوعاً.

- التحول من حفظ المعلومة واقتنائها إلى التفكير في المعلومة وإعادة صياغتها.

- التحول من بيئة يسودها الملل والقهر والتوتر والخوف والكراهية إلى بيئة متنوعة مرنة جذابة شيقة آمنة.

- التحول من الكتاب إلى مصادر متنوعة، لأن الكتاب الذي لا يناقش يفقد قيمته.


إن الطريقة المتبعة حالياً، حيث يقف المعلم أمام 35 متعلماً محاولاً أن يعطي الجميع نفس الشيء في نفس الوقت، ونفس المكان، ونفس الطريقة، ويعرض على الجميع الشيء نفسه من دون أي تعليق أو نقاش ومن دون الأخذ في الاعتبار أن ما يناسب فرداً قد لا يناسب فرداً آخر، ويرى بعض التربويين أن المدرسة لا تعلم سوى الكلمات، دون التطرق إلى ما وراء الكلمات، مع العلم أن نجاح المعلم ومن ورائه المدرسة مرهون بمحبة الطفل للمدرسة والمعلم والكتاب. وهنا يقول أرسطو أن التعليم يكون أفضل إذا كان ممتعاً.

و هناك ثلاثة أسئلة على المدرسة أن تجيب عليها بوضوح وهي:

- أين تريد أن تأخذ الأطفال؟ أي ماذا تريد أن تخلق منهم؟

- كيف سنأخذ الطلاب إلى هناك؟

-كيف ستعرف أنه وصل؟ أي أن الأطفال حصلوا ما يجب أن يحصلوا عليه.


ليس المقصود إلصاق المسؤولية بما يعانيه التعليم على المدرسة، القصد هو دق ناقوس الخطر والتنبيه إلى نتائج القصور التربوي على مستقبل الأطفال، لأن مدرسة القرن الواحد والعشرين ليست المدرسة التي كانت في القرن العشرين، ومن يراقب الطلاب أثناء خروجهم من المدرسة، بوجوه فرحة مبسوطة، وتمزيقهم الكتب، وأصواتهم العالية، وتدافعهم وكأنهم خارجين من سجن بعد الإفراج عنهم.


المدرسة التي نريد


مدارس لا تضع أسواراً حول عقل المتعلم، مدارس تؤكد على الشراكة بين المعلم والمتعلم، مدارس لا تعتبر كثرة السؤال وحب الاستطلاع وقاحة، مدارس تقنع المتعلم أن القمة تتسع للجميع، مدارس تحضر الأطفال لزمان غير زمانهم، مدارس لا يوجد فيها قياس واحد للجميع، مدارس لا يكون المعلم فيها عبداً لطريقة واحدة، مدارس يكون المعلم فيها صديقاً للمتعلم، مدارس تركز على تعليم مهارات العصر، مدارس بعيدة عن لغة التهديد والتوتر والقهر والملل والروتين، مدارس تتوقع النهايات وطبيعة النهايات التي يريد أن يحققها المتعلم، مدارس تنزع الخوف من التغيير والتجديد والفشل، لأنه لا إبداع ولا تطور مع الخوف، مدارس تعلم المتعلم أن يرى الأمور بطريقة مختلفة، مدارس تغرس مكارم الأخلاق، مدارس ترسخ ثقافة الإبداع، بعيداً عن ثقافة الصمت الصفي والتكرار.


وعندما سئل الطلاب عن أسباب كره المدرسة أجابوا: لأنه لا فائدة من المدرسة، لأن حملة الشهادات في الشوارع بدون عمل، كثرة الواجبات البيتية التي تحرمنا من مشاهدة التلفزيون والموبايل واللعب مع الأصحاب، لأن الجو المدرسي ممل، لأننا نكره قسوة المعلمين، لأن المدرسة ليست ممتعة، نجبر على النوم باكراً لنستيقظ باكراً، سخرية المعلمين من الطلاب، كثرة المشتتات الخارجية في هذا العصر كوسائل التواصل الاجتماعي.


من السلوكيات التي تظهر كراهية الطلاب للمدرسة:


عدم المشاركة في الأنشطة المدرسية، وانتظار نهاية اليوم الدراسي، وعدم الشعور بالانتماء للمدرسة، وإهمال الواجبات المدرسية، وتذمر الطالب من المدرسة، وكثرة الغياب، وعدم تقبل الطالب للمعلم والمدرسة والكتاب.

توصيات تساعد على التغلب على كراهية الطلاب للمدرسة:


التقليل من إصدار الأوامر، اعمل اعمل، لا تعمل لا تعمل و إلا.. التنويع في طرق التدريس، الإكثار من الحوار والمناقشة، الخروج عن الكتاب بنشاطات مختلفة، تقبل آراء الطلاب والاستماع إليهم، تغيير مكان الدرس، كسر الروتين الصفي، الإكثار من المسابقات و النشاطات، تغيير طرق الامتحانات و البحث عن بدائل مختلفة للامتحانات، جعل الجو المدرسي مكاناً ممتعاً، ودياً، آمناً، جذاباً، وشيقاً. لذلك يجب أن يتعاون الجميع لتحسين صورة المدرسة والمعلم والكتاب.


أخيراً، تخيلوا عالماً بلا مدارس، أنا لم أقل عالماً بلا تعليم، بل عالماً بلا مدارس، لأن التعليم فطرة وقدر الإنسان منذ الولادة، ولكن مشكلتنا أننا نربط العلم والتعليم بالمدرسة وأنه بدونها لا يمكن أن يتعلم الإنسان وهنا تكمن المغالطة الكبرى التي وقعنا أسرى لها قرون عديدة. في الواقع أية عملية تعليم هي تعليم ذاتي، لأنه لا توجد أي مدرسة مهما كانت كفاءتها، قادرة على إعطائك تعليماً حقيقياً، وهذا ما قاله بعض المكفرين:


- يقول لويس لامور: ما نتلقاه في المدرسة أشبه برسومات في كتاب تلوين الأطفال، وما عليك إلا أن تلون الفراغات بنفسك.


- كاتبة كندية متخصصة في التعليم: مجتمعنا بحاجة للأشخاص الذين يعرفون كيف يحصلون على المعلومة، لا كيف يتذكرونها، وهؤلاء الذين يستطيعون التكيف مع المتغيرات بطريقة مبدعة، وهذه لا تعلمها المدرسة.

- يقول آينشتاين: التعليم هو ما تبقى في عقولنا بعد أن نكون قد نسينا كل ما تعلمناه في المدرسة.

- يقول اسحق عظيموف: إن التعليم الذاتي هو التعليم المثمر الوحيد على وجه الأرض.

يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي: أكثر من العلم لتعلم وأقلل منه لتحفظ.


وهنا أقول: نحن التربويون، المحاورون، أصحاب اليقظة، أصحاب البوصلة، نصنع البوصلة ولا ننتظرها للزمن التالي.


تخيلوا عالماً بلا مدارس، أنا لم أقل عالماً بلا تعليم، بل عالماً بلا مدارس، لأن التعليم فطرة وقدر الإنسان منذ الولادة، ولكن مشكلتنا أننا نربط العلم والتعليم بالمدرسة وأنه بدونها لا يمكن أن يتعلم الإنسان وهنا تكمن المغالطة الكبرى التي وقعنا أسرى لها قرون عديدة.

دلالات

شارك برأيك

لماذا فشلت المدرسة؟

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 89)