وفقت حركة حماس، في ممارسة التضليل والخداع والتمويه لسنوات أمام أجهزة المخابرات والتكنولوجيا الإسرائيلية المتفوقة، حتى تمكنت من تنفيذ عمليتها المميزة يوم 7 أكتوبر في مناطق 48، ونتائجها الصادمة المذهلة، وإن كانت الأمور لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات.
وأجادت حركة حماس إدارة معركتها السياسية والتفاوضية بذكاء وحنكة، انعكاساً لصمودها على الأرض وفي الميدان.
والتوجه الذي لا يقل أهمية اهتمامها بعدم التصادم مع حركة فتح وسلطتها في رام الله، فالحركة كما صرح عضو قيادتها السياسية في لبنان أيمن شناعة "لا تريد الدخول في سجالات مع السلطة الفلسطينية، أو مع أي طرف فلسطيني يتعارض مع رأيها"، وأكثر من ذلك أوضح أن سبب هذا التوجه وهذا الخيار البائن يعود إلى أنّ "المعركة الآن مع المستعمرة الإسرائيلية، وأن ما بعد حرب غزة، تستطيع الفصائل التفاهم عليه فيما بينها، لحكم القطاع والضفة مع القدس".
كلام مسؤول في اتجاهين جوهريين، الأول عدم التصادم مع الشقيق، ومع الصديق في ظل وجود معركة مع العدو، والثاني أن المعركة مقتصرة على بذل الجهد، والعمل والاهتمام والمواجهة ضد العدو الذي يشنّ حرباً شرسة همجية ضد الشعب، وضد المقاومة في قطاع غزة، إضافة إلى الضفة الفلسطينية ومخيماتها، أي مع الكل الفلسطيني، ولا يستثني أحداً من عدوانه.
معركة المواجهة ضد العدو، وفي كل المعارك الوطنية ضد المحتل الأجنبي لدى كل قوى التحرر، تُعطى لها الأولوية، على أية خلافات، أو اجتهادات، أو بالانحيازات لأولويات، حيث تصغر التعارضات داخل الجسم الوطني الواحد، أمام التناقضات الجوهرية مع العدو الأجنبي المحتل، ولهذا يجب أن ترتقي فعلاً كافة فصائل العمل السياسي والكفاحي الفلسطيني في مواقفها باتجاه القواسم المشتركة، وقواعد العمل الائتلافية، وتأجيل أي خلافات إلى ما بعد هزيمة العدو وتحرير الوطن، والاحتكام من ثم إلى صناديق الاقتراع، في اختيار شكل السلطة، ومضمونها وقياداتها.
لقد سجّل الرئيس الراحل ياسر عرفات قدرته، ليس فقط عبر حركة فتح، بالانحياز للقضايا الوطنية والهوية والمنظمة، باعتبارها الممثل الوحيد الائتلافي لمجموع الفصائل والشخصيات، ولكنه كان الأحرص على الحفاظ على تماسك المنظمة، وجبهته الداخلية مع الشعبية، والديمقراطية، والبعثيين، والشيوعيين، والتحرير الفلسطينية، ولا يترك أحداً يُغرد خارج سرب منظمة التحرير، مهما تواضع شأنه، لأنه كان يدرك أن عدوه متفوق وذو قدرة، ولذلك عمل أبو عمار على توسيع جبهة تحالفاته مع الأشقاء والأصدقاء وكافة شركاء المصلحة، ضد العدو الوطني والقومي والديني والإنساني.
قد نختلف مع حماس، أشخاصاً وأنظمة وأحزاباً وفصائل، ولكن من يرى أن العدو هو واحد، وهو الذي يحتل كامل أرض فلسطين، إضافة إلى الأراضي السورية واللبنانية، عليه البحث عن القواسم المشتركة، وتذليل العقبات والصعوبات والخلافات، حتى نكون جميعاً في الخندق الداعم لفلسطين وشعبها ومستقبلها، نحو العودة والحرية والكرامة، ونحن في الأردن نموذج في هذا التوجه، ونحو هذا الخيار، ونحن لا نستطيع إلا أن نكون كذلك، والتحركات السياسية الأردنية الرسمية والشعبية تؤكد ذلك وتفهمه وتعيه.
........
لقد سجّل الرئيس الراحل ياسر عرفات قدرته، ليس فقط عبر حركة فتح، بالانحياز للقضايا الوطنية والهوية والمنظمة، باعتبارها الممثل الوحيد الائتلافي لمجموع الفصائل والشخصيات، ولكنه كان الأحرص على الحفاظ على تماسك المنظمة، وجبهته الداخلية.
شارك برأيك
الأولوية لمواجهة الاحتلال