Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 15 يوليو 2024 9:39 صباحًا - بتوقيت القدس

ما الذي يوجد وراء المذبحة!؟

تلخيص

المذابح وكما تضع النهايات فهي تضع البدايات أيضاً. تعيد تعريف الأشياء من جديد، تعريف الاعتدال، والتواضع، والاعتبار أو حتى الشعور بالمشاركة أو التسوية، فالمذبحة تسقط أجمل ما في الإنسان؛ تسقط الرحمة والاعتراف بالآخرين، والقدرة على احتمالهم. المذبحة بهذا المفهوم ارتماء في العبث واللاجدوى واللامعنى، وهي نكران وكفر بإمكانية الاستمرار والتواصل. المذبحة عناق مميت لليأس والإحباط، وكأنها تدفع إلى مناطق جديدة من الوعي أو اللاوعي على حد سواء. المذبحة نهاية حقاً لما قبلها، وبداية لما سيأتي بعدها، واضحا،ً وحاسماً، ومخيفاً أيضاً.


وباستقراء المذابح التي ارتكبت في كثير من بقاع العالم، نفاجأ بأن المذبحة ثبّتت ما أرادت أن تنهيه أو تنفيه، وكأن الدم المسفوك، كان حبر التوقيع على وثيقة عهد آخر وجديد. المذبحة ورغم هولها لم تستطع أن تنتصر، والمذبحة لم تستطع أن تضيف شيئاً سوى الألم الذي لا ولن ينسى، ألم يتحول بفعل الزمن والقداسة إلى أسماء، وأشعار، وأماكن، وبنايات، وأسطورة تتدحرج من قلب إلى قلب إلى أبد الآبدين.


المذبوحون لا يموتون، إنهم يتركون أحلامهم المغدورة، "وتحويشة العمر"، وشجرة الكرمة في صحن الدار للريح التي ستنقل حكاياتهم إلى الأجيال القادمة، وستظل عيونهم المليئة بالفزع تخترق قلوب ذبّاحيهم حتى يضطر هؤلاء إلى الانفجار للتخلص من ثقل الذنب وفداحة الدم.


ليس هناك من مذبحة تزول، وليس هناك من مذبحة لا تتحول إلى مَعلم من معالم الطريق، والذاكرة، والوجدان، فالضحية تملك قوىً أيضاً، وتملك أدواتها الفاعلة للنجاة والانتشار، الضحية قد تكون مرتبكة، وعاطفية، وكثيرة الصراخ، وغير مقنعة، ولا تجيد العلاقات العامة، ولكنها تمتلك أيضاً قوتها النابعة من ضعفها، واستسلامها، وجلدها، وقدرتها على التجاوز، والتكامل، والتجلي، والتحلي بآخر ما يمكن للإنسان أن يتمسك به ليكون انساناً، ولذلك فإن المذبحة تنجينا، وتنظفنا، وتغسلنا من الأدران والعيوب. هل كانت المذبحة ضرورية ليرى الإنسان كم هي رديئة خياراته، وكم هي ضيقة آفاقه، وكم هي أنانية رؤاه واعتباراته؟


وهل يمكن للمذبحة أن تكون هي الحل اذاً؟ الحل للصراع مهما كانت أسبابه ودواعيه ؟


وهل يمكن أن تشكل المذبحة الرادع والمعيار من جهة، والسقف الأكثر جنوناً للسلوك البشري من جهة أخرى ؟!
قد نختلف على الإجابات، فمن قائل أن المذبحة تتكرر عبر التاريخ، وأن حضارات الماضي وحضارات اليوم قامت على مذابح ومجازر، كما يقول الناقد الشهير تودوروف، وأن الفرق بين مذابح اليوم والأمس هو تغيير القرابين أو اختلافها، ومن قائل أن المذبحة هي الطريق المضمون إلى الخسران الكامل والنبذ العالمي الواسع، كما رأينا ذلك في أنظمة نازية، وشوفينية، وشاملة، ودكتاتورية، فالعالم لا يحتمل المذابح ولا مرتكبيها، وسرعان ما يتم نبذهم أو محاصرتهم أو إدانتهم.


وبغض النظر عن هذا الجدل وأهميته السياسة والفكرية، إلا أنه في حالتنا وفي منطقتنا، فإن المذبحة بغض النظر عن مرتكبها، ستقوده حتماً إلى الحصار والنبذ والانفجار. المذابح تصنع التاريخ حقاً، فإذا كان الألم هو القاسم المشترك بين الذابح والمذبوح، فهذا يعني أن لا ضمان هناك لأحد.

.......
هل يمكن أن تشكل المذبحة الرادع والمعيار من جهة، والسقف الأكثر جنوناً للسلوك البشري من جهة أخرى ؟!

دلالات

شارك برأيك

ما الذي يوجد وراء المذبحة!؟

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 89)