أقلام وأراء

الأحد 02 يونيو 2024 10:07 صباحًا - بتوقيت القدس

استثمار بيانات التواصل الاجتماعي: كيف تُحول تقنيات الذكاء الاصطناعي تفاعلاتك إلى رؤى مستقبلية؟

تلخيص

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أحد أهم مصادر جمع البيانات في العصر الحديث، حيث يتفاعل المستخدمون يومياً مع هذه المنصات من خلال نشر المعلومات الشخصية، الإعجابات، التعليقات، والمشاركات. هذا الكم الهائل من البيانات يفتح المجال أمام الشركات لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليلها واستثمارها في تحسين استراتيجياتها التسويقية وتطوير منتجاتها.
في هذا المقال، سنتناول كيفية جمع هذه البيانات، تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تحليلها، التطبيقات العملية، والتحديات المرتبطة بهذا المجال، مع أمثلة وتحديثات حديثة.

جمع البيانات من منصات التواصل الاجتماعي..

تُعد عملية جمع البيانات من منصات التواصل الاجتماعي واحدة من أهم الأنشطة التي تقوم بها هذه المنصات لتحقيق مجموعة من الأهداف، بدءًا من تحسين تجربة المستخدم، وصولًا إلى تزويد الشركات بالمعلومات اللازمة لتطوير استراتيجياتها التسويقية. تعتمد هذه العملية على تقنيات متقدمة تتيح جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات بطرق دقيقة وفعالة. سيتم تناول أنواع البيانات التي يتم جمعها، وهي البيانات الديموغرافية، السلوكية، التفاعلية، والمرئية.

أنواع البيانات التي يتم جمعها..

1. البيانات الديموغرافية: تشمل البيانات الديموغرافية معلومات حول الخصائص الشخصية للمستخدمين، وتعتبر من بين أهم أنواع البيانات التي يتم جمعها. تشمل هذه البيانات:
• العمر: تساعد معرفة عمر المستخدمين في تحديد الفئات العمرية المستهدفة بشكل أدق.
• الجنس: تستخدم لتطوير محتوى وإعلانات مخصصة تلائم تفضيلات كل جنس.
• الموقع الجغرافي: يساعد في فهم توزيع المستخدمين جغرافيًا وتقديم خدمات مخصصة وفقًا للموقع.
• اللغة: تتيح تحديد اللغة المفضلة للمستخدمين لتقديم محتوى يتوافق مع اللغة والثقافة المحلية.
2. البيانات السلوكية: تعبر البيانات السلوكية عن كيفية تفاعل المستخدمين مع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وتشمل:
• أنماط التفاعل مع المحتوى: مثل الإعجابات، التعليقات، المشاركات، والتي تعكس مدى تفاعل المستخدمين مع المحتوى.
• عدد الإعجابات: يمكن أن يشير إلى مدى شعبية منشور معين أو موضوع ما.
• التعليقات: توفر تعليقات المستخدمين معلومات قيمة حول آرائهم ومشاعرهم تجاه المحتوى.
• المشاركات: تُظهر مدى انتشار المحتوى وتأثيره على المستخدمين الآخرين.
• الوقت المستغرق في مشاهدة المحتوى: يعكس مدى اهتمام المستخدمين بالمحتوى المعروض.
3. البيانات التفاعلية: تشمل البيانات التفاعلية التفاعلات المباشرة بين المستخدمين أو بين المستخدمين والمنصة، مثل:
• المحادثات: سواء كانت عامة أو خاصة، توفر معلومات عن المواضيع التي تهم المستخدمين.
• الرسائل: تعكس العلاقات بين المستخدمين ويمكن أن تحتوي على معلومات شخصية أو تجارية.
• التفاعلات مع الإعلانات: مثل النقرات على الإعلانات، والتي تساعد في فهم تأثير الإعلانات ومدى فعاليتها.
4. البيانات المرئية: تتضمن البيانات المرئية الصور والفيديوهات التي يشاركها المستخدمون، وتشمل:
• الصور: يمكن أن تكشف الصور التي يشاركها المستخدمون عن اهتماماتهم، هواياتهم، وأحداث حياتهم.
• الفيديوهات: توفر الفيديوهات معلومات أكثر تفصيلًا عن المستخدمين وأنشطتهم.
• تحليل الصور والفيديوهات: تستخدم تقنيات التعرف على الصور والفيديوهات لاستخراج معلومات محددة مثل الوجوه، الأماكن، والأشياء الموجودة في الصور والفيديوهات.

آليات جمع البيانات..

تستخدم منصات التواصل الاجتماعي عدة آليات وتقنيات لجمع البيانات، منها:
• الكوكيز (Cookies): تتبع نشاط المستخدمين عبر المواقع المختلفة لتجميع البيانات حول تفضيلاتهم وسلوكهم.
• بيانات الأجهزة (Device Data): تشمل معلومات عن الأجهزة المستخدمة مثل الموقع الجغرافي، ونوع الجهاز، ونظام التشغيل.
• تحليل النصوص (Text Analysis): استخراج المعلومات من النصوص المنشورة على المنصات باستخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP).

أهمية جمع البيانات..

تساعد البيانات التي يتم جمعها من منصات التواصل الاجتماعي الشركات في تحقيق عدة أهداف:
• تحسين استراتيجيات التسويق: من خلال فهم أعمق للجمهور المستهدف وتصميم حملات إعلانية مخصصة.
• تطوير منتجات وخدمات جديدة: بناءً على اهتمامات واحتياجات المستخدمين.
• إدارة العلاقات العامة والسمعة: من خلال مراقبة المحادثات والتفاعلات التي تتم حول العلامة التجارية.

استثمار البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي..

تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تحليل البيانات: تستخدم الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المستخلصة من منصات التواصل الاجتماعي بطرق متقدمة، مما يمكنها من فهم سلوك المستخدمين وتوجيه استراتيجياتها بشكل أكثر فعالية. فيما يلي نظرة تفصيلية على بعض التقنيات الرئيسية المستخدمة في هذا المجال:
1. التعلم الآلي (Machine Learning):
المفهوم:
التعلم الآلي هو أحد فروع الذكاء الاصطناعي الذي يركز على تطوير خوارزميات قادرة على التعلم من البيانات وتحسين أدائها بمرور الوقت دون الحاجة إلى برمجة صريحة لكل خطوة. يعتمد التعلم الآلي على تحليل البيانات السابقة لبناء نماذج تتنبأ بالسلوك المستقبلي.
التطبيقات:
• التوصيات المخصصة: تستخدم خوارزميات التعلم الآلي لتقديم توصيات مخصصة للمستخدمين بناءً على سلوكهم السابق. على سبيل المثال، تعتمد منصات مثل أمازون ونتفليكس على هذه التقنية لتقديم توصيات للمنتجات والأفلام.
• التنبؤ بالاحتياجات: تساعد النماذج التنبؤية في تحديد احتياجات المستخدمين المستقبلية وتقديم عروض وخدمات مخصصة.
التقنيات:
• التعلم تحت الإشراف (Supervised Learning): يتم تدريب النموذج باستخدام بيانات تحتوي على المدخلات والمخرجات الصحيحة.
• التعلم غير الخاضع للإشراف (Unsupervised Learning): يتم تدريب النموذج باستخدام بيانات لا تحتوي على المخرجات الصحيحة، بهدف اكتشاف الأنماط الخفية.
•التعلم التعزيزي (Reinforcement Learning): يتعلم النموذج من خلال التفاعل مع البيئة وتحقيق الأهداف عن طريق التجربة والخطأ.
2. تحليل المشاعر (Sentiment Analysis):
المفهوم:
تحليل المشاعر هو عملية استخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) لتحليل النصوص وتحديد المشاعر التي يعبر عنها المستخدمون، سواء كانت إيجابية، سلبية، أو محايدة.
التطبيقات
• مراقبة السمعة: يمكن للشركات استخدام تحليل المشاعر لمراقبة ما يقوله الناس عن علامتها التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل مع التعليقات السلبية بشكل سريع.
• تقييم المنتجات: تحليل التعليقات والمراجعات لتحديد رضا العملاء وتقديم تحسينات مستمرة.
التقنيات
• تحليل النصوص: استخدام خوارزميات NLP لتحليل النصوص وتقسيمها إلى وحدات أصغر مثل الكلمات والجمل.
• النمذجة العاطفية: بناء نماذج تصنيفية لتحديد المشاعر بناءً على الكلمات والتعابير المستخدمة في النصوص.
3. معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing)
المفهوم
معالجة اللغة الطبيعية هي فرع من الذكاء الاصطناعي الذي يركز على تفاعل الحواسيب مع اللغة البشرية بشكل طبيعي. تهدف هذه التقنية إلى تمكين الحواسيب من فهم النصوص المكتوبة والمسموعة بنفس الطريقة التي يفهمها بها الإنسان.
التطبيقات
•البحث الذكي: تحسين نتائج البحث على منصات التواصل الاجتماعي من خلال فهم المعنى الحقيقي لاستفسارات المستخدمين.
•التفاعل الآلي: استخدام برامج الدردشة الآلية (Chatbots) لتقديم دعم العملاء والإجابة على استفساراتهم بشكل فوري.
التقنيات:
•تحليل النصوص: تقنيات لتحليل الجمل وفهم تركيبها النحوي.
•فهم المعنى: نماذج لتحليل السياق وفهم المعنى العميق للنصوص.
•توليد اللغة: نماذج قادرة على توليد نصوص جديدة بناءً على المدخلات المقدمة.
4. التعرف على الصور والفيديو (Image and Video Recognition)
المفهوم:
التعرف على الصور والفيديو هو مجال يركز على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمعالجة وتحليل الصور والفيديوهات لاستخراج المعلومات ذات الصلة. تشمل هذه التقنية التعرف على الوجوه، الكائنات، الأحداث، والمشاهد.
التطبيقات:
• تحليل المحتوى المرئي: تستخدم هذه التقنية لتحليل الصور والفيديوهات التي ينشرها المستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يساعد في فهم اهتماماتهم وسلوكهم.
• الأمان والمراقبة: التعرف على الوجوه والمشاهد لاستخدامها في تطبيقات الأمان والمراقبة.
التقنيات
• الشبكات العصبية العميقة (Deep Neural Networks): تستخدم لبناء نماذج معقدة قادرة على التعرف على الأنماط في البيانات المرئية.
• التعلم العميق (Deep Learning): يعتمد على بناء طبقات متعددة من الشبكات العصبية لتحليل الصور والفيديوهات بشكل دقيق.
• التعرف على الوجوه: تقنيات للتعرف على هوية الأشخاص من خلال تحليل ملامح الوجه.

تطبيقات عملية

تحسين استراتيجيات التسويق: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل تفاعلات المستخدمين لتحديد الفئات المستهدفة وتخصيص الإعلانات. على سبيل المثال:
• فيسبوك: يستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المستخدمين وتحديد الإعلانات المناسبة لكل فرد.
• إنستغرام: يعتمد على تقنيات التعلم الآلي لتقديم إعلانات مبنية على تفضيلات المستخدمين وسلوكهم السابق.

تطوير منتجات وخدمات جديدة..

من خلال تحليل التغذية الراجعة من المستخدمين وتحديد الاتجاهات الجديدة في السوق، تستطيع الشركات:
• نتفليكس: تحليل بيانات المشاهدة لتقديم توصيات مخصصة للمستخدمين، مما يزيد من نسبة المشاهدة والاحتفاظ بالمشتركين.
• أمازون: استخدام خوارزميات التوصية لتقديم منتجات مخصصة لكل مستخدم بناءً على تاريخه الشرائي وسلوكه التصفحي.

إدارة السمعة والعلاقات العامة..

تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي واكتشاف الأحاديث السلبية أو الشكاوى المتعلقة بمنتجاتها، مثل:
• أدوات مراقبة العلامة التجارية: مثل Brandwatch وSprinklr التي تعتمد على تحليل البيانات لتتبع كيف يتحدث الناس عن الشركة ومنتجاتها.

التحديثات الحديثة للمنصات..
فيسبوك:
في السنوات الأخيرة، قام فيسبوك بتحديث خوارزمياته لتقديم تجربة أكثر تخصيصًا للمستخدمين، مما يشمل تحسينات في كيفية عرض الأخبار والإعلانات بناءً على تفاعلات المستخدمين.
تويتر:
أطلقت تويتر أدوات جديدة لتحليل التغريدات بشكل أعمق، مما يساعد الشركات في فهم توجهات المستخدمين ومشاعرهم بشكل أفضل. كما تعمل تويتر على تحسين قدراتها في التعرف على الصور والفيديوهات لتقديم محتوى مخصص.
إنستغرام
حسنت إنستغرام من خوارزمياتها لتقديم إعلانات ومنشورات مقترحة بناءً على تفاعل المستخدمين مع المحتوى. تستخدم المنصة الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور والفيديوهات لتقديم تجربة مستخدم أكثر جاذبية.

التحديات والاعتبارات..

حماية الخصوصية: يعتبر احترام خصوصية المستخدمين من أكبر التحديات التي تواجه الشركات، حيث يتطلب استخدام البيانات الالتزام بالقوانين واللوائح مثل القانون العام لحماية البيانات (GDPR). يتعين على الشركات:
• ضمان الشفافية: إبلاغ المستخدمين بكيفية جمع بياناتهم واستخدامها.
• تقديم الخيارات: منح المستخدمين القدرة على التحكم في بياناتهم واختيار ما إذا كانوا يرغبون في مشاركة معلوماتهم.

الأخلاقيات والاستخدام المسؤول..

ينبغي على الشركات استخدام البيانات بطرق أخلاقية وعدم استغلالها للإضرار بالمستخدمين. من المهم:
• تجنب التمييز: التأكد من أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي لا تتسبب في تمييز غير عادل بين المستخدمين.
• التحقق من الصحة: ضمان دقة البيانات والتحليلات الناتجة عنها.

مصير المعلومات التي يضعها المستخدم..

إن مصير المعلومات التي يشاركها المستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي في ظل التطورات التكنولوجية الحالية لا ينتهي عند حد المشاركة. بل إن هذه المعلومات تصبح جزءًا من عملية معقدة وشاملة لتحليل البيانات بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يفتح آفاقًا واسعة لاستخدامها بطرق متعددة ومبتكرة. فالبيانات التي يشاركها المستخدم تصبح أدوات قيمة تساعد الشركات على تحسين منتجاتها، تخصيص خدماتها، وتقديم تجارب أكثر توافقًا مع احتياجات ورغبات المستخدمين.
بدلاً من الاستخفاف بالتكنولوجيا الجديدة، يجب أن ندرك أنها تمثل خطوة هامة نحو تحقيق تواصل أكثر فعالية وفهم أعمق للسوق والجمهور المستهدف. تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تقدم فرصًا غير مسبوقة لتطوير حلول مخصصة ومبتكرة تستفيد من المعلومات التي يقدمها المستخدمون بشكل طوعي، مما يعود بالنفع على كل من الشركات والمستهلكين على حد سواء.
بالتالي، يمكن القول إن المعلومات التي يضعها المستخدم ليست مجرد بيانات عابرة، بل هي حجر الأساس لعصر جديد من التفاعل الذكي والتحليل المتقدم الذي يعيد تشكيل معالم التواصل الاجتماعي والتجارب الشخصية.

دلالات

شارك برأيك

استثمار بيانات التواصل الاجتماعي: كيف تُحول تقنيات الذكاء الاصطناعي تفاعلاتك إلى رؤى مستقبلية؟

المزيد في أقلام وأراء

إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع

حديث القدس

اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟

سماح خليفة

حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة

سري القدوة

لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة

راسم عبيدات

حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟

علاء كنعان

ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟

د. أسعد عبد الرحمن

التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن

جواد العناني

متى يرضخ نتنياهو؟

حديث القدس

سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة

بهاء رحال

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024

كريستين حنا نصر

الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين

سري القدوة

المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات

وسام رفيدي

مبادرة مروان المعشر

حمادة فراعنة

سجل الإبادة الجماعية

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة

حديث القدس

المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة

المتوكل طه

عواقب خيارات نوفمبر

جيمس زغبي

النكبة الثانية والتوطين المقبل

سامى مشعشع

They will massacre you

ابراهيم ملحم

شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%20

%80

(مجموع المصوتين 523)