Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 23 أبريل 2024 9:15 صباحًا - بتوقيت القدس

مخيم "نور شمس" وإعادة تدوير الموت عنقاء ستنهض من رمادها

تلخيص

ماذا يعني المخيم؟ أشخاصًا فقدوا أرضهم، وهُجّروا من أوطانهم، ولجؤوا قسرًا إلى أماكن أخرى، ‏وأقاموا في تجمعات. ولماذا تغيظ المخيمات الاحتلال لهذه الدرجة؟ لماذا شبح المخيم يتلبّس ‏رؤوسهم، ويعصف بأفكارهم؟ لماذا لا يغمض لهم جفن إلا واقتحموا المخيم بين الفينة والأخرى، ‏وأرّقوا ساكنيه كلما هدؤوا طرفة عين، وقتلوا أصحابه، واعتقلوا رجاله، ودمّروا بنيته التحتية...؟


في مفهوم المحتل: المخيم هو مقبرة جماعية، هو أشخاص ميتون، أبيدوا وعذّبوا وهجروا حفاة ‏عراة جياعًا، لا مقومات للحياة، وهذه هي الصورة التي يحرص على رؤيتها المحتل كلما دخل ‏المخيم، أمواتًا، أشباحًا، ظلالًا، ولكن ما يجده في كل مرة عكس ذلك تمامًا.‏


‏ في مفهوم الفلسطيني: المخيم يعني هناك تطلّع لعودة المكان، عودة الأرض، عودة الوطن، هو ‏حياة ولدت من رحم الموت، المخيم ينبض بالحياة، المخيم أشخاص بعثوا من رماد الفناء، إذن ‏هم أساطير، وعلى المحتل القضاء على تلك الأساطير بقدراتها الخارقة، فكيف يعيدون تدوير ‏موت الفلسطيني المهجّر، النازح؛ ليلقى موتًا بمواصفات أعمق وأكثر جودة؟


مخيم "نور شمس"، اسم لا يرتقي لرتبة الموت المدوّر، فهو يحمل أسطورة المعتقل "نور شمس" ‏الذي استخدمه الإنجليز منذ احتلالهم لفلسطين عام 1919م؛ لسجن أصحاب الأحكام القاسية ‏ممن حكم عليهم بالإعدام أو السجن مدى الحياة. "إعدام"، "سجن مدى الحياة"، بلغة أخرى هو ‏الموت الذي ظل يلد الحياة طيلة مئة وخمس سنوات، كانت احتمالية موته عام 1951م قائمة، ‏فإذا لم ينل منهم الرصاص، ولم تنل منهم الشمس الحارقة، ستنال منهم العاصفة الثلجية التي ‏أطاحت بمخيم اللاجئين في سهل جنزور بالقرب من مدينة جنين، لكن ذلك لم يحدث، إنما ‏ولدت حياة جديدة من رحم الموت الذي أعياه صدورهم، أنفسهم، عندما نقلتهم وكالة الغوث إلى ‏شرق طولكرم في مخيم جعل اسمه وشمًا في خدّ الشمس؛ ليرشف نورها، فكان "نور شمس".‏


من هنا فإن المخيم هو تدوير للحياة في لغة الفلسطيني وفكره، فهل تكفي تلك المدة التي طرّزت ‏على جبينه؛ لتخلق أسطورة تؤرق المحتل ليل نهار؟ هل تكفي مئة وخمس سنوات لتولد عنقاء ‏جديدة تحلّق في سماء المحتل؛ فتنفث ناره في صدره؟ ‏


‏"نور شمس" بوجهه المشرق المكشوف طوال النهار لأشعة الشمس، تلك التي ظنها المحتل تلسع ‏أجساد المعتقلين في موسم الحر، لكنه لم يعلم أنها كانت تعيد خلقهم من جديد، تعيد تدوير ‏الحياة في أرواحهم من جديد.‏


هل أثلجت مجزرة "نور شمس" صدور وحوش الاحتلال المتكالبة على أجساد أبطاله؟ هل ‏استطاع أن يجتثّ قلب المخيم النابض، الذي أزعج أحلامهم بكوابيس الصمود والحياة؟ ‏


مجزرة "نور شمس" ليست إلا جزءًا من عملية كبيرة في الضفة تسير على قدم وساق، هي إعادة ‏تدوير لعملية "السور الواقي" في 2002م، لكن بتقنيات أعلى؛ لتنتج موتًا بجودة أعلى من ‏سابقتها، بفنّيّة وحرفيّة أعلى في القتل والتنكيل والتدمير، هي نموذج لما حدث في غزة وما زال ‏يحدث بوحشيّته الكبرى، من قتل، واعتقال، واحتجاز جثامين، وصواريخ "أنجيرا" تفجر قلب كل ‏بيت في المخيم احتضن أبناءه وكلماتهم وابتساماتهم وأحلامهم وذاكرتهم العصيّة على المسح.‏


لا رؤية واضحة لدى إسرائيل في استراتيجياتها، فهي تتخبط في حربها على غزة، وفي اجتياح ‏المخيمات، وما حدث في مخيم نور شمس وما سبقه من اجتياح لمخيم جنين في 3 تموز ‏الماضي ليس إلا دليلًا على فشل إسرائيل في السيطرة على روح شعب لا تقهر ولا تموت. حرب ‏دمار شامل تهدف لاجتثاث المخيّمَين ضمن مخطط لاقتلاع معظم مخيمات اللاجئين في ‏الضفة الغربية كما في قطاع غزة، لكن هيهات لهم! لا يمكن لمحتل لا يحمل ذاكرة في الأرض ‏التي يطؤها، أن ينجح في قتل ذاكرة مخيم تجذّرت في أعماق الزمن، ولا حتى صهرها، أو ‏تدويرها، أو هندستها، أو اجتثاثها! ‏

دلالات

شارك برأيك

مخيم "نور شمس" وإعادة تدوير الموت عنقاء ستنهض من رمادها

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 80)