أقلام وأراء
الإثنين 26 فبراير 2024 9:56 صباحًا - بتوقيت القدس
آلام الحرب والتعامل معها
{ولا تهنوا في ابتغاء الْقوم إن تكونوا تأْلمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله علیمًا حكیمًا} [سورة النساء:104]
نزلت هذه الآية الكريمة في ظروف مرّ بها المسلمون، وهم في حالة الهجوم في ابتغاء القوم. وقد ألموا ألمًا شديدًا من محنة القتال.
ولكي لا يقودهم ألمُهم إلى ضعفٍ ويأس، سارعت الآية لتبيّن لهم عبر تقديرٍ صحيحٍ للموقف، أن عدوّهم يألم كما يألمون، أي بما يؤدي به إلى الضعف والوهن واليأس. ثم لتذكرهم الآية، بأنهم يرجون من الله ما لا يرجو عدوّهم. بما يشير إلى أن ميزان القوى في مصلحتهم، وفي غير مصلحة عدوّهم.
وبهذا أصبحت الحربُ بين “الفريقين”، صبر ساعة، من يصرخ أولًا من الألم واليأس. وهو ما ينتظر عدوّهم، فيما تصبر المقاومة أعظم من صبرهم، وتزيد من رجائها الذي لا يرجون مثله.
قتل وتدمير
الحرب العدوانية التي يشنها الاحتلال على غزة مؤلمة أشدّ الألم، بالنسبة إلى أهل غزة ومقاوميها وقادتهم. وعلى التحديد، بسبب القتل الجماعي للمدنيين، والتدمير شبه الكامل للأحياء السكنية. مع تصميم قوي على مواصلة هذا التقتيل، وذاك الدمار من قِبَل نتنياهو وشركائه، كما ببقاء الدعم له من قِبَل أميركا، والتي تضغط عليه، في الوقت نفسه، باتفاق الهدنة المصوغ في باريس.
ولكن أُعيدَ للتداول، بعد التعديلات القويّة من جانب قيادة القسّام وسرايا القدس، والمقاومة في غزة وخارجها.
وجاء قرار نتنياهو متوعدًا باستمرار العدوان والتركيز على قتل المدنيين ومواصلة التدمير، بل وتمديدها بفتح جبهة رفح. الأمر الذي يعني مواصلة ما يؤلم أشدّ الألم. وذلك بسبب القتل الجماعي للمدنيين، وتدمير المنازل السكنية والمؤسسات والمستشفيات.
الأمر الذي يوجب على المقاومة وقادتها، والشعب داخل غزة وخارجها، على المستوى الفلسطيني، أن يهتدوا بالآية الكريمة أعلاه، بألا يسمحوا للتهويل بألمهم، من دون أن يتأكدوا أن العدو يتألم كما يألمون، بل وأشدّ.
والآن كيف نقرأ الواقع المعطى، بأن الاحتلال يألم بأكثر مما نألم؟، ولسوف يصرخ أولًا ويُهزم، ويقرّ بهزيمته في لحظة قادمة لا محالة، إن شاء الله.
صمود
أولًا: إن البُعد الأهم الذي سيقرر مصير هذه الحرب يتجسّد في الحرب البريّة الدائرة في ميدان المواجهة العسكرية. وقد أكدت الأشهر الأربعة الماضية حتى اليوم، أن يد المقاومة هي العليا في هذه الحرب، طوال 139 يومًا (ساعة بساعة على التتالي).
ثانيًا: الحرب الوحشية الإبادية الموجّهة ضد المدنيين والعمران لم تستطع أن تحقق هدفها بتركيع المقاومة والشعب أمام هوْل مجزرة مستمرة على مدار الساعة، وطوال ما يقارب الخمسة أشهر، بلا توقف. بل مع تصميم معلن بالاستمرار فيها من قِبَل نتنياهو، وبتغطية مفضوحة، من قِبَل بايدن، من خلال المطالبة “برعاية المدنيين”، وليس وقفها.
على أن نتائج هذه الحرب الإبادية، عادت بأسوأ سمعة على الاحتلال باعتباره مجرم حرب، ومجرم إبادة، ومجرم تدمير شامل، مما أدى إلى أن تسوء وجوه قادة الكيان ومستوطنيه. وهذا تدمير لسمعته ولمستقبله في فلسطين والمِنطقة والعالم.
وهذا كله مربك ومخسر للاحتلال، وأخطر إستراتيجيًا عليه، مما يسبّبه من ألمٍ لنا. لأنه ألمٌ مفروضٌ علينا من جهة، وقتلانا فيه شهداء وجرحانا مأجورون، ويرجون الشفاء.
ثالثًا: علاقات الاحتلال بدول العالم حتى الدول الحليفة والصديقة تقف ضدّه في المطالبة بوقف المجزرة، ووقف إطلاق النار. فالعزلة السياسية أشدّ إيلامًا وإضعافًا للعدوّ، مما يصيب المقاومة والشعب الفلسطيني من ألم، حين لا تصل الضغوط على الاحتلال، إلى حدّ إجباره على وقف جريمته. وذلك لأن عزلته ستسهم في النهاية، في إجباره على هدنة لا يرضاها، أو وقف إطلاق نار، يعلن هزيمته أمام غزة، مقاومةً وشعبًا.
آلام وهزيمة
رابعًا: إن التظاهرات والاحتجاجات التي عبّر عنها الرأي العام العالمي، وخصوصًا في أميركا وأوروبا، أصبحت قوّة ضاغطة عليه، وعلى إدارة بايدن. وهو ما عمّق تناقضًا في الموقف الذي يزيد الاحتلال ألمًا سياسيًا، وتناقضات داخلية حتى في داخل الاحتلال نفسه. وذلك سواء على مستوى الضغط لإنجاز صفقة تبادل أسرى، أم الإطاحة بحكومة نتنياهو، السائرة بالاحتلال نحو دمار من خلال مواصلة حرب، ذات خسائر فادحة بالنسبة إليه، أو عبثية من ناحية عسكرية، حيث لن يستطيع إحراز نصر عسكري على المقاومة، كما أثبتت التجربة طوال أربعة أشهر.
خامسًا: انتقاله لفتح جبهة رفح سيزيد من تناقضاته الداخلية والخارجية، ويؤزّم علاقته بمصر، ولن يفيد منها شيئًا، عدا استمراره بالقتال، وبقتل المدنيين، وهدم البيوت، وتخريب ما تبقى من مستشفيات. فضلًا عن خسائر الجيش في ميدان القتال في قطاع غزة.
وهنا أيضًا يجب اعتبار “ألمه” (أسباب هزيمته) أشدّ وطأة عليه من الألم الذي سوف يسببّه لأهل رفح. ناهيك عن المقاومة.
سادسًا: أخذت تتصاعد الضغوط والمواجهات التي يمارسها محور المقاومة، عسكريًا وسياسيًا ومعنويًا، لا سيما في الجبهة المفتوحة من جنوبي لبنان، كما الاشتباك العسكري الأميركيّ- البريطاني مع القوات اليمنية التي راحت تكثف القصف على أم الرشراش، كما قصفت السفن الذاهبة أو المغادرة إلى الاحتلال. طبعًا إلى جانب المقاومة في العراق، والمعركة المفتوحة مع سوريا، والموقف الإيراني الداعم بقوّة للمقاومة في قطاع غزة، والضفة الغربية، ومحور المقاومة عمومًا.
قراءة صحيحة
إن “الألم” العسكري والسياسي والمعنوي الذي يسبّبه محور المقاومة في جبهة الاحتلال الإسرائيلي الامريكي، يفترض أن يوضع في موقع هام عند تقدير الموقف، واحتساب ميزان القوى الذي توجب الآية الكريمة أن يركز على الألم في صفوف الاحتلال، مقابل تحمُّل الألم في صفوف المقاومة.
خلاصة: تؤكد هذه الأبعاد الستة أهمية الآية التي تنصّ على:
“وَلا تهنوا في ابْتغاء الْقوْم إِنْ تكونوا تَألَمون فإنهمْ يَألَمون كَمَا تأْلمون وَترجون من الله ما لا يرْجون”. وذلك من خلال القراءة الصحيحة لميزان القوى بين العدّو وحلفائه من جهة، وبين المقاومة والشعب من جهة ثانية، أثناء استعار الحرب، حيث التفاؤل بالنصر ونبذ التشاؤم، حاسمان في نتائج المعركة، كما بالنسبة لأنصار كل فريق.
إن التركيز على ألم القوّة المسيطرة، والتدقيق فيما تعانيه من ضعف وأزمات، يشكلان الخط المنهجي الصحيح في تقدير الموقف.
أما التركيز على ما في جبهتنا من سلبيات وأزمات، والتعامل مع القوّة المسيطرة، بما تتمتّع به من قوّة وسيطرة وسطوة، فطريقٌ إلى التشاؤم وهبوط المعنويات، خصوصًا، في مرحلة شبه التوازن الإستراتيجي، عندما يحتاج كل فريق إلى الإعداد للهجوم العام، ولا سيما في مرحلة الاشتباك الحاسمة، وابتغاء القوم.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
السيسي: السلام العادل والمستدام هو خيار استراتيجي لمصر
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
آلام الحرب والتعامل معها