أقلام وأراء
الأربعاء 14 فبراير 2024 10:39 صباحًا - بتوقيت القدس
إسرائيل المضطربة: إلى أين المسار؟
مؤشرات عديدة خلال الشهور الأربعة الأخيرة التي تلت هجمات السابع من أكتوبر، وبدء العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، توضح كلها أن ثمة اضطراباً شديداً غير مسبوق داخل إسرائيل، النخبة والمجتمع، تعددت وتتالت مظاهره على المشهد كله.
فمن الواضح أن الاهتزاز الهائل الذي أصاب الأعمدة الرئيسة التي قامت عليها دولة إسرائيل، وعاشت بها لأكثر من 75 عاماً، قد أصاب، وبعمق، قدرة المجتمع على التماسك والاطمئنان، وإمكانات النخبة الحاكمة والمعارضة على اتخاذ القرارات السليمة في وقتها المناسب، سعياً لتحقيق أهداف واضحة ومحددة لديها.
فالهجوم وما سبقه من فشل ذريع لكل الأجهزة العسكرية والأمنية والاستخباراتية في توقعه ومواجهته، أطاح بقوة بانطباع مهيمن ومستقر لدى المجتمع الإسرائيلي منذ إنشاء الدولة، ولدى غالبية الأطراف الإقليمية والدولية، بقدرتها غير المحدودة على حماية أمنها وسكانها، وامتلاكها كل القدرات البشرية والعسكرية والتقنية، التي تمكنها من تحقيق هذا من دون اختراقات كبيرة.
وكان حجم الاختراق الهائل الذي أحدثه هجوم السابع من أكتوبر، وما ترتب عليه من خسائر وإخفاقات بشرية وعسكرية وتكنولوجية غير مسبوقة، مؤشراً خطيراً وغير متكرر على تحطم انطباع «الدولة فائقة القوة مترامية الأذرع»، وهو ما أضافت إليه شهور العدوان العسكري على غزة، التي فاقت الأربعة، ومنها نحو ثلاثة شهور من التوغل البري، شروحاً أخرى أكثر عمقاً.
فالقدرات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية المتوقع تقليدياً استخدامها بكفاءة فائقة من إسرائيل في القطاع، لم تفضِ إلى هزيمة حاسمة للمقاومة، ولم تستطع تحرير أسير إسرائيلي واحد من الذين تحتجزهم لديها، واقتصرت النتائج الملموسة على قتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير نحو 60 % من القطاع، وتشريد أكثر من 75 % من سكانه.
واخترقت مشاعر الخوف والهلع العميقة والهائلة، كل جنبات دولة إسرائيل، مجتمعاً ونخبة، وتفاعلت مع أحاسيس وانطباعات قديمة موروثة بالاضطهاد والتهديد وفقدان الأمان. وأدى التهجير القسري لعشرات الآلاف من اليهود ساكني مستوطنات ومدن غلاف غزة والجليل الأعلى، إلى منطقة إيلات، حماية لهم من الهجمات العسكرية من القطاع وجنوب لبنان، إلى تجسيد واقعي لهذه المشاعر، للمرة الأولى منذ إنشاء الدولة، بهذا الحجم والاتساع، ما زادها عمقاً.
كل ما سبق، وضع "دولة اليهود"، كما أسماها الأب المؤسس تيودور هيرتزل، في حالة اضطراب هائل، تجاه تحديد مساراتها في الحرب أو السلام. فالإمعان في الرد والانتقام، هو اليوم الأكثر سيطرة على مشاعر وتصرفات المجتمع والنخبة الحاكمة والمعارضة، وهو ما يفسر بجلاء، الاستمرار والإمعان في العدوان على غزة، وتدميرها، وقتل أهلها.
إلا أن عدم تحقق شيء يذكر من هذا التوجه، بما يزيل مشاعر الهلع وافتقاد الأمن المسيطرة على الجميع، بل وزيادة انتشارها، بدفع شرائح وقطاعات من المجتمع والنخبة، إلى التلمس المهتز والمضطرب لسبل أخرى، يأتي التفاوض على إطلاق وتبادل الأسرى والمحتجزين في مقدمها. وحتى هذا التفاوض، الذي نجح في أسبوع الهدن الوحيد، لم يصبح بعد الاختيار النهائي لدى المجتمع والنخبة الإسرائيليين، في ظل حالة الاضطراب والاهتزاز الشديدة التي تطيح بهما.
والأرجح على المدى القصير جداً، أن عوامل عديدة، أبرزها الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحملة العسكرية على غزة، سوف تدفع القيادة الإسرائيلية، ومن ورائها قطاع مهم من المجتمع، نحو قبول التفاوض والدخول في مسار بطيء يفضي إلى وقف كامل للعدوان وإطلاق النار.
أما على المدى القريب، وبعد إنجاز هذا، فسوف تشهد إسرائيل - غالباً – حالة غير مسبوقة من التفاعلات والتغيرات الداخلية، السياسية والاجتماعية والفكرية، تستغرق شهوراً ليست قليلة، وبعدها ستستقر "دولة اليهود" على قرارها ومسارها النهائي، والاحتمالان متساويان: فإما القبول بحل الدولتين، والدخول في مفاوضات طويلة شاقة حول تفاصيله، وإما تغلب الرؤى والتيارات الدينية الخلاصية المتطرفة على المجتمع، ومن ثم على الحكم، وعندها سيكون الله وحده هو الذي يعلم شكل المنطقة حينها، والمصير النهائي الذي ينتظر "دولة اليهود".
* بالاتفاق مع "البيان"
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
إسرائيل المضطربة: إلى أين المسار؟