يشهد العالم نقلة تكنولوجية هائلة وأهمها تقنية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته وهي التقنية التي باتت عنصرا أساسيا وفعالاً في مجالات الحياة المختلفة، وما رافق ذلك من اسئلة ومخاوف حول الأمن والخصوصية وأخلاقيات التعامل بها وآمال وطموحات كالابتكارات والتطوير والبناء، لذا بات من المهم تنظيم هذه التقنية وتطبيقاتها، وبات ذلك أمراً ملحاً لضمان استمرار انتشارها وتطورها بشكل سلس ومستدام.
الاتحاد الأوروبي والتشريعات المتتالية:
تنبهت دول الاتحاد الأوروبي الى ضرورة اتخاذ خطوات جادة في تنظيم وتشريع تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، ففي العام 2021 أطلق الاتحاد استراتيجية الذكاء الاصطناعي الأوروبية، التي تهدف إلى توجيه وتنظيم استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في دول الإتحاد، حيث تركز هذه الاستراتيجية على الأمن والخصوصية والشفافية والمسؤولية، وتعتبر خطوة مهمة نحو ضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي متوافقاً مع قيم دول الاتحاد ومعاييره، وعملت هذه الاستراتيجية على تصنيف وتنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي وفقا للمخاطر التي قد تسببها للمجتمعات والأفراد حيث ينقسم هذا التصنيف الى ثلاثة أصناف وهي: الممارسات المحظورة ، والأنظمة عالية الخطورة ، وأنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى .
وبالتزامن مع هذه التطورات والتقنيات المتسارعة، يجري الاتحاد الأوروبي استعراض وتحديث تشريعاته في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل دوري ومستمر، وهو ما أقرته مجموعة دول الاتحاد وبالإجماع نهاية كانون أول المنصرم، والذي اعتبر انجازاً تاريخياً بوضع الإطار العام لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ومحاولة المساواة بين الطموح والابتكار من جهة والأمن والحريات من جهة أخرى.
الصين .. مواءمة الابتكار والحريات :
ترى الصين أن تقنياتها المتقدمة في الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في صدارة التطبيقات عالميا، حيث تحرص على المواءمة والموازنة بين هدفين رئيسيين الأول تعزيز ريادتها في هذا المجال من خلال تشجيع الاستثمار به وفتح مجال الريادة والابتكار به، وبين الحفاظ على كينونتها وأنظمتها، فباتت تتابع محتوى ومخرجات هذه التقنيات وهو ما جعل الشركات العاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي تتقدم الى السلطات ذات الاختصاص للحصول على تراخيص معينة تضمن التوازن بين الابتكار في جهة والحفاظ على المحتوى والأنظمة المتبعة فيها من جهة أخرى.
مبادرة الولايات المتحدة للوقاية من أخطار الذكاء الاصطناعي :
أصدر الرئيس الاميركي جو بايدن نهاية العام 2023 مرسوما أدخلت من خلاله الولايات المتحدة معايير جديدة لأمن الذكاء الاصطناعي لحماية مواطنيها من انتهاكات قد تحصل نتيجة استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي كالتزييف العميق وغيرها، مما يرغم الشركات الاميركية التي تعمل في الذكاء الاصطناعي بمشاركة الحكومة بالمعلومات والاختبارات الهامة وتحديدا الأمنية منها.
كيف لفلسطين اللحاق بهذه التشريعات ؟
لا يوجد في القوانين والتشريعات الفلسطينية ما هو مختص بتنظيم وتشريع العمل بالذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك بعض القوانين والقرارات والتشريعات التي تدور في فلك هذه التقنية كقانون الجرائم الالكترونية وقوانين الاتصالات وقانون المعاملات الالكترونية وأمن المعلومات وغيرها، وعليه فإن فلسطين تواجه تحديات خطيرة ناتجة عن ما تنتجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حال لم تكن مضبوطة ، ونظراً للظروف الاقتصادية والسياسية الخاصة بنا كشعب وقضية يتحتم على الجهات ذات العلاقة التفكير جديا بدراسة ووضع تشريعات ناظمة تحمي مواطنينا من انتهاك أمنهم وخصوصيتهم، وتطلق العنان للإبداع والابتكار والتنمية في محاولة منا لتعويض الانحياز غير المبرر من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في بياناتها ومخرجاتها لطرف الاحتلال وروايته.
عبد الرحمن الخطيب
*مختص بتقنية الذكاء الاصطناعي
* للتواصل: A.khateeb@aqlama.com
شارك برأيك
تشريعات الذكاء الاصطناعي: آمال ومخاوف