أقلام وأراء
الإثنين 27 نوفمبر 2023 9:59 صباحًا - بتوقيت القدس
أجمل امرأة في العالم
أخيرا وحسب صفقة تبادل الأسرى الأولية المتفق عليها بين حركة حماس والكيان الصهيوني ووفق هدنة وقف اطلاق النار لمدة اربع أيام تبدأ من صباح يوم الجمعة 24-11-2023، تنسمت الاسيرة الفلسطينية المقدسية والجريحة اسراء الجعابيص الحرية مع المئات من الاسيرات والأطفال القاصرين، وكان السجن والحروق في جسدها قد اكلت كل شيء فيها بعد ان أصيبت بجروح بالغة وخطيرة خلال اعتقالها، وجعلها في وضع صحي صعب للغاية.
بتاريخ 11-10-2015 اعتقلت الاسيرة اسراء جعابيص 33 عاماً، من مواليد جبل المكبر في القدس المحتلة بعد أن اطلق جنود الاحتلال النار على مركبتها بالقرب من حاجز الزعيم العسكري مما أدى الى انفجار اسطوانة غاز بالسيارة، لتشتعل النيران داخلها وفي جسد اسراء التي التهمت النيران 60% من جسدها.
اسراء جعابيص شاهدة على سياسة اسرائيلية ممنهجة ترفض تقديم العلاج للمئات من الاسرى والاسيرات الذين يصارعون الامراض الصعبة، فمنهم المصابين والمشلولين والمعاقين والذين يعانون امراضاً خطيرة ومزمنة، يشتبكون مع الموت كل لحظة، آلام وصراخ وانهيار الاجساد رويداً رويداً دون مغيث او مستجيب.
تقول اسراء جعابيص: أشعر بالخوف من وجهي عندما انظر الى نفسي بالمرآة، ماذا يقول ابني الصغير معتصم عندما يراني؟ هل سيعرفني؟ هل سيشعر بالخوف مني؟ يحتفل العالم كل سنة بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وباليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وبالاعلان العالمي لحقوق الانسان، تنتهي الاحتفالات وقلبي لازال يحترق.
رفض قضاة المحكمة العليا الاسرائيلية طلب الاسيرة اسراء بتخفيض حكمها والافراج عنها، بسبب الحكم الجائر والظالم بحقها، وبسبب حالتها الصحية الحرجة، القضاة شاهدوا امرأه محترقة منكمشة الجلد، امرأة يصرخ وجعها من داخلها بصمت، يهز قاعة المحكمة، دخان يتصاعد من جسمها، استنفر الحراس والجنود ورجال الامن، خشي القضاة ان تحترق دولة اسرائيل، هناك صوت للنيران في جسد اسراء، هناك جمرات حمراء، هناك قنبلة موقوتة في هذا الجسد، اغلقوا الملف وهرعوا هاربين.
القضاة الاسرائيليون قرأوا اسباب رفضهم الافراج عن الاسيرة اسراء الجعابيص بقولهم: ان اجساد الفلسطينيين لا تفنى، لهم ارواح اخرى واجساد اخرى تتشكل بسرعة، حجارة مضادة للدبابات، ذاكرة مضادة للنسيان، جوع مضاد للذل والاهانة، نساء لا ينجبن سوى فدائيين، نساء قريبات جداً للسماء وللمطر.
القضاة الاسرائيليون شاهدوا في جسد اسراء جعابيص المحترق، جسد فلسطين الذي شوهته الحواجز والجدران والمستوطنات والشوارع الالتفافية، وما يخفي فيه من زلازل ومصائب وحرائق، واعتقد القضاة انه اذا ما التئم وشفي هذا الجسد، واذا ما توحد وقفز عن السور والحاجز، واذا ما فك قيده وتحررت قدماه ويداه واصابعه، فأن دولة اسرائيل ستكون في خطر شديد، لهذا قرروا ان تبقى اسراء في السجن، وان لا يقدم لها العلاج، ان لا يصحو جسدها، ان لا يستيقظ صوتها المقدسي، فأكثر ما تخشاه دولة اسرائيل هو صوت القدس.
اسراء جعابيص اجمل امرأة في العالم، عندما نظرت الى وجه السجانين والاطباء وقضاة المحكمة وحراس الزنازين ومن اشعلوا الحرائق في غزة ونصبوا المشانق، تساءلت ان كانوا قد سمعوا صوت الارض واستوعبوا نشيد شاعرنا الراحل راشد حسين: بعد احراق بلادي ورفاقي وشبابي كيف لا تصبح اشعاري بنادق.
ويبدو انه لا بد من محرقة وابادة ودماء واجساد بشرية ممزقة ورعب وهول وجحيم فوق ارض غزة وسمائها حتى يفرج عن اسراء جعابيص، ويبدو انه لا بد من حالة توازن بين الضحية والجلاد، بين السجين والسجان، بين الموت والحياة، حتى يدرك المحتل الصهيوني ان من يطفئ نور الحياة على الشعب الفلسطيني ويزج الاف الاسرى والاسيرات في غياهب الظلام سنوات وسنوات، سوف ينطفئ ضوؤه في لحظة ما، ويغرق في العتمة والخطيئة التي يرتكبها، ويدفع ثمن احتلال شعب آخر، وكان لا بد ان لا تتألم ام الأسير الفلسطيني وحدها، ولا يموت الفلسطيني وحده، وان لا يكون الفلسطيني في الزنزانة وحده، فآلامنا واوجاعنا فاضت وتوسعت وامتدت وانتفضت حتى وجد المحتلون انفسهم غارقين في رمال غزة، وفي هبات الضفة المحتلة والقدس، مكبلين في ذات الزنزانة التي شيدوهاـ وربما حينها ادركوا قيمة الحرية وكرامة الانسان وحقه في الحياة والاستقلال وتقرير المصير.
الاسيرة الجريحة اسراء الجعابيص الان حرة، اجمل امرأة في العالم، خضع الجلاد لشروط الضحية، وفي صباح يوم الهدنة ذهب سكان غزة لانتشال جثث أبنائهم المطمورة تحت انقاض البيوت، وفي ذات الصباح فتحت أبواب السجون، فرايات الحرية تتبادل العناق مع رايات التضحية، كل الثورات بدأت بأعلان صوتها وأدبها وحضورها بالجسد، اجساد الشهداء الذين سقطوا فأعادوا انتاج موتهم امام المغتصبين الذين اعتقدوا ان الموت يعني العدم، وأجساد الأسرى الذين زجوا في قبور السجون فصاروا اكثر حرية وجدارة في الحياة من السجان، عندما فاض ملح دمهم على الاسلاك والجدران وسطوة الغياب.
لم تنطفئ النيران المشتعلة في جسد اسراء جعابيص، فهي لا تزال تحترق في هذا اللهيب المتطرف المتوحش الذي يمارسه المحتلون الطغاة ضد الاسرى القابعين في السجون، والذي ازداد توحشا وسعارا منذ السابع من أكتوبر هذا العام، هجمة شرسة انتقامية غير مسبوقة على المعتقلين، الضرب والتعذيب والتنكيل والعزل والقتل والحرمات من ابسط الحقوق الإنسانية، هجوم واسع وجبهة حرب أخرى تشن على الاسرى، حتى تكاد ترى أعمدة النيران المشتعلة في غزة والغارات والقصف الصاروخي تصل الى ساحات السجون والمعسكرات، لكن اسراء جعابيص تخرج من انقاض جسدها حية، لتقول لهؤلاء المجرمين ان القوة العسكرية المتضخمة والغطرسة والعجرفة لا تدوم ابدا، ولا تستطيع ان توفر الامن والاستقرار حتى للاقوياء، وكأن هؤلاء القتلة بحاجة دائما الى حرب حتى يفهموا ان لا احد يستطيع كسر ارادة شعب بالطرق العسكرية، وان النيران التي اشعلوها في قطاع غزة وفي جسد اسراء جعابيص تهب في اتجاهات معاكسة.
اجمل امرأة في العالم تقف الان على بوابات القدس، جسدها الذي شوهته الحرائق هو جسد هذه الأرض المنتفضة ضد السلب والقتل والنهب والتهويد والعنصرية، جسد آيات الرحمن المقاتلات والترنيمات العاليات في المساجد والكنائس وفي خشوع الصلاة، وقد رأيتها تخرج من بوابة سجن الدامون تتخطى الاسلاك الشائكة، تتقدم، تحرك يداها وترفع رأسها وتحتضن ابنها، رأيت جمال الإحساس بالنصر والحرية، جمال الادراك والذات والإرادة والمشاعر الإنسانية السامية، جمال الروح المنسجمة مع جمال الحقيقة المبدعة.
اجمل امرأة في العالم، الان حرة، وجمالها هو المعادل الموضوعي للحرية، والجمال هو اصل الحرية، الجمال المشرق المشع البراق، الجمال الي انتصر على البشاعة الصهيونية وايديولوجيته القامعة، رأيتها متوهجة بدهشة الضوء البارقة، دهشة امرأة فلسطينية محرضة وناطقة.
اسراء جعابيص اجمل امرأة في العالم، تقف الان على بوابات القدس العتيقة وتغني بكلمات محمود درويش:
أيها الذاهبون الى صخرة القدس
مروا على جسدي
أيها العابرون على جسدي
لن تمروا
انا الأرض في جسدٍ
لن تمروا
انا الأرض في صحوها
لن تمروا لن تمروا
دلالات
فلسطيني قبل 12 شهر
نعم لكل ما جاء بالتقرير. هذا هو الوجه الابشع لهذا الاحتلال
Issa. قبل 12 شهر
عيسى ابن المخيم . رجل وطني يشعر دائما بألم الآخرين، رجل طيب.يستحق الاحترام.
ابراهيم جودت المصري قبل 12 شهر
مقالٌ رائع!
عمر عبدالله قبل 12 شهر
مقال رائع وكلمات تخرج من فم شخص ذو ثقافة وتجربة كبيرة
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
7 مجازر و120 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 95)
شارك برأيك
أجمل امرأة في العالم