" الكنيست " يغتال حل الدولتين !
الخميس 25 يوليو 2024 1:35 صباحًا - بتوقيت القدس
قال تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ)، صدق الله العظيم. هكذا هو حال اليهود دائماً. ومن صوره الراهنة، نكوص الاحتلال الصهيوني، عما تعهد به ساسته، خلال مسار طويل من المفاوضات مع الفلسطينيين. سواء ما كان منها مباشر في أوسلو بالنرويج (عام 1991م.)، وما بعدها، أومن قبلها عبر وسطاء. والتي شهدت العديد من المبادرات وأفكار التقسيم، بداية من لجنة بيل في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، وحتى أُطروحة الفيلسوف والمفكر الأميركي نعوم تشومسكي؛ والتي تبنتها الأمم المتحدة، وبلورتها في القرار 242 في نهاية حقبة الستينات من القرن الماضي. واستمرت المساعي في الصعود والهبوط، وفقا للعديد من العوامل الحاكمة، وكان هناك حرص في الإبقاء على الأمل، قبل أن يطلق عليه البرلمان الإسرائيلي " الكنيست " عليه رصاصته؛ بعدما تبني، ولأول مرة مشروع قرار" يرفض إقامة دولة فلسطينية"، وبأغلبية 68 نائباً من أصل 120عضوا، في يوم السابع عشر من شهر يوليو الجاري، وبالتزامن مع قيام الوزير المتطرف ايتمار بن غفير، باقتحام ساحة المسجد الأقصى المبارك!.
وهذا التصعيد، هو مؤشر على أن "الصهيونية الدينية"، باتت المتحكمة في السياسة الإسرائيلية. مما ينذر بتداعيات خطيرة؛ قد تشكل تهديداً للأمن والسلم، إقليمياً، ودولياً؛ وقد تقود نحو الهاوية. الأمر الذي أثار قلقاً عربياً، وعالمياً؛ فسارعت جامعة الدول العربية، تدين ، ومعها الإدارة الأميركية، وعواصم أوروبية، وغيرها، تحاول منح قبلة الحياة لفكرة " حل الدولتين "؛ والتي كانت لها تصورا عند منظمة التحرير الفلسطينية في مرحلة " الحل السياسي"، قبل أن تتخطاه السياسة، والجغرافيا، والديموغرافيا، والمجتمع الإسرائيلي، بعقليته الرافضة للتعايش السلمي مع الفلسطينيين، على أساس دولتين في فلسطين. وكأنه ليس أمام الفلسطيني من سبيل سوى، الاستسلام، والقبول بمكانة " الأغيار"، والعبودية عند الصهيوني، أو الهجرة، وإلا كان البديل الثالث؛ وهو الإبادة الجماعية. وبذلك يتم ضرب عُرض الحائط، بأي تعهدات، أو مفاوضات، أو جهود دولية؛ وحتى قرارات أممية سابقة!.
وكأن كل ما كان سراب!. فلا أثر لإعلان منظمة التحرير، بقيام الدولة الفلسطينية (عام 1988 م.)، على الأراضي المحتلة (عام 1967م.). وإن كان إعلاناً شكلياً - نظراً لعدم وجود سيطرة حقيقية للفلسطينيين على أرض الواقع-، إلا أنه كانت له دلالة رمزية ومعنوية. ثم جاء اتفاق أوسلو (عام 1993 م.)، وبسقفه الزمني حتى (عام 1999م.)، لقيام دولة فلسطينية مستقلة. ومن بعد ذلك، مفاوضات " كامب ديفيد" في عهد الرئيس الأميركي الأسبق " كلينتون"، والعرض الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، في المفاوضات (عام 2001م.)، بإقامة دولة منزوعة السيادة والسلاح. وحتى جهود اللجنة الرباعية، وتضم: الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة. وكلها تثبت وجود مساعي، وبمشاركة صهيونية، من أجل إيجاد حل الدولتين.
وقد شهد شاهد من أهلها!. فرئيس الكيان المُحتل الأسبق- شمعون بيرس قال: "إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس دولتين لشعبين"، وذلك خلال لقاء معه بالمعهد الجديد لعلوم التكنولوجيا بمدينة "يافا "، في شهر أغسطس (عام2016م.). كما رأى " بيرس "، في المبادرة العربية للسلام، الأساس السليم؛ الذي يُمكّن من تحقيق سلام إقليمي شامل، بعد إنجاز اتفاق حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" – أي أن التسوية من المفترض كانت تسبق التطبيع، بينما ما جرى ويجري الآن عكس ذلك-. من أجل إقامة دولة فلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، بعد أن حصلت على عضوية صفة المراقب بالأمم المتحدة، وفق قرار الجمعية العامة للمنظمة في 29 نوفمبر الثاني( 2012م.). وربما كانت فلسطين على أبواب العضوية الكاملة، بعد تأييد143 دولة عضو بالمنظمة الأممية لصالحها؛ لولا " الفيتو " الأميركي بمجلس الأمن الدولي. ليظل موقف أميركا المتناقض لغزاً، لا يقل عنه اختيار توقيت مشروع قرار "الكنيست" الآن!.
وبعيداً عن الألغاز الأميركية، فإن العقلية الصهيونية، ليست بالذكاء؛ الذي يتعذر معه فك شفرته. والمراقب الجيد للمشهد الإسرائيلي الداخلي، لن يجد صعوبة كبيرة لفهم المغزى الحقيقي، من تبني "الكنيست "، للمشروع المثير للجدل في هذا التوقيت، لأول مرة في تاريخه، على وجه التحديد. وخاصة عندما يكون مقدمه زيف الكين، عن حزب " يمين جديد"، الذي يترأسه غدعون ساعر، اليميني المتطرف؛ وهو المزايد على " نتانياهو" في التشدد ضد الفلسطينيين. وأما بيني غانتس- زعيم حزب المعسكر الرسمي أو "الوحدة الوطنية" الإسرائيلي - وكان يبدو أن واشنطن تراهن عليه كبديل لنتانياهو-؛ فقد وقف يساند المشروع، بجانب أحزاب: "اليمين الرسمي" و"الليكود"، و"شاس"، و"يهدوت هتوراه"، و"عوتسما يهوديت"، و"يسرائيل بيتينو ". وجميعهم عيونهم على الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة، والوصول إلى قلب الناخب، مما يعكس المزاج الصهيوني المتطرف، والمشحون بالعدائية، والرافض للتعايش بجانب الفلسطيني.وتلك هي الحقيقة؛ التي ينبغي الاعتراف بها!.
ما ينبغي الانتباه إليه، هو الحيطة والحذر، وعدم السقوط في فخ الصهيونية؛ التي تضع العربة أمام الحصان. وشغل الرأي العام العربي والعالمي " بالملهاة"، على طريقة الجدل البيزنظي، في الحديث عن " حل الدولتين"، من عدمه، في قضية حسمتها الأمم المتحدة، بمنح فلسطين عضوية " صفة مراقب"، واعتراف دولي بالأغلبية. مما يعني أن هناك مخطط صهيوني خبيث، في صرف الأنظار عما يرتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، منذ السابع من شهر أكتوبر( عام 2023م.). ولا يحسن البحث عن الحلول السياسية، والتفكير في مؤتمرات دولية للسلام، قبل وقف القتال؛ وإلا بدأ الأمر، وكأنه البحث عن نصر سياسي لـ" نتانياهو"، بعد فشله في تحقيق أيٍ من أهدافه العسكرية.
وكما يقول المثل العربي: "قطعت جهيزة قول كل خطيب". فقد أصدرت محكمة العدل الدولية، الجمعة الماضية، رأيها الاستشاري، وللمرة الأولى، بشأن عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؛ والمستمر منذ 57 عاماً. ومن الأهمية البناء عليه، في الوقوف بجانب الفلسطينيين، ودعمهم ومساندتهم، من أجل الصمود والمقاومة، في مواجهة العدو الصهيوني؛ حتى يستطيعوا تقرير مصيرهم بأنفسهم، وتحرير أرضهم. وسوف يتحقق طال الزمن أم قصر.
كاتب وصحفي مصري
[email protected]
إقرأ المزيد لـ محمد حربي ...
الأكثر تعليقاً
الرئيس عباس يصل القاهرة غدًا ويلتقي السيسي في زيارة ستستمر ليومين
يِخرب بيتك!
لقاء بين "فتح" و "حماس" في القاهرة
مسؤولية المملكة المتحدة بعد قرن من بلفور
الدفاع المدني بغزة: أكثر من 100 ألف مواطن في الشمال بلا طعام أو شراب أو دواء
الرئيس عباس يصل مصر في زيارة رسمية
مستوطنون يحرقون 20 مركبة ويخطون شعارات عنصرية في رام الله
الأكثر قراءة
فتح وحماس تبحثان بالقاهرة إنشاء لجنة لإدارة غزة
الشاباك يؤكد اعتقال موظفين بمكتب نتنياهو والأخير ينفي
الرئيس يتسلم دعوة للمشاركة في قمة المتابعة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض
نجاة قائدي منطقتي الشمال والضفة بجيش الاحتلال
حماس توضح بخصوص ما نشرته وسائل إعلام حول محمد الضيف
والحركة تنعيه.. جيش الاحتلال يعلن اغتيال عضو مكتب سياسي من حماس في خان يونس
نتنياهو يحاول الدفاع عن نفسه أمام التسريبات الأمنية الخطيرة
أسعار العملات
الثّلاثاء 05 نوفمبر 2024 8:35 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.29
شراء 5.27
يورو / شيكل
بيع 4.08
شراء 4.06
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 54)