Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

دمار مخيم جنين: ذكريات جباليا تعود..

الجمعة 31 يناير 2025 12:25 صباحًا - بتوقيت القدس

صفاء أبو شمسية

عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية مخيم جنين للاجئين، لم تكن المشاهد مجرد صور عابرة في الأخبار، بل أعادت للأذهان ذكريات الدمار الذي حلّ بمخيم جباليا في غزة. في شمال غرب الضفة الغربية، يتحدث السكان اليوم عن حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية والمنازل، وعن الجهود التي ستتطلبها إعادة الإعمار، والتي يعتقد كثيرون أنها ستستغرق سنوات طويلة، تمامًا كما حدث في جباليا.
مخيم جنين، الذي تأسس في خمسينيات القرن الماضي لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من ديارهم عام 1948، لم يكن مجرد مكان لإقامة البشر، بل تحول إلى رمز للصمود والمقاومة. على مر السنين، شهد المخيم أحداثًا دامية، أبرزها اجتياح عام 2002، الذي خلف دمارًا هائلًا وخسائر بشرية كبيرة. اليوم، يعيد الدمار الجديد الذي لحق بالمخيم إحياء تلك الذكريات، ويجعل السكان يشعرون بأن التاريخ يعيد نفسه.
يتشابه المشهد في جنين مع ما حدث في جباليا، حيث تعرض المخيمان لضربات عسكرية مكثفة تركت خلفها شوارع مدمرة، ومنازل مهدمة، وحياة قلبها العنف رأسًا على عقب. في كلا المخيمين، لم تكن الأضرار مادية فحسب، بل امتدت إلى الجانب النفسي والإنساني، إذ يشعر اللاجئون الفلسطينيون بأنهم مستهدفون في كل دورة جديدة من التصعيد.
ما يحدث في جنين لا يمكن النظر إليه بمعزل عن السياق السياسي الأكبر. فالهجمات على المخيمات ليست مجرد عمليات عسكرية، بل تحمل رسائل سياسية واضحة، مفادها أن الفلسطينيين، حتى في أماكن لجوئهم، ليسوا بمأمن. هذه الأحداث تعزز الشعور العام بأن الاحتلال لا يستهدف فقط المقاومة المسلحة، بل يسعى إلى تفكيك البنية المجتمعية والاقتصادية في المخيمات، مما يعقد مسألة إعادة البناء والاستقرار.
إعادة إعمار مخيم جنين ستواجه عقبات كبيرة، تمامًا كما حدث في جباليا. فمن ناحية، هناك تحديات مالية مرتبطة بتمويل مشاريع الإعمار، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها السلطة الفلسطينية والمجتمع المدني. ومن ناحية أخرى، فإن القيود الإسرائيلية على إدخال مواد البناء والمساعدات تعقد الأمور بشكل أكبر.
إذا كان مخيم جباليا قد استعاد جزءًا من حياته رغم الدمار، فإن مخيم جنين قادر على تجاوز هذه المحنة أيضًا. الفلسطينيون، كما أظهرت تجاربهم السابقة، يتمسكون بالبقاء رغم الدمار، ويعيدون بناء حياتهم حتى وسط أصعب الظروف. ومع ذلك، فإن استمرار هذه الدائرة من التدمير وإعادة البناء دون أفق سياسي حقيقي يجعل مسألة التعافي الكامل مسألة وقت فقط قبل أن تتجدد المأساة من جديد.
ما يحدث في جنين وجباليا ليس مجرد سلسلة من الأزمات العارضة، بل هو جزء من واقع الاحتلال المستمر. ومع كل عملية عسكرية، يزداد الشعور بأن الحل لا يكمن فقط في إعادة الإعمار، بل في إنهاء الظروف التي تجعل من هذه الأحداث أمرًا متكررًا. بدون حل سياسي عادل، ستظل هذه المخيمات عالقة في دورة من الهدم وإعادة البناء، دون أمل في مستقبل مستقر.
في ظل هذه الأحداث، يبرز السؤال عن دور المجتمع الدولي في حماية المدنيين الفلسطينيين. فالقانون الدولي يحظر استهداف المدنيين وتدمير ممتلكاتهم، لكن الواقع على الأرض يظهر أن هذه القوانين غالبًا ما يتم تجاهلها. على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية في وقف هذه الانتهاكات، والعمل على إعادة إعمار ما تم تدميره.
يبقى الفلسطينيون، رغم كل شيء، متشبثين بحقهم في الحياة والكرامة، لكن السؤال الأكبر هو: إلى متى سيستمر هذا النمط من المعاناة، دون أن يتحرك العالم لوقفه؟

إقرأ المزيد لـ صفاء أبو شمسية ...

شارك برأيك

دمار مخيم جنين: ذكريات جباليا تعود..

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 554)