Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

عين على الصحافَة

الخميس 24 أكتوبر 2024 10:54 مساءً - بتوقيت القدس

عقيل وساف

عَيْنٌ على الصحافَة

إنَّ الصحفي؛ هو من يجري بحوثًا حتى يُقدِّم، ويكتُب، ويُحرِّر، ويُدقِّق القصص والأحداث، والمقالات وذلك قبل نقلها إلى الجمهور بالصورة المناسبة، حيثُ تكمُن المهمةُ الرئيسيةُ للصحفي في نقل الحقيقة. وبالتالي، تقومُ الجهاتُ المختصةُ مثل الإذاعة، ومحطات التلفاز، والمجلات، والصحفُ اليومية بنقلِ الأعمال التي يقوم بها الصحفي إلى الناس عامةً."

إنَّ من الأسهل قياسُ تأثير تقارير الصحفيين في البلدان المفتوحة والديمقراطية. وفي هذه السياقات، من المُرجّح أن تقوم المؤسسات ومن هم في السلطة بإصلاحِ طُرقِها استجابةً للأدلة على الفساد أو سوءُ الإدارة في البلدان الاستبدادية، في غيابِ سيادةِ القانون والعمليات الديمقراطية، ولا تشعُرُ هذه الجهات الفاعلة بنفس الضغط، ويمكن أن يكون الأمر مُحبطًا، لأن الوضع الراهن هو السائد، علاوةً على ذلك، من المُرجّح أن تَتعرض وسائلُ الإعلامِ التي تجرؤ على نشر تقارير تنتقد الحكومة للانتقاد.
بغضِ النظر عن مُقدار الأدلة على الفساد أو ارتكاب الصحفيين للمخالفات في هذه السياقات ، هناك شعور بيننا وبين عامة الناس بأن القليل سيتغير.
وعلى الرغم من التحديات وهذا الشعور، لا يزال بإمكان الصحفيين إحداث فرق إيجابي، وقد تظهر آثارها بطرق أقل تقليدية.
إذ يبدو أن المسافةَ ما بينَ “البحثُ عن الحقيقةِ”، التي هي الهدف الرئيس للصحافة والاتصال، تجعل من الصحافي ينتقل من ” حارس للبوابة” إلى ” حارس للذاكرة” في تجلياتها المتعددة، لكون الصحافة تسهم بطريقة إرادية أو غير ارادية في تجسير العلاقة بين الحقلين، لخصوصية العمل الصحافي على مستوى التحقيق والتقصي أولا، وبالأسئلة الحارقة للرأي العام حول مختلف قضايا المجتمع ثانيا.
إن قياس تأثير القصة من خلال عدد القُرّاء لا يمكن الاعتماد عليه هنا، لإن الحصار الذي يفرضه مقدمو خدمات الإنترنت المختلفون حول وسائل الإعلام الرقمية يَحد من عدد القُرّاء الذين يمكنك الحصول عليهم.

فعلى الرغمِ من المتغيرات المتعاظمة نتيجة التطورات التكنولوجية وفي ميديا الاعلام والاتصال، ما زالت الصحافة كمهنة مرتبطةٌ بحقول أخرى، منها ما هو حقوقي وسياسي وقانوني وأخلاقي، وبذلك بقيت الصحافة والاعلام تعبيرا حقيقيا عن مدى قوة أو هشاشة فضاء الحرية في بلد من البلدان، وظلّت معها وظيفة الصحافي تتمثل في البحث عن الحقيقة في أبعادها النسبية والمتعددة والمفتوحة على كل احتمالات، لأن هذه الحقيقة واحدة مُطلقة، أو حقائق في حدوها لا تتعرض للتغيّر والتحوّل.

وإذا كان “حارس البوابة” الاسم الذي يطلق على الصحافيين الذين يقومون بجمع الأخبار، ويُعتَبرون أيضا مصدرا لها ، ويقومون بتحديد المعلومات وتحرير الأخبار، مُطالِبا بأن يُحَوّل وقائع المجتمع والتجارب الإنسانية إلى مُعطيات خبرية، فإن مُكوّنات الرأي العام تنتظر منه كذلك أن “يُناضل” لنشر الآراء حول مختلف الأحداث وتعميم المعلومات والمعطيات، وذلك بعد تدقيقها والتأكد من مصادرها ومصداقيتها، مما يساهم من موقعه كصحافي في ادماج الأفراد والجماعات في سياقات الحياة وسيرورتها، حتى يتمكنوا من تشكيل آراءهم وتوجهاتهم حول قضايا المجتمع المختلفة.

بيد أنه إذا كان الصحافي محظوظا، فإنه يُمارس عمله في بلدٍ يسمحُ له بقدر كبير من الحرية، في أن يقول الحقيقة كما يتمثلها ويقرأها هو، وأن يُقدم وصفاً أو تفسيرا دقيقا للأحداث في المجتمع بقدر إمكانه، اعتباراً، لأن الصحافة هي فن الممكن، كما هو شأن السياسة، التي وصفها القائد الألماني، أوتو فون بسمارك، بأنها هي ” فن الممكن، القابل للتحقق، وفن الأفضل المُتَيسّر”.

وبناءً على ذلك، تتطلب ممارسة مهنة الصحافة، قدراً كبيراً من التكيّف مع شروط وسياقات الواقع خاصةً على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، لكن بدون أن يُصبح هذا التكيّف خضوعاً لما يتعارض مع حقائق الأشياء، والمعايير التي تتطلبها المهنة وأخلاقياتها. فمن لا يقتنع بأن الصحافة فنٌ للممكن، فإن ذلك قد يجعله يَصطَدم بمختلف أشكال المقاومة، ذات الطبيعة السياسية والاجتماعية والثقافية والقانونية والمالية.

إنَّ ما يقوم به الصحافي لا يكونُ معزولاً عن الضوابط والمعتقدات والقناعات السائدة داخل المجتمع، لكن بصفة عامة، تظلُ الصحافة والإعلام، عبارة عن نشاط فكري وثقافي وإبداعي له خصوصيته، وله قَوانِينهُ ونَوامِيسهُ، المُعلن منها والمُضمر، وله كذلك أساليبهُ وطرقِ عمله، ومن ثمة فإن القيمة المركزية للصحافة تظل مرتبطة بالعنصر البشري.

وعلى صعيدٍ آخر، قد تُشَكِّل الكتابات الصحافية، مرجعاً مهما في حفظ الذاكرة، فمثلا، ما كانت تنشره الصحفُ بشكلٍ عام ، ما بين سبعينيات وتسعينيات القرنِ الماضي بجرأة كبيرة وحرفية، حول القضايا التي كانت تَندرج آنذاك في “دائرة المُحرّمات”، و”خطوطا حمراء” مرسومة وغير مرئية للصحافة، فَرَضَ على الصحافيين ممارسة “الرقابة الذاتية” لدى معالجة هذه الأحداث.

وشهدت الصحافة اهتماماً كبيراً من لدن الطبقة السياسية وفئات واسعة من الرأي العام الوطني والدولي. وساهمت إلى حد كبير في إحداث نقلة نوعية في التفكير والبحث، رافقه توسع ملحوظ في قاعدة القُرّاء، وهو ما أدى إلى انتعاش مهم في روجان الصحف. كما عَرفَ الأداء المهني، تطوراً ملحوظاً، وأصبح الاعتماد بكثرة على قواعد المنهج التوثيقي، في صياغة وتحليل المادة الصحافية. وتعزز المشهد الصحافي والإعلامي بالتحاق جيل جديد بالمهنة من المتوفرين على تكوين عالي.

وقدت أثارت الصحافة تساؤلات وجدلاً واسعاً، حول وظائفها، ودور الصحفي في تناول هذه الأحداث، التي عادةً ما تُعتبر اختصاصاً للمؤرخين الذين تقمّص البعض منهم دور الإعلامي، رغم أن تحرير المادة الصحافية، تختلف عن الكتابة التاريخية، نظراً لتعامل الأولى الفوري مع الأحداث واعتمادها أدوات ومنهجية صحافية في التعاطي مع أحداث ووقائع الماضي، وتحويلها بأسلوب مبسّط إلى مادة إعلامية تكون في مستوى إدراك أوسع فئات القُرّاء.

واليوم، يحتاج الصحفيون ومُمَوّلوهم إلى توسيع فهمهم لآثار الصحافة، والقنوات غير التقليدية التي تتغير من خلالها تأثيرات التقارير المستقلة عالية الجودة. في عالمٍ يزدادُ استبدادًا، يمكن أن يساعد القيام بذلك في تحفيز ودعم جيل جديد من الصحفيين الذين يسعون إلى إحداث تأثير في بُلدانهم، بغض النظر عن الاحتمالات المكدسة ضدهم.

إقرأ المزيد لـ عقيل وساف ...

أسعار العملات

الإثنين 04 نوفمبر 2024 8:29 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.29

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 51)