في سوق مزدحم بوسط العاصمة المصرية القاهرة، يفترش بائعون الأرض عارضين مقتنيات قديمة ونادرة من تحف وأنتيكات ترجع لعشرات السنين، في مشهد يعيد لدى الزوار ذكريات الماضي وإحساسا بالحنين إليه.

وتشهد السوق، التي تقام كل يوم سبت تحت اسم سوق "ديانا" نسبة إلى سينما ديانا المجاورة، رواجا في ظل إقبال كبير من المصريين والعرب على شراء المقتنيات المعروضة في السوق التي تعتبر ملاذا لمحبي الأنتيكات والتحف.

ويعرض الخمسيني مصطفى الجزار في السوق أباريق وتماثيل نحاسية يصل عمرها إلى 80 عاما فأكثر، حسبما قال الجزار لوكالة أنباء ((شينخوا)).

وأوضح الجزار "أعمل في السوق منذ ثلاث سنوات وأبيع أنتيكات وتحف، وهناك إقبال جيد جدا على السوق والزبائن ليسوا مصريين فقط لكن هناك عرب وأجانب، وفي بعض الأوقات يأتي فنانون للسوق".

وأضاف أن "الزبائن الذين يأتون للسوق مغرمون بالتحف والأنتيكات والأشياء القديمة ويقدرون قيمة ما يجدونه لدينا".

وتصل أسعار المقتنيات المعروضة لدى مصطفى الجزار حتى 10 آلاف جنيه للمنتج الواحد، حيث يبيع حصالات قديمة بـ 150 جنيها وتليفونات أرضية بـ 300 جنيه وتماثيل مصنوعة من النحاس بما يتراوح بين ألف إلى عشرة آلاف جنيه للتمثال الواحد.

ويشتري الجزار هذه المقتنيات القديمة من ملاكها الذين يعرضونها عليه مباشرة أو على شبكة الإنترنت، أو من خلال الباعة الذين يتجولون في الشوارع المصرية لشراء الأشياء القديمة، والذين يطلق عليهم المصريون "باعة الروبابيكيا".

وإلى جانب الأنتيكات، يضم السوق أيضا أعمال يدوية مصنوعة من الجلود والأخشاب مثل تلك التي يعرضها شنودة عطية (36 عاما).

وقال شنودة لـ ((شينخوا))، "أصنع منتجات يدوية من بينها الشكمجية (صناديق خشبية) والحصالات وغيرها مما يستخدم ديكورا وفي نفس الوقت تحفظ فيه المجوهرات والعطور والأموال".

وأضاف الشاب المصري، الذي يعمل في السوق منذ أكثر من عامين، أن الإقبال على السوق يزيد بشكل كبير كل عام خاصة أن هناك شريحة كبيرة من الناس سواء مصريين أو أجانب يعشقون الأشياء القديمة والمنتجات اليدوية.

وتابع أن "الأسعار لدي تبدأ من 30 حتى 500 جنيه وهذه الأسعار أقل كثيرا من مثيلاتها خارج السوق، والحمد لله تأتي لنا زبائن بعد أن تسأل عنا بالاسم".

أما عبد الرحمن محفوظ (62 عاما)، وهو من أقدم البائعين في السوق، فيقوم بعرض كاميرات ولوحات فنية وهواتف أرضية وأجهزة راديو قديمة مما كانت تظهر في أفلام الأبيض وأسود بالإضافة إلى طاولات وأطباق بحالة جيدة جدا.

وقال محفوظ لـ ((شينخوا)) "أحاول أن أعرض كل ما يحتاجه الزبائن من الأشياء القديمة والأنتيكات، وكل أسبوع تكون المعروضات مختلفة عن الأسبوع السابق بقدر الإمكان، ويأتي لنا زبائن من كل مكان من بينهم أجانب".

وأشار إلى أن العمل في هذا السوق بدأ من حوالي 5 سنوات وكان به عدد صغير من البائعين لكن خلال أشهر زاد البائعون بسبب الإقبال على شراء المعروضات القديمة.

ورغم عصر التكنولوجيا الحديثة الذي نعيشه حاليا إلا أن هناك حالة ولع بكل ما هو قديم في السوق.

ومن بين الأشخاص الذين كانوا يتجولون في السوق ماهر عبد الفتاح (40 عاما) الذي يعمل محاسبا في إحدى الشركات الخاصة.

وقال عبد الفتاح "أحب الأشياء القديمة جدا وقمت بشراء تليفون القرص الأرضي بمبلغ 1100 جنيه بعد فصال كثير مع البائع الذي كان يريد 1400 جنيه، لقد كنت أريد شراء هذا التليفون منذ فترة طويلة".

واعتبر الشاب الأربعيني، الذي تعرف على السوق عن طريق أحد أصدقائه ممن يحبون التحف والأنتيكات، أن هذه السوق "كنز لما فيه من مقتنيات قديمة وذكريات جميلة"، قبل أن يضيف أن "هذه أول مرة أقوم بزيارة السوق وبالتأكيد سوف أزوره كثيرا".

بينما قال صبحي كرازي، وهو سوري الجنسية يملك مطعما في مصر، "عرفت السوق عن طريق السوشيال ميديا وجئت لشراء تماثيل وتحف من أجل وضعها في المطعم كديكور، خاصة أني أحب الأنتيكات التي تعطي روحا للمكان وتلفت الأنظار".

وتابع أن "هذه ثاني مرة أزور فيها السوق وسبق أن اشتريت جهاز راديو وكاميرا قديمة منذ حوالي شهر بسعر 1500 جنيه، وحاليا أبحث عن تماثيل نحاس".

وأردف أن "هذه السوق جميلة وأتمنى أن تعمل طوال الأسبوع لأن لدي أصدقاء كثيرين يريدون شراء الأشياء القديمة لكن لا يستطيعون أن يأتوا يوم السبت".

بينما اشترت منار شريف، وهي ربة منزل أربعينية، لوحة بـ 100 جنيه وطقم صواني مصنوع من النحاس بـ 450 جنيها.

وقالت السيدة المصرية لـ ((شينخوا)) إن "السوق بها الكثير من الأنتيكات والتحف الجميلة، وهي مكان جاذب بالفعل لمحبي الأشياء القديمة والنادرة".