أقلام وأراء
الخميس 13 يوليو 2023 10:26 صباحًا - بتوقيت القدس
في زيارته لمخيم جنين: ماذا يكمن خلف ما قاله ممثل الاتحاد الأوروبي
كان لافتاً فعلاً الزيارة التفقدية التي قام بها ممثلو الاتحاد الأوروبي سفين كون لمخيم جنين، فحجم الوفد، 30 دولة، كبير وذو مغزى واضح، فيما التصريحات الداعية لوقف الاستيطان وانهاء الاحتلال، ومع انها تتكرر مراراً كمتلازمة خطابية كلاسيكية، إلا انها كانت جيدة على سبيل التأكيد.
لكن الوقوف عند ذلك، وهذا ما فعلته معظم المواقع الإعلامية والفضائيات التي نقلت الحدث، غير كافٍ بل ومضلل، لأنه يخفي ما هو جوهري في تصريح الناطق باسم الاتحاد الأوروبي ووفده، لذلك، وبالوقوف على ما هو جوهري يكون حجم الوفد والتصريحات المتضامنة على سبيل البربوغاندا لا أكثر وإن تجاوزت ذلك ففي سبيل لعب دور في الانقسام السياسي الحالي داخل المجتمع الإسرائيلي.
في تصريحه قال سفين كون ممثل الاتحاد (على المجتمع الدولي أن يضغط لتطبيق القانون الدولي) خاصة أن اجتياح المخيم (صادم ومروع) كما قال، وطالب بزيادة (الضغط على إسرائيل) داعياً الحكومة الإسرائيلية (لتمكين السلطة الفلسطينية من القيام بمسؤولياتها وفق اتفاقية أوسلو).
عندما يطالب بزيادة الضغط على إسرائيل، وهو ممثل 30 دولة أوروبية، يمكن القول له ببساطة: تفضل مَنْ يمنعك من ذلك؟ أنت تدعو (المجتمع الدولي) لمارسة الضغط، وانتم 30 دولة تشكلون عصباً رئيساً مما يعرف بالمجتمع الدولي، وبالتالي تفضلوا مارسوا الضغط كمجتمع دولي.
إن جل ما أقدمت عليه أوروبا تاريخياً في موقفها من الاستعمار الصهيوني هو مقاطعة بضائع المستوطنات، وما يعنوه بالمستوطنات هنا هو مستوطنات الضفة الغربية تحديداً باعتبار كل الاستيطان اليهودي في منطقة 48 شرعي وقانوني! ولكن لا بأس. ولكن ماذا غير ذلك؟ فعلياً لا شيء يستحق الذكر، بينما ما يستحق الوقوف عنده هو الموقف السياسي العنصري بامتياز لرئيسة المفوضة الأوروبية، الممثلة الأبرز للعقلية الأوروبية الاستعمارية، في ذكرى (استقلال) دولة الاستعمار في حديثها عن معجزة اليهود التي صنعوها في أرض صحراوية قاحلة، وهذا ما يعكس حقيقة رؤية الرجل الأبيض الأوروبي للصراع في المنطقة. وما يمكن تذكره ايضاً منع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) من العمل، او التضييق عليها، داخل العديد من دول أوروبا، ومختلف الأنشطة التضامنية مع شعبنا باعتبارها ( معادية للسامية). إن الحد الأدنى الذي يمكن أن تمارسه أوربا ضد الاحتلال هو الوقوف مع الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية باتخاذ موقف مستقل عن السيد الأمريكي، وكذلك وقف التعاون العسكري مع الاحتلال، أما إذا أرادو صدق الموقف بعيداً عن النفاق والمواربة فهو قطع العلاقات مع دولة الاحتلال بالضبط كما فعلت إبان الحكم اللعنصري في جنوب إفريقيا.
لا يمكن فهم مطالبة الأخرين بالضغط فيما الاتحاد الأوروبي هو المؤهل، إضافة لأمريكا، لممارسة الضغط، ولكننا ندرك استحالة ذلك لقناعتنا بالعلاقة الأيديولوجية الوثيقة تاريخياً بين الرؤيتين، البيضاء الأوروبية والبيضاء الصهيونية، وبالتالي فالمشروع الصهيوني في فلسطين هو بالضبط حسب، رئيسة المفوضية (معجزة في أرض قاحلة) كما وصف سابقا ولا زال في العديد من الكتابات، الاستعمار الأبيض لإفريقيا والأمريكيتين. وربما ان المطالبة بممارسة الضغط هو في سبيل حشد موقف سياسي أوروبي ضد بعض وزراء حكومة نتياهو، وتحديداً بن غفير وسموتريتش، باعتبار مواقفهما الفجة وتصريحاتهما (غير الدبلوماسية) وفاشيتهما العلنية تضع (حلفاء إسرائيل) كالأوروبيين والأمريكان في موقف (محرج).
أما القضية الجوهرية الثانية التي برزت في التصريح فهي مطالبة إسرائيل (بتمكين السلطة الفلسطينية من القيام بمسؤولياتها وفق اتفاقية أوسلو). عن اية مسؤوليات يتحدث الممثل؟ عن قمع المقاومة في المخيم وغيره من المواقع. لا يمكن (تفسير) المطالبة بغير ذلك وإلا جرى التلاعب بالحقائق، فحسب اتفاقية أوسلو فعلى السلطة وأجهزتها منع اية مقاومة مسلحة، وبالتالي كأن الاتحاد الأوروبي (يعاتب) الحكومة الإسرائيلية بانكم لا تمكنون السلطة من القيام بدورها هذا ومسؤوليتها تلك عبر قيامكم بالعديد من الممارسات (مصادرة الأموال، اقتحامات المدن والاغتيالات شبه اليومية، الاستيطان المتسارع)، وأهمها باجتياحكم للمخيم، ذلك الاجتياح، وهذا ما يعرفه الاتحاد الأوروبي، الذي يعمق من الشرخ القائم بين السلطة الفلسطينية وعموم الشعب كما بدا واضحاً كتداعيات لاقتحام المخيم وصموده، وبالتالي مكنوا السلطة ان تقمع المقاومة، ووفروا لها الظروف لتقوم بذلك. هذا ما يقوله الاتحاد الأوروبي وليس غير ذلك.
وعليه ينبغي ان لا يغتر أياً منا بالحديث عن دعم البنية التحتية المدمرة والتنديد بالاحتلال والاستيطان، بل ينبغي مطالبة الاتحاد الأوروبي بأن يكون عند مستوى تصريح ممثله (ممارسة الضغط)، وهذا لا يكون إلا عبر قطع العلاقات السياسية مع المستعمِر ولا أقل، فليس من فارق بين نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وبين الاستعمار الصهيوني في فلسطين بل الثاني أكثر بربرية ووحشية. غير ذلك محض بربوغاندا لا تغني ولا تسمن من جوع.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
في زيارته لمخيم جنين: ماذا يكمن خلف ما قاله ممثل الاتحاد الأوروبي