Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

السّبت 08 يوليو 2023 10:43 صباحًا - بتوقيت القدس

البؤر الاستيطانية.. دفيئات إرهاب

نابلس "القدس" دوت كوم -غسان الكتوت

قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن البؤر الاستيطانية المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة، باتت تشكل دفيئات إرهاب تبنيها شبيبة التلال، وترعاها دولة الاحتلال، ويغطيها القضاء الإسرائيلي.


ففي ظل الضغوط التي مارسها وزير المالية والوزير في وزارة الجيش الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، قررت المحكمة العليا في إسرائيل الأسبوع الماضي منع إخلاء بؤرة استيطانية أقيمت مؤخرا وسط الضفة الغربية على أراضي قرية المغير في محافظة رام الله والبيرة.


وكما كان متوقعا؛ عملت المحكمة كذراع من أذرع الاحتلال، وهي كذلك في الأغلبية الساحقة من القضايا التي تعرض عليها عندما يتعلق الأمر بالاستيطان والمستوطنين، إذ تقوم بدور في غاية الخطورة على هذا الصعيد، فهي تدعي أنها تعكس التزام دّولة الاحتلال بسلطة القانون وتسهم في تكريس شرعية هذه الدولة أمام مؤسسات القضاء الدولية، أي أن أحد وظائفها من حيث علاقتها بالاحتلال وممارساته هو حماية صورة دولة إسرائيل وحماية الذين يخالفون القانون، وهي تقوم بهذا الدور بأمانة كاملة.


وجاء القرار في سياق النظر بالتماس قدمته 5 عائلات استوطنت في الموقع بعيد عملية إطلاق النار على مدخل مستوطنة "عيلي" قبل أسبوعين وأسفرت عن مقتل 4 مستوطنين، وينص القرار على منع إخلاء 5 مباني أو تدميرها على الأقل حتى بداية الأسبوع المقبل، مقابل وديعة مالية بقيمة 50 ألف شيكل.


ويتطرق هذا القرار كذلك إلى واحدة من أصل 7 بؤر استيطانية أقامها المستوطنون في أعقاب العملية التي استهدفت تجمع مستوطنين على موقف للمسافرين على مدخل مستوطنة "عيلي"، وكان وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت، قد أصدر أمرا بإخلاء البؤرة الاستيطانية رغم معارضة الوزير في وزارته بتسلئيل سموتريتش.


وبحسب توزيع السلطات في وزارة الجيش، فإن لدى غالانت صلاحية إصدار أمر إخلاء إذا كانت هناك "اعتبارات أو حاجات أمنية" لذلك، وبالفعل أصدر غالانت أمرا بالإخلاء، وألغي أو اوقف الأمر بقرار من المحكمة، ويبدو أن الخلاف بين غالانت وسموتريتش بخصوص إخلاء تلك البؤرة الاستيطانية هو استمرار للخلاف حول توزيع الصلاحيات في وزارة الجيش.


ويفتح قرار المحكمة العليا الإسرائيلية هذا ملف البؤر الاستيطانية التي تنتشر كالفطر أو كالسرطان في الأرياف الفلسطينية في الضفة الغربية، وهذه البؤر التي تدور بشأنها في أوساط الحكومة الإسرائيلية حركة نقاش حول دورها في دفع المشروع الاستيطاني خطوات إلى الأمام من أجل إغلاق الطريق على فرص تسوية سياسية للصراع على أساس ما يسمى حل الدولتين، فما هي قصة هذه البؤر الاستيطانية التي يوليها سموتريتش كما بن غفير وغيرهما أهمية فائقة في حسابات السيطرة على أوسع مساحة ممكنة من الأرض بأقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، وقد تجاوز عددها حتى الآن نحو (254) بؤرة موزعة على محافظات الضفة الغربية، بما فيها القدس، وهي على النحو التالي بصورة تقديرية: 50 بؤرة في محافظة الخليل 17 في محافظة بيت لحم، 15 في محافظة القدس، 20 بؤرة في محافظة أريحا، 55 في محافظة رام الله والبيرة، 18 في محافظة سلفيت، 11 في محافظة قلقيلية، 45 في محافظة نابلس، 5 في محافظة طولكرم، 11 في محافظة طوباس، 7 في محافظة جنين.


وبدأت الظاهرة بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو في محاولة لفرض حقائق جديدة على الأرض تمحو الفواصل التي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين قد حددها بين المستوطنات السياسية والمستوطنات الأمنية، ولكنها كظاهرة استفحلت نهاية تسعينات القرن الماضي إثر دعوة أرئيل شارون الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة نتنياهو الأولى، المستوطنين آنذاك لاحتلال رؤوس الجبال والتلال للحيلولة دون انتقالها للفلسطينيين لاحقا في إطار أية تسوية سياسية مستقبلية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، فكانت تلك الدعوة بمثابة الضوء الأخضر لقيام منظمات يمينية متطرفة لعبت الدور الأبرز في نشر تلك البؤر الاستيطانية، وعرفت لاحقا باسم "شبيبة التلال".


وتبدأ الخطوة الأولى بخيمة أو بكرفان لعدد من المستوطنين بالقرب من مستوطنة قائمة في المنطقة، وهي خطوة تبدأ بها شبيبة التلال ويتعهدها قادة (أماناه) بالتمويل وترعاها المجالس المحلية أو الاقليمية في المنطقة فضلا عن الحاخامات لمنع الحكومة والادارة المدنية من إزالتها باعتبارها مخالفة حتى للقوانين الإسرائيلية المرعية، ليأتي دور لواء الاستيطان ليوقع عقودا مع المستوطنين إما للبناء أو لاستخدامات الأراضي.


ولواء الاستيطان هذا هيئة غير حكومية تأسست عام 1971 وميدان عمله الضفة الغربية، كان تابعا لدائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية حتى العام 1993 واستقل عنها ليصبح أحد الاذرع الخفية للإدارة المدنية في جيش الاحتلال.


وتتطور الخيمة أو الكرافان لتصبح بيوتا متنقلة أو بيوتا جاهزة يجري ربطها بالمستوطنات القريبة بشوارع ترابية ثم معبدة وبشبكة مياه وكهرباء وغيرها من لوازم البنية التحتية في انتظار منحها الشرعية من الإدارة المدنية.


وكثيرة هي البؤر الاستيطانية التي تحولت مع الوقت إلى أحياء لمستوطنات قريبة أو لمستوطنات قائمة بذاتها، كما هو حال مستوطنة "راحاليم" ومستوطنة "شيفوت راحيل" إلى الجنوب والجنوب الشرقي لمدينة نابلس.


يذكر أن المجلس الأمني الوزاري المصغر في إسرائيل (الكابينت) كان قد وافق في شباط الماضي على إضفاء الشرعية (وهي شرعية زائفة وفقا للقانون الدولي) على 9 بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية من أصل 77 بؤرة غير قانونية، يطالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإضفاء الشرعية عليها، واتخذ من عملية الدهس التي نفذها فلسطيني في حينه في مستوطنة "راموت" شمالي القدس وأدّت إلى مقتل 3 إسرائيليين وإصابة آخرين ذريعة لذلك.


قرار المجلس الوزاري هذا لم يلق معارضة لا من المحكمة العليا الإسرائيلية ولا من المستشارة القضائية للحكومة التي لم تدعم مساعي الحكومة لشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة، لكنها لم تعارض الإجراءات التي اعتبرتها الحكومة استثنائية، علما بأن الحكومات الإسرائيلية امتنعت خلال فترة طويلة عن شرعنة بؤر استيطانية مقامة على أراض بملكية فلسطينية خاصة.


أما البؤر الاستيطانية التي وافق المجلس الأمني الوزاري المصغر على شرعنتها فقد كانت "أبيغيل" و"بيت حوغلا"، و"غفعات هرئيل" و"غفعات أرنون"، و"متسبي يهودا"، و"ملآخي هشالوم"، و"عساهئيل"، و"سادي بوعز"، و"شحريت"، وحسب بيان الحكومة في هذا الخصوص، فإن القرار دعا الى بدء عملية واسعة للتحضير لمواصلة إجراءات شرعنة سائر البؤر الاستيطانية العشوائية.


خطورة هذه البؤر الاستيطانية لا تقف عند حدود السطو بالقوة على أراضي المواطنين الفلسطينيين بل وفي الاعتداء على حياتهم وتهديدهم في أمنهم، ففي هذه البؤر بدأت تتشكل خلايا إرهابية سرية تطورت مع الوقت الى منظمات إرهابية تعمل في العلن بشكل منظم، ولها مرجعياتها السياسية في الكنيست والحكومة والمجالس الاقليمية للمستوطنات ومرجعياتها الدينية وهم حاخامات المستوطنات ومرجعياتهم التنظيمية الميدانية، كانوا يخرجون إلى الشوارع بمجموعات صغيرة يعتدون على المواطنين الفلسطينيين، يخربون ممتلكاتهم ويخطون على جدران منازلهم شعارات عنصرية وأصبحوا يخرجون بالمئات بشكل منظم يداهمون ويحرقون ويدمرون ما يعترض طريقهم في حماية جيش الاحتلال ورعاية المرجعيات السياسية والروحية، كما هو الحال منذ مطلع العام بدءا ببلدات حوارة وبرقة وبورين وجالود وقصرة في محافظة نابلس، مرورا بسنجل وترمسعيا والمغير وأم صفا في محافظة رام الله والبيرة، وانتهاء بمسافر يطا في محافظة الخليل.


الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ذاتها، بما فيها الشاباك، تخشى وفق مصادر إسرائيلية من تشكيل ميليشيا مسلحة للمستوطنين لتنفيذ جرائم ضد الفلسطينيين على ضوء الدعم الكبير والتغطية التي يتمتعون بها من جانب وزراء في حكومة الاحتلال بعد أن تم تقييد يد الشرطة بتعليمات من الوزير المتطرف بن غفير بعدم التعرض للمستوطنين.


وتشير هذه الأجهزة إلى أن جماعات "شبيبة التلال" و "تدفيع الثمن" وغيرهما من منظمات الإرهاب اليهودي التي تتخذ من البؤر الاستيطانية ملاذات آمنة، لها تمثيل في الكنيست عبر وزراء وأعضاء كنيست كانوا على رأس هذه الجماعات، بينهم بن غفير وسموتريتش، واللذين سبق أن تم اعتقالهما على خلفية قيادتهم الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة، كما يحظى المستوطنون بدعم من عضو الكنيست "تسفي سوكوت" المحسوب على "شبيبة التلال" وكان أحد قادتها، حيث أعرب مؤخرًا عن امتعاضه من سياسة الحكومة الإسرائيلية في الضفة بعدم الرد على العمليات بالطريقة الصحيحة.


وبشكل عام فإن حكومة الاحتلال تمنح غطاءً لتشكيل ميليشيا مسلحة للمستوطنين في الضفة، إذ هاجم العشرات من المسلحين قرى أم صفا وترمسعيا وعوريف مؤخرًا، في ظل عجز الحكومة عن إصدار بيان إدانة بعد أن سعى وزير الجيش جالانت للحصول على دعم الوزراء لبيان مماثل، إلا أنه أخفق في إقناعهم.


وفي السياق، تراجعت عمليات هدم المباني غير القانونية، وفقا للقوانين الإسرائيلية، التي يبنيها المستوطنون في الضفة الغربية منذ أن مُنح زعيم حزب “الصهيونية الدينية”، وزير المالية والوزير في وزارة الجيش سموتريتش، سلطة واسعة على القضايا المدنية في الضفة الغربية.


ووفقا لتقارير إسرائيلية فإن المعطيات تظهر أنه خلال عام 2022 بأكمله، بلغ معدل هدم المباني غير القانونية التي أقامها المستوطنون حوالي 25 شهريًا، بينما تم إجراء عمليتي هدم فقط في المتوسط ما بين كانون الثاني وأيار الماضي من العام الجاري، وذلك بعد أن أوكل سموتريتش المسؤولية عن إدارة المستوطنات في وزارة الجيش الى المتطرف يهودا إلياهو الذي أسس مع سموتريتش نفسه منظمة "ريغافيم" اليمينية المتطرفة التي تشن حربًا علنية ضد البناء الفلسطيني في مناطق الضفة الغربية.


وتشير المعطيات المتوفرة إلى إن هناك تقارير تصل حول مبانٍ بنيت بشكل غير قانوني بهدف أن يتم إخلاءها، إلا أن الإدارة المدنية تميل لعدم الموافقة على ذلك إلا في حالات استثنائية، كأن تكون هناك حاجة أمنية فورية لذلك، أو تعلق الأمر بأرض خاصة، وخلال الأشهر القليلة الماضية كان هناك عدة حالات جاءت فيها قوات الاحتلال لهدم مبانٍ أو منع بناء مبانٍ، ولكن بعد تدخل المستوى السياسي وخاصة سموتريش، تنسحب تلك القوات بدون تنفيذ الأوامر.


وكانت الإدارة المدنية على كل حال تركز بشكل أساسي على هدم المباني الفلسطينية، فمن أصل 187 أمر هدم مبانٍ جديدة صدرت من عام 2019 إلى نهاية 2020، كان منها 159 للفلسطينيين، وفقط 28 للمستوطنين.


على صعيد آخر، اعتبرت الصحفية التقدمية الإسرائيلية عميرة هيس أن الهجوم على جنين ومخيمها الأسبوع الماضي هو بمثابة مقدمة للعودة لأربع مستوطنات في محيط جنين والتي تم إلغاء قانون إخلائها مؤخراً، وأن العملية العسكرية تهدف إلى إخضاع الفلسطينيين وإضعافهم وبالتالي بدء تنفيذ مخطط العودة لمستوطنات شمال الضفة وهي "غانيم"، "كاديم"، "صانور"، "حوميش".


وتخطط الحكومة اليمينية بعد إلغائها قانون إخلاء المستوطنات إلى العودة للاستيطان هناك، إلا أنه كان من الصعب تحقيق هذا المخطط في ظل وجود قوة عسكرية في جنين وبالتالي كان لزاماً الخروج لهكذا عملية عسكرية، حيث تسعى الحكومة بعد إلغاء ذلك القانون الى إعادة المستوطنين الى المستوطنات التي أخليت عام 2005.


ونوهت إلى أنه وعلى الرغم من إخلاء المستوطنات الأربع في العام 2005 إلا أن الجيش الإسرائيلي أعلن عنها كمناطق عسكرية مغلقة ومصنفة كمناطق C يحظر البناء الفلسطيني في فيها، وبالتالي بقيت على حالها منذ 18 عاماً.

دلالات

شارك برأيك

البؤر الاستيطانية.. دفيئات إرهاب

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)