أقلعت مساء السبت أول طائرة تجارية مباشرة بين صنعاء والسعودية، منذ إغلاق مطار العاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين عام 2016، تقلّ حجاجًا يمنيين، في مؤشر جديد الى التهدئة في البلد الغارق في الحرب منذ تسع سنوات.

ومنذ آب/أغسطس 2016، يفرض التحالف الذي يدعم الحكومة اليمنية في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، قيودًا على حركة المطار ويسمح لطائرات المساعدات وتلك التابعة للأمم المتحدة فقط بالهبوط في المطار.

وقال مصدر ملاحي رفض الكشف عن اسمه إن الطائرة التابعة للخطوط الجوية اليمنية تقل 277 حاجًا يمنيًا إلى مطار مدينة جدّة الدولي في السعودية وقد أقلعت قرابة الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي (17,00 ت غ).

وأضاف أن رحلتين أخريين مرتقبتان الاثنين والثلاثاء لاستكمال نقل الحجاج.

وأوضح القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة الخطوط اليمنية خليل جحاف أن عدد المسافرين عبر الرحلات الثلاث سيبلغ تقريبًا 613 مشيرًا إلى احتمال تسيير رحلة رابعة إضافية إذا كان هناك حاجة وإقبال من قبل الحجاج.

وخلال مؤتمر صحافي في مطار صنعاء، عبّر وزير الأشغال غالب مطلق عن استيائه من تسيير ثلاث رحلات فقط فقال "هناك تقريبًا 24 ألف حاج" يرغب بالذهاب إلى السعودية، "من المفترض أن يكون هناك 200 رحلة جوية" لتلبية الحاجة.

من جانبه، رأى وزير الإرشاد والحج أن هذه الرحلات هي " بادرة خير لتُفتح المطارات وبالذات مطار صنعاء أمام المسافرين اليمنيين".

بدأ النزاع في 2014 عندما سيطر الحوثيون على مناطق عدة في اليمن بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس التحالف ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى وتسبّب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

ويتهم الحوثيون الرياض بفرض "حصار" على اليمن خصوصًا عبر إغلاق المطار، في حين يقول السعوديون إنهم يريدون منع تهريب الأسلحة إلى المتمردين.

وقال محمد عسكر أحد المسافرين لفرانس برس "إن شاء الله ينتهي الحصار ويبقى المطار مفتوحًا، نحن فرحون جدًا ومرتاحون ولا يمكن أن نصف الشعور".

والعام الماضي، تمّ تسيير رحلات تجارية من مطار صنعاء إلى القاهرة وعمّان، في إطار اتفاق هدنة سرت من نيسان/أبريل 2022 حتى تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه.

وبموجب اتفاق الهدنة، كان يفترض السماح برحلتين تجاريتين من صنعاء أسبوعيًا، لكن خلافات حول مصادر جوازات السفر حالت دون ذلك.

وأوضح وزير الإرشاد والحاج والعمرة اليمني نجيب العجي السبت أنه لم يُسمح بالسفر سوى للحجاج الذين يحملون جوازات سفر صادرة من السلطات اليمنية في عدن.

وتتخذ الحكومة اليمنية من عدن مقرًّا موقتًا لها منذ أن انتقلت إلى المدينة الواقعة في جنوب البلاد، بعد وصول الحوثيين الى صنعاء.

وأكد كثرٌ من المسافرين مدى ارتياحهم للسفر من صنعاء بدلًا من الانتقال برًا إلى عدن.
وقال أكرم مرشد وهو أحد المسافرين، لفرانس برس "شعور رهيب جدًا أن نودع الأهل والأصدقاء هنا في مطار صنعاء لأننا لم نعد نتحمل أعباء ومشقة السفر إلى عدن".

تستغرق الرحلة من صنعاء إلى عدن أكثر من 12 ساعة بسبب النقاط الأمنية التي يمرّ عبرها المسافرون، الذين يفضّل بعضهم سلوك طرق أخرى أطول لتجنّب التفتيش.
بدوره، قال المسافر عبدالله الحمزي "لقد خففوا عنا الكثير بعد أن كنا نسافر برًا لمدة أسبوع".

وكثّفت السعودية جهود السلام في اليمن منذ أن أعلنت في آذار/مارس الماضي بشكل مفاجئ عن اتفاق لاستئناف العلاقات مع إيران، خصمها الإقليمي، برعاية الصين، بعد قطيعة استمرّت سبع سنوات.

وفي وقت سابق هذا الشهر، أعادت إيران فتح سفارتها في الرياض وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان زيارة إلى طهران السبت، التقى خلال نظيره الإيراني والرئيس ابراهيم رئيسي.

وفي نيسان/أبريل، زار وفد سعودي صنعاء لإجراء مباحثات مع الحوثيين في وقت جرت عملية تبادل سجناء كبرى شملت نحو 900 أسير.

وانتهت اجتماعات صنعاء بدون التوصل إلى هدنة جديدة، رغم أن السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر قال لفرانس برس إنه يعتقد أن جميع أطراف الحرب "جديون" بشأن الرغبة في السلام.

وهذا الأسبوع، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ أمام منتدى اليمن الدولي الذي عُقد في لاهاي، إن الطريق إلى السلام سيكون "طويلاً وصعبًا".