لم يتردد الدكتور سفيان بسيط رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس، عن إدانة الجانب الإسرائيلي الذي يعرقل عمل متطوعي الجمعية في البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، مما يحول دون الوصول إلى المرضى وتقديم ما يلزم لهم من إسعافات وطبابة قبل نقلهم إلى المشافي المختصة لتقديم العلاج اللازم لهم.

ويسوق بسيط خلال لقاء مع "القدس" دوت كوم، في مكتبه بمقر جمعية الهلال الأحمر في حي الصوانة بالقدس، مثالاً صارخاً على ذلك، ما حدث مع مواطن تونسي كان في زيارة للقدس والمسجد الأقصى المبارك، حيث أصيب بجلطة قلبية في ليلة القدر، ومنع جنود الاحتلال المسعفين والمتطوعين من الوصول إليه بسيارة الإسعاف التابعة للجمعية لنقله إلى المستشفى.

نقل المريض على الأكتاف..

ويضيف بسيط وهو رئيس نقابة الأطباء في القدس، ونائب رئيس النقابة في الضفة الغربية، "إن المتطوعين اضطروا لنقل المريض الذي كان في حالة صعبة جدًا حملاً على الأكتاف وصولاً إلى سيارة الإسعاف قرب باب الأسباط ومن ثم نقله إلى المشفى، حيث تلقى العلاج وتماثل للشفاء، وتم الاطمئنان عليه في بلده بعد أن وصل إليها، وذلك كنوع من التقدير والواجب الإنساني مع ضيف فلسطين وضيف المسجد الأقصى".

اعتداءات على الطواقم..

ولا يخفي بسيط الذي يرأس جميعة الغدد الصماء والسكري، قلقه من هذه الإجراءات الإسرائيلية التي تحول دون تقديم الخدمات بالشكل المطلوب لضيوف الرحمن في المسجد الأقصى، وخاصة في شهر رمضان الفضيل، مشيراً إلى أنه تم التعرض لطواقم المتطوعين خلال رمضان الأخير والاعتداء عليهم ومنعهم من أداء عملهم، كما حاربوا الزي الرسمي الذي يرتدونه، لأنه يؤكد فلسطينيتهم وعروبتهم في المدينة التي ترمي إسرائيل إلى تهويدها بالكامل ولكن عبثاً.

الاستعدادات لشهر رمضان..

واستعداداً للشهر الفضيل وبشكل مبكر، يقول بسيط: "أنه تم عقد اجتماع خلال الأيام الأخيرة الماضية مع الأوقاف الإسلامية في القدس لبحث التحضيرات والترتيبات اللازمة لخدمة ضيوف المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس، خاصةً وأن هذا الشهر الكريم سيأتي العام المقبل وفي السنوات القادمة في الموسم المطري، ما يعني أن كل الترتيبات الصيفية لاغية، وبالتالي يتطلب الأمر البحث عن وسائل راحة جديدة للمعتكفين والمصلين والمتطوعين والمسعفين الذين يتواجدون في صفوف المواطنين للقيام بواجبهم في حال تعرض أحدهم لأي مكروه".

رسالة الجمعية قائمة على المحبة..

ويقول رئيس جمعية الهلال الأحمر في القدس، "إن رسالة الجمعية هي رسالة محبة وعطاء، ولذلك فإنها تبحث دائماً عن كل ما يؤدي إلى توفير الخدمة الافضل للمواطن الفلسطيني سواء في القدس أو قطاع غزة أو أي من محافظات الوطن الأخرى، فهي وجدت لتحقيق هذا الهدف النبيل ولا يمكن أن تتخلى عن هذا الدور رغم الإمكانيات المحدودة".

وتمتلك جمعية الهلال الأحمر في القدس اسطولاً إسعافياً هو الاكبر على مستوى الوطن بواقع "21" سيارة إسعاف تعمل على خدمة المقدسيين، وأهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية، وتقوم بنقلهم إلى كافة المشافي وحتى داخل الخط الأخضر، وفق بسيط الذي يعبر عن فخره بهذه الخصوصية.

بيت للمسنين..

ويقول بسيط: "إن الجمعية بصدد تنفيذ مشاريع عديدة لخدمة المقدسيين، أهمها إقامة بيت للمسنين في منطقة الصوانة، مشيراً إلى أنه لا يوجد أسرة كافية في مستشفى المطلع، لإيواء كبار السن الذين يضطر أهاليهم لنقلهم إلى بيوت خارج حدود المدينة، وهو الأمر الذي يؤرق المقدسيين ويشكل لهم كابوساً نعمل على إنهائه في القريب العاجل، مطالباً الجهات المختصة بتوفير الدعم اللازم لإقامة هذا البيت، كذلك ستقوم الجمعية ببناء مركز جديد في كفر عقب للصحة الانجابية، مما يشكل إضافة جديدة لهذه المؤسسة العريقة".

تأسيس الجمعية..

يشار إلى أن الجمعية مقامة منذ العهد العثماني سنة 1990 واستمرت إلى اليوم، حيث عملت في سلطة الانتداب البريطاني ومن ثم في العهد الأردني وبعد حرب حزيران 67، باتت تعمل في ظل الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاربها بشكل خفي وآخر معلن، لأنها تمثل رمزاً سيادياً في المدينة المقدسة، إذ تعتبر إحدى مؤسسات منظمة التحرير.

كما أنها ثاني أعرق جمعية للهلال بدأت عملها في البلدة القديمة بالقدس، وتحولت إلى مستشفى صغير، ثم انتقلت إلى خارج السور التاريخي وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي استقرت في مقرها الحالي في الصوانة.

ويشهد لها فلسطينياً بأنها من أعرق مستشفيات الولادة في القدس خاصة والوطن بشكل عام، ثم يأتي بعدها مستشفى المقاصد، وهو الأمر الموثق طبياً، كما تمتلك الجمعية ثلاث عيادات في عقبة الخالدية وباب الزاهرة وفي كفر عقب تقدم خدمات التطعيم والرعاية للأطفال.

وليس ببعيد عن الجانب الطبي، فإن الجمعية تقدم خدمات إنسانية واجتماعية تطوعية في المناطق المهمشة في شمال غرب القدس والعيزرية وأبو ديس والمناطق البدوية، ولديها طاقم متطوعين جلهم من الشباب عددهم "300" يعملون بلا كلل أو ملل من أجل خدمة أبناء المجتمع الفلسطيني.

عقبات تواجه الجمعية..

وعن العقبات التي تواجه الجمعية، يؤكد بسيط أن أبرزها القوانين الإسرائيلية التي تحد من العمل وخاصة في البلدة القديمة من القدس، إضافة إلى العائق المادي الذي يمنع تنفيذ النشاطات والقيام بالمشاريع التي هي عبارة عن أفكار مختمرة في العقول غير متحققة على أرض الواقع بسبب ضيق ذات اليد.

يشار إلى أن جمعية الهلال هي إحدى مؤسسي شبكة مستشفيات القدس، حيث عقد اجتماع في الأيام الماضية من أجل تفعيل هذه الشبكة التي يرأسها عبد القادر الحسيني.

ويشيد بسيط بالثقة العالية التي استطاعت الجمعية بنائها مع المجتمع المقدسي الذي يرى في الجمعية الحائزة على أعلى شهادتين في الجودة والتميز، مؤسسة عظيمة وصرح وطني له احترامه وتقديره في الشارع الفلسطيني بشكل عام.

"مسار نور الهلال"..

ومن منبر "ے" أعلن بسيط أن الجمعية بصدد تنظم أول مسار لها في 17 الجاري يحمل اسم "مسار نور الهلال" الذي سينطلق من باب العمود، ليجوب كل أنحاء المدينة ويختتم في المسجد الأقصى المبارك، ويتخلله شرح تاريخي عن الجمعية من جانب، والقدس العاصمة من جانب آخر، ليصار فيما بعد إلى تحويله لتقليد شهري، إلى جانب الملتقى العلمي الشهري التابع للجمعية والذي ينظم نشاطات مختلفة تهم الأطباء والأوساط الثقافية والسياسية والاجتماعية والإعلامية وغيرها.

ويختتم بسيط حديثه مؤكداً: "رسالة الهلال هي رسالة إنسانية ومحبة، ونحن نطالب كل الجهات المختصة بمساعدتنا على الاستمرار في نهضتنا وتنفيذ مشاريعنا التي تخدم أبناء شعبنا ونقول لهم: "نريد صنارة ولا نبحث عن سمكة".