تتطلع السلطة الفلسطينية إلى تعميق التعاون مع مصر في مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية والتعليمية والصحية في إطار خطة للانفكاك التدريجي عن إسرائيل.

وزار وفد حكومي فلسطيني برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية، مصر الاثنين الماضي، وضم الوفد وزراء الخارجية والداخلية والاقتصاد الوطني والصحة والمواصلات والأشغال العامة والإسكان والتعليم العالي والأوقاف والصحة وسلطة الطاقة.

وعقد اشتية خلال زيارته التي استمرت ثلاثة أيام مشاورات سياسية مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وكذلك عقدت لقاءات منفردة بين الوزراء ذوي الاختصاص المشترك لبحث تعزيز العلاقات الثنائية.

وقال اشتية في مستهل اجتماع حكومته الأسبوعي في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية اليوم (الاثنين) إن زيارة مصر تمخض عنها مشاورات سياسية مهمة فيما يتعلق بالعلاقات الفلسطينية المصرية.

وبموازاة ذلك، أوضح اشتية أنه سيتم تقديم الخبرة المشتركة بين مصر والفلسطينيين لإنشاء النافذة الموحدة لخدمات الاستثمار، مشيرا إلى تفاهم بين وزارتي الاقتصاد في مجالات المواصفات والمقاييس ودمغ الذهب.

كما وقعت وزارة الزراعة الفلسطينية بروتوكول تعاون مع نظيرتها المصرية بما يعزز التبادل التجاري للمنتجات الزراعية الفلسطينية للسوق المصري واستيراد الأسمدة واللقاحات البيطرية والتعاون في مجال البحوث الزراعية وزيادة عدد المنح الدراسية بما فيها منح للطب البيطري، بحسب اشتية.

وفي المجال التعليمي، قال إن الحكومة المصرية وافقت على النظر في زيادة الخصم في المصروفات الجامعية للطلبة الفلسطينيين خريجي الثانوية العامة في فلسطين وتوسيع الشريحة الطلابية لتشمل اللاجئين الفلسطينيين من حملة وثائق بلدان اللجوء، وأن تشمل نسبة الخصم الجامعات الأهلية والتكنولوجية والمعاهد العليا.

وأشار اشتية إلى الاتفاق على تدريب عدد من مدراء تكنولوجيا المعلومات من موظفي الدوائر الحكومية على متطلبات حوكمة البيانات للبدء برقمنة الحكومة وتدريب عدد من مدراء التخطيط وقياس الأداء والجودة في القطاع الحكومي الفلسطيني وتدريب 20 طبيبا فلسطينيا سنويا في المستشفيات المصرية.

وبشأن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، لفت اشتية إلى تشكيل لجنة فنية مشتركة لدراسة إيصال التيار الكهربائي من مصر إلى القطاع، وأخرى لوضع مقترحات للاستفادة من برامج إعادة الإعمار الممولة من مصر في غزة وإعادة النظر في مخرجات ومدخلات معبر رفح التجارية والبشرية.

من جانبه، اعتبر رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في السلطة الفلسطينية ظافر ملحم، أن توفير الطاقة من مصر إلى القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة ويخضع لحصار إسرائيلي منذ 16 عاما سيساهم في تخفيف الاعتماد على الطاقة الإسرائيلية.

وقال ملحم لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن أهم ما تم الاتفاق عليه بشأن الطاقة تشكيل فريق فلسطيني مصري لدراسة متطلبات إعادة الربط الكهربائي ما بين مصر وقطاع غزة من خلال الشيخ زويد أو العريش إلى مدينة رفح.

وأضاف ملحم "أن هناك تطلعا في المرحلة الأولى لتوريد 100 ميغاواط للجانب الفلسطيني من مصر، على أن يتم توسعة ذلك في المستقبل ليصل إلى 150 ميغاواط لصالح القطاع، وهذا من شأنه الاستغناء عن الكهرباء الإسرائيلية تدريجيا".

وتعتبر هذه الزيارة هي الثانية التي يقوم بها اشتية إلى مصر منذ تشكيل حكومته بمرسوم رئاسي في أبريل 2019، حيث كانت الأولى في أكتوبر من نفس العام والتقى خلالها نظيره مدبولي ووصفها بالناجحة.

ومنذ تسلم مهامها تعمل الحكومة الفلسطينية برئاسة اشتية على خطة للانفكاك الاقتصادي التدريجي عن إسرائيل تشمل عدة مجالات أبرزها الزراعة والصحة والطاقة.
وسبق أن وقعت الحكومة الفلسطينية 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الأردن في ديسمبر 2021 بهدف تعزيز التعاون بين الجانبين.

وفي هذا الصدد، قال وزير الاقتصادي الفلسطيني خالد العسيلي، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن زيارة الوفد الحكومي إلى مصر تأتي ضمن خطط توسيع العلاقة التجارية الاقتصادية مع دول الجوار مثل مصر والأردن وكذلك تركيا وخطة الحكومة بالانفكاك التدريجي عن إسرائيل.

وأضاف العسيلي أن هناك عجزا في الميزان التجاري ما بين فلسطين وإسرائيل وربما يكون هناك توازن في هذا الميزان حال استثمرنا العلاقة الاقتصادية مع دول أخرى قد تكون منتجاتها منافسة للمنتج الإسرائيلي.

وأشار إلى أن فلسطين تصدر إلى إسرائيل بما بين 800 مليون إلى مليار دولار سنويا، بينما تستورد بما يصل إلى 4 مليارات دولار، الأمر الذي يمكن أن ينخفض إلى أقل من ذلك.

وأكد أهمية جلب استثمارات مصرية لفلسطين من خلال عقد مجموعة لقاءات مع القطاع الخاص المصري، مشيرا إلى أن رئيس اتحاد الصناعات المصرية ووفد من رجال الأعمال المصريين سيزورون الأراضي الفلسطينية في سبتمبر المقبل.

وتابع أن آفاق الاستثمار في فلسطين تحقق أرقاما هامة من خلال بيانات هيئة سوق رأس المال، وجرى عرض هذه الأرقام خلال اللقاءات مع مستثمرين من مصر، وهناك بوادر إيجابية لفتح آفاق الاستثمار في فلسطين أمامه.

واعتبر العسيلي أن ما تم الاتفاق عليه سيكون له الأثر الإيجابي في العمل على دعم المساعي الفلسطينية للانفكاك التدريجي عن الاقتصاد الإسرائيلي حتى لو كانت الأرقام في البداية متواضعة ولكنها سترتفع تدريجيا.