أقلام وأراء

الثّلاثاء 25 أبريل 2023 11:15 صباحًا - بتوقيت القدس

هل من ضوء في نهاية النفق ؟!

تخيّم على المشهد الفلسطيني حالة غير مسبوقة من التيه السياسي، تنعدم فيها أي محاولة ولو لمجرد تدوير الزوايا، التي قد تفضي لبصيص أمل . هذا في وقت أن الأشهر الماضية شهدت ظهور استعدادات للتضحية ، إلا أنها للأسف ظلت تدور في حلقة تبدو غير قادرة على نفض غبار هذا المشهد .

شهدت السنوات الماضية حراكات اجتماعية وشبابية متعددة، معظمها ذات طابع مطلبي، وكان أبرزها حراكات المعلمين لتحسين رواتبهم في ظل الأوضاع المعيشية المتردية،و معدلات الغلاء المتفاقمة. ولعل الانسداد الذي وصل إليه اضراب المعلمين رغم عدالة مطالبهم، حيث سبق وأقرت بها الحكومة، إلا أنها ماطلت وتلاعبت وفشلت في تنفيذها، الأمر الذي يُظهر أبعاداً جديدة لطبيعة الأزمة الوطنية العامة، التي يلفها ذلك المشهد المستعصي، كما يبدو، على المعالجة والتفكيك.

صحيح أن جذور الأزمة تتمثل بطغيان المصالح الفئوية والشخصية التي تكرست عبر سنوات الانقسام، وكان ضحيتها الأولى تغييب مؤسسات الرقابة والمساءلة البرلمانية، وتسيّد أنظمة حكم فردية وفئوية آخر اهتماماتها المصالح العامة للقطاعات الشعبية العريضة، إلا أن الصحيح أيضاً أن هذه الحراكات لم تتمكن من مجرد محاولة بلورة قاسم مشترك ناظم فيما بينها، ليُمكنها من توسيع قاعدتها الشعبية، القادرة على بناء كتلة شعبية تقود التغيير نحو معالجة جذور هذه الأزمات المتكررة.
كما أن الحراكات الشبابية التي انطلقت في أكثر من مناسبة منذ بداية الانقسام، ظلت حبيسة حالة الرفض للواقع دون أن تبذل ما يكفي من جهد يمكنها من الالتقاء فيما بينها على قاسم مشترك قادر على تحويلها إلى حركة اجتماعية مؤثرة في الفضاء العام، وتملأ في نفس الوقت فراغ نكوص الحركة الوطنية في أن تشكل رافعة جدّية للنضال الوطني والاجتماعي .

إن المعالجة المطلوبة لهذه التجارب، واستخلاص دروسها الغنية، بات يتطلب، وفي سياق محاولات الاجابة على سؤال شروط تجديد الحركة الوطنية، أو بلورة رؤى كفيلة ببناء حركة وطنية جديدة، اعادة البحث في السبل و الأطر القادرة على تحقيق هذا الهدف .

نكوص الحركة الوطنية و مؤسسات المجتمع المختلفة عن الربط بين مهام استكمال التحرير الوطني، ومهام البناء الديمقراطي، شكل السبب الأساسي وراء اقصائها، وتخلفها عن القيام بدورها التاريخي، و تذيُلِّها في هوامش المشهد الانقسامي وأطرافه، التي باتت تعاني من مظاهر الفشل الاستراتيجي المزمن، سيما بعد نجاح حكومة الاحتلال في وأد ما كان يعرف بمسيرة التسوية، واصرار القيادة المتنفذة على التمسك بحطام هذه المسيرة . الأمر ذاته ينطبق على استراتيجية وبرنامج "مقاومة" حماس، الذي تم مقايضته مع حاجتها للبقاء و استمرار سيطرتها على قطاع غزة، وفي سياق استراتيجية الاحتلال لتمزيق الكيانية والهوية الوطنية .

في ظل هذا المشهد، وغياب ولو نقطة ضوء في نهاية نفق الشرذمة، وما رافقها من افقار للقطاعات الشعبية العريضة، وشراسة مخططات الاحتلال التوسعية بالاستيلاء على أراضيهم ومصادر رزقهم ، سرعان ما التفت هذه القطاعات حول ظاهرة المقاومة المسلحة التي شهدتها مدن الضفة الغربية، وقد تمكنت بعض تشكيلاتها من امتلاك حاضنة شعبية ملموسة، ولكنها أيضاً ظلت وما زالت تفتقر للحاضنة السياسية .

لقد بات من الواضح أنه دون بلورة أسس جامعة لبناء حركة شعبية عريضة، تضم كافة الاتجاهات التي لها مصلحة حقيقية في التغيير الديمقراطي، وعلى أساس الاقرار بالتعددية السياسية والفكرية دون مرواغة، أو نزعات ذاتية، فستظل كل هذه الحراكات والمبادرات وحتى التضحيات خارج القدرة على احداث هذا التغيير المنشود .

توفير البيئة الكفيلة بنمو هذه المبادرات هي الأولوية العليا أمام الوطنيين الفلسطينيين، شريطة أن تظل بوصلتها قادرة على الربط الموضوعي بين مهام النضال الاجتماعي وأطره القادرة على قيادة هذا النضال، وبين متطلبات النضال الوطني القادرة أيضاً على تحويل ارادات القطاعات الشعبية واحتياجاتها المختلفة إلى ارادة فعل وطني للخلاص من الاحتلال. بالتأكيد أن انجاز هذه العملية يحتاج إلى تراكمات متأنية، ولكنها لن تُستكمل إلا بتغيير موازين القوى الفعلية في صندوق الاقتراع .

دلالات

شارك برأيك

هل من ضوء في نهاية النفق ؟!

المزيد في أقلام وأراء

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 223)

القدس حالة الطقس