Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 14 فبراير 2023 10:42 صباحًا - بتوقيت القدس

"الديمقراطية المزعومة لدولة اليهود" ومستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

 بقلم: جمال زقوت


الصراع السياسي الداخلي على مستقبل اسرائيل وهويتها، والذي انتقل للشارع بمظاهرات حاشدة تتسع باستمرار، و تجذب قطاعات اقتصادية واجتماعية هامة، بدأ يتحول إلى صراع جدي يعكس بصورة جلية الاستقطاب الحاد على مستقبل "دولة اليهود وديمقراطيتها". وبينما يتصاعد هذا التناقض في القضايا الداخلية، فإنه يكاد يتلاشي عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، والموقف من الاحتلال العسكري والاستيطاني، ومن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، سيما حقه الطبيعي في تقرير المصير. صحيح أنه ليس من الصواب وضع مجمل المكونات الحزبية للنظام السياسي الاسرائيلي في سلة واحدة ازاء مستقبل الصراع ، ولكن الصحيح أيضاً أن النظام السياسي في اسرائيل، والذي أُجبر على البحث عن مسار ما لتسوية الصراع وفق رؤيته الصهيونية على أثر الزلزال الذي أحدثته الانتفاضة الأولى، ظل حبيس الهروب من الاستحقاق التاريخي المتمثل بمسألة انسحاب الاحتلال الاسرائيلي الكامل عن الأرض الفلسطينية المحتلة، والاقرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ونيل استقلاله في دولته المستقلة على كامل حدود 1967, والذي بدونهما لن تكون هناك أية تسوية مقبولة من الشعب الفلسطيني.

الصراع على مستقبل "ديمقراطية دولة اليهود" هو بحد ذاته يعكس طابعاً عنصرياً ازاء الحقوق الوطنية الفلسطينية، و كذلك مدى جدية الاقرار بحقوق المواطنة والمساواة الكاملة للمواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل، والذين يشكلون حوالي عشرين بالمئة من سكانها .

وبدلاً من أن يفضى مسار تسوية أوسلو إلى إنهاء الاحتلال، فقد أدى إلى اتساع نطاق الاستيطان بصورة غير مسبوقة. كما شهدت الحالة الفلسطينية انقساماً أدى إلى وجود سلطتين معزوليتين عن نبض الشعب الفلسطيني وتطلعاته للحرية والكرامة الوطنية والانسانية، وتراجع الطابع التقدمي للحركة الوطنية الفلسطينية. والأخطر أن كلتا السلطتين المنقسمتين باتا تستمدان مشروعيتهما من مدى حاجة اسرائيل لبقائهما، وليس من أي شرعية دستورية/ انتخابية أو ثورية أو حتى شرعية انجاز انتقالية جوهرها تعزيز قدرة الناس على الصمود والبقاء وصون حرياتهم العامة والشخصية وحرية التعبير وضمان المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون . ذلك كله دون أن تتبلور حتى اللحظة ملامح لبديل وطني ديمقراطي جامع رغم الكثير من الجهود والمحاولات والحراكات التي لم تؤتِ أُكلها حتى الآن.

في المقابل، وفي الحلبة الاسرائيلية، فإن الأغلبية أسقطت التسوية من أجندتها، والفارق بين ما يسمى بالمعسكر الليبرالي الذي يخوض معركة الدفاع عن النظام القضائي و "ديمقراطية اسرائيل اليهودية"، ومعسكر اليمين العنصري الفاشي، أن هذا الأخير يتعجل حسم الصراع بتنفيذ مشروع الضم الاستيطاني الكامل، وربما انتظار لحظة سياسية مواتية لتنفيذ الترانسفير وإن بسبل جديدة، وتطبيق ما يعرف "بالشريعة اليهودية"في المجتمع الاسرائيلي، بينما يرى المعسكر الليبرالي، الذي يرفض هذه الشريعة ويعتبرها خطراً على ديمقراطيتهم، فإن أقصى ما يمكن أن يقدمه هو مجرد حكم ذاتي محدود، وربما كانتونات معزولة تحت الهيمنة الاسرائيلية كمحميات لاحتواء الصراع، وقطعاً ليس حله على أساس الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية وبقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بهذه الحقوق. كما أنه غير مستعد للقيام بأي مراجعة أو مجرد دراسة حول علاقة الاحتلال والاستيطان والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية بمسألة صعود اليمين الديني الفاشي لمقود الحكم في اسرائيل .

لا يُمكن انكار أسباب التحولات ذات الطابع الداخلي سواء الديني منها أو الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي في تطور البنية الاستعمارية العنصرية للنظام السياسي الاسرائيلي. ولكن الأكيد أيضاً أن هذه العوامل منفردة ومجتمعة غير معزولة اطلاقاً عن المشروع الاستعماري التوسعي .وفي هذا السياق يأتي السؤال الكبير وهو هل يُمكن حل القضية الفلسطينية واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني، بمعزل عن نزع الطابع العنصري للحركة الصهيونية التي تهيمن على مجمل المركبات السياسية والاجتماعية في النظام السياسي والمجتمع الاسرائيلي ؟ و واهم من يظن أن ذلك ممكن أن يتحقق فقط عبر التفاعلات الداخلية الاسرائيلية .

السبب الرئيسي لفشل التسوية السياسية أن قواعدها الاساسية بُنيت خارج الاقرار المسبق بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وكذلك لأن مسار المفاوضات ظل حبيساً للرؤية الصهيونية العنصرية، و لما يمكن أن تقبله دولة اسرائيل من حقوق للفلسطينيين، وأنه من وجهة نظر ما كان يسمى "باليسار الليبرالي" بأن حقوق الشعب الفلسطيني تتلخص فقط في ما ستفضي إليه المفاوضات.

إذا كانت هذه الرؤية الاسرائيلية سبباً جوهرياً للفشل المروِّع لمسار التسوية، فهي ما زالت موضع شبه اجماع لدي الاسرائيليين الذين ما زال بعضهم ينادي بالتسوية، وهو ما جعل مفهوم الانتقالية صيغة هيمنة دائمة تفتح الأبواب على الضم. فهل بقى مكان لما كان يعرف ب" حل الدولتين"، والذي أصبح "الكود الحصري" لنظرية هندسة ما تراه "اسرائيل اليهودية"من حقوق للفلسطينين، سيما في ظل النفاق الدولي وسياسة ازدواجية المعايير التي طالما صمتت على انتهاكات اسرائيل لحقوق الشعب الفلسطيني ؟ وهل هذا الفشل الذي بات بطعم الهزيمة للمشروع الوطني الفلسطيني "كما هو معرَّف حتى الآن" يفتح الأبواب نحو الضم والتصفية أم نحو حل الدولة الواحدة ؟ وهل طابع مثل هذه الدولة سيكون عنصرياً تحكمه الهيمنة اليمينية ذات الطابع الفاشي، أم دولة ديمقراطية تنبذ العنصرية بكل أشكالها؟ وسؤال المليون هو: هل يوجد على ضفتي الصراع قوى ديمقراطية جدية قادرة على النهوض بمثل هذه الرؤية وما تفرضة من استراتيجيات ومهام كفاحية؟
هذه الأسئلة بحاجة إلى تفكير وإثارة نقاش موضوعي خارج الصندق في محاولة لبلورة اجابات لعلها تكون قادرة على اخراجنا من فخ المخاطر الدموية المحدقة التي صنعها الاحتلال وعنصريته .

دلالات

شارك برأيك

"الديمقراطية المزعومة لدولة اليهود" ومستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 90)