فلسطين
الأحد 29 يناير 2023 11:21 مساءً - بتوقيت القدس
"مخيم جنين" مجزرة دامية جديدة تعيد للأذهان المجزرة المروعة عام 2002
جنين - "القدس" دوت كوم - علي سمودي – "يا ناس ابعثوا لي سيارة اسعاف.. أنا في النادي عجنوني تحت السيارة"، هذا هو النداء الذي أطلقه المواطن وليد فايز مطاحن، مستغيثًا بالجميع التحرك لانقاذه، بعدما سحقت جرافات الاحتلال مركبته وحجزته داخلها خلال عدوانها صباح الخميس الماضي على مخيم جنين، والذي شاركت به نحو 100 دورية عسكرية، ووحدات خاصة، وجرافات، تحت غطاء جوي.
.
محاصرته بمركبته ..
ومثل الكثير من الضحايا الذين استهدفهم الاحتلال، فوجيء الخمسيني مطاحن، وخلال تجهيزه مركبته التي كانت متوقفة قرب نادي المخيم الرياضي، بجرافة إسرائيلية تقتحم المنطقة وسط حراسة دوريات الاحتلال
ويقول مطاحن لـ "القدس" دوت كوم: "كانت سياراتي على طرف الشارع، وعندما شاهدت الجيش والجرافة توقفت ولم أتحرك، لكن فجأة، اقتربت الجرافة بسرعة نحو مركبتي وسحقتها وأنا داخلها .. لم يسمع الجنود صرخاتي واستغاثتي، وأنا أواجه الموت في كل لحظة، وأصبحت محاصرًا، حتى اعتقدت أنني سأموت، فقد سحبت الجرافة مركبتي وألقت فوقها مركبة أخرى سحقتها".
لم يصدق مطاحن بعد انتشاله من تحت المركبة ونقله إلى مستشفى الرازي في جنين، أنه على قيد الحياة، وتم ادخاله لغرفة الطوارئ وهو يصرخ: "أنقذوني .. لقد كسروني حطموني .. أشعر بالموت".
في تلك اللحظات، كانت تعمل الطواقم الطبية على إنقاذ حياة مطاحن، لكنها في ذات الوقت لم تتمكن من الوصول لعدد آخر من ضحايا المجزرة في المخيم، بعد أن قطع بآلياته الطرق نحوه وأغلقه وسط حصار مطبق، ومنع مركبات الإسعاف - كما يقول مدير مركز الطوارئ والإسعاف في الهلال الأحمر محمود السعدي - بأنه تم منعهم من الحركة والتنقل والوصول لمناطق العمليات بدون تنسيق مسبق، في وقت كان لم يسمح مسبقًا في عمليات سابقة أي تنسيق ومنع الحركة بالكامل.
إعدام بدم بارد
ويذكر ذلك المشهد، بما جرى في مجزرة مخيم جنين في نيسان 2002، فبالرغم من أن مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي ملاصق جدًا للمخيم ومقر الهلال الأحمر لا يبعد أكثر من 200 متر، لم يتخلف المشهد بعد 21 عامًا، فمرة أخرى، أصاب القناصة الشبان الذين نزفوا في شوارع المخيم حتى الشهادة، كما حدث مع الشهيد وسيم جعص، الذي قال والده لـ "القدس" دوت كوم: "قتلوه وأعدموه ومنعوا اسعافه .. يريدون اركاعنا بالقتل ولكن لن يولد فينا طفل يركع وما حدث وصمة عار في جبين كل العالم".
وبينما عبر الوالد أمجد جعص، عن اعتزازه بانضمام ابنه للمقاومة وتصديه للاحتلال الذي تركه ينزف حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، قال: "المقاومة حق مشروع لشعبنا في ظل وجود احتلال سرق أرضنا وشردنا من أرض الأجداد والآباء في نكبة عام 1948، وما زلنا لاجئين وولد أبنائنا لاجئين ومحرومين من كل شيء".
وتحدث عن نجله، قائلًا: "ابني وسيم مثل كل شباب المخيم يعيش معاناة وقهر ظلم الاحتلال وقتل أبناء شعبنا ورفاقه وأهل مخيمه، فاختار أن يقاوم، وعندما اقتحم الاحتلال المخيم، خرج وقاومهم ببطولة وهذا حق مشروع، لكن أي شريعة وقانون يجيز للاحتلال منع سيارات الإسعاف من الوصول إليه"، مشيرًا إلى أنه نجله استمر ينزف على أرض المخيم لمدة نصف ساعة حتى تصفى دمه في تكرار لما جرى مع الكثير من المواطنين خلال المجزرة الشهيرة في 2002.
استهداف المشفى ..
وعندما كان الاحتلال يزج بتعزيزات عسكرية ضخمة للمخيم، طال العدوان مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي في مشهد متكرر من مجزرة نيسان 2002، وقال مدير المستشفى وسام بكر لـ "القدس" دوت كوم، إن المشفى تلقى نداءات استغاثة من المواطنين لإنقاذ جرحى أصيبوا وينزفون في الشوارع، لكن الاحتلال منع الطواقم الطبية من الحركة وعجزت عن الوصول لداخل المخيم، ولم يكتفي الاحتلال بذلك، بل أطلق القنابل الغازية نحو المشفى مما أدى لوقوع إصابات في صفوف الأطفال المرضى وأمهاتهم والمسنين والطواقم الطبية.
وأشار إلى أن المستشفى ملاصق للمخيم، لكن الاحتلال شل عمل الإسعاف والطواقم الطبية بشكل كامل.
شهادات مروعة ..
ويفتقر المخيم لمراكز طبية ومشفى حتى نقاط اسعاف، ويوجد عيادة صحية لوكالة الغوث الدولية تقدم خدمات للاجئين الذين شاهدوا الموت بأعينهم في ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس، كما حدث مع المواطن محمود بدوية، الذي بقي مصدومًا من هول ما شاهده حتى بعد انقاذه ونقله لمشفى الرازي في جنين.
بدوية الذي يعمل بائع قهوة متجول في المخيم، قال: "عندما بدأت الوحدات الخاصة تطلق الرصاص بشكل جنوني بعد اكتشاف تسللها للمخيم، شعرنا برعب وقلق لا يختلف أبدًا عما عايشناه قبل أكثر من 21 عامًا في مجزرة المخيم .. لم أتوقع نجاتي من الرصاص .. هربنا للنادي واحتمينا فيه من رصاص الاحتلال، لكن فجأة شاهدنا الدوريات والجرافة تقتحم النادي وبدأت بهدم الجدران ونسفت بركس النادي ودمرت كل المركبات في المنطقة، ودهست مركبة المواطن وليد مطاحن وهو بداخلها .. لم يكتفوا بذلك بل وضعوا سيارة أخرى فوقها،مما أدى لإصابته بكسور بالغة ورب العالمين أنقذه من الموت بأعجوبة، وبعد ساعتين من الاحتجاز وصلتنا سيارة الإسعاف بصعوبة وأخرجتنا".
مجزرة رهيبة ..
أما الخمسيني محمد صالح حواشين الذي عاصر أحداث الهجوم الكبير الذي نفذه الاحتلال على المخيم عندما أعلن شارون حملة السور الواقي، فقال"ما شاهدته وعشته حاليًا، أصعب وأقسى وأكبر من معركة ومجزرة مخيم جنين .. تعامل الاحتلال معنا بوحشية .. كانوا مستوحشين، لم يسلم أحد من رصاصهم وكل إنسان يسير بالشارع أطلقوا النار عليه ولا أدري كيف نجونا من الموت".
حواشين الذي يعمل سائق سيارة عمومي، غادر منزله في المخيم كعادته وتوجه لمحيط مبنى الوكالة وسط المخيم، حيث موقف عام لمركبات نقل المواطنين، وبعد وصوله بدقائق، بدا الهجوم الإسرائيلي، ويقول "خلال انتظارنا، فوجئنا بالوحدات الخاصة تتسلل للمخيم بسيارات مدنية تحمل لوحات ترخيص فلسطينية شاحنة و3 مركبات، وشاهدناهم ينتشرون ويتحركون بسرعة قرب الجامع الرئيسي وسط المخيم .. فجأة وبدون سبب باشروا باطلاق النار، كما يبدو لإخلاء المنطقة وتحويلها لمركز عمليات لهم، بعدما انكشف أمرها في داخل المخيم وتعرضوا لإطلاق نار كثيف من المقاومة".
تدمير ورعب ..
وذكر حواشين، أنه أمام اطلاق النار الكثيف من الجنود والذين هددوا حياتهم، هربوا بسرعة نحو نادي المخيم الوحيد والقريب منهم، وأضاف"حاصرنا جنود الاحتلال بالنادي، وبعد ساعة اقتحمت الجرافات النادي وباشرت بتدمير المركبات، وهدموا جدران منزل عائلة الشهيد جميل العموري .. وشاهدنا القناص يوجه سلاحه نحونا بشكل مباشر، ونحن رافعين أيدينا ومحتجزين في ساحة النادي حتى تمكنوا من انقاذنا".
وأضاف: "كنا نعيش حالة مروعة وكوابيس رعب .. كان الرصاص ينهمر بغزارة ولم أتوقع نجاتي، إنها مجزرة رهيبة ويحب محاكمة الاحتلال".
صور أخرى ..
وقادت عملية الاحتلال في مخيم جنين وحدات المستغربين الخاصة التي تسللت بمركبات تحمل لوحة ترخيص فلسطينية ، لكن المقاومة اكتشفتها وتحول الموقف من محاولة نصب كمين لإيقاع المطلوبين، لكمائن عدة داخل المخيم الذي تحولت شوارعه لساحات معارك ومواجهة عنيفة، وقد شارك في العملية أكثر من 100 دورية، مما أعاد لذاكرة أهالي المخيم هجوم الاحتلال الذي تحول لمعركة استمرت 12 يومًا، وانتهت بمجزرة نيسان الشهيرة، التي لا زال الجميع يحتفظ بتفاصيلها حتى اليوم.
ويقول خالد الصفوري: "رصاص الاحتلال كان ينهمر بغزارة، وبرحمة رب العالمين لم يصاب أحد من أسرتي بأذى خاصة بعد قصف منزل عائلة الصباغ المجاور لنا بالأنيرجا، فتذكرت ما تعرضنا له في مجزرة المخيم، القصف والقتل والتدمير .. عندما سمعنا صوت الانفجارات، توجهنا لغرفة صغيرة لحمايةأنفسنا، وبعضها أدت لتحطيم نوافذ وباب منزلي .. في كل لحظة كنت أتوقع انهيار منزلي، ومع سماع كل صوت انفجار، لم أصدق أننا سنعيش، فقد كنت أشعر أن القذائف اخترقت بيتنا".
عندما انسحب الاحتلال ، مخلفًا 9 شهداء في حينها (لحقهم الشهيد عمر السعدي ليصل إلى 10) و20 جريحًا، كانت أثار المجزرة واضحة في المنازل التي اخترق الرصاص نوافذها وجدرانها الإسمنتية، كما اندلعت النيران في أثاث ومحتويات عدد من المنازل المجاورة، إضافة لتدمير عدد من المركبات.
وقال المواطن نضال أبو ناعسة " لفشلهم قاموا بالتدمير والتخريب وإطلاق النار على كل مكان .. البشر والحجر والمركبات التي لحق بها أضرار كبيرة .. شاهدنا نسخة جديدة من مجزرة المخيم التي ارتكب بها الاحتلال فظاعات وجرائم خطيرة، لكن عشنا فرحة صمود وثبات وتحدي المقاومة ومواجهتها للاحتلال التي تعنى أن المخيم لن ينكسر أبدًا".
بمسيرات وتظاهرة وعرض عسكري، ودعت جنين كوكبة الشهداء الذين توزعوا بين مخيم وجنين وبلدتي اليامون وبرقين، ليرتفع عدد الشهداء في المحافظة منذ بداية العام الجديد إلى 20 من أصل 32 شهيدًا في كافة محافظات الوطن.
دلالات
الأكثر تعليقاً
رجب: عملية "حماية وطن" تتقدم وتحقق نجاحات وإنجازات في حماية أهلنا بمخيم جنين
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
واشنطن ترفض تقرير "هيومان رايتس ووتش" بشأن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بغزة
تشييع جثمان المناضل الوطني اللواء فؤاد الشوبكي
صمت المجتمع الدولي إزاء الفظائع ، و الكلاب التي تنهش جثث الشهداء في غزة
صورة قلمية!.. "خط الجثث".. ممنوع العبور!
ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 45,227 شهيدا و107,573 مصابا
الأكثر قراءة
قوات خاصة إسرائيلية تعتقل مواطنا من كفر عقب شمال القدس
رحيل الأسير فؤاد الشوبكي بعد 21 عاما في سجون الاحتلال
عملية استشهادية في مخيم جباليا لأول مرة منذ بداية الحرب
"حماس" و"إسرائيل" تقتربان من الصفقة
صحيفة:الولايات المتحدة دعمت مجموعة مسلحة لإطاحة النظام في سوريا
وصفوه بالإيجابي.. وفد امريكي يلتقي "الشرع" في دمشق
رجب: عملية "حماية وطن" تتقدم وتحقق نجاحات وإنجازات في حماية أهلنا بمخيم جنين
أسعار العملات
الخميس 19 ديسمبر 2024 9:56 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
يورو / شيكل
بيع 3.76
شراء 3.76
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 290)
شارك برأيك
"مخيم جنين" مجزرة دامية جديدة تعيد للأذهان المجزرة المروعة عام 2002