Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 10 ديسمبر 2022 11:13 صباحًا - بتوقيت القدس

قتلتم صانع الخبز في مخيم الدهيشة

بقلم : حمدي فراج


الآن لربما أدركتم ، وأدرك معكم الغافلون من ابناء هذا الشعب، الذين راهنوا على مصافحاتكم وعناقاتكم وتبادل ابتساماتكم ، وحتى تبادل الطعام على مائداتهم و موائدكم ، سر كل هذا الاهتمام بمقتل الفتى عمر مناع من مخيم الدهيشة ، فقد شارك في تشييعه الالاف، وحضر اضعافهم الى بيت العزاء، حضروا حتى من جنين ونابلس والقدس والخليل ومعظم القرى والمخيمات، مسلمين ومسيحيين وعلمانيين ، نساء ورجالا وطلبة مدارس ورؤساء بلديات ومسؤولين كبار في السلطة والمعارضة على حد سواء. وبدت حركة "فتح" لأول مرة تقريبا، وكأنها تؤبن أحد مغاويرها دون ان تسقط حقيقة انتمائه لجبهته الشعبية. وقال لي احد مسؤوليها ان قتل عمر أثر فينا تأثيرا كبيرا، احسسنا ان الرصاصات الست او التسع التي اخترقته كانت موجهة الينا، ربما لأنه ينتمي الى عائلة لها تاريخ حقيقي في النضال. وقال آخر "ربما ابتسامته التي لم تكن لتفارق محياه، يسديها للجميع على نحو سلس دون اي مآرب" .
وأعتقد ان السبب يكمن في أنكم قتلتم صانع الخبز ، لما للخبز في تراثنا من مهابة قدسية، فحتى وقت قريب، كنا لا نقبل ان نرى كسرة منه ملقاة على الارض دون ان نسارع لالتقاطها ولثمها ثلاث مرات ووضعها في مكان مرتفع بعيدا عن القذارة والوساخة.
في موسم بذار القمح مطلع كل شتاء، كان الباذرون يرجزون اغان خاصة تتعلق بالامل ان يهطل المطر فينبت قمحهم، وحين يتأخر يخرجون في صلوات جماعية استسقائية، وفي موسم الحصاد، يقيمون الافراح والليالي الملاح على البيادر تحت ضوء القمر بدرا او حتى هلال .
كان جد عمر لوالدته "فرانا" "ياسين مناع الفرارجة"، وربما من اوائل الخبازين في مخيم الدهيشة منذ خمسينيات القرن الماضي، وكان شابا فتيا مفتول العضلات، تراها صيفا وشتاء بارزة ظاهرة للعيان بسبب قربه من نيران الفرن اللهابة، وكان يتقاضى بدل الخبيز طحينا، يقايضه بما يحتاج اليه من خضروات ولحوم ولوازم .
انكم ايها الغزاة لم تدركوا قيمة الخبز في بلادنا، ولم تدركوا بالتالي قيمة الخباز الذي يصنع الخبز ، فأقدمتم على قتل "عمر"، الذي أدرك قيمة هذا الخبز خاصة للجائعين والفقراء والمحتاجين، ولهذا كان يعجنه ويخبزه ويبيعه، مرفقا معه ابتسامته السرمدية، من انني اصنع الخبز، وانتم تصنعون الرصاص، من انني اصنع الفرح، وانتم تصنعون الخوف والالم، من انني اوزعه احيانا مجانا لمن لا يملك ثمنه . كان عمر يعمد لتهدئة طفل يبكي برغيف خبز ساخن من نوع "حمامة"، فماذا وزعتم انتم خلال سبعين سنة على شعبنا غير الموت والدمار، وماذا وزعتم على شعبكم، غير الحقد والكراهية والسلاح، مقارنة بما وزعناه انا وجدي . حاولت ان أكمل طريق الخبز والفرح ، لكن رصاصاتكم انتصرت علي وعلى خبزي، فهنيئا لكم .

دلالات

شارك برأيك

قتلتم صانع الخبز في مخيم الدهيشة

المزيد في أقلام وأراء

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)