أقلام وأراء
الأحد 04 ديسمبر 2022 11:33 صباحًا - بتوقيت القدس
عدّاد الدم: المجازر كأدوات لتنفيذ السياسة
بقلم: نهاد أبو غوش
هل بات علينا التسليم بهذه الوتيرة العالية من عمليات القتل المجاني لشبابنا،لأي سبب كان، وبدون سبب أحيانا؟ بعدما تحوّل الفلسطيني إلى هدف مباح ومستباح للقتل. حياته لا تساوي طلقة وإنهاؤها لا يحتاج إلا لجزء يسير من الثانية، سواء كان هذا الفلسطيني طفلا أو شيخا أو امرأة، مواطنا مسالما في منزله، أو مقاتلا في مجموعته أو كتيبته، تلميذا متوجها إلى مدرسته أو صحفية تقوم بواجبها المهني، أو مزارعا متوجها لجني محصول أرضه. والمحتل صار مخوّلا بالقتل ويملك تفويضا مفتوحا من حكومته لتنفيذ عمليات الإعدام الميداني سواء كان جنديا أو شرطيا أو مستوطنا، أو مجرد شخص عادي يسير في الطريق واشتبه بحركة مريبة لشخص يحمل ملامح عربية. بل إن وتيرة القتل هذه آيلة للارتفاع والتصاعد مع تنصيب حكومة بن جفير – سموتريتش وشريكهما نتنياهو الذي رباهما وسمّنهما وهيّأهما لتسلم المواقع القيادية التي تتيح لهما، في ظل البرنامج الائتلافي المعلن لتحويل عمليات القتل من جرائم وحوادث متفرقة إلى سياسة حكومية بامتياز يحرسها القانون ومؤسسات القضاء العنصري.
عدّاد القتل إلى ارتفاع وازدياد، وهو بحد ذاته اصبح مؤشرا لقياس أداء حكومات الاحتلال في نظر جمهورها المتطرف المتعصب، الذي ينظر إلى نتائج هذه المواجهة الدموية كما ينظر لمباراة كرة قدم، لا سيما مع تزايد الاهتمام العالمي بكرة القدم وتزامن المجازر مع مونديال قطر. نسبة قتيل إسرائيلي مقابل اربعة أو خمسة فلسطينين سوف تبدو هزيمة مروعة لا تتناسب أبدا وطاقة القتل الهائلة التي يملكونها، أليست لديهم طائرات اف 16 وقذائف زنتها طن من المواد الشديدة الانفجار بإمكانها أن تدمر أبراجا على رؤوس ساكنيها؟ حتى النسبة الحالية (8-1) تبدو غير كافية ولا مُرضية لإشفاء غليل تلك الأوساط المتعطشة للدم، ويريدون نسبة قريبة من 10-صفر أو تزيد.
يمكن العثور على أسباب كثيرة تدفع مئات الإسرائيليين لاقتراف جريمة القتل كل عام، من بينها أسباب ثقافية ونفسية وتربوية، والتعبئة العنصرية الحاقدة، التي تستهين بالآخرين وقيمة حياتهم، وانتشار مشاعر الكراهية، والإحساس بالاستعلاء والتفوق، وأحيانا الخوف، والرغبة في إرضاء الزعماء والمسؤولين، وتقمص دور البطولة، ولا يُستبعَد وجود عوامل مثل التفريغ النفسي والملل الذي يدفع بعض الجنود للتسلي بقنص الفلسطينيين كما اكدت ذلك تقاير الجنود الإسرائيليين من كاسري الصمت عن يومياتهم في غزة والضفة.
لكن هذه الأهداف الفردية والشخصية لا تكفي لتفسير هذا النزوع الجمعي، "القومي" الصهيوني" للقتل، فلا بد من وجود اسباب أعمق من الدوافع الشخصية، وهذه أسباب لا يخفيها الإسرائيليون سواء عبر تصريحاتهم الفجّة والوقحة مثل ما قاله سموتريتش وعنصريو اليمين من أن " بن غوريون لم يكمل مهمته في العام 1948" ، أو بعبارات منمقة وسموم مغلفة بالكلام المعسول من قبيل أن إسرائيل ستفعل كل شيء للدفاع عن أمن مواطنيها.
في عام النكبة وعلى امتداد الأعوام التالية استخدمت إسرائيل المذابح الجماعية لتحقيق أهدافها السياسية (التهجير والطرد والترويع والردع) كما حصل في مذابح دير ياسين والطنطورة والدوايمة وابو شوشة وبيت دراس وعيلبون وسعسع واللد والرملة وغيرها، وعن هذه المجازر ومثيلاتها قال رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن " لولا دير ياسين لما قامت دولة إسرائيل"، وظلت "المجزرة" أداة رئيسية من أدوات السياسة الإسرائيلية كما جرى لاحقا في مجازر قبية وكفر قاسم وخانيونس والسموع وصولا إلى مجازر قرى اللطرون وبحر البقر في مصر وكفر أسد شمال الأردن، وصبرا وشاتيلا والمجازر الحديثة في غزة، وهي بمجموعها تهدف الى إخضاع الشعب الفلسطيني ودفعه للاستسلام والإذعان والقبول بالحل السياسي الذي تريد إسرائيل فرضه من طرف واحد ومن دون مفاوضات، وهو الحل القائم على ضم أوسع مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية وتحديدا معظم مساحة المنطقة المصنفة (ج)، وتهويد القدس والبلدة القديمة مع بعض أحياء مدينة الخليل والأغوار، وتدمير أي فرصة واقعية لقياد دولة فلسطينية، وحشر السكان الفلسطينيين في أماكن سكناهم الحالية من دون أي سيادة أو حقوق سياسية أو سيادية على الأرض والأجواء، ثم تكبيد الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا لأي مظهر من مظاهر المقاومة أو الرفض أو الممانعة أو الاعتراض على المشروع التصفوي الإسرائيلي( للدلالة على ذلك نذكر تجربة بيتا التي سقط فيها عشرة شهداء خلال فعاليات شعبية سلمية مئة بالمئة، وكذلك تجربة مسيرات العودة في غزة).
ما كان لإسرائيل أن تثخن في جراحنا وتمعن في جرائم القتل اليومي لولا اجتماع عدة عوامل مساعدة من بينها صمت المجتمع الدولي وأحيانا تواطؤه من خلال الاكتفاء بالشجب والإدانات وفي أحيان كثيرة مساواة القاتل بالضحية، بل ومكافأة الضحية بدعم إسرائيل ومحاباتها وعقد اتفاقيات الشراكة معها مقابل فرض العقوبات على الفلسطينيين والضغط عليهم، إحساس القاتل الفرد (جنديا او مستوطنا) أنه يحظى بالحماية المطلقة من حكومته وجيشه وحتى من السلطة التي يفترض بها تطبيق العدالة اي السلطة القضائية، ثم ترسّخ ثقافة الإفلات من العقاب لدى حكومة الاحتلال وجيشها ومؤسساتها، وكذلك قناعة الإسرائيلي العادي أن الاحتلال أمر مربح وغير مكلف.
من المؤسف ان ردود فعلنا ما زالت تراوح بين الشجب والتنديد أو الخطاب العاطفي اللفظي العالي من دون فعل جدي ملموس على الأرض، أحيانا فصائلنا تظهر تضامنها وتعاطفها مع "شعبها" الفلسطيني وكأنها تتحدث من بلد آخر شقيق او صديق، المواقف الرسمية هي أقرب إلى إعلانات العجز، وسط كل ذلك بات مطلوبا ترتيب أولوياتنا وخياراتنا، من المهم إعادة المطالبة بتوفير الحماية الدولية ووضع خطة عملية وواقعية لهذا الطلب، مع بذل مزيد من الجهود التعبوية والتوعوية لحقن دماء أبنائنا وشبابنا، صحيح أن الموت في سبيل الوطن والكرامة والمبدأ أمر مشرف ومجيد ونبيل، ولكن الموت ليس مطلبا ولا هدفا في كل حال وبأي ثمن.
دلالات
سليم ابو سياف قبل ما يقرب من 2 سنة
طول عمرها اسرائيل هكذا للاسف نعيد اكتشاف المعروف
سما يوسف قبل ما يقرب من 2 سنة
علينا واجب ترشيد المقاومة وحماية شبابنا
سعيد العلمي قبل ما يقرب من 2 سنة
فصائلنا كأنها في بلد شقيق
جهاد الرجبي قبل ما يقرب من 2 سنة
للاسف كل فصائلنا واطرنا بتاتت عاجزة
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 88)
شارك برأيك
عدّاد الدم: المجازر كأدوات لتنفيذ السياسة