Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 22 نوفمبر 2022 9:57 صباحًا - بتوقيت القدس

بين حريق غزة وحرب المستوطنين في الضفة... كيف نمنع الحريق الكبير؟


بقلم: جمال زقوت


لم يعد مهماً الغوص في التفاصيل الفنية أو "العبثية" كما أطلق عليها النائب العام لحماس، أو حتى تلك الجنائية "إن وجدت". فقد أدى اندلاع حريق "جباليا"، الذي أودى بحياة واحد وعشرين إنسان من عائلة واحدة" أبو ريا"، بينما كانت تحاول أن تسرق لحظة فرح من حد سيف الحصار والانقسام المسلط على رقاب شعبنا، ويُحتجز من خلالهما حرية ومصير مليوني إنسان باتوا رهينة مصالح الانقساميين وأجندات فشلهم، كما تحولت معاناتهم إلى وقودٍ لمخططات الاحتلال بفصل غزة عن الكيانية الوطنية تمهيداً لتركيعها، بعد أن كانت ومنذ النكبة رافعة الوطنية الفلسطينية. وليطلق في نفس الوقت عنان الاستيطان وإرهاب المستوطنين في سياق هدفه الذي لم يتغير لتصفية قضية شعبنا وحقوقه الوطنية.

المؤتمر الصحفي للنائب العام لحكومة الأمر الواقع في غزة "اجتهد" في محاولة إقناع ذاته قبل إقناع الناس، الذين قد يتعرضون لذات المصير، سيما وأن برد الشتاء على الأبواب، بالسيناريو الذي لا يهمها سواه، وهو استبعاد حقيقة فشل حكام غزة، ومحاولة تبرئتهم حتى من الأسباب الموضوعية التي استدعت وجود البنزين داخل شقة سكنية، بإلقاء السبب الرئيسي لاندلاع الحريق على أحد أفراد العائلة الذي لم يعد بمقدوره الرد على تلك الرواية.

فور انتشار خبر الحريق حرص إعلام حماس وناطقوه على محاولة تبرير إجهاز الحريق على حياة جميع أفراد العائلة، بأن جميع الأبواب كانت موصدة، للإيحاء بصعوبة مهمة قيام الدفاع المدني،حتى لو سارع الوصول، من إنقاذ الضحايا للتغطية على تأخر وصوله، وأن تجهيزات الدفاع المدني متهالكة جراء الحصار على القطاع وحكامه، وهذا هو الأمر الأهم الذي كان علينا أن نمسك به ونجعله مفتاح ملحاحية الخروج من أزمة الانقسام وتداعياته. إلا أن بيان نائب "حماس" العام أغفل هاتين الحقيقتين، بل وأشاد بدور الدفاع المدني "الذي نجح من منع انتشار الحريق لأبنية أخرى" كما قال البيان، وهي إشارة إلى محاولة إظهار "كفاءة الجهاز و كوادره" للتدليل على "كفاءة وقدرة" حكومة الأمر الواقع الانقسامي رغم الحصار، بينما الحقيقة تقول أنه إذا كان الذي أعاق الدفاع المدني من الوصول لداخل الشقة هي الأبواب المغلقة واندفاع النيران من جهة باب الشقة إلى داخلها، الأمر الذي دفع العائلة إلى اللجوء للغرفة التي ظهر وسُمع صراخ أفرادها، فلماذا لم يتسلق الدفاع المدني لتلك النافذة لكسرها، ومحاولة إنقاذ من بقي حياً على الأقل؟! ببساطة لأن الرئيسي لمنظومة الحكم هو صون هيبة حكم الانقسام وعدم المساس ب "جدارته"، بل وأولويته على حياة الناس من وجهة نظر حكامه.

من الناحية الأخرى، فلم يكن في جعبة السلطة في رام الله سوى إعلان الحداد العام وتنكيس الأعلام، وإطلاق منظومتها الإعلامية لنشر نظرية المؤامرة بدلاً من التركيز على الفشل الواضح، لأن الحديث عن هذا الفشل سيفتح باب الاسئلة على واقع الانقسام وأسباب استمراره وتداعياته التي عمقت حالة الفشل تلك، وليطال كل مناحي حياة الناس في القطاع والضفة وإن بتفاوت ضئيل، ويطيح بأملها في القدرة على تغيير واقع الحال، ويبدو أن هذه جزءاً من استراتيجية هندسة مؤسسة الحكم لدى طرفي الانقسام دون اكتراث لرأي الشعب ومعاناته وما يسببه الانقسام من آثار مدمرة على حياة المواطنين في مختلف المناحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها، وما حريق جباليا سوى الرمزية الأكثر مأساوية للحريق الكبير الذي يهدد المصير الوطني في هذه البلاد.

الانشغال في لعبة هندسة الحكم، بمحاصصة الانقسام، وكسر جناحي الوطن لحافة خطر الانفصال، شكل أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تهميش قضية شعبنا ومحاولات تغييبها عن جدول الأعمال الإقليمي والدولي، بما في ذلك داخل المجتمع الإسرائيلي، والذي شهد ويشهد تحولات متسارعة نحو الكاهانية تنبئ بمرحلة نوعية جديدة في طبيعة الصراع . فلا يمكن إنكار أن هذا الانشغال والاحتراب الذاتي داخل أقفاص عبثية الانقسام شكّل ويشكل أحد أسباب هذه التحولات داخل إسرائيل. وفي هذا السياق يجب النظر بتمعن لمسيرة المستوطنين المتطرفين والتي بلغ عدد المشاركين فيها حوالي 30 ألفا من غلاة المستوطنين، وهجومهم على البلدة القديمة في الخليل، في مشهد يشي بخطر بات ملموساً لتنفيذ الرؤية الكاهانية الفاشية التي طالما دعت إلى قتل وترحيل العرب،،والتي يدعو لها تلامذة مئير كاهانا "بن چبير وسموتريتش"، وهي لم تعد تتناقض أو تبتعد كثيراً عن مخططات حكومة الاحتلال القادمة للإطاحة بالكيانية الوطنية وربما بالمنقسمين ذاتهم، بعد أن يستكملوا تلك المهمة.

إن عود الثقاب يقترب تدريجياً من هشيم الغابة التي تكتمل عناصر اشتعالها في مسرح العبث يوماً بعد يوم. وقد بات الوضع على حافة انفجار الحريق الكبير الذي قد يلتهم معه قضية شعبنا. ولم يعد هناك متسع من الوقت للاستمرار في مسرح العبث ولعبة هندسة الحكم الانقسامية . وعلى "القيادات والنخب الفلسطينية" المختلفة، أن تدرك حجم الخطر الذي يتهددها نفسها، وليس فقط حقوق شعبنا الوطنية، كما على ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي تكتسحه حالة من الفوضى والاضطراب واسعة النطاق أن يدرك حجم الحريق والخطر الذي يهدد المنطقة، والذي لم يعد يجدي في معالجته إدارة الأزمات أو تجديد طفايات الحريق وتجهيزات "الدفاع المدني" في جغرافيا الإقليم، بل بات من الضروري الدخول في عمق أزمة الصراع ونزع صواعق الانفجار بلجم العدوانية الإسرائيلية وإجبارها على إنهاء احتلالها أولاً، وتمكين الفلسطينيين من استعادة وحدتهم وخيارهم الديمقراطي لانتخاب قيادتهم، تمهيداً لممارسة حقهم الطبيعي في تقرير مصيرهم ثانياً وليس أخيراً.

دلالات

شارك برأيك

بين حريق غزة وحرب المستوطنين في الضفة... كيف نمنع الحريق الكبير؟

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 86)