Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 14 نوفمبر 2022 10:11 صباحًا - بتوقيت القدس

في القدس ومحاكمة "بريطانيا العظمى"

بقلم: عماد عفيف الخطيب


تنفرد بريطانيا عن دول العالم كلها بأنها الدولة الوحيدة التي لا تحتفل بعيد "الإستقلال"، فهي من "إستعمرت" العديد من الدول من أقصى شرق لأقصى غرب الكرة الأرضية. وقد سيطرت على ربع مساحة الكرة الأرضية وربع سكانها. لُقبت لهذا بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، حيث كانت الشمس تشرق على ميناء جاكسون في مستعمرتها إستراليا في نفس الوقت التي كانت تغرب في بحيرة سوبيريور في مستعمرتها كندا. في العام 1926 أصدر آرثر بلفور "إعلان بلفور" والذي بموجبه يتم تأسيس "الكومنولث البريطاني" كتجمع طوعي للدول التي منحتها بريطانيا العظمى الإستقلال. ونص الإعلان أن دول الكومنولث هي: "مجتمعات مستقلة داخل الإمبراطورية البريطانية تتساوى أوضاعها القانونية ولا يخضع أحد منها للآخر بأي حال من الأحوال في أي جانب من جوانب شؤونهم الداخلية أو الخارجية، بالرغم من ارتباطهم بولاء مشترك للملك واتحادهم الاختياري كأعضاء في الكومنولث البريطاني".
نظرت بريطانيا العظمى لتوسيع سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط مع إرهاصات الحرب العالمية الأولى وذلك للتحكم في موارد المنطقة الهائلة، ولكنها وجدت لاعباً أخراً ينافسها على الموارد ذاتها وهي فرنسا. ولأن "الغنيمة" تحتاج لتعاون اللاعبين، فقد إتفقت بريطانيا وفرنسا على تقسيم المنطقة بينهما. أما كيف؟ فكان أن إجتمع ممثلو البلدين في العام 1916 لتقسيم أراضي المنطقة بين الدولتين. في هذا الإجتماع مثل بريطانيا ماركس سايكس، الذي كان يعمل في البعثة الدبلوماسية في إسطنبول لجمع المعلومات لصالح وزارة الحرب البريطانية، بينما مثل فرنسا فرانسوا بيكو، القنصل الفرنسي في لبنان. قام "اللاعبان" بوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية "آسيا الصغرى" أو سايكس-بيكو لتقسيم خريطة الشرق الأوسط بإستخدام ألوان مختلفة للدلالة على من سيحصل على ماذا. وبرغم توافقهم على تقسيم الأراضي، إلا أنهم إختلفوا على فلسطين ولهذا فقد أبقوها منطقة دولية تحت "حمايتهم". لكن أرثر بلفور "نفسه" كان حاضراً لإصدار وثيقة "وعد بلفور" في العام 1917 لمنح اليهود "وطن قومي" في فلسطين في إلتفاف واضح على تفاهمات اللاعب البريطاني مع اللاعب الفرنسي.
ولإكمال مؤامرة اللاعبين الأساسيين بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى إجتمع رؤساء بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وسفير اليابان، بالاضافة لممثلين لبلجيكا واليونان في آذار من العام 1920 في سان-ريمو. وبحضور قيادات الحركة الصهيونية حاييم وايزمان وناحوم سوكولوڤ وهربرت صموئيل، ووزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور خرج المؤتمر بقرارته السيئة والتي شملت: وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ووضع العراق تحت الانتداب البريطاني، ووضع فلسطين وشرقي الأردن تحت الانتداب البريطاني مع الالتزام بتنفيذ "وعد بلفور"، إضافة لتقسيم الموارد النفطية في العراق بين اللأعبين الأساسيين.
إن هذا السرد التاريخي هام لشعوب الدول التي لا زالت مسرحاً "للاعبين" الذين ينجحون دوماً في إستباحة الأراضي والموارد طالما إستخدموا سياستهم الناجحة "فرق تسد". أما بريطانيا العظمى، التي إنحسرت سيطرتها جغرافيا لتصل لحدود "الجزيرة" ومقاطعاتها الأربع، فلا أرى أن الدعوة لمحاكمتها وحدها وتحميلها مسئولية ضياع فلسطين دون شركائها هو العدل، على الرغم من "خيانتها" لأمانة إنتدابها على فلسطين الذي جاء نصاً واضحاً في صك الإنتداب. إلا أن من يشترك بالمسئولية هم من أعطو قوة التنفيذ "لوعد من لا يملك لمن لا يستحق" في مؤتمر سان-ريمو وقبل 28 عاماً من إنشاء دولة إسرائيل فعلياً، فهم من يجب أن يقفوا عند مسؤليتهم الجماعية لان ما حصل لا يمكن أن يسقط عن أي منهم بالتقادم.

دلالات

شارك برأيك

في القدس ومحاكمة "بريطانيا العظمى"

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 86)