أقلام وأراء

السّبت 01 أكتوبر 2022 11:06 صباحًا - بتوقيت القدس

حول خطاب الرئيس "ابو مازن" في الامم المتحدة

بقلم: مروان اميل طوباسي

على أهمية ما حمله خطاب الرئيس "أبو مازن" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من معاني التمسك والتأكيد على ثوابت شعبنا بالحرية والاستقلال الوطني واستعراض تعقيدات مراحل مسيرة كفاحه الوطني في مواجهة جرائم احتلال استعماري بشع يسعى الى تنفيذ رؤيته الصهيونية والتلمودية المزعومة في ظل عدم تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته الاخلاقية والسياسية في حماية شعبنا ورفع الظلم التاريخي الذي حل بنا منذ اكثر من سبعة عقود ونيف بل وتواطؤ جزء منه لتنفيذ تلك الرؤية ، فإن الأهم هو ما تتطلبه هذه التعقيدات من مراجعات جادة ووضع برامج العمل السياسي الوطني لادارة ما حمله الخطاب من معاني ورسائل.


الخطاب تضمن الوقوف عند مفاصل هذه المسيرة التاريخية منذ وعد بلفور ومرورا بقرار التقسيم وما تبع ذلك من توسع استعماري باشكال مختلفة حتى بات يسيطر اليوم على معظم أرض فلسطين التاريخية أن لم تكن جميعها في واقع الأمر.


لن استرسل اكثر في تكرار ما جاء في هذه الكلمة من رسائل مختلفة لحكام دولة الأحتلال وللجهات الدولية والاقليمية كما لأبناء شعبنا وأحرار العالم ، لكن ساحاول الوقوف عند مفاصل تلك الرسائل وما حملته من معاني يفترض البدء الجاد بتنفيذ تفاصيلها بما يتضمن من وضع برامج وخطط وادوات.


ان فشل المجتمع الدولي في رفع أشكال الظلم والقهر التي طالت شعبنا وما زالت حتى هذا اليوم بأشكال فاشية جديدة من الجرائم، قد اثبت عدم مصداقية هذا المجتمع في ظل الهيمنة الأميركية من الوقوف أمام مسوؤلياته الاخلاقية والسياسية والقانونية في تنفيذ القرارات الاممية ذات الصلة بداء من قرار التقسيم ١٨١ ومرورا بمئات القرارات اللاحقة حتى يومنا هذا.


أن صدق وواقعية سردية روايتنا الوطنية التي شكلت فحوى الكلمة، قد اكدت على ادانة الموقف المتوحش المعادي للقانون الدولي للولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من الدول الاوروبية ليس فقط في عدم معاقبة دولة الاحتلال وحمايتها من المحاسبة ، بل في مساندة تلك القوى الدولية لمشاريع ورؤية الحركة الصهيونية في استدامة الاحتلال الاستيطاني وتصفية قضية شعبنا العادلة خدمة لرؤييتهم الاستعمارية اساسا في مناهضة حقوق الشعوب ، هذا الأمر الذي لن يكون مستداما أمام بدايات التحول بالنظام العالمي الذي نشهده اليوم خاصة مع احتمال انزلاق العالم إلى حروب ونزاعات معقدة.


لقد تم التأكيد على زيف وخداع حكام إسرائيل بما فيهم لابيد وما جاء على لسانه من تصريحات حول تأييد مبدأ حل الدولتين ، والذي كنت قد تحدثت بتفاصيله في مقالي الاسبوع الماضي ، والحديث بوضوح بشأن غياب اي شريك إسرائيلي لاطلاق اي أفق سياسي بالمرحلة الحالية، في وقت تُجمع به كافة الأحزاب الصهيونية التي تتنافس على انتخاباتهم القادمة على رفض التفاوض وفق مرجعيات القرارات الدولية بما فيها مبدأ حق تقرير المصير والقرار ١٩٤ بخصوص اللاجئين ورفض الانسحاب الكامل بما يحمله من معنى رفض إقامة الدولة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية وتفكيك كامل للاستيطان، الأمر الذي يضع المجتمع الإسرائيلي أمام مسوؤلياته في تحمل نتائج هذه العنجهية، كذلك أعباء الوضع المتفاقم وانعكاساته على واقعهم بل وعلى المستقبل الوجودي لدولة الاستعمار نفسها في حال الاستمرار برفض الإقرار بحقوق شعبنا اصحاب الأرض الأصليين.


ولقد أوضحت الكلمة بشكل لا يقبل اللبس عن نقيض ما حاولت دولة الاحتلال اشاعته زيفا امام العالم عن وجود مسار للسلام ، وما شاركنا نحن أيضا فيه من اعطاء هذا الانطباع انطلاقا من قناعاتنا بضرورات السلام الثابت بناء على اتفاقيات تم توقيعها سابقا دون تنفيذها لاحقا من جانبهم والتي ادت الى ما وصلنا نحن عليه اليوم من اوضاع.


وبذلك فقد كان من الأهمية بمكان ان وَضع الرئيس الأمور في نصابها الحقيقي وبما يجب أن تتسم به العلاقة بين شعبنا الذي الذي يخوض كفاحه التحرري الوطني من اجل انهاء احتلال بشكل كامل وبين محتلٍ غاصب من جهة اخرى ، قاطعا الطريق امام محاولات الالتفاف على حقوقنا الوطنية السياسية والتاريخية من جهة، وعلى سراب حلول يحاول البعض ايهامنا بها كاشكال السلام الاقتصادي أو تحسين شروط الحياة تحت حراب الأحتلال من جهة اخرى والتي حاول البعض المضي قدما بها والترويج لها.


لقد كان ذلك الشق يتعلق من وجهة نظري بما له من علاقة برسالة الرئيس إلى ابناء شعبنا وقواه السياسية ولكل من يتعاطى في شأن السياسة العامة بالوطن.


هي دعوة من جديد إلى الجميع من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والسياسي الحزبي للشراكة في تحمل المسوؤلية الوطنية في مرحلة التحرر الوطني بكل ما لها وعليها من استحقاقات والتي تتطلب المراجعة الصادقة والنقدية لمسيرة كفاحنا فيما أخطأنا واصبنا به ، بما يشمل ضرورة التعالي عن اية مصالح هنا او هنالك لا تتفق والمصلحة الوطنية العليا القائمة على استقلالية قرارنا واجندتنا الوطنية ، الأمر الذي يتطلب اولاً ، انهاء ما نتج من انقسام على أثر الانقلاب المضر والسيئ في قطاع غزة ، بما يؤدي إلى وحدة الصف الوطني في إطار منظمة التحرير على قاعدة برنامجنا الوطني الذي اقرته الشرعيات الثورية والتمثيلية الفلسطينية وبما يضمن التوافق على القواسم المشتركة بحدها الأدنى ، وكذلك تنفيذ استحقاق الانتخابات التشريعية وإيجاد المخارج اللازمة لمشاركة ابناء القدس فيها.


لذلك فقد يكون الوقت الان هو الأنسب للمضي في هذا المسار من الاهتمام بذاتنا الوطني بالانكفاء على الذات، نظرا لاولويات الازمات الدولية الناشئة ومخاطرها وانشغال العالم بها ، لترجمة ما جاء بالكلمة من الاهتمام بتنفيذ استحقاقات وطنية أخرى لها علاقة باوضاعنا الداخلية المرتبطة بأهمية بناء وترميم وتمتين بنيان منظمة التحرير ومؤسسات السلطة الوطنية واعادة تحديد ادوارها وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية من جهة، ومن جهة أخرى العمل الجاد بما يضمن تحقيق اكبر مشاركة وطنية ممكنة في صناعة القرار ، نحو تجسيد واقع وطني ديمقراطي ومهني في تلك المؤسسات لمواجهة التحديات القائمة في طريق تحررنا الوطني اولا ، وبما يؤهل لاستكمال تنفيذ برنامج تحركنا على مستوى علاقاتنا الدولية نحدد به معسكر الأصدقاء من الدول وفق مدى اقترابهم من الوقوف إلى جانب حقوق شعبنا السياسية والموقف العملي الواضح من استمرار الاحتلال والاستيطان بعيدا عن البيانات اللفظية أو ازدواجية المعايير والنفاق السياسي.


واستكمال العمل بما يحقق الوصول والتواصل مع الشعوب خاصة الاوروبية وقواها الديمقراطية والتقدمية في وقت يشهد الاتحاد الاوروبي متغيرات قد تعصف بوحدته امام ازمته الاقتصادية وصعود القوى القومية في عدد من دوله، اضافة الى ضرورة ايضاح أدوار مكونات المجتمع الدولي ووضعه أمام مسوؤلياته بجرأة اخلاقية وسياسية دون السماح بالتدخل في شأن قرارنا الوطني باستكمال الانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية وتقديم الملفات أمام محكمة الجنايات الدولية بشكل فعلي وعاجل لمعاقبة دولة الإجرام ومجرمي الحرب كجزء من معركتنا ضد الاحتلال.


هذا إضافة إلى تفعيل وتصعيد المقاومة الشعبية وفق ما اقرته المواثيق الاممية لشعب يكافح ضد الاحتلال وبما يخدم زيادة كلفة هذا الأحتلال على أصحابه بما يتكامل مع رؤيتنا السياسية الواقعية للتحرر حتى نستطيع خلق شروط جديدة على الارض تسمح بفتح افق سياسي واضح لعملية مفاوضات جادة لانهاء الأحتلال . 

دلالات

شارك برأيك

حول خطاب الرئيس "ابو مازن" في الامم المتحدة

المزيد في أقلام وأراء

متى يرضخ نتنياهو؟

حديث القدس

سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة

بهاء رحال

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024

كريستين حنا نصر

الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين

سري القدوة

المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات

وسام رفيدي

مبادرة مروان المعشر

حمادة فراعنة

سجل الإبادة الجماعية

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة

حديث القدس

المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة

المتوكل طه

عواقب خيارات نوفمبر

جيمس زغبي

النكبة الثانية والتوطين المقبل

سامى مشعشع

They will massacre you

ابراهيم ملحم

شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين

حمادة فراعنة

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024م

كريستين حنا نصر

نزع الشرعية عن دور "الأونروا" سابقة خطيرة

حديث القدس

هل بدأ العد العكسي للعدوان؟

هاني المصري

إسرائيل وليس نتنياهو فقط.. من مأزق إلى مأزق

حمدي فراج

غزة والانتخابات الأمريكية

مجدي الشوملي

الهدنة المحتملة بين استمرار الحرب والحصاد السياسي

مروان اميل طوباسي

خيار الصمود والانتصار

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الأربعاء 30 أكتوبر 2024 10:18 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 4.0

هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟

%19

%81

(مجموع المصوتين 522)