اقتصاد

السّبت 09 يوليو 2022 4:24 مساءً - بتوقيت القدس

ليبيون يعيدون إحياء تقليد صياغة المعادن الثمينة في طرابلس

طرابلس- (أ ف ب) -يلفّ شبان ليبيون خيوطا فضية دقيقة ثم يلحمونها ويصنعون منها مجوهرات تقليدية، تحت نظر مدربهم الحرفي الماهر المنخرط في عملية إنقاذ حرفة مهددة بالانقراض في ليبيا.


عبد المجيد زغلام البالغ اثني عشر عاما، هو أصغر طلاب الأكاديمية الليبية للصناعات التقليدية للذهب والفضة، لكنه أضحى حرفياً متمرساً يشيد أقرانه بأعماله ذات الدقة الاستثنائية.


ويقول الفتى بخجل لوكالة فرانس برس "تردّدت في البداية خوفا من الفشل بسبب صغر سنّي، لكن والدتي شجعتني".
ومثل زملائه في الفصل، تعلّم هذا التلميذ طريقة العمل على "سبائك الذهب والفضة قبل صنع المجوهرات"، وهو نشاط يقول إنه "أحبه كثيرا" وينوي إتقانه لجعله وظيفة بدوام جزئي.


مثله، يحضر قرابة عشرين طالبا بينهم تسع نساء، الى ورشة تشغل بضعة أمتار مربعة فقط، في ما كان في الماضي القنصلية الفرنسية في ظل الإمبراطورية العثمانية، على مقربة من قوس ماركوس أوريليوس، أشهر المواقع الأثرية الرومانية في طرابلس.


ويقول محمد الميلودي (22 عاماً) "إنها هواية، ولكن في المستقبل أريد أن أجعلها وظيفتي".


يمدّ طالب الهندسة المدنية ويلوي شرائط فضية طويلة ورفيعة. ويقول إنه لم يفوّت أي فصل دراسي منذ التحاقه بالأكاديمية.


ويوضح رئيس الأكاديمية للصناعات التقليدية عبد الناصر أبوغريس أن هذا الفن "يُعتبر تقليداً قديماً في ليبيا، حيث صُنعت المجوهرات الذهبية والفضية على يد حرفيين في مدينة طرابلس، ودرّبهم أساتذة يهود ثم عرب في مدرسة الفنون والحرف المرموقة"، التي تأسست نهاية القرن التاسع عشر.


وفي رصيد أبو غريس المولود في قلب المدينة القديمة قبل 55 عاما، أربعون عاماً من الخبرة والدراية الفنية الموروثة من والده. وهو يسعى بشغف لنقلها إلى الأجيال الشابة.


عندما وصل إلى السلطة في عام 1969، حارب الزعيم السابق معمر القذافي القطاع الخاص، وصادر الشركات والمتاجر والمنازل.
وبين ليلة وضحاها، فقد الحرفيون العاملون لحسابهم الخاص كل شيء: ورش عملهم وسبل عيشهم وطلابهم، وبدأت مرحلة من الانحدار والتراجع في حرفة انسانية قبل أن تكون اقتصادية.
ويستذكر الحرفي الخمسيني خلال فرزه المطارق والأزاميل، أن "الدولة قضت على الحرف اليدوية الليبية، وأجبرت جيل المتدربين الشباب الذين كانوا سيرثون هذه الحرف على ترك المهن التقليدية للالتحاق بالجيش"، أو العمل في الخدمة المدنية.
وقد "اختفت معظم الحرف التقليدية"، لا سيما تجارة الذهب والفضة التي كانت مصدر فخر لسكان طرابلس الذين كانوا يزودون المناطق الليبية الأخرى بالحلي والمجوهرات.


ويقول أبوغريس "المجوهرات والإكسسوار ذات النوعية المتدنية، المستوردة من مصر أو الصين، غمرت السوق"، فيما تباع آخر المجوهرات القديمة في متاجر محببة لدى السائحين والمغتربين.


وتعتبر الأربعينية فاطمة بوصوة أن رؤية مئات الكيلوغرامات من المجوهرات تُنقل إلى خارج البلاد في كثير من الأحيان لصهرها مجددا خارج ليبيا، أمر "مؤلم" لأن هذه القطع "جزء من التراث الحرفي الليبي الآخذ في الزوال".


وتؤكد طبيبة الأسنان التي تتدرب منذ أكثر من عام في الأكاديمية "يجب علينا تدريب الحرفيين بسرعة للحفاظ على تراثنا".


وتشكّل هذه الحرفة هواية وحتى "شغفاً" لهذه الأستاذة الجامعية.


ويتطلب احتراف هذا المجال سنوات من التعلم. لكن بفضل الحماس الذي نقله إليهم مدربهم الحرفي، بدأ طلاب عبد الناصر أبوغريس بالفعل في إنتاج مجوهرات تباع عبر الإنترنت أو في ورشة العمل.


وتقول بوصوة "لدينا ما يلزم لتأمين الاستمرارية (...) ، كل ما تحتاجه هو أشخاص متحمسون"، مشيرة في الوقت عينه إلى ضرورة الحصول على "دعم مالي" لتغطية تكاليف المواد الأولية الباهظة، وعلى "دعم معنوي" لهذه المهنة حتى تستعيد مجدها السابق.


ولا ينوي أبوغريس الذي يملك خبرة تجاوزت 40 عاماً، التوقف عند ورشة العمل الصغيرة في المدينة القديمة بالعاصمة، بل يعتزم "فتح مراكز تدريب في مدن ومناطق أخرى" في ليبيا... فقد "حان الوقت لإحياء هذه المهنة" قبل اختفائها إلى الأبد. 

دلالات

شارك برأيك

ليبيون يعيدون إحياء تقليد صياغة المعادن الثمينة في طرابلس

المزيد في اقتصاد

أسعار العملات

الإثنين 20 مايو 2024 10:57 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.29

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.02

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%9

%91

(مجموع المصوتين 104)

القدس حالة الطقس