غزة  -  (شينخوا)  - نجح مهندسان زراعيان في استخلاص منتج "خل الخشب" الذي يساهم في علاج مشاكل التربة التي تقلل من الإنتاج الزراعي في قطاع غزة.

وعادة ما يعاني المزارعون المحليون في القطاع من ارتفاع نسبة ملوحة المياه، والإفراط في استخدام المبيدات الحشرية غير الطبيعية للقضاء على الآفات الزراعية، التي تؤثر سلبا على جودة التربة وصحتها على المدى البعيد.

ونتيجة لذلك، تتسبب تلوث التربة في تغير مذاق المنتجات الزراعية من الخضراوات والفواكه، وتتسبب بالأمراض السرطانية للمستهلكين (السكان المحليين) على المدى البعيد، بحسب مسؤولون في وزارة الزراعة بغزة.

وقضت آمنة عفيفي ومحسن أحمد، من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، شهورا طويلة في عمليات البحث العلمي الخاصة بإيجاد حلول وآليات للتغلب على المشاكل الزراعية الناتجة عن تلوث التربة والتغير المناخي في المنطقة.

وقامت آمنة عفيفي بالاشتراك مع محسن أحمد بإجراء دراسة، ووجدا أنّ الحل الممكن للقضاء على هذه المشاكل هو من خلال إنتاج الخل الذي يتم استخراجه من المخلفات الناتجة عن تقليم الأشجار.

ولم يكن الأمر سهلا بالنسبة للمهندسين الاثنين، خاصة وأن عمليات إنتاج خل الخشب تتم من خلال استخدام جهاز خاص به والذي لم يكن متوفرا في قطاع غزة نتيجة لمنع إسرائيل إدخاله حتى اليوم.

وتقول عفيفي (29 عاما) لوكالة أنباء (شينخوا) "قررت أنا وزميلي أن نقوم بصنع جهاز تقطير خل الخشب يدويا من خلال استخدام أدوات بسيطة ومتاحة في البيئة التي نعيش فيها".

ويتكون الجهاز من برميل حديدي للطمر والتحلل بمعزل عن الأكسجين، يوضع أسفله الحطب المشتعل الذي يتحلل ويخرج على شكل دخان وبخار يمر عبر أنبوب حديدي يصل إلى برميل آخر موصول بأنبوب صغير للتقطير، بحسب عفيفي.

إضافة إلى ذلك، يتم وصل خط مياه داخل الأنبوب الحديدي لتبريد البخار الخارج من البرميل الأول الذي يتواجد أسفله الحطب المشتعل، ومن ثم تخرج المياه في نهاية الخط إلى البرميل الثاني عبر صنبور ويتم تفريغها في الخارج أولًا بأول.

وتتابع عفيفي "بعدما يتم إخراج المياه فإن قطرات خل الخشب تخرج من صنبور موجود في أسفل البرميل على شكل قطرات فيما يتم تجميعها في برطمان زجاجي".

خلال عملية الإنتاج، يقول محسن أحمد لـ(شينخوا) "نقوم بفحص ملوحة المياه ودرجة حرارتها وحمضية الخل المُنتج من خلال جهاز قياس؛ للتأكد من مدى صلاحية وجدوى استخدامه، في عملية معالجة تتمّ وفق طريقة علمية محددة".

ويضيف "بعد ذلك نقوم بفلتره الخل المُستخرج من الخشب؛ لاستخراج العوادم وبقايا الشوائب الثقيلة، للحصول على خل نقي صالح لتسميد الأراضي الزراعية".

وبحسب المهندسين، يتمّ استخدام خل الخشب وفق معايير معيّنة مع المياه التي تُستخدم في رشّ الأرض أثناء حراثة الأرض وتسميدها وتهيئتها للزراعة، وتتمّ الزراعة بعد التأكّد من وصول الخل عبر خراطيم المياه إلى كامل المساحة المخصصّة للزراعة.

وتقول عفيفي "يعمل خل الخشب على القضاء على ملوحة التربة وآفة النيماتودا التي تصيب جذور النباتات بأنواعها كافة وتدمّرها، وملوحة المياه التي تؤرق كثيرًا من المزارعين، إلى جانب تسريع النمو".

وأوضحت أنه يصلح استخدام خل الخشب مع جميع أنواع النباتات، بما فيها الموسمية والمعمرة والخضرية، مع مراعاة استهلاك نسب مختلفة عند استخدامه لكل نوع.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم خل الخشب في تفكيك عناقيد النباتات في التربة التي تعيق امتصاص النبات للمياه، ويمنع تعفن جذور النباتات، وزيادة خصوبة التربة، وتقليل استخدام السماد بنسبة 50 %، وتوفير استخدام المياه بنسبة 33 %، وزيادة صلابة الثمار، ورفع نسبة المواد السكرية في الثمار الحلوة".

ويطمح المهندسان أنّ يجد منتجهما رواجًا في قطاع غزة خاصة وأن ثمنه أقلّ من السماد، ومُجدٍ ومُستدامٍ ومُتعدد الاستخدام، وليس له أيّ ضرر على صحة الإنسان.

ولا يقتصر استخدام خل الخشب على النباتات فقط، ولكن يمكن إضافته مع علف الحيوانات مما يُحسن من جودة ومذاق اللحوم، ويزيد مناعة الحيوانات، بحسب ما يقول محسن.

وبدأ المهندسان في تجربة منتجهما على عدد من المزارع في بلدتهما، حيث حصلا على نتائج مبهرة، كما يقولان، وتوقعا أن يساهم مشروعهما في حل جذري لأزمة التلوث البيئي والزراعي يوما ما في حال تم تبني مشروعهما.