أقلام وأراء
الثّلاثاء 14 يونيو 2022 10:52 صباحًا - بتوقيت القدس
صحة الرئيس : انكشاف أزمة النظام وفرص إصلاحه
بقلم: جمال زقوت
أبرزت الأيام الماضية التي ثار فيها الجدل وانشغل الرأي العام بإشاعات حول صحة الرئيس، مدى هشاشة النظام السياسي الفلسطيني وأزمته المركبة، وهي الحقيقة التي لا يمكن معالجتها بمجرد ظهور الرئيس في هذا الاجتماع أو ذاك. و إن دحض الإشاعات التي مررتها وسائل إعلام إسرائيلية حول وفاة الرئيس، إلا أنه لم يعالج تداعيات الجدل الناجم عن الأزمة الممتدة منذ أوسلو على الصعيدين الداخلي والسياسي.
إن اختزال النظام السياسي فقط بالرئيس، هو مؤشر خطير على ضعف وهشاشة النظام، وليس مؤشر لقوة الرئيس، ومدى قدرته على الإمساك بالحالة الفلسطينية المتهاوية، سيما في ظل انسداد أي أفق سياسي، وتراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية لدرجة ترك إسرائيل أن تطلق عنان سياستها العدوانية دون أية مساءلة جدية.
يبدو أن الحالة الفلسطينية لم تعد تحتمل ترف الاستمرار في مجرد التشخيص، ولا إضاعة المزيد من الوقت للاجتهاد الفكري في السيناريوهات المتوقعة. فنحن أمام احتمالين لا ثالث لهما، وهو أن نمتلك الشجاعة والإرادة الكافيتين لمعالجة أدران الأزمة ومسبباتها، أو نستسلم لهذه الأدران بأن تفتك بنا نحو مزيد من التفكك والضعف وحتى الاستجداء لتبرير الفشل دون بذل ما يكفي من الجهد لمعالجة أسبابه الحقيقية. إن انحراف النقاش العام وكأنه بين معسكرين متقابلين في مختلف القضايا، لا يعكس حقيقة ممكنات نهوض وأولويات الحالة الشعبية التي أبدعت بالتقاط ما يوحدها من قضايا جوهرية، إلا أن هذه الحالة، و كما كشفت الأزمة الأخيرة تعرضت لهزة وتراجع خطيرين، رغم استمرار قوات الاحتلال ومستوطنيه في استهداف حياة المواطنين وممتلكاتهم ومصادر رزقهم و قدرتهم على الصمود.
الأسئلة التي يجب أن توجه لطرفي الأزمة المهيمنيْن على المشهد الانقسامي بكل تداعياته هي: هل يستطيع أي طرف الانفراد بالمصير الوطني، وأن يحتكر القرار الوطني بهزيمة الطرف الآخر؟ بالتأكيد الجواب لا. وفي حال غاب الرئيس هل تعتقد حماس أنها تستطيع استكمال عملية اختطاف الشرعية التي للأسف وبفعل الانقسام أساساً، اختزلت بالرئيس وحده، فقط لمجرد أنها أي حماس، كانت قد حصلت عام 2006 على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي، والذي للأسف تم حله كما تم إلغاء إعادة انتخابه، فأصبح أداة انقسام جديدة بدل أن يكون إحدى مرجعيات الوحدة والحوار الشعبي والبرلماني، ونحن بأمس الحاجة إليه؟ والجواب بالتأكيد أيضاً لا. والسؤال الأخير هل يعتقد من يقدمون أنفسهم لخلافة الرئيس أن بإمكانهم تورُّث الشرعية بمجرد أن يؤشر الرئيس نحو أحدهم، أو حتى لو توافقوا عليه، دون أن يتم ذلك عبر انتخابات عامة رئاسية وتشريعية أو من خلال توافق وطني شامل انتقالي لحين اجراء الانتخابات، وليس كامتداد تلقائي لحالة الانقسام؟ أيضاً الجواب ليس فقط لا، بل ربما تنتقل حالة الانقسام لمرحلة من الصراع متعدد الأوجه تكون فيه إسرائيل هي اللاعب الأكبر في تقرير شؤوننا الداخلية. وحتى لو افترضنا أن ذلك كله قد حصل بعكس ما نعتقد فهل هذا سيعالج جوهر المشكلة ببعديها السياسي الوطني في الصراع مع الاحتلال، والداخلي ومتطلبات اعادة بناء النظام السياسي على أسس ديمقراطية وجوهرها الانتصار لقضايا الناس و تعزيز قدرتهم على الصمود، واستنهاض كامل الطاقات الوطنية في معركة الحرية ؟!
مرة أخرى، إذا كان واقع الحال يشكل وصفات لاستمرار تغلغل الأدران، وليس تفتيتها أو استئصالها، فإن المنطق والمسؤولية يشيران إلى أن الخيارات المتاحة أمام الشعب الفلسطيني لكسر تلك الحلقة الجهنمية، تتمثل بأن نتوقع من الرئيس الذي نتمنى له كل الصحة والقوة للقيام بما هو مطلوب منه شخصياً، وفي مقدمة ذلك المبادرة لإنقاذ إرادة الفلسطينيين، وتوريثهم الحصانة الوطنية التي تُمكنهم من استعادة مصيرهم بأيديهم، وأن يتوافقوا تحت قيادته كرئيس لكل الشعب الفلسطيني ، وليس لمجرد فريق منه، على خطة طريق تنقله نحو بر الأمان في إطار الموسسات الوطنية الجامعة السياسية منها والحكومية، وذلك بالعودة للديمقراطية التوافقية، و لمبدأ الانتقال السلمي للسلطة عبر الانتخابات العامة الشاملة، والالتزام التام بنتائجها دون إقصاء أي طرف، وبما يُعيد للمؤسسات الوطنية هيبتها ومكانتها التمثيلية الجامعة، وبمشاركة الجميع بعيدًا عن الاقصاء والمحاصصة.
يبدو أن هذا الطريق ليس سالكاً بعد، بل يجري محاولة لوي عنقه من قبل الواهمين على طرفي الانقسام، الأمر الذي يفرض على كل الديمقراطيين والوطنيين التداعي من أجل التحضير لعقد مؤتمر وطني ينطلق من الإرادة الشعبية الشاملة، وأولويات الناس في مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني، ليؤسس لمرحلة جديدة هدفها بناء كتلة شعبية، مرجعيتها الأساسية قضايا الإجماع الوطني والقانون الأساسي ومضمون وثيقة إعلان الاستقلال بكل عناوين العدالة الاجتماعية التقدمية التي تضمنتها، وصون الطابع الجبهوي والإئتلاف الشامل لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا وتطلعاته الوطنية وإنجازاته الديمقراطية، لتتحمل هذه الكتلة الشعبية مسؤوليتها نحو فتح الانسداد الذي أوجدته قوى الانقسام، وحماية النسيج المجتمعي والسلم الأهلي من خطر الانزلاق نحو العنف في معركة الصراع على السلطة. إن القدرة على المضي بهذا الطريق تستدعي من المستعدين للانخراط في هذا الجهد نبذ الفئوية والشخصانية، واحترام التنوع والتعددية، وبأن يتصدر هذه الرؤية قيادات شابة من مختلف الاتجاهات السياسية والقوى والفئات الاجتماعية و النقابات المهنية والحراكات الشعبية الناهضة، سيما من الشباب والنساء، وتلك المخلصة والمجربة، والقادرة على الإسهام في تحرير إرادة الناس.
لطالما جري الحديث عما هو مطلوب، ولكن السؤال الذي علينا أن نواجه أنفسنا به؛ لماذا لم يتحقق ذلك؟ وماهي العقبات التي حالت وتحول دون إطلاق هكذا عملية سياسية بنَّاءة، للانتقال من مجرد الكلام للعمل. هذا ما يجب أن يكون السؤال المركزي بهدف وضع إجابة ملموسة وعملية تفضي إلى بلورة خطة عمل جوهرها اعادة بناء الحركة الوطنية من أدنى إلى أعلى، دون إغفال دور الطليعة أو إدعاء عدم الحاجة له .قد يبدو ذلك عملية شاقة، فترميم حركة المجتمع واعادة بناء نظامه السياسي ليسا بالأمر السهل، سيما في ظل التحديات الكبرى التي تواجهنا وعلى رأسها اصرار حكومة الاحتلال والنظام السياسي في اسرائيل على طمس ومصادرة الحقوق الوطنية لشعبنا، إن لم يكن إلغاء الهوية الوطنية ذاتها، إلا أن عدم وضع كل المناكفات وحالة الشرذمة و التآكل الذاتي جانباً، سيلحق بقضية شعبنا أفدح الأضرار، والتي ستدفع الاجيال القادمة أثمانها ربما لعقود طويلة، والتاريخ حينها لن يرحم أحداً.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
هولندا: سنعتقل نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
صحة الرئيس : انكشاف أزمة النظام وفرص إصلاحه