أقلام وأراء
الأحد 29 مايو 2022 8:44 مساءً - بتوقيت القدس
مسيرة الأعلام الاسرائيلية.. محاولة لفرض واقع جديد بمنطق القوة
بقلم: منير الغول
منذ العام ١٩٦٧ وبعد احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس وضمه الى القدس الغربية فيما يوصف ب"القدس الموحدة" التي تدعي اسرائيل انها عاصمة لها رغم وقوع المدينة تحت الاحتلال وبالتالي يجب اخضاع اي عملية سياسية او اجتماعية او اقتصادية فيها الى ما تنص عليه المعاهدات الدولية، الا ان اسرائيل ضربت بعرض الحائط كل هذه المعاهدات وامعنت في سياستها اليمينية المتطرفة في مسعى لتهويد كل ما تبقى من آثار فلسطينية وعربية في المدينة.
كانت مسيرة "الرقص بالاعلام" التي تنطلق عادة من غربي القدس وتحديدا من شارع يافا وصولا الى باب العامود وابواب القدس حتى نقطة النهاية في حائط البراق ،احد المظاهر التي يعتبرها المستوطنون والمتطرفون اليهود احد اهم معالم السيادة ورمزها الاهم العلم الاسرائيلي الذي يجب ان يرفع في كل انحاء اسرائيل وليس في القدس وحسب وفقا للسياسة الاسرائيلية . واليوم نجد في خطط وتصرفات واعمال حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت ازاء الفلسطينيين، توافقا تاما مع نهج اليمينيين والمستوطنين المتطرفين.
فبعد فشل مسيرة الاعلام العام الماضي بسبب اطلاق صواريخ المقاومة من قطاع غزة نحو الاجزاء الجنوبية الغربية من مدينة القدس وما اعقبها من هجمات اسرائيلية على غزة ، كل ذلك ادى هذا العام لارتفاع وتيرة التحدي بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي واطراف اخرى مثل حزب الله ،في حرب تصريحات عنيفة توحي بأن المنطقة ستتجه الى حرب ولكن في حقيقة الامر فان التوتر الناجم عن هذه المسيرة كان ينتهي فور ختام المسيرة لسنوات طويلة مضت.
انطلقت اولى المسيرات عام ١٩٦٨ وشارك بها عشرات المستوطنين، لكن المسيرة تطورت في السنوات الاخيرة واصبح عدد المشاركين فيها يتجاوز الخمسين الفا من اليهود الذين يتوافدون على المدينة ويسيرون عبر شوارعها وأزقتها لإحياء ذكرى احتلال الجزء الشرقي منها ووقوع المدينة برمتها تحت السيطرة الإسرائيلية.
ويحمل المشاركون فيها وبينهم عدد كبير من الصبية والمراهقين، الأعلام الإسرائيلية ومكبرات الصوت وهم يرقصون وينشدون أغان وأناشيد اسرائيلية .
ويرى الفلسطينيون والعديد من الإسرائيليين أن هذا الاحتفال عمل استفزازي من قبل الجماعات المتطرفة وحركات الاستيطان المتشددة، حيث يحاولون المرور عبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة انطلاقاً من باب العمود وصولا إلى حائط حائط البراق الذي يسميه اليهود "المبكى"، حيث يجتمع المشاركون في نهاية المسيرة.
وتفرض الشرطة الإسرائيلية إجراءات أمنية مشددة يشارك فيها الآلاف من رجال الأمن وعناصر الجيش في القدس والضفة الغربية تحسباً لوقوع صدامات او اعتداءات من قبل المتطرفين اليهود على الفلسطينيين.
ما الذي تغير خلال الاعوام القليلة الماضية وجعل هذه المسيرة في مقدمة البقع المشتعلة التي قد تؤدي الى تصعيد قد لا يحمد عقباه ؟ الجواب ببساطة هو السياسة الاسرائيلية التي لاحظنا تطرفها الشديد وتعاملها مع الفلسطينيين في شرقي المدينة بشكل عنيف خصوصا ارتفاع وتيرة الاقتحامات للمسجد الاقصى والتهديدات بهدمه واقامة الهيكل المزعوم مكانه وابعاد النشطاء عن محيط القدس والبلدة القديمة وسياسة الاعتقالات وحتى الاغتيالات والاغلاق ومنع المؤسسات الفلسطينية من العمل في مدينة القدس واغلاق معظمها، اضافة لمحاولة السيطرة على كل مناحي الحياة الاجتماعية في المدينة وخصوصا ما يجري في الشيخ جراح وسلوان وجبل المكبر وغيرها من المناطق، اضافة لتعكير الاجواء في شهر رمضان المبارك ومنع المصلين من الدخول لاداء فريضة الصلاة والعبادة بشكل هادئ ومطمئن والاعتداء على الشبان في منطقة باب العامود التاريخية ذات الشواهد العربية الفلسطينية التي يحاول الاحتلال جاهدا تهويدها من خلال بناء منصات جديدة في ثلاثة مواقع بباب العامود يستعملها جنود حرس الحدود والشرطة لقمع التواجد الفلسطيني.
هذه السياسة التي تجسدها الحكومة الاسرائيلية بشكل فاضح وتطلق العنان لتنفيذها من قبل المستوطنين وتسمح لهم باطلاق النار بعد موجة العمليات الاخيرة ،تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك ان هذه الحكومة ارتدت اكبر حجم من ثوب التطرف حتى وصلت الامور الى قمع كل من يحمل علم فلسطين في مدينة القدس. والشواهد على ذلك عديدة واهمها ما جرى في مراسم تشييع الشهيدة الصحفية شيرين ابو عاقلة والشاب المقدسي وليد الشريف الذي اصابته رصاصة معدنية مغلفة بالمطاط داخل المسجد الاقصى استشهد على اثرها في المستشفى.
ان مسيرة الاعلام التي تصر اسرائيل على اقامتها اليوم الاحد واقتحامها باب العامود والبلدة القديمة والحي الاسلامي، ما هي الا وسيلة أخرى من وسائل ومحاولات فرض السيادة والهيمنة الاسرائيلية على مدينة القدس بمنطق القوة الذي تحميه عشرات الاجهزة الامنية الاسرائيلية معززة بالاف الافراد من الشرطة والمخابرات وحرس الحدود، حيث ان هناك توافقا امنيا كاملا على ابقاء خارطة مسيرة الاعلام كما هي رغم التهديدات من قبل الفصائل الفلسطينية والاسلامية بالرد عليها اذا ما توجهت للمسجد الاقصى.
ومن أبرز الساسة الإسرائيليين الذين يعملون على تنظيم هذه المسيرة هذا العام، عضو الكنيست عن تحالف "الصهيونية المتدينة" ايتمار بن غفير المتحالف مع زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو.
وبن غفير هو أحد تلامذة الحاخام المتطرف الراحل مئير كهانا ورئيس حزب "عوتسما يهوديت"-الكاهاني الجديد-، الذي اندمج في تحالف "الصهيونية المتدينة" قبل الانتخابات في خطوة أشرف عليها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
ان الاصرار الاسرائيلي يؤكد ان هذه المسيرة استعراض لمنطق قوة جديد تحاول من خلاله حكومة الاحتلال فرض قوتها نهائيا وكليا على الشارع المقدسي، اضافة الى ان ما لم يتحقق العام الماضي خلال هذه المناسبة دعا جماعات الهيكل والمنظمات المتطرفة منذ أيام للتصعيد من تصريحاتها العدوانية تجاه المسجد الأقصى، وما زالت تحشد المزيد من المؤيدين للمشاركة في تنفيذ اقتحامات بأعداد كبيرة للمسجد يتم خلالها رفع العلم الإسرائيلي وغناء النشيد القومي وأداء الصلوات الجماعية العلنية ثم المشاركة في مسيرة الأعلام عصرا.
اخيرا، مسيرة الاعلام هي جزء حيوي من معركة السيادة على القدس التي فقدتها اسرائيل في بعض المحاور المتوترة وتجد حكومتها اليوم متنفسا في دعوات المتطرفين وجماعات الهيكل لمحاولة فرض السيادة . وهذه المرة بمنطق القوة الذي تعودنا عليه ولم يعد غريبا على دولة الاحتلال وحكومتها المتطرفة
المزيد في أقلام وأراء
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
حزب الله يعلن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
حظر الكنيست لـ"الأونروا" ... إسرائيل حاكمة الكون انتدبت نفسها لشطب قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها
مصطفى: الاقتصاد الوطني انكمش بمقدار 35٪ بفعل استمرار عدوان الاحتلال
الأكثر قراءة
مصطفى: الاقتصاد الوطني انكمش بمقدار 35٪ بفعل استمرار عدوان الاحتلال
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
أميركا و7 من حلفائها يحذرون نتنياهو من انهيار الاقتصاد الفلسطيني
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
صمدت في جباليا.. استشهاد الفنانة التشكيلية الفلسطينية محاسن الخطيب
أسعار العملات
الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.06
شراء 4.04
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%20
%80
(مجموع المصوتين 523)
شارك برأيك
مسيرة الأعلام الاسرائيلية.. محاولة لفرض واقع جديد بمنطق القوة