فريد طعم الله: لجنة الانتخابات جهة فنية تنفذ القانون ولا تتدخل في صياغته أو تقييمه ونحن جاهزون لاجراء العملية الانتخابية حال تحديد الموعد
صايل حنون: تعديلات قانون الانتخابات المحلية تم التشاور فيها على اوسع نطاق وجاءت استعداداً لاستحقاق انتخابي مرتقب
د. عمار دويك: قانون انتخابات الهيئات المحلية الجديد يحتاج إلى توافق وطني ومزيد من المشاورات قبل إقراره
عارف جفال: توقعات بارتفاع نسبة الأوراق الباطلة لتصل إلى ما بين 10 و15% مقارنة بـ3% فقط في الانتخابات السابقة
د. حسن خريشة: نظام الانتخاب الفردي هو الأفضل ويتيح للناخبين اختيار الأفضل من المرشحين بناءً على كفاءتهم وعلاقاتهم المجتمعية
عصام حج حسين: المسودة الحالية أخذت بالعديد من الملاحظات السابقة على القانون لكنها لم تخضع لنقاش مع مؤسسات المجتمع المدني
د. عمر رحال: النظام منصف إلى حد كبير وحان الوقت لإقرار قانون جديد عصري يتلاءم مع خصوصية الحالة الفلسطينية وتطورها
نهاد أبو غوش: مشروع القرار قد يخلق بيئة مواتية لمخططات اليمين الإسرائيلي الذي يسعى لـ"إقامة هيئات محلية عائلية بديلة عن السلطة
تتزايد وتيرة النقاشات في الأوساط السياسية والمجتمعية الفلسطينية حول مسودة قانون انتخابات الهيئات المحلية الجديد لعام 2025، وسط تباين في المواقف بين الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الحكم المحلي أن القانون جاء لتلبية الاحتياجات الانتخابية، فإن لجنة الانتخابات المركزية تؤكد جاهزيتها الفنية لتنفيذ أي قانون يتم إقراره رسمياً، ويبرز قلق حقوقي ومجتمعي من إقرار التعديلات بشكل متسرع ودون مشاورات وطنية كافية، وفق مقابلات أجرتها "القدس".
ويعكس مشروع القانون الجديد تغييراً جوهرياً في الأنظمة الانتخابية المطبقة في الأرياف، حيث يتجه نحو اعتماد نظام مختلط يجمع بين القائمة المفتوحة في المدن والانتخاب الفردي في القرى.
ورغم الإشادة ببعض التحسينات المقترحة، مثل تخفيض سن الترشح ومنح الناخب مرونة أكبر في اختيار المرشحين، إلا أن مراقبين حذروا من تعقيد العملية الانتخابية، ما قد يؤدي إلى زيادة نسبة الأوراق الباطلة، في ظل ضعف الثقافة الانتخابية لدى المواطنين.
كما أثار المشروع انتقادات لكونه لم يُطرح على طاولة حوار وطني واسع، ما اعتُبر تغليباً لنهج الإقصاء وتفرداً في صياغة التشريعات ذات الأثر الواسع.
من ينفذ القانون يجب أن لا يتدخل في تشريعه
يقول المتحدث الرسمي باسم لجنة الانتخابات المركزية، فريد طعم الله، إن اللجنة جهة فنية تنفذ ما يُقر من قوانين انتخابية، ولا تملك صلاحية إبداء الرأي في مضمون القانون من حيث جودته أو ملاءمته السياسية.
ويوضح طعم الله أن دور لجنة الانتخابات يقتصر على التدخل من الناحية الفنية فقط، مشيراً إلى أن اللجنة قدمت بالفعل ملاحظاتها الفنية بشأن مسودة القرار بقانون لعام 2025، وفقط تلك الأمور المتعلقة بعملها وآليات تنفيذ العملية الانتخابية، دون التدخل في أي جانب تشريعي.
ويقول طعم الله: "من ناحية الحكم الرشيد، فإن من ينفذ القانون يجب ألا يتدخل في تشريعه، ونحن ملتزمون بهذا المبدأ".
ويشير طعم الله إلى أن اللجنة لا تمانع من الناحية الفنية في تنفيذ أي قانون انتخاب يتم إقراره، مؤكداً أن اللجنة تعمل على تحديث جاهزيتها باستمرار لضمان القدرة على إجراء الانتخابات في أي وقت يتم تحديده من قبل الجهات المختصة.
إعلان موعد الانتخابات المحلية من صلاحيات الحكومة
ويشدد طعم الله على ضرورة أن تقوم الحكومة، بعد إقرار القانون، بإبلاغ لجنة الانتخابات به رسمياً، ومنحها الوقت الكافي للاستعداد، بما يشمل تنظيم حملات توعية للمواطنين، خاصة أنهم اعتادوا على قوانين انتخابية سابقة وقد يحتاجون إلى فهم تفاصيل التعديلات الجديدة.
ويبيّن طعم الله أن القانون ينص على أنه في حال تعذّر إجراء الانتخابات في منطقة معينة، يمكن تأجيلها وعقدها في وقت لاحق، وهو ما يؤكّد مرونة القانون في التعامل مع الظروف المختلفة.
ويوضح طعم الله أن الإعلان الرسمي عن موعد الانتخابات المحلية هو من صلاحيات الحكومة، في حين تبقى لجنة الانتخابات المركزية مستعدة فنياً لتنفيذ العملية متى طُلب منها ذلك.
تشاور في التعديلات على نطاق واسع
ويؤكد مدير عام العلاقات العامة في وزارة الحكم المحلي، صايل حنون، أن التعديلات على قانون انتخابات الهيئات المحلية تم التشاور فيها على نطاق واسع وجاءت في إطار الاستعدادات التي تبذلها الوزارة منذ الانتخابات المحلية السابقة، والتي أظهرت الحاجة الماسّة لتحديث القانون، لا سيما في المناطق الريفية التي لم تحقق الانتخابات فيها النتائج المرجوة من حيث التمثيل والإدارة المحلية.
ويوضح حنون أن العمل على هذه التعديلات بدأ منذ ما قبل الدورة الانتخابية الماضية، إلا أن إقرارها تأخر لحاجتها لوقت كبير للدراسة والتشاور، مما اضطر الوزارة إلى استكمال التعديلات في هذه الفترة واعادة التشاور فيها من جديد.
ويؤكد حنون أن الوزارة حرصت على إجراء مشاورات موسعة خلال السنوات الماضية مع مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، ومؤسسات المرأة والشباب، بهدف الوصول إلى صيغ توافقية.
استجابة لحاجة واقعية لتحسين العملية الانتخابية
ويشير حنون إلى أن التعديلات التي أُجريت ليست جوهرية بمعناها الكامل، لكنها جاءت استجابة لحاجة واقعية لتحسين العملية الانتخابية وتعزيز جاهزية الوزارة لتنظيم الانتخابات، في حال الإعلان عن موعدها الرسمي.
ويقول حنون: "لم يتم حتى الآن الإعلان عن إجراء الانتخابات، لكن تعديل القانون والمصادقة عليه يندرجان ضمن خطوات الجاهزية لأي استحقاق قادم".
ويؤكد حنون أن التوافق على التعديلات تم إلى حد كبير قبل رفعها إلى مجلس الوزراء للمصادقة، حيث أن الوزارة تتعامل مع هذا الملف بمنهج تشاوري وتوافقي، حرصاً على شفافية العملية الانتخابية وتطوير منظومة الحكم المحلي بما يخدم مصلحة المواطنين.
ويؤكد حنون أن الباب يبقى مفتوحا حتى الآن لأي تعديل من اي جهة أو أي مواطن، فمشروع القانون منشور على منصة التشريع للجميع، ومتاح لإجراء اي تعديلات قبل القراءات القادمة.
مشروع القانون يتضمن نقاطاً إيجابية وأخرى تستدعي المراجعة
من جانبه، يؤكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، د. عمار دويك، أن الهيئة اطلعت مؤخراً على مشروع قانون انتخابات المجالس المحلية الجديد لعام 2025، وتقوم حالياً بدراسته بالتعاون مع الائتلاف الأهلي للرقابة على الانتخابات، مشيراً إلى أنه سيتم إصدار موقف موحّد من القانون قريباً.
ويوضح دويك أن المشروع يتضمن نقاطاً إيجابية وأخرى تستدعي المراجعة، مشدداً على أن قانون انتخابات الهيئات المحلية لعام 2005 أُقرّ من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني، وأن النظام الانتخابي حينها جاء بعد توافق وطني، الأمر الذي يستوجب توافقاً مماثلاً قبل إجراء أي تعديل على هذا النظام.
ويقول دويك: "نحن لسنا مع الاستعجال في إصدار هذا القانون"، مشيراً إلى أن النظام الانتخابي المقترح في المشروع الجديد يعتمد على نظامين؛ أولهما يُطبق في الهيئات المحلية الصغيرة كالمجالس القروية، ويقوم على نظام الأغلبية، حيث يُسمح للناخب باختيار خمسة مقاعد فقط من أصل تسعة، حيث أن هذا النظام يهدف إلى منع سيطرة العائلات الكبيرة على كافة مقاعد المجلس المحلي.
تطبيق الكوتا المسيحية سيكون بالغ التعقيد
أما النظام الثاني، وفق دويك، فيُطبق في الهيئات المحلية الكبيرة كالبلديات، ويُعرف بنظام "القائمة المفتوحة"، والذي يسمح للناخبين بترتيب مرشحي القائمة بحسب تفضيلاتهم.
ويعتبر دويك هذا النظام معقداً على مستوى فهم الناخبين، وتطبيقه يوم الاقتراع، بالإضافة إلى تعقيدات عملية فرز الأصوات.
ويشير دويك إلى أن هذا النظام قد يتسبب بمشكلات داخل الأحزاب، إذ سيتنافس أعضاء الحزب الواحد في ما بينهم داخل نفس القائمة.
ويلفت دويك إلى أن من النقاط الإيجابية في المشروع المقترح هو تخفيض سن الترشح من 25 إلى 23 عاماً، لكنه بعتبر أن هذا التخفيض لا يزال غير كافٍ، حيث أن العديد من الدول باتت تعتمد سن الترشح ابتداءً من 18 أو 21 سنة، تماشياً مع سن الاقتراع.
ويتساءل دويك عن مدى إمكانية تطبيق الكوتا المسيحية في ظل النظام الجديد، معتبراً أن تطبيقها في سياق "القائمة المفتوحة" سيكون بالغ التعقيد.
ويؤكد دويك على ضرورة إخضاع القانون الجديد إلى المزيد من المشاورات الوطنية الواسعة، مشدداً على أن أي تغيير جوهري في نظام الانتخابات يجب أن يتم في إطار توافق وطني حقيقي.
إقرار التعديلات على القانون بالقراءة الأولى
بدوره، يؤكد مدير مرصد العالم العربي للديمقراطية والانتخابات، عارف جفال، أن إقرار التعديلات على قانون انتخاب الهيئات المحلية لعام 2025 بالقراءة الأولى يحمل في طياته بعض الإيجابيات التي جاءت نتيجة مطالبات متكررة من قبل وزارة الحكم المحلي، ولجنة الانتخابات المركزية، ومؤسسات المجتمع المدني.
ويوضح جفال أن الجهود لإصلاح القانون بدأت قبل الدورة الرابعة من الانتخابات الأخيرة، إلا أن ضيق الوقت وعدم مرور عام كامل على موعد الانتخابات – كما يقتضي العرف الانتخابي – حال دون إدخال تلك التعديلات حينها.
ويؤكد جفال أن جزءاً كبيراً من المسودة الحالية كان قد تم التوافق عليه في عام 2021 خلال ورشة عمل نظمتها لجنة الانتخابات، وشارك فيها ممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني، ووزارة الحكم المحلي، ووزارة شؤون المرأة، ومجلس الوزراء، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، كما أن غالبية الاقتراحات المقدمة آنذاك أُدرجت في المسودة الحالية.
ويشير جفال إلى أهمية التعديل المتعلق بالنظام الانتخابي، والذي يعد "عصب أي قانون انتخابي"، لافتاً إلى أن فلسطين استخدمت نظام الأغلبية في انتخابات 2004، ثم جرى توافق وطني في حوارات القاهرة على النظام النسبي والقائمة المغلقة، غير أن التعديل الأخير لم يمر بنفس مستوى المشاورات السياسية، ولم تُجرَ أي مشاورات حقيقية مع الأحزاب السياسية، ما يعني أن القانون الجديد "يفتقر إلى التوافق الوطني".
القانون المقترح يتضمن اعتماد نظام مختلط
وعن الجوانب الفنية، يوضح جفال أن القانون المقترح يتضمن اعتماد نظام مختلط، شبيه بقانون الانتخابات التشريعية لعام 2006، حيث تُستخدم القوائم المفتوحة للمجالس البلدية، ونظام الأغلبية للمجالس القروية.
ويبيّن جفال أن مرصد العالم العربي للديمقراطية والانتخابات يرحب بما ورد في المسودة بخصوص المجالس القروية، حيث ثبت عدم جدوى تطبيق نظام القوائم النسبية في القرى الصغيرة، والتي غالباً ما تتحول فيها القوائم إلى قوائم عائلية، ما يفقدها المصداقية السياسية.
ويؤكد جفال أن التعديل الجديد ينص على منح كل ناخب في المجالس القروية خمسة أصوات فقط، وهو ما يعتبره جفال خطوة إيجابية تهدف إلى حماية التعددية ومنع احتكار العائلات الكبرى للمجالس القروية.
وعن ملاحظات المرصد على القانون الجديد، يلفت جفال إلى أن النظام المقترح قد ينقل الأزمات من مرحلة تشكيل القوائم إلى مرحلة النتائج، حيث سيقوم الناخب باختيار قائمة واحدة ثم ترتيب خمسة أسماء داخلها وفق تفضيله الشخصي.
ارتفاع نسبة الأوراق الباطلة
ويؤكد جفال أن ذلك سيؤدي إلى استخدام أكثر من ورقة اقتراع، ما قد يتسبب في ارتفاع نسبة الأوراق الباطلة لتصل إلى ما بين 10 و15% مقارنة بـ3% فقط في الانتخابات السابقة، بسبب ضعف الثقافة الانتخابية.
وفي سياق الظروف الراهنة، يشدد جفال على أن إجراء الانتخابات المحلية يجب أن يكون في جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بعد انتهاء حرب الإبادة المستمرة.
ويدعو جفال إلى تأجيل إقرار القانون إلى ما بعد انتهاء العدوان، بما يسمح بمشاركة أهالي غزة في النقاشات حول القانون.
ويؤكد جفال أن هذه التعديلات تأتي في سياق منظومة الإصلاح التي وعد بها رئيس الوزراء، مشيراً إلى أن الاستعدادات الجارية قد تكون انعكاساً لتوقعات بانتهاء الحرب خلال الفترة المقبلة.
التعديلات المقترحة على القانون لا تحمل جديداً جوهرياً
من جهته، يؤكد نائب رئيس المجلس التشريعي السابق، د. حسن خريشة، أن التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات المحلية لا تحمل جديداً جوهرياً، باستثناء بند يتعلق بنظام الانتخاب الفردي للمجالس القروية التي يقل عدد مرشحي قائمتها عن 12.
ويوضح خريشة أن هذا التعديل هو التغيير الحقيقي الجوهري الوحيد في المسودة المطروحة، بينما بقيت باقي بنود القانون كما هي.
ويعتقد خريشة أن نظام الانتخاب الفردي هو الأفضل للهيئات المحلية، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، معتبراً أن هذا النظام يتيح للناخبين اختيار الأفضل من المرشحين بناءً على كفاءتهم وعلاقاتهم المجتمعية، وليس وفقاً لاعتبارات حزبية أو تنظيمية.
ويقول خريشة: "في نظام القوائم، يُضطر الناخبون لانتخاب جميع المرشحين على القائمة، سواء كانوا جيدين أم لا، وغالباً ما تدفع الأحزاب بأسماء تملك النفوذ داخل التنظيم وليس بالضرورة الأفضل أداءً أو كفاءة".
ويستشهد خريشة بتجربة الانتخابات التشريعية عام 1996 التي جرت وفق نظام الانتخاب الفردي، والتي قال إنها "أفرزت أفضل من مثّلوا الشعب في المجلس التشريعي"، داعياً إلى تعميم هذا النظام على كافة الانتخابات المحلية سواء البلدية أم القروية.
توقيت طرح موضوع الانتخابات في ظل حرب الإبادة
ويرى خريشة أنه في حال الإصرار على نظام القوائم في البلديات الكبرى، فمن الأفضل أن يُجرى انتخاب رئيس المجلس المحلي في صندوق مستقل عن الأعضاء.
وحول توقيت طرح التعديلات أو إمكانية إجراء الانتخابات، يعتبر خريشة أن الانتخابات المحلية، في ظل "الإبادة الجارية" بحق الشعب الفلسطيني، تساهم في إشغال الرأي العام عن القضايا المصيرية.
ويقول خريشة: "الأصل أن نركز جهودنا الآن على وقف العدوان، ومواجهة الحرب الوجودية التي نخوضها".
ويرى خريشة أنه وان كان لا بدّ من إجراء الانتخابات، فالافضل إجراء انتخابات عامة تشمل جميع الأراضي الفلسطينية، وليس الانتخابات المحلية، معتبراً أنها "المدخل الأساسي لإنهاء الانقسام وتوحيد الشعب الفلسطيني واختيار قيادة جديدة تليق بالمرحلة المقبلة".
بحاجة لتعديلات جوهرية لضمان نزاهة العملية الانتخابية
ويؤكد المدير التنفيذي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، عصام حج حسين، أن مسودة قانون الانتخابات المحلية الجديد التي طرحتها الحكومة الفلسطينية مؤخراً تتضمن بعض التحسينات مقارنة بالقانون السابق، إلا أنها ما زالت بحاجة إلى تعديلات جوهرية لضمان نزاهة العملية الانتخابية ونزاهة الوصول الى الحكم.
ويوضح حج حسين أن القانون السابق، الذي أُجريت الانتخابات المحلية الأخيرة بموجبه، شهد العديد من الإشكاليات التي رصدتها مؤسسات المجتمع المدني، وجرى تقديم ملاحظات بشأنها إلى الحكومة السابقة من خلال اجتماعات وتوصيات رسمية.
ويشير حج حسين إلى أن المسودة الحالية أخذت بالعديد من تلك الملاحظات بعين الاعتبار، لكنها لم تخضع لنقاش حقيقي مع مؤسسات المجتمع المدني قبل الاعلان عنها، بل تم الاكتفاء بمشاورات مع اتحاد البلديات وصندوق إقراض البلديات ووزارة الحكم المحلي، فيما تم فتح باب تقديم الملاحظات على مسودة المشروع على موقع وزارة العدل.
ويؤكد حج حسين أن من بين التحسينات التي طرأت على القانون موضوع القوائم في انتخابات البلديات، حيث لم يعد ترتيب الأسماء في القائمة ملزماً للناخب، مما يمنحه مرونة أكبر في اختيار من يراه مناسباً، كما أن اعتماد النظام الفردي في المجالس القروية سيساهم في الحد من الطابع العائلي والعشائري، وهو ما يتيح تمثيلاً أوسع لأبناء القرى من مختلف العائلات واختيار كفاءات.
جملة من الملاحظات ستقدم إلى الحكومة
مع ذلك، يبيّن حج حسين أن "أمان" ومؤسسات المجتمع المدني لديهم جملة من الملاحظات سيتم تقديمها إلى الحكومة، من أبرزها رفض منح مجلس الوزراء صلاحية تأجيل الانتخابات، حيث يرى "أمان" أن هذه الخطوة يجب أن تكون مقرونة بطلب لجنة الانتخابات المركزية، لتفادي التسييس أو التعطيل غير المبرر، حيث أن اي تأجيل لعقد الانتخابات في أي منطقة مقرون بهذه الخطوة، وهي اعلان لجنة الانتخابات عن عدم قدرتها على اجراء الانتخابات في منطقة ما أو أكثر مع توضيح الأسباب.
ويشير حج حسين إلى غياب تحديد واضح لعدد مراحل إجراء الانتخابات أو سقفها الزمني، وهو ما قد يفتح الباب للتأجيل أو التلاعب في توقيتاتها.
ويلفت حج حسين إلى غياب نظام واضح ينظم التمويل الانتخابي، داعياً إلى وضع سقوف محددة لضمان عدالة الإنفاق بين القوائم والمرشحين.
ويؤكد حج حسين أن "أمان" تركز على مبدأ "نزاهة الوصول إلى الحكم"، معتبراً أن المسودة الحالية تتضمن بعض مكونات ذلك، لكنها بحاجة إلى دراسة أعمق.
معالجة مظاهر العائلية والعشائرية في المجالس القروية
ويشير حج حسين إلى أن المجتمع المدني والأحزاب سيعقدون اجتماعات مكثفة خلال مهلة الـ21 يوماً التي حددتها وزارة العدل لتقديم الملاحظات، تمهيداً لإقرار القانون بشكل نهائي.
وينوه حج حسين إلى أن مشروع قانون الانتخابات المحلية الجديد يسعى لمعالجة بعض التحديات كمظاهر العائلية والعشائرية في المجالس القروية، عبر اعتماد النظام الفردي بدلاً من القوائم، وهذا التعديل يتيح فرصة أوسع لتمثيل أوسع داخل المجلس القروي، ويحد من هيمنة عائلة واحدة، في حين يغلب الطابع الحزبي على الانتخابات في المدن والمناطق الكبرى.
ويشدد حج حسين على ضرورة الجاهزية لإجراء الانتخابات المحلية حال توقف حرب الإبادة الجماعية الوحشية الجارية، مؤكداً أن العام الحالي يحمل استحقاقاً انتخابياً يجب التعامل معه بجدية.
ويشير حج حسين إلى أهمية التهيئة والاستعداد لهذا الاستحقاق القانوني والذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الظروف الامنية والميدانية الحالية التي يفرضها الاحتلال وفي مقدمتها حرب الابادة في قطاع غزة وتقطيع اوصال الضفة الغربية، وهذه الظروف تتطلب وجود خطة حكومية بمشاركة مجتمعية لتذليل التحديات حتى يتم عقد الانتخابات، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالقانون كمرجعية أساسية.
خطوة إيجابية نحو تطوير النظام الانتخابي الفلسطيني
من جانبه، يعتبر مدير مركز شمس لحقوق الإنسان، د. عمر رحال، أن مسودة التعديلات على قانون انتخاب الهيئات المحلية تمثل خطوة إيجابية نحو تطوير النظام الانتخابي الفلسطيني، موضحاً أن القانون الجديد يتضمن اعتماد نظام القائمة المفتوحة في المجالس البلدية "بحيث يتيح للناخب أن ينتخب القائمة كاملة بالتأشير عليها، أو أن يقوم الناخب باختيار خمسة مرشحين فقط من القائمة الواحدة المفتوحة، مع إمكانية استكمال العدد من قوائم أخرى"، بينما في المجالس القروية سيكون الانتخاب بنظام الأغلبية أي بالانتخاب الفردي للمرشح.
ويشير رحال إلى أن هذا النظام يُعد منصفاً إلى حد كبير رغم تقييده عدد المرشحين بخمسة فقط، مشدداً في الوقت ذاته على أنه لا يوجد في العالم نظام انتخابي مثالي بنسبة 100%، حيث أن لكل نظام انتخابي إيجابياته وسلبياته.
ويوضح رحال أن الأنظمة الانتخابية بطبيعتها ترتبط بالنظام السياسي السائد، إضافة إلى التطور الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع.
دور البلديات خلال حرب الإبادة في القطاع
ويقول رحال: "أنا مع القانون، ومع إقراره، وأراه منصفاً، مع الإقرار بوجود بعض الملاحظات التي يمكن دراستها لاحقاً وتطويرها بما يخدم العملية الديمقراطية".
وأكد رحال أنه بعد مرور نحو 20 عاماً على إقرار قانون انتخابات الهيئات المحلية عام 2005، فقد حان الوقت لإقرار قانون جديد عصري يتلاءم مع خصوصية الحالة الفلسطينية وتطورها.
ويشدد رحال على أن الانتخابات المحلية تحمل بعداً سياسياً في بعض الأحيان، رغم أنها غالباً ذات طابع تنموي وخدماتي بحت، مستشهداً بدور البلديات البارز خلال حرب الإبادة في قطاع غزة، حيث تولّت البلديات تقديم الخدمات للمواطنين في ظل غياب مؤسسات الدولة.
ويشير رحال إلى أن الدور الذي لعبته البلديات في غزة قد يمتد إلى الضفة الغربية، خاصة في ظل "استهداف الاحتلال للحكومة الفلسطينية وسلطة الأمر الواقع في غزة"، مما يجعل من البلديات بديلاً اضطرارياً لتسيير شؤون الناس وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
انقلاب على الطابع الديمقراطي والتعددي
بدوره، يقول الكاتب الصحفي والمطلع على شؤون الانتخابات نهاد أبو غوش إن مشروع القانون الجديد الخاص بانتخابات الهيئات المحلية يعد "انقلاباً على الطابع الديمقراطي والتعددي" للانتخابات، وتعزيزاً للنزعات العشائرية على حساب البرامج السياسية، فيما أُعدّ المشروع "بمعزل عن الحوار الوطني والمجتمعي".
ويؤكد أبو غوش أن المشروع يلغي نظام التمثيل النسبي في القرى، ما يُضعف التعددية السياسية ويُعيد الهيمنة للتنافس العشائري والحمائلي، مشيراً إلى أن ذلك "يتناغم مع مخططات اليمين الإسرائيلي الرامية إلى تفكيك السلطة الفلسطينية واستبدالها بهيئات محلية خاضعة للاحتلال".
ويؤكد أبو غوش أن المشروع يتجاهل مطالب شارك فيها ممثلون عن القوى السياسية والمجتمع المدني والخبراء القانونيون خلال عشرات جلسات الحوار التي عُقدت سابقاً.
ويوضح أبو غوش أن أغلبية القوى السياسية والمجتمع المدني طالبت بخفض سن الترشيح من 25 إلى 18 عاماً (كسن المسؤولية القانونية)، لكن المشروع خفّضه إلى 23 عاماً بذرائع "واهية"، وكذلك تم تقليل رسوم تسجيل القوائم الانتخابية وتسهيل مشاركة المرأة لضمان تمثيلها بنسبة الثلث، وإلغاء اشتراط مساواة عدد أعضاء القائمة بعدد مقاعد المجلس، وهو شرط يُعيق التحالفات الصغيرة.
إضعاف التحالفات وتكريس هيمنة القوى الكبرى
لكن المشروع الجديد، وفقاً لأبو غوش، تبنى فكرة "القائمة النسبية المفتوحة" التي طرحها وزير سابق للحكم المحلي رغم معارضة كل الأطراف، لأنها "تُضعف التحالفات وتُكرس هيمنة القوى الكبرى"، كما ألغى النسبية في المجالس القروية (التي تشكل الأغلبية)، ما يفتح الباب أمام سيطرة العشائر ورجال الأعمال.
ويحذّر أبو غوش من أن المشروع قد يخلق بيئة مواتية لمخططات اليمين الإسرائيلي الذي يسعى لـ"إقامة هيئات محلية عائلية بديلة عن السلطة"، خاصةً مع إلغاء النسبية واعتماد نظام يسمح باختيار 5 مرشحين فقط من القائمة، مما "يعزز الزعامات الفردية على حساب البرامج".
ويوضح أبو غوش أن إمكانية إجراء الانتخابات في ظل الحرب على غزة والتصعيد في الضفة "يجب أن تُقرر في اللحظات الأخيرة بناءً على توافق وطني، وليس بقرار بيروقراطي"، مشيراً إلى أن الانتخابات السابقة جرت على مراحل مع غياب غزة.
ويشدد أبو غوش على أن الانتخابات "ضرورة وطنية لتعزيز المقاومة الشعبية"، شرط أن تنتج مجالس محلية قادرة على مواجهة الاحتلال، وليس "مجالس خدمات خاضعة للوزارة أو العشائر".
ويلفت أبو غوش إلى أن إعادة إحياء فكرة "القائمة المفتوحة" بعد دفنها لعقدٍ كامل "دون نقاش" يُظهر أن المشروع يُكرس هيمنة وزارة الحكم المحلي على العملية الانتخابية، بدلاً من تعزيز الديمقراطية، كما أن التراجع عن النسبية في القرى "ضربة للتعددية السياسية"، وفق تعبيره.
شارك برأيك
قانون الانتخابات المحلية الجديد.. مخاوف من تغييب التوافق الوطني وتعزيز الطابع العشائري