وافقت جامعة كولومبيا على سلسلة من التغييرات التي طالبت بها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كشرط مسبق لاستعادة 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي الذي سحبته الحكومة هذا الشهر بسبب تعامل الجامعة مع معاداة السامية في الحرم الجامعي وسط احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين ضد إسرائيل.
وأصدرت الجامعة مذكرة توضح اتفاقها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل ساعات من انتهاء مهلة زمنية حددتها الإدارة.
ورضخت الجامعة لمعظم مطالب الإدارة، بما في ذلك تقييد ارتداء الكمامات في الحرم الجامعي، وتمكين ضباط الأمن من إبعاد أو اعتقال الأفراد، وانتزاع السيطرة على القسم الذي يقدم دورات حول الشرق الأوسط من أعضاء هيئة التدريس.
وتراقب الجامعات ألأخرى التي فرضت الإدارة عقوبات عليها رد فعل جامعة من أهم سبع جامعات في الولايات المتحدة المعروفة بلقب "آيفي ليج Ivy League " (رابطة اللبلاب)، في ظل سعيها لتحقيق أهداف سياساتها في مجالات تتراوح بين الاحتجاجات في الحرم الجامعي ورياضة المتحولين جنسياً ومبادرات التنوع. وحذّرت الإدارة ما لا يقل عن 60 جامعة أخرى من إجراءات محتملة بشأن مزاعم عدم امتثالها لقوانين الحقوق المدنية الفيدرالية المتعلقة بمعاداة السامية، والتي تفاقمت منذ بداية الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة المحاصر في 7 تشرين الأول 2023 .
وبحسب تصريح من الجامعة، لم يرد البيت الأبيض على مذكرة كولومبيا حتى مساء الجمعة، وظل وضع الأموال المجمدة البالغة 400 مليون دولار غير واضح.
ومن بين أكثر المطالب التسعة إثارة للجدل، رضخت جامعة كولومبيا على وضع قسم دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا تحت إشراف مسؤول جديد، وفقًا للمذكرة، مما أدى إلى سحب السيطرة من هيئة التدريس.
وستعين الجامعة مسؤولًا إداريًا كبيرًا جديدًا لمراجعة المناهج الدراسية وهيئة التدريس لضمان توازنهما، وتوفير قيادة جديدة للقسم الذي يقدم دورات في سياسات الشرق الأوسط ومواضيع ذات صلة.
وقد أثار هذا الطلب قلقًا بين أساتذة جامعة كولومبيا وأماكن أخرى، الذين أعربوا عن قلقهم من أن السماح للحكومة الفيدرالية بإملاء كيفية إدارة القسم سيشكل سابقة خطيرة. وانتقد المشرعون الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي العام الماضي أساتذة القسم لتعليقاتهم التي أعربوا فيها عن انتقاداتهم لإسرائيل.
كما ذكرت المذكرة أن الجامعة وظفت أيضًا عشرات الضباط الخاصين الذين يتمتعون بسلطة اعتقال الأشخاص في الحرم الجامعي، وراجعت سياساتها المناهضة للتمييز، بما في ذلك سلطتها في معاقبة المنظمات الجامعية. وأضافت المذكرة أنه لم يعد يُسمح بارتداء أقنعة الوجه لإخفاء الهويات، ويجب على أي متظاهر الآن التعريف بنفسه عند الطلب. كما ذكرت الكلية أنها تبحث عن أعضاء هيئة تدريس جدد "لضمان التنوع الفكري".
وذكرت المذكرة أن جامعة كولومبيا تخطط لشغل مناصب مشتركة في معهد الدراسات الإسرائيلية واليهودية وكلية الشؤون الدولية في محاولة لضمان "التميز والإنصاف في دراسات الشرق الأوسط". وكتبت الرئيسة المؤقتة كاترينا أرمسترونغ في رسالة أعلنت فيها التغييرات: "من الصعب استيعاب الصورة التي تُصوَّر بها جامعة كولومبيا والكولومبيون. صحيحٌ أننا نواجه تحديات، لكنها لا تُعرّفنا. نحن مجتمعٌ من الأكاديميين الذين يكنّون احترامًا عميقًا لبعضهم البعض ولرسالتنا. نُدرِّس ألمع الطلاب وأكثرهم إبداعًا في العالم، ونهتم اهتمامًا بالغًا بكل فردٍ منهم. لديّ ثقةٌ تامةٌ بقدرتنا على التغلب على أعظم التحديات. نحن نقف صامدين ومتألقين".
واعتبر أحد الأساتذة السابقين قبول الجامعة بإملاءات ترامب بأن" "يوم مشين ليس فقط لجامعة كولومبيا، بل للحريات الأكاديمية في كل الجامعات الأميركية".
وأضاف أرمسترونغ: "في جميع الأوقات، نسترشد بقيمنا، ونضع الحرية الأكاديمية وحرية التعبير والبحث المفتوح واحترام الجميع في مقدمة كل قرار نتخذه".
وأضافت الجامعة أيضًا أنها تبحث عن أعضاء هيئة تدريس جدد "لضمان التنوع الفكري". وذكرت المذكرة أن جامعة كولومبيا تخطط لشغل مناصب مشتركة في معهد الدراسات الإسرائيلية واليهودية وكلية الشؤون الدولية، في محاولة لضمان "التميز والإنصاف في دراسات الشرق الأوسط".
وقال باحثون إنّ الإغلاق المفاجئ لملايين الدولارات من التمويل الفيدرالي لجامعة كولومبيا هذا الشهر كان يُعطّل بالفعل البحث الطبي والعلمي في الجامعة.
ويقول منتقدو تدخل إدارة ترامب في جامعة كولومبيا، بمن فيهم آلاف الأكاديميين اليهود الذين وقّعوا رسالة احتجاج هذا الأسبوع، إنّ حملة القمع هناك وفي جامعات أخرى تعكس انتهاكًا غير لائق للحرية الأكاديمية، وتستغلّ المخاوف من معاداة السامية لتبرير القمع.
شارك برأيك
جامعة كولومبيا ترضخ لمطالب إدارة ترامب لمعالجة "معاداة السامية" في الحرم الجامعي