في عملية ابتزاز وفرض أمر واقع، انضمت بلدية الاحتلال في القدس رسميًا إلى عملية التخطيط مع جماعات استيطانية متطرفة، كمقدمة لخطة بناء استيطانية في القدس الشرقية.
ستناقش اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء يوم الأربعاء المقبل انضمام بلدية القدس إلى خطتين مثيرتين للجدل، تهدفان إلى توسيع البناء لليهود في قلب الأحياء الفلسطينية – في الشيخ جراح وأم ليسون/ صور باهر.
وكشف الناطق باسم منظمة "عير عميم" المناهضة للاستيطان، ران يارون، النقاب عن أن الخطة في الشيخ جراح تتضمن إقامة مبنى لمعهد ديني يهودي باسم "أور سيمح" على أرض خاصة في قلب حي فلسطيني. وقال يارون: "بعد تعرض البلدية لانتقادات لعدم خدمتها لجميع المواطنين في الحي الفلسطيني، قررت اللجنة المحلية مصادرة 40% من الأرض لاستخدامات عامة، لكنها في الوقت ذاته قررت أيضًا أن تنضم بلدية القدس رسميًا كمقدمة للخطة، مما يمنحها دعمًا مؤسسيًا كبيرًا ويدفع الاستيطان في حي كان ولا زال مصدرًا للتوتر والصدام بين المستوطنين المتطرفين وسكان الحي الأصليين من المقدسيين الفلسطينيين".
أما التورط الأكثر وضوحًا للبلدية، أضاف يارون: "يظهر في خطة أم ليسون، التي تهدف إلى إنشاء 450 وحدة استيطانية يهودية داخل حي فلسطيني قائم. علمًا أن المدخل الوحيد للحي الفلسطيني ضيق ولا يسمح بالبناء".
وتابع الناطق بلسان "عير عميم": "ولأن المستوطنين لا يملكون الأرض، فهم غير قادرين على توسيع الطريق بأنفسهم. وهنا تتدخل بلدية الاحتلال في القدس، حيث انضمت إلى الخطة لتجاوز هذه العقبة، وتعمل على توسيع الطريق، مما يسهل فعليًا إنشاء مستوطنة يهودية داخل الحي الفلسطيني".
وترفض منظمة "عير عميم" الادعاء بأن البلدية تهدف فقط إلى تحسين البنية التحتية، وتقول: "هذه هي المرة الأولى التي تلعب فيها بلدية القدس دور الجهة المقدمة لخطة بناء مستوطنة في قلب حي فلسطيني". وجاء في تقرير لـ "عير عميم": "هذه خطوة سياسية بامتياز. كان بإمكان بلدية القدس أن تقرر عدم توسيع الطريق لخدمة مشروع استيطاني يهودي داخل حي فلسطيني – لكنها اختارت العكس".
وأضافت: "بهذا، توضح البلدية نواياها دفع الاستيطان في الاحياء والقرى الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة – ليس فقط من خلال فرض واقع التمييز التخطيطي ضد الفلسطينيين، بل أيضًا عبر استغلال سلطتها كسلطة محلية للالتفاف على القيود القانونية والتخطيطية، بهدف تسهيل إقامة المستوطنات اليهودية الجديدة في المناطق الفلسطينية المخصصة أصلاً للتوسع الطبيعي الفلسطيني بهدف خنق هذه الاحياء ومنع تطورها وتوسعها".
وقال خبير الاستيطان والأراضي خليل التفكجي :"إن المشروع يجري تداول فيه منذ فترة طويلة عبر عبر مجموعات دينية متزمتة التقت مصالحها مع مجموعة من المسؤولين المتطرفين في بلدية الاحتلال، تقدموا معاً للجنة المحلية في بلدية الاحتلال لإقامة معهد ديني يتكون من 9 طوابق فوق الأرض و3 أسفلها بادعاء أن ملكية الأرض تعود لدائرة "أراضي إسرائيل"، وهي دائرة تشرف على الأراضي التي صودرت عام 1968 ضمن أكبر عملية مصادرة تمت في تلك الفترة وشملت 3345 دونما.
وأضاف التفكجي لـ(القدس): " المشروع ضخم في مبنى مرتفع في قلب حي الشيخ جراح الذي كان مسرح لعنف المستوطنين بقيادة الوزير السابق المتطرف ايتمار بن غفير، والحي منكوب بالاستيطان والمستوطنين المتطرفين .
وأوضح التفكجي:" ان بلدية الاحتلال منحت المستوطنين نسبة بناء كبيرة في تلك المنطقة- 9615 مترا مربعا على أرض تبلغ مساحتها 4 دونمات. وحذر من هذا البناء والاستيطان سيمس ويتسبب في طرد واقتلاع عدة عائلات فلسطينية إلى الشمال من هذا المشروع من أجل إقامة بناية مكونة من 5 طوابق تضم 10 وحدات سكنية للمستوطنين، وإلى الشرق من هذه المدرسة سيتم إقامة بناية مكونة من 6 طوابق لإقامة مكاتب خاصة بهذا المجمع الاستيطاني الضخم.
وقال إن هذا الاستيطان سيتسبب بوصول مئات المستوطنين بشكل شبه يومي إلى قلب حي الشيخ جراح، الواصل بين شمال القدس والبلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، الأمر الذي سيزيد من الاحتكاك والعنف. إذ سيتطلب حماية هؤلاء المستوطنين تواجدًا عسكريًا وشرطيًا إسرائيليًا دائمًا في هذا الحي الفلسطيني المنكوب بالاستيطان والمستوطنين المتزمتين.
وحذر التفكجي من خطورة ما يُحاك ويُخطط لحي الشيخ جراح، وربط الاستيطان فيه بالقدس الغربية وبالجامعة العبرية ومباني الشرطة الإسرائيلية ومقر أكبر جمعية استيطانية متطرفة "أموناة" قرب مستشفى العيون.
وقال :" أن طُرح مشروع ضخم على مساحة 17 دونما يضم 316 وحدة استيطانية، تهدف بلدية الاحتلال من خلاله ربط هذا المشروع بالبؤر الاستيطانية في الشطر الشرقي مرورا مستوطنة كرم المفتي وصولا إلى منطقة جبل المشارف التي تضم الجامعة العبرية ومشروع الأبراج
الاستيطانية الضخمة على أراضي جبل المشارف لتوسيع سكن الجامعة العبرية والمستشفى ومباني الشرطة والحكومة الإسرائيلية في الشيخ جراح.
وذكر التفكجي أن هدف هذه المشاريع مجتمعة هو خلق كتلة استيطانية ضخمة تشكل حائط يؤدي الى تقسيم الحي إلى شمالي وجنوبي، لتسهيل السيطرة عليه، وربط شطري القدس الشرقي والغربي ببعضهما عبر إقامة البؤر الاستيطانية ضمن الأحياء الفلسطينية، حتى لا يكون هناك ترابط جغرافي وديمغرافي بين البلدة القديمة والأحياء الفلسطينية شرق المدينة (شعفاط وبيت حنينا وقلنديا) للحيلولة دون إعادة تقسيم مدينة القدس إلى شرقية وغربية مرة أخرى. مشيرًا إلى أن هذه المشاريع (بناء وحدات استيطانية وكنس يهودية ومبانٍ عامة تتبع للحكومة الإسرائيلية) يقع جزء منها ضمن المنطقة الحرام (الفاصلة بين حدود عامي 1948 و1967) لمحو ما يسمى بالخط الأخضر.
كذلك، يصادق مجلس التنظيم الأعلى في الحكم العسكري الإسرائيلي / الإدارة المدنية يوم الأربعاء القادم على مخططات بناء 1211 وحدة استيطانية في مستوطنات الضفة الغربية، منها مخططان كبيران في مستوطنة معاليه عاموس (مجمعهما 561 وحدة سكنية) يوسعان حدود المستوطنة بالاتجاه الشمالي بهدف اتصالها مع مستوطنة إيفي ناحل. وتعتبر مستوطنة إيفي ناحل مستوطنة قائمة بذاتها، لكنها تشكل من الناحية العملية حيًا في معاليه عاموس.
وبدأ مجلس التنظيم الأعلى، منذ كانون الأول عام 2024، بعقد اجتماعات أسبوعية للمصادقة على مخططات استيطانية، وكان قبل هذا التاريخ يعقد أربع اجتماعات. يؤدي عقد المجلس اجتماعات أسبوعية ليس فقط إلى تطبيع البناء الاستيطاني، بل وإلى مضاعفته. تؤكد ذلك حقيقة مصادقته على بناء 10,167 وحدة استيطانية منذ مطلع العام 2025، أي خلال فترة تقل عن ثلاثة أشهر.
ويصادق المجلس يوم الأربعاء أيضًا على مخططات بناء في مستوطنة عتس أفرايم تتضمن بناء 252 وحدة، وفي مستوطنة متسبيه شلم - 168، وفي بيتار عيليت - 230 وحدة سكنية.
شارك برأيك
760 وحدة استيطانية ومعهد ديني يهودي.. التفكجي لـ"القدس": بلدية الاحتلال تفصل البلدة القديمة جغرافياً وديمغرافياً بكتلة استيطانية ضخمة