Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

السّبت 15 مارس 2025 9:12 صباحًا - بتوقيت القدس

مفاوضات الدوحة.. محاولة إسرائيلية لاستعادة الكرة أم لعب في الوقت الضائع؟

رام الله - خاص ب "القدس" دوت كوم



د. بلال الشوبكي: عدم منح الوفد الإسرائيلي صلاحيات كافية لاتخاذ قرارات يجعله أقرب إلى ناقل للرسائل من كونه مفاوضاً مخولاً

نبهان خريشة: إسرائيل أرسلت وفدًا إلى الدوحة دون صلاحيات حقيقية في محاولة لشراء الوقت والضغط على "حماس"

د. جمال حرفوش: تحقيق اختراق في المفاوضات يبقى مرهوناً بوجود بيئة دولية وإقليمية قادرة على فرض التزامات واضحة على إسرائيل

ماجد هديب: إسرائيل وحماس لا تمتلكان الإرادة الحقيقية لانهاء الحرب بل تسعيان لتحقيق أهدافهما بصفقة تبقي الوضع القائم

عماد موسى: مستقبل الصراع في المنطقة مرهون بمخرجات المفاوضات الجارية وقدرة الأطراف الدولية على فرض توازنات جديدة


 وسط أجواء من الترقب والحذر، تتواصل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، في ظل تعقيدات تعكس تباين الأهداف بين الطرفين، بينما تواجه المرحلة الثانية من الصفقة مصيراً مجهولاً.

ويرى كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن إسرائيل تسعى لإعادة التفاوض من نقطة الصفر، في محاولة منها لكسب الوقت دون تقديم التزامات حقيقية بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، بالتوازي مع تمسك حركة حماس بمطلب وقف دائم لإطلاق النار، ما يجعل التوصل إلى تسوية أمراً صعباً في ظل تباعد المواقف وتضارب المصالح.

ويشير الكتاب والمحللون إلى أن الوفد الإسرائيلي الذي أُرسل إلى الدوحة يفتقر إلى الصلاحيات الكافية لاتخاذ قرارات جوهرية، وهو ما يعكس سياسة إسرائيلية قديمة تقوم على المماطلة في المفاوضات، رغم أن الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على الهدوء الإقليمي، في ظل مساعٍ لتعظيم المكاسب الإسرائيلية عبر وساطات تُبقي الوضع تحت السيطرة دون فرض حلول نهائية، ورغم ذلك يبقى احتمال استئناف العمليات العسكرية قائماً، ما لم تتمكن الجهود الدولية من فرض التزامات واضحة على إسرائيل تمنعها من التهرب من استحقاقات التفاوض.


محاولة إسرائيلية لإعادة التفاوض من نقطة الصفر


يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، د. بلال الشوبكي، إن المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة حماس لا يمكن اعتبارها مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، وذلك بسبب غياب المعالم الواضحة التي كان متفقاً عليها مبدئياً للمرحلة الثانية من الاتفاق. 

ويوضح الشوبكي أن ما يجري حالياً هو محاولة إسرائيلية لإعادة التفاوض من نقطة الصفر، مما يعني أن النقاشات الحالية منفصلة تماماً عن تلك التي سبقت الاتفاق المبدئي قبل أشهر.

ويشير الشوبكي إلى أن منطلقات حركة حماس في المفاوضات الحالية تتمحور حول تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب بشكل نهائي، في حين أن إسرائيل تتحدث عن وقف مؤقت لإطلاق النار قد يستمر لمدة شهرين فقط. 

ويؤكد الشوبكي أن الظروف الحالية لا تشير إلى إمكانية تحقيق اختراق في هذه المفاوضات، بل إنها قد تستغرق وقتاً أطول بسبب الخلافات الجوهرية بين الطرفين.

ويوضح الشوبكي أن حركة حماس تسعى إلى تحقيق هدنة طويلة الأمد وإنهاء الحرب بشكل دائم، بينما تصر إسرائيل على عدم الالتزام بإنهاء الحرب بشكل نهائي، مما يعكس تبايناً كبيراً في المواقف. 

ويؤكد الشوبكي أن هناك مؤشرات على أن الولايات المتحدة الأمريكية، ليست معنية بالعودة إلى العمليات العسكرية، على الرغم من التصريحات الداعمة لإسرائيل من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


استراتيجية المماطلة الإسرائيلية


ويشير الشوبكي إلى أن تحركات المبعوث الأمريكي في المنطقة ستيف ويتكوف تشير إلى سعي واشنطن للحفاظ على حالة الهدوء، مع تعظيم المكاسب الإسرائيلية. 

ويلفت الشوبكي إلى أن طبيعة الوفد الإسرائيلي المفاوض الذي توجه إلى الدوحة بصلاحيات محدودة جداً، يعكس استراتيجية إسرائيلية قديمة تعتمد على المماطلة في العملية التفاوضية، من خلال عدم منح الوفد صلاحيات كافية لاتخاذ قرارات، مما يجعله أقرب إلى ناقل للرسائل بدلاً من كونه مفاوضاً مخولاً.

وحول الخيارات المتاحة في حال فشل المفاوضات، لا يتوقع الشوبكي الوصول إلى مرحلة إعلان فشل المفاوضات بشكل كامل، بل قد تشهد العملية تعثراً مع احتمال العودة إلى التلويح بالعمليات العسكرية. 

ويرى الشوبكي أن الخيار الأكثر واقعية هو الوصول إلى وقف لإطلاق النار لفترة أطول، حتى لو لم تعلن إسرائيل رسمياً عن إنهاء الحرب. 

ويتوقع الشوبكي أن تشهد الفترة القادمة محاولات لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق من خلال إطلاق سراح أعداد محدودة من الأسرى، خاصة في ظل الحديث عن إمكانية إطلاق سراح أسرى يحملون الجنسية الأمريكية.


اختزال التفاهمات في تمديد المرحلة الأولى


من جانبه، قال الكاتب الصحفي نبهان خريشة إن المفاوضات الجارية في الدوحة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى تواجه عراقيل إسرائيلية تهدف إلى إطالة أمد الحرب، حيث تحاول إسرائيل اختزال التفاهمات في تمديد المرحلة الأولى فقط، لتجنب الالتزام بانسحابها من قطاع غزة، وتحقيق الأهداف التي فشلت في تحقيقها على مدار 15 شهرًا من الحرب.

ويشير خريشة إلى أن إسرائيل أرسلت وفدًا إلى الدوحة دون صلاحيات حقيقية، في محاولة لشراء الوقت وإعاقة أي تقدم فعلي، كما تمارس ضغوطًا على "حماس" عبر تصعيد التهديدات باستئناف الحرب، وإعادة تموضع قواتها العسكرية حول القطاع، إضافة إلى تشديد الحصار عبر منع دخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب استمرار جيش الاحتلال في استهداف تجمعات المدنيين بالقصف، ما يسفر عن سقوط شهداء وجرحى.

ويلفت خريشة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى للانقلاب على الاتفاق عبر عرقلة تنفيذه، مدفوعًا باعتبارات شخصية وحزبية، غير آبه بمصير الأسرى الإسرائيليين، إلا أن استمراره في هذه المماطلة قد يفاقم من عزلة إسرائيل دوليًا، ويكشف زيف روايتها أمام الرأي العام العالمي.

في المقابل، يوضح خريشة أن "حماس" تتمسك بضرورة التزام إسرائيل بتعهداتها في المرحلة الأولى من الاتفاق، لكنها في الوقت نفسه لا تمانع استمرار الوساطة الأمريكية. 

ويلفت خريشة إلى وجود تفاهم ضمني بين الأطراف على فصل تنفيذ الالتزامات السابقة عن المسار التفاوضي الجديد، حيث يبدو أن واشنطن تسعى لتثبيت وقف إطلاق النار، والضغط على إسرائيل لمنعها من إفشال المفاوضات، حفاظًا على علاقاتها الإيجابية مع دول الإقليم العربي، وخاصة دول الخليج.


التوفيق بين الضغوط الداخلية ومتطلبات التفاوض


ويعتقد خريشة أن نتنياهو يحاول التوفيق بين الضغوط الداخلية ومتطلبات التفاوض، من خلال استغلال محادثات الدوحة لإعطاء انطباع بأن أي تقدم يتم تحقيقه ليس سوى "امتداد للمرحلة الأولى"، ما قد يسمح له بتجنب تقديم تنازلات كبيرة قد تؤثر على وضعه السياسي داخليًا.

ويرى خريشة أن هناك سيناريوهين محتملين لما قد تسفر عنه مفاوضات الدوحة: الأول، يتمثل في التوصل إلى اتفاق لتمديد المرحلة الأولى من الهدنة، بما يخلق بيئة تفاوضية إيجابية دون تغيير جذري في الموقف الإسرائيلي. أما السيناريو الثاني، فهو الموافقة على تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق الأول دون تسميتها رسميًا "المرحلة الثانية"، بحيث تقدم إسرائيل تنازلات محسوبة تحت ضغط أمريكي، بما يخدم مصالح واشنطن في تهدئة المنطقة وتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الخليج.

ويعتقد خريشة أن المفاوضات ستستمر، حيث يسعى كل طرف لتحقيق أهدافه دون انهيار المسار التفاوضي، لكنه يحذّر من الإفراط في التفاؤل، رغم وجود إشارات إيجابية على إحراز تقدم، وأبرزها إرسال نتنياهو وفده إلى الدوحة بعدما أدرك أن القناة المباشرة بين "حماس" والإدارة الأمريكية قد تفرض على إسرائيل مبادرة جديدة لا تتماشى مع مصالحها.



أي اتفاق يتطلب توفر حسن النية وضمانات تنفيذية 


بدوره، يقول البروفيسور د. جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، أن تقييم المسار القانوني والسياسي للمفاوضات الجارية في الدوحة يستوجب الحذر والتدقيق في الإطار العام الذي يحكم هذه المباحثات، سواء من حيث الإرادة الفعلية للأطراف المتفاوضة، أو الظروف السياسية والميدانية المحيطة بها.

ويوضح حرفوش أن أي اتفاق دولي—سواء كان هدنة أو وقفًا لإطلاق النار أو تسوية سياسية—يتطلب توفر حسن النية والتزامًا متبادلًا بين الأطراف، إلى جانب ضمانات تنفيذية واضحة. 

ويشير حرفوش إلى أن التاريخ الطويل للمفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية أظهر أن العائق الأساسي أمام تحقيق اختراق جوهري يتمثل في ازدواجية المعايير الإسرائيلية، حيث تستغل تل أبيب المفاوضات لكسب الوقت بدلاً من الوصول إلى حلول مستدامة.

ويلفت حرفوش إلى أن فرص تحقيق تقدم في المرحلة الثانية من الاتفاق مرهونة بعدة عوامل، أبرزها مدى جدية إسرائيل في الانخراط بمفاوضات حقيقية وعدم استخدامها كوسيلة لامتصاص الضغط الدولي والإقليمي، إضافة إلى دور الولايات المتحدة وحجم الضغوط التي قد تمارسها على حكومة بنيامين نتنياهو، الذي يسعى للحفاظ على استمرارية الحرب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية. 


فشل المفاوضات لا يعني نهاية الخيارات


ويشير حرفوش إلى أن قدرة المقاومة الفلسطينية على فرض شروط عادلة تضمن حماية الحقوق الفلسطينية تُعد عنصرًا حاسمًا، لا سيما في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي والاستهداف الممنهج للبنية التحتية المدنية.

ويوضح حرفوش أن احتمالية تحقيق اختراق في المفاوضات تبقى مرهونة بوجود بيئة دولية وإقليمية قادرة على فرض التزامات واضحة على إسرائيل، مع ضرورة وجود ضمانات قانونية ملزمة تحول دون تكرار سيناريو المماطلة الإسرائيلية، الذي أفشل العديد من الاتفاقيات السابقة.

وفيما يتعلق بإمكانية فشل المفاوضات، يشدد حرفوش على أن ذلك لا يعني نهاية الخيارات، بل يستدعي تبني استراتيجية متعددة المسارات لضمان عدم ترك الساحة للفراغ السياسي أو العسكري. 

ويؤكد حرفوش أن أحد المسارات البديلة يتمثل في تصعيد المسار القانوني عبر المحاكم الدولية المختصة، مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، لرفع دعاوى ضد إسرائيل بسبب عدم التزامها بتعهداتها الدولية، واستصدار قرارات أممية تُدين التعنت الإسرائيلي وتعزز الضغط السياسي والدبلوماسي عليها.

ويشير حرفوش إلى أن المقاومة الفلسطينية تمتلك، بموجب القانون الدولي، حق الدفاع عن النفس، مما يجعل استئناف العمليات الدفاعية خيارًا شرعيًا في حال استمرار الاحتلال في عدوانه. 


تكثيف العمل الشعبي والمقاومة السلمية


ويشدد حرفوش على أن تكثيف العمل الشعبي والمقاومة السلمية يُعد أداة فعالة لإفشال المخططات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بمشاريع التهجير القسري أو فرض وقائع جديدة على الأرض.

ويؤكد حرفوش أن هناك ضرورة لتفعيل الدور العربي والإسلامي عبر تحركات دبلوماسية ضاغطة تلزم الاحتلال بتنفيذ الاتفاق وفق بنوده دون تعديل أو مماطلة، إضافة إلى تعزيز الشراكات الدولية مع الدول المتضامنة مع القضية الفلسطينية، والضغط من أجل عزل إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا.

ويشير حرفوش إلى أن المقاومة القانونية داخل الأراضي المحتلة تُعد إحدى الأدوات المهمة لمواجهة الاحتلال، من خلال توظيف المنظومة القانونية الفلسطينية والدولية لمقاضاة إسرائيل على جرائمها، وتوثيق انتهاكاتها لضمان ملاحقتها أمام المحاكم الدولية.

ويؤكد حرفوش أن فشل المفاوضات لا يعني انتهاء البدائل، بل يفرض تبني استراتيجية شاملة تجمع بين القانون والسياسة والمقاومة الشعبية والدبلوماسية، بهدف فرض الإرادة الفلسطينية والتصدي لمحاولات إسرائيل التنصل من التزاماتها.


نتنياهو و"حماس" لديهما مصلحة في استمرار القتال


من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أن كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة "حماس" لديهما مصلحة مشتركة في استمرار القتال، حيث يسعى كل طرف لتحقيق أهدافه الخاصة قبل القبول بأي اتفاق لوقف إطلاق النار. 

ويرى هديب أن إسرائيل وحماس لا يمتلكان الإرادة الحقيقية لانهاء الحرب، بل يسعى كل منهما  لتحقيق أهدافه بصفقة تبقي الوضع القائم.

ويوضح هديب أن إسرائيل لا تملك إرادة حقيقية للتفاوض على المرحلة الثانية من الاتفاق، أو حتى الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية، حيث يضع نتنياهو، مدعومًا باليمين المتطرف، العديد من العقبات أمام أي تفاهمات جديدة قد تؤدي إلى وقف القتال أو إتمام صفقة تبادل الأسرى.

ويشير هديب إلى أن هناك عدة أسباب تدفع نتنياهو لعرقلة المفاوضات، أولها التزامه أمام وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش بعدم وقف الحرب قبل تحقيق أهداف اليمين المتطرف، والتي تشمل احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه. 

أما السبب الثاني، وفق هديب، هو رغبة نتنياهو في كسب المزيد من الوقت، حيث يدعم مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الذي يمنحه شهرين إضافيين من المناورة بعد الإفراج عن نصف الأسرى الأحياء المحتجزين لدى "حماس"، مما يتيح له تمرير ميزانية الحكومة وتأمين إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، وهما ملفان مرتبطان ببقاء حكومته في السلطة.


"حماس" تريد تعزيز سيطرتها دون الاكتراث بمعاناة الناس


ويعتقد هديب أن هذه المصالح تتلاقى مع رغبة "حماس" في اعادة تعزيز سيطرتها على غزة وتدعيم معالم حكمها دون الاكتراث بمعاناة الشعب الفلسطيني والأمة ودون الاهتمام أيضا بما ستؤول إليه القضية الفلسطينية من جمود، وربما نسيان في ظل سياستها العبثية، مشيرًا إلى أن الحركة تستفيد من إطالة أمد الحرب لإعادة ترتيب أوراقها داخليًا وتعزيز مكانتها السياسية والإقليمية، مما يجعل كلا الطرفين يسعيان لضمان عدم سقوط الآخر في هذه المرحلة.

ووفقًا لهديب، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسار المفاوضات الجارية في الدوحة: إما استئناف الحرب بناءً على تهديدات الجيش الإسرائيلي، وخصوصًا تصريحات رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، الذي أكد أن هناك خمس فرق عسكرية جاهزة لاستئناف القتال بهدف "سحق حماس وإنهاء وجودها السياسي والعسكري".

ويقول هديب: أما السيناريو الثاني فهو إبرام صفقة تبادل جديدة تأتي بالتوافق مع تنفيذ المبادرة المصرية، تحت عنوان "تمديد المرحلة الأولى" أو كمرحلة انتقالية بين الأولى والثانية، ولكن هذا السيناريو يواجه عقبة أساسية، وهي أن نتنياهو لا يريد وقف اطلاق النار، ولذلك أرسل وفدًا إلى الدوحة دون أي صلاحيات حقيقية، مما يشير إلى عدم جدية إسرائيل في التوصل إلى اتفاق.


محاولات حماس الالتفاف على المبادرة المصرية


السيناريو الثالث حسب هديب هو السيناريو الذي يسحق المبادرة المصرية من حيث إبرام صفقة تبادل وفقاً لمقترحات ويتكوف وهي الإفراج عن نصف الأسرى الأحياء مع تمديد الهدنة لشهرين، وهذا ما يقود إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه، وهذا السيناريو الأكثر ترجيحًا اذا ما نجحت حماس في استمرار الالتفاف على المبادرة المصرية، حيث تستفيد جميع الأطراف من حالة الجمود الحالية. 

ويوضح هديب أن نتنياهو يستغل الوقت لتعزيز موقفه السياسي وتمرير سياساته الداخلية، بينما تستغل "حماس" الوضع لإعادة إحكام سيطرتها على غزة. 

ويشير هديب إلى المباحثات بين الإدارة الأمريكية و"حماس" جاءت كخطوة استباقية لاستكشاف إمكانية تحول حركة حماس إلى شريك إقليمي، شريطة التزامها بحماية الحدود ونزع سلاحها الثقيل، مما قد يؤدي إلى عرقلة أي مبادرة عربية لإنشاء إدارة جديدة في غزة أو بدء إعادة الإعمار.

ويلفت هديب إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو الإبقاء على الوضع الحالي، بحيث تحقق إسرائيل أهدافها تدريجيًا من خلال استمرار الحصار والضغط الاقتصادي لدفع سكان غزة إلى الهجرة، بينما تضمن "حماس" بقائها في الحكم بدعم أمريكي غير مباشر. 

ويعتقد هديب أن "حماس" لا تتناقض مع استراتيجياتها الخاصة فقط، بل تتناقض أيضاً مع تطلعات الشعب الفلسطيني، منذ نشأتها وحتى اليوم.


الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يرتبط بملف الطاقة


الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى يرى أن المفاوضات الجارية قد تتمخض عن نتائج تصب في صالح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وذلك في ظل وجود توجه استراتيجي لدى الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب يهدف إلى وقف الحروب وتهيئة الأوضاع لبدء مشاريع استثمارية كبرى في المنطقة.

ويوضح موسى أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أصبح يرتبط بشكل مباشر بملف الطاقة، حيث تتطلب عمليات استخراج الغاز والبترول من غزة ولبنان وسوريا وقف الحرب والاستقرار الأمني. 

ويشير موسى إلى أن القوى المسيطرة على موارد الطاقة تملك قدرة التحكم في الأسواق العالمية من حيث التسعير وحجم التوريد، وهو ما يجعل الاستثمار في هذه المنطقة مصلحة أمريكية واضحة.

ويلفت موسى إلى أن إدارة ترامب فتحت قنوات اتصال مع حركة "حماس"، وهو ما يعزز فرص تنفيذ المشاريع الاستثمارية في قطاع غزة، ويمهد الطريق أمام وقف دائم للحرب. 

ووفقًا لموسى، فإن حماس معنية بالاستفادة من هذه التوجهات الأمريكية الاستثمارية، وتوظيفها لصالحها، مما يمنحها مزيدًا من الشرعية الإقليمية والدولية، ويعزز من مكانتها على المستويين السياسي والشعبي.


تسهيل مشاركة حماس في مؤسسات منظمة التحرير


ويؤكد موسى أن هذا التوجه قد يسهل على حركة حماس المشاركة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وفق صيغة محاصصة سياسية، تضمن لها تمثيلًا يتناسب مع إنجازاتها السياسية والشعبية. 

ويوضح موسى أن الاهتمام الواسع الذي تحظى به "حماس" لم يأتِ فقط نتيجة الصمود في وجه العدوان، بل أيضًا بسبب التحولات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي، والذي بات يميل بأغلب شرائحه نحو اليمين الديني المتطرف، متبنيًا سياسات تقوم على الإبادة والتطهير العرقي، ورافضًا الاعتراف بالشرعية الدولية وقرارات المحاكم الدولية، مما كشف الوجه الحقيقي للحكومة اليمينية المتطرفة.

وفيما يتعلق بخيارات الحكومة الإسرائيلية، يرى موسى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام مسارين رئيسيين: الأول، يتمثل في تصعيد العدوان على قطاع غزة وتوسيعه ليشمل الضفة الغربية، في محاولة لاستعادة زمام المبادرة داخليًا، أما المسار الثاني، فيكمن في القبول بالضغوط الأمريكية، ووقف الحرب، والشروع في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، وهي خطوة من شأنها تهدئة الشارع المصري والعربي، ومنح إسرائيل فرصة لإعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية.


تفرغ نتنياهو لمهاجمة إيران واليمن


ويوضح موسى أن توقف الحرب في غزة قد يسمح لحكومة نتنياهو بالتفرغ لتنفيذ خططها العسكرية الإقليمية، بما في ذلك توجيه ضربة لإيران، والتي قد تسبقها ضربات جوية تستهدف جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن، بدعم أمريكي ومشاركة بعض دول الإقليم. 

ويشير موسى إلى أن إسرائيل قد تُبقي على خيار التدخل العسكري في سوريا مفتوحًا، بهدف تقليص النفوذ التركي هناك، والسعي لمشاركة أنقرة في الحصص الاقتصادية المتاحة في المنطقة.

ويؤكد موسى أن مستقبل الصراع في المنطقة لا يزال مرهونًا بمخرجات المفاوضات الجارية، ومدى قدرة الأطراف الدولية على فرض توازنات جديدة، تحقق مصالحها الاقتصادية والسياسية، دون أن تتعارض بشكل جذري مع مصالح الأطراف الفاعلة على الأرض.


دلالات

شارك برأيك

مفاوضات الدوحة.. محاولة إسرائيلية لاستعادة الكرة أم لعب في الوقت الضائع؟

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الخميس 13 مارس 2025 1:56 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.65

شراء 3.64

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.13

يورو / شيكل

بيع 3.97

شراء 3.96

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 826)