فلسطين
الأربعاء 12 فبراير 2025 8:41 صباحًا - بتوقيت القدس
إصرار ترمب على التهجير.. "الرأسمالية المتوحشة" تضرب في جميع الاتجاهات
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. حسين الديك: ترمب يستخدم هذه التصريحات كأداة لرفع سقف المطالب في أي مفاوضات مستقبلية مع الدول العربية ضمن إطار التطبيع
نزار نزال: إصرار ترمب بشأن تملك غزة وتهجير سكانها يأتي في إطار محاولاته لإنقاذ نتنياهو من الأزمة الداخلية المتفاقمة التي يواجهها
ماجد هديب: تصريحات ترمب حول تهجير سكان غزة لتسريع تنفيذ "صفقة القرن" وإعلان ما يسمى "الشرق الأوسط الجديد"
د. عمرو حسين: الأنظار تتجه نحو القمة العربية نهاية الشهر الجاري والمتوقع أن تشهد موقفاً عربياً موحداً ضد مخططات التهجير
فراس ياغي: إصرار ترمب على تنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة يأتي ضمن إطار سياسة "الرأسمالية المتوحشة"
عريب الرنتاوي: ترمب يناور صعوداً وهبوطاً وفقاً لردود الأفعال لكنه عندما يواجه رفضاً ومقاومة ضارية يجد نفسه مجبراً على التراجع
يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إصراره على تهجير سكان قطاع غزة، رغم موجة من الانتقادات والرفض الدولي لهذا الطرح، وسط تساؤلات حول أهداف ترمب الحقيقية الكامنة وراء هذا الإصرار.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن ترمب يتعامل مع القضية الفلسطينية من منظور استثماري بحت، متجاهلاً الحقوق التاريخية للفلسطينيين، إذ يروّج لفكرة تحويل غزة إلى مشروع اقتصادي خاضع لحسابات تجارية وسياسية.
ويعتقد الكتاب والمحللون والمختصون أن هذا الطرح لترمب يأتي في سياق أوسع من محاولات تصفية القضية الفلسطينية، عبر إعادة طرح "صفقة القرن" بصيغ جديدة، وكجزء من استراتيجية ضغط على الدول العربية والفلسطينيين.
ويرون أن ترمب يستخدم هذه التصريحات كأداة لرفع سقف المطالب في أي مفاوضات مستقبلية، سواء مع الدول العربية، كما يسعى ترمب إلى تحقيق مكاسب سياسية عبر هذه المناورات، سواء من خلال دعم حكومة بنيامين نتنياهو المتعثرة، أو من خلال استمالة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، خاصة في ظل استعداداته لخوض السباق الرئاسي المقبل.
ويؤكد الكتاب والمحللون والمختصون أن تنفيذ تصريحات ترمب على أرض الواقع يظل صعباً، في ظل الرفض الفلسطيني القاطع، والمواقف العربية الحاسمة، لا سيما من قبل مصر والأردن، كما أن المجتمع الدولي يرفض أي محاولات لفرض حلول قسرية تتعارض مع القانون الدولي، ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من أن هذه الطروحات قد تكون مقدمة لمشاريع أكثر خطورة، تهدف إلى فرض تغييرات ديموغرافية وسياسية في المنطقة، ما قد يؤدي إلى تصعيد جديد في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
شخصية جدلية تتسم بالنرجسية والعقلية التجارية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، د.حسين الديك، أن إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على الحديث عن تهجير سكان قطاع غزة ومنع عودتهم يكشف عن شخصيته الجدلية التي تتسم بالنرجسية والعقلية التجارية، حيث يتعامل مع غزة وكأنها مشروع استثماري أو صفقة عقارية يمكنه التحكم فيها كما يشاء.
ويوضح الديك أن ترمب يحاول من خلال هذه التصريحات أن يخلد اسمه في التاريخ عبر تنفيذ ما لم يتمكن أي رئيس أمريكي أو زعيم عالمي من تحقيقه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي.
ويشير الديك إلى أن ترمب لا يسعى فقط لإثارة الجدل، بل يستخدم هذه التصريحات كأداة لرفع سقف المطالب في أي مفاوضات مستقبلية مع الدول العربية ضمن إطار التطبيع مع إسرائيل.
ويرجح الديك أن يكون الهدف الأساسي لترمب من هذه التصريحات هو توظيفها في مساومات مستقبلية، حيث قد يتنازل عن مطلب تهجير سكان غزة والسيطرة عليها مقابل فرض شروط أخرى، مثل نزع سلاح المقاومة أو خروج قيادات حماس من القطاع، وهو ما تطرقت إليه تقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية.
ويشير الديك إلى أن هناك جانباً آخر لهذه التصريحات يتمثل في محاولتها التغطية على عمليات التهجير القسري التي تتم حالياً في الضفة الغربية، خصوصاً في مخيمات وبلدات شمال الضفة، حيث تفيد التقارير بتهجير نحو 35 ألف فلسطيني من هذه المناطق.
ويلفت الديك إلى رؤية ترمب ونتنياهو، حول جعل التهجير القسري أمراً مطروحاً للنقاش يمكن أن يفتح الباب أمام فرضه كحل محتمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى لو لم يكن التطبيق الفوري وارداً.
ويوضح الديك أن ترمب، بعقليته التجارية وعقلية رجل العقارات، يرى قطاع غزة وكأنه ملكية قابلة للبيع والشراء، متجاهلاً تماماً حقوق الشعب الفلسطيني، وتاريخه، وثقافته، وحضارته المتجذرة في هذه الأرض المقدسة.
ويؤكد الديك أن هذه النظرة المنفصلة عن الواقع تعكس شخصية ترمب النرجسية التي تعيش في أوهام القدرة المطلقة، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني، الذي صمد في وجه حرب إبادة جماعية استمرت لأكثر من 15 شهراً، لن يرضخ لأي خطط سياسية أو تصريحات لا تعترف بحقوقه الوطنية المشروعة، وعلى رأسها حق تقرير المصير.
ويؤكد الديك أن إصرار ترمب على إعادة طرح هذا الخطاب، حتى بعد تصريحه بأنه "ليس في عجلة من أمره"، يعكس حالة من التخبط وضبابية الرؤية، فضلاً عن استخدامه كأداة للمناورة السياسية مع الدول العربية والفلسطينيين.
ويعتبر الديك أن هذه التصريحات تمثل أيضاً دعماً لحكومة نتنياهو، حيث تمنحها مزيداً من الوقت للبقاء في السلطة وتعزز موقفها أمام الجمهور الإسرائيلي، خاصة بعد اللقاء الذي جمع بين ترمب ونتنياهو في البيت الأبيض.
ويرى الديك أن ترمب يسعى من خلال هذه التصريحات إلى إرسال رسائل متعددة، أُولاها للمجتمع الدولي بأنه قادر على تحقيق "معجزات" سياسية غير مسبوقة، وثانيها للفلسطينيين بأنه يمسك بمفاتيح مستقبلهم السياسي، وثالثها للدول العربية والإسلامية بأنه لن يتراجع عن مخططاته، مما يضعهم أمام ضغوط إضافية للقبول بشروطه.
ويؤكد الديك أن قطاع غزة ليس مشروعاً عقارياً أو سلعة يمكن لترمب التفاوض بشأنها، بل هو جزء لا يتجزأ من الجغرافيا الفلسطينية، ويشكل الرئة الأخرى للدولة الفلسطينية المستقبلية.
ويشدد الديك على أن الشعب الفلسطيني متجذر في غزة، وله فيها تاريخ وثقافة وحضارة، ولا يمكن لأي رئيس أمريكي أو أي قوة خارجية أن تفرض عليه التخلي عن أرضه.
ويشير الديك إلى أن الأرض الفلسطينية ليست للبيع أو المساومة، مؤكداً أن ترمب إذا أراد عقد صفقات تجارية، فعليه أن يفعل ذلك داخل الولايات الأمريكية الخمسين وليس على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة.
تحصين حكومة نتنياهو المهددة بالانهيار
يعتقد الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع، نزار نزال، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن تملك غزة وتهجير سكانها تأتي في إطار محاولاته لإنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الأزمة الداخلية المتفاقمة التي يواجهها.
ويوضح نزال أن هذه التصريحات لترمب التي يصر فيها على تهجير أهالي غزة تهدف إلى تحصين حكومة نتنياهو المهددة بالانهيار، خاصة في ظل الضغوط التي يمارسها اليمين المتطرف داخل إسرائيل، والذي يهدد بالانسحاب من الحكومة، مما قد يؤدي إلى سقوطها.
ويشير نزال إلى أن إسرائيل خاضت حرباً دامية استمرت 15 شهراً على قطاع غزة، لكنها فشلت في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنها نتنياهو، وهو ما جعله يبحث عن حلول جذرية لمعضلة غزة، في ظل غياب أي أفق سياسي واضح.
ويبيّن نزال أن ترمب، كعادته، يتجه إلى طرح حلول متطرفة وغير قابلة للتحقيق، دون دراسات واقعية أو إجراءات تنفيذية مدروسة، وهو ما يعكس عدم جدية هذه المشاريع.
ويشير نزال إلى أن الإدارات الأمريكية والحكومات الإسرائيلية جرّبت العديد من الحلول على مدى عقود طويلة، لكنها فشلت جميعها في تحقيق أي تسوية دائمة، وبالتالي فإن التصريحات الأخيرة لترمب تأتي ضمن إطار المبالغات السياسية، وليست سوى محاولات لجس النبض العربي والدولي بشأن إمكانية تنفيذ مخطط تهجير سكان غزة وتحويلها إلى مشروع استثماري وعقاري.
ويوضح نزال أن ترمب يوجّه رسائله بالدرجة الأولى إلى الداخل الإسرائيلي وليس إلى الفلسطينيين أو الدول العربية، إذ يسعى إلى دعم حكومة نتنياهو وإظهار نفسه كمدافع عن المصالح الإسرائيلية، بهدف كسب تأييد اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.
ويشير إلى أن التصريحات المتكررة بشأن تهجير سكان غزة تعكس استراتيجية أمريكية-إسرائيلية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، عبر نقل السكان إلى أماكن أخرى وتحويل القطاع إلى مركز استثماري بحت، وهو ما يتنافى مع الواقع السياسي والجغرافي في المنطقة.
ويحذر نزال من أن هذه الخطط قد تؤدي إلى تغييرات ديموغرافية خطيرة في المنطقة، وهو ما بدأت الدول العربية تدركه بوضوح، خاصة مصر والأردن، اللتين قد تتأثران بشكل مباشر بمثل هذه المشاريع.
ويلفت نزال إلى أن تصريحات ترمب ليست سوى استكمال لسياسات سابقة، مثل "صفقة القرن"، التي لم يُكتب لها النجاح، إذ إنها تعتمد على فرض حلول بالقوة دون مراعاة للحقائق على الأرض.
ويشير نزال إلى أن موقف الدول العربية، خاصة مصر والأردن والمملكة العربية السعودية، سيكون حاسماً في إفشال هذه المخططات، حيث أبدت العواصم العربية ردود فعل قوية إزاء هذه التصريحات.
ويعتقد نزال أن القمة العربية المقبلة، المزمع عقدها في 27 من الشهر الجاري، ستشهد بيانات أكثر حدة ضد هذه الطروحات، نظراً لما تمثله من تهديد مباشر للأمن القومي العربي.
ويؤكد نزال أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، التي تحدثت عن إمكانية إقامة دولة فلسطينية في السعودية، تُعد واحدة من أخطر الطروحات التي تهدد عملية التطبيع العربي-الإسرائيلي، وتؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة، بدلاً من تحقيق الاندماج الإسرائيلي فيها.
ويشير نزال إلى أن الأردن حذّر من أن هذه المخططات قد تؤدي إلى اندلاع حرب، فيما أكدت مصر أن أي محاولات لفرض حلول غير عادلة ستؤدي إلى صدام عسكري محتمل.
ويلفت نزال إلى أن هذه التصريحات لترمب قد تتراجع تدريجياً في المرحلة المقبلة، خاصة مع إدراك واشنطن أن تنفيذ مثل هذه المشاريع غير ممكن عملياً، وأن استمرار الضغط في هذا الاتجاه سيؤثر سلباً على العلاقات الأمريكية مع الدول العربية الكبرى، مثل السعودية ومصر والأردن.
ويؤكد نزال أن الولايات المتحدة، رغم سياسات ترمب، لا تزال تخضع لحسابات الدولة العميقة، التي تسعى إلى الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الحلفاء العرب، وهو ما قد يدفعها إلى إعادة النظر في مثل هذه الطروحات المتطرفة خلال الفترة المقبلة.
رسائل ترغيب وترهيب موجهة للدول العربية
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول تهجير سكان قطاع غزة ليست سوى رسائل ترغيب وترهيب موجهة إلى الدول العربية، وخاصة الأردن ومصر والسعودية، بغية تسريع تنفيذ "صفقة القرن" وإعلان ما يسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد".
ويوضح هديب أن تلك التصريحات تأتي ضمن استراتيجية ترمب الاستفزازية، التي تهدف إلى فرض تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، بما يتماشى مع رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويشير هديب إلى أن تصريحات ترمب بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة تحمل تهديدات واضحة، لكنها لا تحمل في طياتها جدية التنفيذ، موضحاً أن أي خطة أو مشروع ينوي طرحه رئيس دولة أو حكومة يجب أن يتبعه إعلان رسمي يتضمن التفاصيل، وأسباب الضرورة، وآليات التنفيذ، والسقف الزمني.
ويؤكد هديب أن تصريحات ترمب المتعلقة بغزة لم تشهد أي إعلان رسمي من قبل المسؤولين الأمريكيين أو البيت الأبيض حول كيفية تنفيذ هذا المخطط، بل إن العديد منهم وصفوها بأنها أفكار شخصية وخيالية لترمب.
وعلى الرغم من التحذيرات التي تنطوي عليها تصريحات ترمب، يعتقد هديب أن الدول العربية، في النهاية، ستخضع لضغوطات ترمب، خاصة تلك التي تربط وجودها الاقتصادي بالمعونات الأمريكية.
ويوضح هديب أن هناك محاولات لدفع العديد من الدول، مثل السعودية، إلى أن تتجه نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون شرط إقامة دولة فلسطينية، ما يؤدي إلى إضعاف الموقف الفلسطيني بشكل كبير.
ويعتبر هديب أن تصريحات ترمب تأتي في إطار رفع سقف المطالب من أجل إجبار الدول المجاورة لإسرائيل على تقديم تنازلات، بما يتماشى مع رؤية نتنياهو التي ترتكز على "السلام الاقتصادي" الذي يسبق البحث في الحقوق الفلسطينية.
ويشير هديب إلى أن تهديدات ترمب بقطع المساعدات عن الأردن ومصر في حال عدم تنفيذ ما يُطلب منهما بشأن إعادة إعمار غزة واستقبال اللاجئين الفلسطينيين تكشف عن خطط ترمب الرامية إلى فرض التطبيع كأولوية.
ويلفت إلى التناقضات الواضحة في تصريحات ترمب، التي تتراوح بين مبررات اقتصادية وتنموية وأخرى تتعلق بالحفاظ على حقوق الإنسان، في الوقت الذي يغفل فيه الآثار السلبية لهذه الأفكار على الحقوق الفلسطينية والقوانين الدولية.
ويعتقد هديب أن تصريحات ترمب الاستفزازية ليست سوى محاولة لتمهيد الطريق أمام تنفيذ رؤية نتنياهو، التي تهدف إلى تحقيق الأمن الإسرائيلي عبر التطبيع أولاً، ومن ثم البحث في الحلول السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
ويؤكد هديب أن تصريحات ترمب الأخيرة حول التهجير تأتي ضمن سياق استراتيجي يهدف إلى تحقيق رؤية نتنياهو في السلام الاقتصادي، وهو تطبيع العلاقات أولاً ثم البحث في الحقوق الفلسطينية، وهو ما أكدته تصريحات نتنياهو التي وصف فيها خطة ترمب بأنها تحقق الأمن لإسرائيل لأجيال قادمة.
ترمب يواصل الدفع باتجاه مخططه
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المصري المتخصص في العلاقات الدولية والاستراتيجية، د.عمرو حسين، أن هناك إصراراً واضحاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على تنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة، رغم الرفض الدولي الواسع لهذا المشروع، وهو يتناقض مع القوانين والمعايير الدولية.
ويوضح حسين أن جميع القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك مصر، والأردن، والسعودية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين، والبرازيل، أعلنت موقفها الرافض لهذا المخطط، باعتباره غير منطقي وغير قابل للتنفيذ، إلا أن ترمب يواصل الدفع باتجاهه باعتباره وسيلة لتصفية القضية الفلسطينية ومنح إسرائيل ما يعتبره "أمناً دائماً".
ويشير حسين إلى أن هذا الإصرار يتزامن مع الطموحات التوسعية الإسرائيلية، التي يدعمها التيار اليميني المتطرف في حكومة الاحتلال، حيث صرح ترمب في أكثر من مناسبة بأن "إسرائيل دولة صغيرة وتحتاج إلى التوسع"، وهو ما يعني أن هذه التوسعات ستتم على حساب حقوق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى.
ويشدد حسين على أن مثل هذه المخططات تعزز حالة التوتر والصراع في المنطقة، وقد تدفع الشرق الأوسط إلى مرحلة جديدة من الاضطرابات التي يصعب التنبؤ بعواقبها.
ويؤكد حسين أن الموقف العربي في هذا السياق واضح وحازم، خاصة من قبل مصر والأردن، حيث تؤكد الدولتان رفضهما القاطع لمخطط التهجير، وتمسكهما بحل الدولتين باعتباره الحل الأمثل والأكثر واقعية لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
ويوضح حسين أن أي حلول بديلة، مثل فرض التهجير أو تقويض حقوق الفلسطينيين، لن تؤدي إلا إلى تصعيد إضافي، وقد تؤدي إلى موجات جديدة من العنف وعدم الاستقرار، ليس فقط في فلسطين، بل في المنطقة بأسرها.
ويشير حسين إلى أن إسرائيل، بقيادة حكومتها اليمينية المتطرفة، تدفع بالمنطقة نحو الهاوية من خلال سياساتها الاستيطانية ومخططات التهجير، وأن إصرارها على تنفيذ هذه المشاريع رغم المعارضة الدولية والإقليمية سيؤدي إلى تصعيد غير مسبوق، قد لا تقتصر تبعاته على فلسطين وحدها، بل ستمتد إلى المحيط الإقليمي بأسره.
ويلفت حسين إلى أن الأنظار تتجه نحو القمة العربية المقبلة، المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري، والتي من المتوقع أن تشهد موقفاً عربياً موحداً ضد مخططات التهجير، مع تأكيد الدول العربية على ضرورة التمسك بحل الدولتين وضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
ويؤكد حسين أن هذه القمة قد تشكل محطة حاسمة في بلورة استراتيجية عربية لمواجهة الضغوط الدولية، خاصة تلك القادمة من إدارة ترمب وحلفائه، الذين يسعون إلى فرض حلول تخدم المصالح الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
ترمب يسعى لتحويل غزة إلى مشروع تجاري ضخم
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على تنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة يأتي ضمن إطار سياسة "الرأسمالية المتوحشة"، التي تهدف إلى تحقيق أرباح هائلة دون أي اعتبارات إنسانية أو قانونية.
ويوضح ياغي أن ترمب، المعروف بجشعه الاقتصادي، يسعى إلى تحويل غزة إلى مشروع تجاري ضخم، وذلك استناداً إلى رؤية صهره جاريد كوشنير، التي تتمحور حول تقليص عدد سكان غزة إلى الحد الأدنى، والإبقاء فقط على فئات معينة من العمال، مثل العاملين في قطاعي الخدمات والزراعة، مع تحويل القطاع إلى ما أسماه ترمب "ريفييرا الشرق الأوسط".
ويشير ياغي إلى أن هذه الخطة تقوم على تقسيم غزة إلى مناطق استثمارية متعددة، تشمل السياحة، والزراعة، والصناعة التكنولوجية، مع تخصيص مناطق سكنية جديدة ليست لسكان غزة الأصليين، بل للقادمين الجدد، في إطار عملية تطهير عرقي تهدف إلى إفراغ القطاع من سكانه الفلسطينيين بالكامل.
ويوضح ياغي أن هذا المخطط يحمل طابعاً تجارياً غير مسبوق، حيث يسعى إلى استغلال الثروات الطبيعية الموجودة قبالة سواحل غزة، مثل الغاز والبترول، من خلال إدخال استثمارات ضخمة للشركات متعددة الجنسيات، التي تحتاج إلى بيئة استثمارية مغلقة وآمنة بعيداً عن أي اضطرابات أو وجود سكان محليين يمكن أن يعارضوا هذه المشاريع.
ويشير ياغي إلى أن من بين أبرز أهداف هذا المخطط تحويل غزة إلى "أكبر كازينو في العالم"، بحيث تشمل المناطق المخصصة للاستثمارات السياحية فنادق ضخمة، ومنتجعات ترفيهية، وكازينوهات عالمية، بالإضافة إلى مشاريع زراعية ومناطق صناعية تعمل على استغلال الطاقة الشمسية، بالنظر إلى أن غزة تتمتع بمناخ معتدل يساعد على نجاح مثل هذه المشاريع.
ومع ذلك، يشدد ياغي على أن تنفيذ هذه الخطة يتطلب إخلاء قطاع غزة من سكانه، وهو ما يجعلها جريمة تطهير عرقي وفقاً للقانون الدولي، خاصة أن ترمب نفسه تحدث عن "شراء غزة"، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى امتلاك الأرض وإبعاد أهلها عنها، رغم أن الفلسطينيين لم يفكروا يوماً في بيع أرضهم أو مغادرتها.
ويوضح ياغي أن العودة المتكررة للحديث عن هذه الخطة يعكس ارتباطها بمشروع اقتصادي أوسع، يشمل طريق "الهند-أوروبا" وخطة فتح قناة البحرين، التي يُفترض أن تمر عبر شمال قطاع غزة، كبديل محتمل لقناة السويس، ما يبرز الأهمية الاستراتيجية للمنطقة من الناحية الاقتصادية والتجارية.
ويؤكد ياغي أن هذا المشروع يحمل أيضاً أبعاداً سياسية خطيرة، إذ إنه مرتبط بتصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير سكان غزة وفرض السيطرة الأمريكية عليها، كخطوة تمهيدية لمنحها إلى إسرائيل مستقبلاً، بالتوازي مع فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
ويلفت إلى أن ما يسعى إليه ترمب ليس فقط تصفية الوجود الفلسطيني في غزة، بل أيضاً فرض "مشروع سلام" بالقوة في منطقة الشرق الأوسط، يقوم على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية دون تقديم أي تنازلات للفلسطينيين أو الاعتراف بحل الدولتين.
ويشير ياغي إلى أن هذا المشروع يشمل تهجير الفلسطينيين، سواء في غزة أو لاحقاً في الضفة الغربية، لا سيما اللاجئين، في إطار رؤية توسعية إسرائيلية تدعمها إدارة ترمب، والتي ترى أن إسرائيل دولة صغيرة وتحتاج إلى مزيد من التوسع الجغرافي.
لكن ياغي يشدد على أن تنفيذ هذا المخطط ليس مضموناً، حيث يعتمد نجاحه أو فشله على الموقف العربي والفلسطيني.
ويوضح أنه في حال وجود موقف عربي موحد يرفض هذا المشروع، إلى جانب موقف فلسطيني رسمي وشعبي رافض، فإن فرص نجاح ترمب في فرضه ستكون شبه معدومة.
ويؤكد ياغي أن هذا يستدعي تحقيق وحدة وطنية فلسطينية شاملة، بعيداً عن الخلافات الداخلية أو التوجهات الأمريكية تجاه بعض الفصائل، مثل حركة "حماس"، لأن المشروع الأمريكي الحالي لا يستهدف فصيلاً بعينه، بل يستهدف الشعب الفلسطيني بأسره.
شخصية متغطرسة مهجوسة بالقوة والعظمة
يرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول تهجير سكان غزة ومنع عودتهم تعكس شخصية متغطرسة مهجوسة بالقوة والعظمة، إذ يقدم نفسه كزعيم لا يُردّ له أمر، مستفيداً من اكتساح انتخابي نادر جعله يعتقد أنه قادر على فرض رؤيته دون معارضة.
ويشير الرنتاوي إلى أن ترمب واليمين الفاشي في إسرائيل ينتميان إلى نفس المدرسة الفكرية المتطرفة، حيث يتبادلان المصالح ويدعم كل منهما الآخر، فكما عهدنا في ولايته الأولى، يعود ترمب في ولايته الثانية ليتبنى الرواية اليمينية الإسرائيلية المتشددة، ويقدم لها خدمات لم تكن تحلم بها.
ويرى الرنتاوي أن وراء هذه المواقف دوافع متعددة، منها ما هو مرتبط بجشع ترمب، ابن عائلة العقارات، الذي قد يرى في غزة مشروعاً استثمارياً تريليونياً يضاعف ثرواته الشخصية، ومنها ما يتعلق بمشاريع استراتيجية أكبر تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ويلفت الرنتاوي النظر إلى ارتباط هذه التصريحات لترمب بمشاريع إقليمية كبرى، منها "الممر الهندي" الذي عملت عليه إدارة بايدن لمنافسة الصين، وقناة بن غوريون التي طرحت كبديل لقناة السويس، حيث كانت المقترحات السابقة تشير إلى مرورها إما عبر شمال غزة أو بمحاذاتها، لذا، لا يمكن التعامل مع تصريحات ترمب كجنون عابر، بل يجب قراءتها في سياق استهدافات استراتيجية بعيدة المدى قد تغير معادلات المنطقة إذا ما تم تنفيذها.
ويؤكد الرنتاوي أن مشروع ترمب ليس قدراً لا يُردّ، بل يمكن إحباطه، مستنداً إلى عدة عوامل رئيسية، أولها، الرفض الفلسطيني القاطع لهذا المشروع، حيث أدرك الفلسطينيون، بالطريقة الصعبة، أن النكبة الحقيقية لم تكن فقط في ضياع الأرض، بل في التهجير القسري للسكان، وهذا ما يفسر تمسكهم اليوم بأرضهم أكثر من أي وقت مضى، كما رأينا في توافد نحو نصف مليون فلسطيني يعودون إلى شمال غزة، بدلاً من السعي للخروج إلى سيناء.
العامل الثاني، وفق الرنتاوي، هو أن مشروع التهجير الذي طرحه ترمب يمس أمن الأردن ومصر بشكل مباشر، ويهدد استقرارهما وهويتهما وكيانهما الوطني، ولذلك، لا يمكن لهاتين الدولتين أن تقبلا بمخطط قد ينقلب عليهما ويهدد استقرار أنظمتهما السياسية.
ويشير الرنتاوي إلى أن السعودية باتت مستهدفة أيضاً بمشروع "التوطين"، حيث وجدت نفسها في معركة الدفاع عن الذات، مما جعل الحراك العربي أكثر حيوية من أي وقت مضى خلال الأشهر الستة عشر الماضية من الحرب.
ويرى الرنتاوي أن ترمب يناور صعوداً وهبوطاً وفقاً لردود الأفعال، لكنه عندما يواجه رفضا ومقاومة ضارية، يجد نفسه مجبراً على التراجع، فهو يفتقر إلى أدوات حقيقية لفرض مشروعه بالقوة، خاصة في ظل العزلة الدولية التي تحيط بأفكاره، حيث لا توجد دولة واحدة في العالم تؤيد هذا المخطط.
ويشير الرنتاوي إلى أن نجاح أو فشل هذا المشروع لترمب بشأن التهجير ، يعتمد على مدى صلابة الرفض الفلسطيني والعربي له، والدعم الدولي المتزايد لحقوق الفلسطينيين، وإذا استمر هذا الرفض بنفس القوة، فإن مشروع ترمب سيُجهض قبل أن يرى النور، وسيبقى مجرد نزوة عابرة في تاريخ السياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية.
دلالات
فلسطيني قبل حوالي 4 ساعة
نريد أن نهجر سكان غزة نريد أن نطور غزة لتصبح صالحة للحياة فإذا هجرتهم فرصة فلمن تطورها ثم إن أهل غزة لم ولن يطلبوا منك تطويرها
الأكثر تعليقاً
مرسوم رئاسي: تعديل نظام دفع مخصصات عائلات الأسرى والشهداء والجرحى
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/039f0cac70a7c09235de1cd0bc478969.jpg)
حارس مستوطنة "تلمون" يقتحم أطراف رام الله ويعتدي على شرطيين ويصادر سلاحيهما
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/01975af6be957c5e8541fa86f062cd8d.jpg)
السعدي: الاحتلال دمر مخيم جنين بالكامل وهجر أكثر من 20 ألف مواطن قسرا
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/1b518d2de13b5f78c6acb589d4f0882d.webp)
ترامب يهدد بالعودة للحرب في حال لم يتم الإفراج عن المحتجزين
الرئيس السمسار..!
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/ad761dfefde5e604d017bbc565ae554e.jpg)
جامعة الدول العربية عن تصريحات نتنياهو حول دولة "فلسطينية في السعودية": انفصال تام عن الواقع
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/0b6e0498328f223d96ec44c802c9dcba.webp)
تربويون يطالبونها بالعدول عن القرار.. لماذا سحبت "الأونروا" كتاب الصف الخامس؟
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/df602fc6c3ff5ee10e003377a2ab2ad5.jpg)
الأكثر قراءة
حارس مستوطنة "تلمون" يقتحم أطراف رام الله ويعتدي على شرطيين ويصادر سلاحيهما
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/01975af6be957c5e8541fa86f062cd8d.jpg)
عاصفة ترمب.. هل يتراجع مُطوّر العقارات أمام الرفض العالمي لطروحاته؟
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/7b8112957c31df0e4436a02ba0b5b22f.webp)
مئات المواطنين ينزحون قسرا من مخيم الفارعة
مرسوم رئاسي: تعديل نظام دفع مخصصات عائلات الأسرى والشهداء والجرحى
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/039f0cac70a7c09235de1cd0bc478969.jpg)
إعلام عبري: تقديرات بأن حماس تريد الإفراج عن جميع أسرى المؤبدات ضمن المرحلة الثانية
فارس يطالب الرئيس عباس بسحب مرسوم مخصصات الأسرى والشهداء
الرئيس السمسار..!
![](https://alquds.fra1.digitaloceanspaces.com/uploads/ad761dfefde5e604d017bbc565ae554e.jpg)
![](/assets/block_backgrounds/finance1-27a30c25.jpg)
أسعار العملات
الأحد 09 فبراير 2025 9:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.55
شراء 3.56
دينار / شيكل
بيع 5.01
شراء 5.0
يورو / شيكل
بيع 3.68
شراء 3.67
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 615)
شارك برأيك
إصرار ترمب على التهجير.. "الرأسمالية المتوحشة" تضرب في جميع الاتجاهات