عربي ودولي
الخميس 02 يناير 2025 8:31 صباحًا - بتوقيت القدس
تلويح حزب الله بالرد على الخروقات الإسرائيلية.. خطوة سياسية أم توطئة لعودة التصعيد؟
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. بلال الشوبكي: تلويح يحمل طابعاً سياسياً أكثر منه عسكرياً لإيصال رسالة تحذيرية لإسرائيل والوسطاء الدوليين دون نية للتصعيد
د. عمر رحال: حزب الله لديه مخزون استراتيجي كبير من الأسلحة الثقيلة يضمن استمراره كقوة فاعلة في أي مواجهة مقبلة
عماد موسى: الحزب يحاول طمأنة جمهوره باحتفاظه بقوته ورسالة لإسرائيل بامتلاكه قدرات عسكرية تُمكّنه من استئناف الحرب
د. عبد المجيد سويلم: المنطقة على حافة تصعيد أكبر بكثير مما شهدناه في ظل التناقضات الإقليمية والدولية التي تعيق أي محاولات للتهدئة
هاني أبو السباع: المعادلة الحالية بالمنطقة خاصة مع الأوضاع الداخلية في لبنان تدفع حزب الله للتريث حتى انتهاء فترة الستين يوماً
د. رائد نعيرات: الطريقة التي انتهت بها جبهة لبنان توحي بأنها مرحلة تحضيرية لاندلاع مواجهة جديدة بين حزب الله وإسرائيل
تشهد الساحة اللبنانية توتراً متصاعداً على خلفية استمرار خروقات الاحتلال الإسرائيلي للاتفاقية التي أفضت إلى إنهاء الحرب في جنوب لبنان في السابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وهذه التطورات دفعت حزب الله إلى التلويح بالرد، في خطوة تحمل رسائل متعددة الأطراف، وسط تحذيرات من اشتعال الجبهة اللبنانية مجدداً.
ويوضح كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أنه بالرغم من تلويح حزب الله بالرد، يُفضل الحزب التهدئة حالياً، نظراً للظروف الداخلية اللبنانية والتغيرات الإقليمية، لكن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بعد انتهاء المهلة الزمنية المحددة للانسحاب قد يدفع حزب الله إلى خطوات أكثر حدة، ما يهدد بإعادة خلط الأوراق في المنطقة.
ويشيرون إلى أنه في ظل هذه الخروقات تستغل إسرائيل الضمانات الأمريكية التي أُعطيت لها قبيل إبرام الاتفاق، لتبرير استمرار انتهاكاتها للأجواء والأراضي اللبنانية، وسط غياب أي مؤشرات على انسحاب الاحتلال من المناطق التي سيطر عليها خلال المواجهة الأخيرة، ما يعكس نوايا إسرائيلية لتثبيت وقائع جديدة، بما في ذلك إنشاء منطقة عازلة بالقوة في الجنوب اللبناني.
ويعتقد الكتاب والمحللون وأساتذة الجامعات أن هذا الوضع أثار تساؤلات حول فعالية اللجنة الخماسية المكلفة بمتابعة الاتفاق ومدى قدرتها على إجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بشروطه.
محاولة لدفع الوسطاء للضغط على إسرائيل للالتزام بالاتفاق
يعتقد د. بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، أن تلويح حزب الله اللبناني بالرد على خروقات الاحتلال الإسرائيلي يُمثّل محاولة لدفع الوسطاء، الذين أسهموا في إتمام الاتفاقية التي أنهت الحرب في لبنان، للضغط على إسرائيل للالتزام بما تم الاتفاق عليه.
ويوضح الشوبكي أن إسرائيل أظهرت منذ اللحظات الأولى لنجاح الاتفاق عدم التزامها به، معتمدة على ضمانات أمريكية تُتيح لها تنفيذ "أعمال أمنية" داخل لبنان إذا قدرت أن الظروف تسمح بذلك.
ويشير إلى أن إسرائيل استغلت هذه الضمانات، وهو ما انعكس في استمرار الانتهاكات داخل الأراضي اللبنانية، وغياب أي مؤشرات على انسحابها من المناطق التي احتلتها خلال المواجهة الأخيرة.
ويلفت الشوبكي إلى أن اللجنة الخماسية المكلفة بمتابعة تنفيذ الاتفاق في لبنان تبدو حتى اللحظة غير فعّالة في إجبار إسرائيل على الالتزام ببنوده.
ويوضح الشوبكي أن إسرائيل تسعى لإظهار نفسها كطرف فرض وقائع جديدة على حزب الله والشعب اللبناني، دون تقديم أي تنازلات تُذكر، وهذا الوضع ربما دفع حزب الله إلى مراجعة استراتيجياته، حيث يرى الحزب أن استمرار الخروقات الإسرائيلية يقوّض أي داعٍ للالتزام بالاتفاق من جانبه.
ويرى أن موقف حزب الله الحالي ليس ميّالاً للتصعيد العسكري، بالرغم من التحديات التي يواجهها، فيما يشير الشوبكي إلى أن الظروف الداخلية في لبنان، والمتغيرات الإقليمية، خاصة في سوريا، إضافة إلى الموقف الإيراني، تجعل العودة إلى المواجهة العسكرية خياراً غير وارد في هذه المرحلة.
ويعتقد الشوبكي أن خطوة تلويح حزب الله بالرد تحمل طابعاً سياسياً أكثر منه عسكرياً، إذ تهدف إلى إيصال رسالة تحذيرية لإسرائيل والوسطاء الدوليين دون نية فعلية للتصعيد.
ويشير الشوبكي إلى أن حزب الله دخل الاتفاقية في ظروف صعبة، والوضع الحالي لا يبدو أفضل للحزب، ما يجعل خيار التصعيد أقل جاذبية.
وبحسب الشوبكي، تهدف إسرائيل إلى فرض واقع جديد في جنوب لبنان يتمثل في إنشاء منطقة عازلة بالقوة، مستغلة الظروف الدولية والإقليمية لصالحها، كما أن هناك حديثاً عن نية إسرائيل تجاوز الإطار الزمني المحدد بـ60 يوماً للانسحاب من المناطق التي احتلتها، مما قد يضع حزب الله في موقف حرج.
وعلى الرغم من ذلك، يرى الشوبكي أن حزب الله يُفضّل في الوقت الحالي اللجوء إلى الخطوات الدبلوماسية بدلاً من التصعيد العسكري.
ويشير الشوبكي إلى أن الخروقات الإسرائيلية ليست بالضرورة محاولة لاستفزاز الحزب وإشعال المنطقة، بل جزء من استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد لفرض سيطرتها على جنوب لبنان.
ويؤكد الشوبكي أن حزب الله لا يزال يُراقب التطورات بحذر، وأنه رغم الضغوط، لا يبدو مستعداً للتصعيد في المرحلة الراهنة.
ويلفت الشوبكي إلى أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بعد المهلة الزمنية المحددة قد يدفع الحزب إلى اتخاذ خطوات أكثر حدة، ما قد يعيد خلط الأوراق في المنطقة.
الهدنة مؤقتة وهشة بسبب الخروقات الإسرائيلية المستمرة
يوضح د. عمر رحال، الكاتب والمحلل السياسي، أن الهدنة الحالية بين حزب الله اللبناني ودولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تمت برعاية أمريكية وفرنسية، تُعد مؤقتة وهشة، وذلك بسبب الخروقات المستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم ببنودها، إضافة إلى عدم قيام الوسطاء بالوفاء بالتزاماتهم.
ويشير رحال إلى أن إسرائيل ارتكبت عدة خروقات للاتفاق، منها اغتيال مواطنين لبنانيين وشن عمليات تفجير متواصلة داخل الأراضي اللبنانية، إضافة إلى استمرار التواجد العسكري الإسرائيلي داخل لبنان، وتصريحات مسؤولي الاحتلال التي تؤكد الإبقاء على الاحتلال في بعض المناطق اللبنانية، كما أن الطيران الإسرائيلي لا يغادر الأجواء اللبنانية، ما يعكس إصرار دولة الاحتلال لإفشال الهدنة وعدم الالتزام بشروطها.
ويوضح رحال أن هذه الخروقات دفعت حزب الله إلى التلويح والتفكير في الرد، والتأكيد على قدرته على استئناف القتال إن استمرت إسرائيل في انتهاك بنود الاتفاق.
ويشير إلى أن حزب الله وافق على الهدنة بشرط انسحاب إسرائيل ووقف إطلاق النار، لكن الحزب يريد إيصال رسالة أنه جاهز للرد على أي خروقات قد تحدث.
ويلفت رحال إلى تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال، التي زعم فيها القضاء على حزب الله وتفكيك بنيته العسكرية، وهي تُعد مضللة وغير واقعية، حيث أثبتت الأحداث أن حزب الله ما زال يحتفظ بقدراته العسكرية، وبالقدرة على المبادرة والمبادأة.
وفي ما يتعلق بجدية حزب الله على الرد بشأن الخروقات الإسرائيلية، يؤكد رحال أن حزب الله تاريخياً يربط بين التصريحات والأفعال، وإن قال سيرد فإنه سيفعل، مشيراً إلى أن الحزب أظهر في المواجهات الأخيرة قدرته على ضرب العمق الإسرائيلي، بما في ذلك المدن الكبيرة، متسبباً بخسائر بشرية واقتصادية كبيرة للاحتلال.
ويلفت رحال إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اضطر لقبول وقف إطلاق النار نتيجة للضربات المؤلمة التي تعرض لها جيش الاحتلال داخل الأراضي اللبنانية، إلى جانب الخسائر الفادحة التي منيت بها دولة الاحتلال في الأرواح والبنية التحتية.
وتطرق د. رحال إلى الوضع الإقليمي وتأثيره على حزب الله، مشيراً إلى أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يُشكل تحدياً كبيراً على الحضور العسكري للحزب، والذي لا يمكن إغفاله في المستقبل.
ومع ذلك، يعتقد رحال أن حزب الله لديه خطوط إمداد أخرى ومخزون استراتيجي كبير من الأسلحة الثقيلة، لا سيما الصواريخ، ما يضمن استمراره كقوة فاعلة في أي مواجهة مقبلة.
ويشير رحال إلى أن نتنياهو لا يزال يسعى بكل السبل لضرب إيران، مشدداً على أن تحركاته في لبنان تهدف إلى إشعال المنطقة وجر الولايات المتحدة إلى مواجهة إقليمية.
ويشير رحال إلى أن الإدارة الأمريكية السابقة، برئاسة جو بايدن، كانت تحاول تجنب تصعيد واسع في الشرق الأوسط حفاظاً على مصالحها، وليس من منطلق التعاطف مع العرب أو المسلمين، لكن رحال يحذر من أن عودة دونالد ترمب إلى السلطة قد تعني تصعيداً جديداً، حيث إن ترمب لا يُعد رجل دولة، ولا يمتلك من الحكمة شيئاً، فهو شخص نرجسي، وهو تاجر، وفي أحسن الأحوال رجل أعمال يركز على الصفقات، بما فيها الصفقات السياسية ذات الأبعاد الاقتصادية.
ويؤكد رحال أن إسرائيل تسعى إلى هندسة الإقليم بما يتناسب مع تطلعاتها الاستعمارية، من خلال ضرب إيران وإشعال حرب إقليمية.
ويشير إلى أن سقوط سورية هو بمثابة زلزال سياسي، ستكون له ارتدادات عنيفة، وتداعيات سياسية عميقة على المنطقة، لا سيما على فلسطين ولبنان، وما سيتبع ذلك من عمليات تطبيع مع دولة الاحتلال، وتقاسم للأدوار والمصالح بين اللاعبين الإقليميين والدوليين.
ويلفت رحال إلى أن إيران اليوم تشكل تهديداً لمصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وذلك من وجهتي النظر الأمريكية والإسرائيلية، لذلك سيكون هناك سيناريوهان خلال العام 2025 وما بعده، الأول المواجهة، والثاني الاحتواء مع انكفاء لإيران ضمن حدودها الإقليمية، وذلك ضمن صفقة سياسية سيكون لها تداعيات على لبنان والعراق واليمن وفلسطين.
ويعتبر رحال أن نتنياهو يستغل هذا الوضع لتعزيز مصالح الاحتلال، في ظل دعم أمريكي متزايد، ما يُنذر بأن المقبل قد يكون أسوأ إذا استمرت هذه التحركات الإسرائيلية.
ويؤكد رحال أن المنطقة تواجه مرحلة خطيرة، حيث قد تؤدي السياسات الإسرائيلية إلى زعزعة الاستقرار وإشعال صراع إقليمي واسع النطاق.
رسالتان أساسيتان من وراء التلويح بالرد
يرى الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن تلويح حزب الله اللبناني بالرد على خروقات الاحتلال الإسرائيلي يحمل رسالتين أساسيتين، الرسالة الأولى موجهة للداخل اللبناني، تهدف إلى طمأنة جمهوره بأن الحزب ما زال يحتفظ بقوته رغم التحديات، أما الرسالة الثانية فتستهدف إسرائيل والمنطقة بأن حزب الله يمتلك قدرات عسكرية تمكّنه من استيعاب الضربات واستئناف الحرب إذا لزم الأمر.
ويشير موسى إلى أن الوضع الإقليمي والتحولات الجيوسياسية، لا سيما ما حدث في سوريا، ساهمت في تعزيز قدرة إسرائيل على التحرك بحرية في المنطقة، فاستهداف القواعد العسكرية السورية، بما في ذلك المطارات والموانئ، أدى إلى تقليص هامش المناورة أمام حزب الله.
ويلفت موسى إلى أن استراتيجية إسرائيل في الاستفراد بالساحات المختلفة عبر التدمير والإبادة والتهجير أسهمت في إضعاف تلك الساحات.
ويعتقد أن توسع إسرائيل في استخدام استراتيجية الاستفراد بكل ساحة من ساحات المقاومة أضعف حزب الله على الصعيدين العسكري والسياسي، وحرك المياه الراكدة ضده داخلياً، ما دفعه لتبني خطاب التهديد بالرد لتعزيز صورته كقوة فاعلة.
وعلى الصعيد الإقليمي، يرى موسى أن إسرائيل باتت جاهزة أكثر من أي وقت مضى لضرب إيران باستخدام "قنابل نووية صغيرة"، يمكن أن تعيد إيران إلى الوراء بما يزيد على ثلاثة عقود من التطور العسكري والتكنولوجي.
ويعتبر موسى أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أحد أهم حلفاء إيران، وتآكل قوة الردع لدى حزب الله، إلى جانب التدمير الشامل لقطاع غزة، عوامل ساهمت في تعزيز جاهزية إسرائيل لتنفيذ خططها.
ويشير إلى أن إسرائيل، بمساعدة أمريكية وغربية، قد تُقدم على تنفيذ ضربة مزدوجة تستهدف كلاً من إيران واليمن، باعتبار أن نجاح مثل هذه الضربة سيمهد الطريق أمام إعادة رسم خريطة المنطقة، كما فعلت بريطانيا خلال القرن الماضي.
ويتناول موسى دور تركيا في المعادلة الإقليمية، مشيراً إلى أنها لم تعد تُعتبر قوة إقليمية مستقلة، لافتاً إلى أن توسع تركيا في الأراضي السورية بات مرهوناً بموافقة إسرائيلية ضمن ترتيبات إقليمية أوسع.
ضيق الحزب من تصاعد الخروقات الإسرائيلية
يرى الكاتب والمحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم أن تلويح حزب الله بالرد على الخروقات الإسرائيلية في جنوب لبنان يعكس ضيق الحزب من تصاعد هذه الانتهاكات.
ويشير سويلم إلى أن هذه الخروقات، التي تُنفذ بأسلوب استعراضي، تعكس رغبة الحكومة الإسرائيلية في تحقيق مكاسب سياسية داخلية، خاصة في الشمال، حيث يتزايد الضغط من قبل المستوطنين المهجرين.
ويوضح سويلم أن السلوك الإسرائيلي الأخير يتمحور حول استعراضات سياسية تهدف لتعويض ما يعتبره الإسرائيليون "نقصاً في الإنجاز" بعد اضطرار إسرائيل لوقف إطلاق النار دون تحقيق أهدافها العسكرية ضد حزب الله.
ويشير سويلم إلى أن حزب الله نسف الرواية الإسرائيلية حول تدمير قدراته، خصوصاً عندما أطلق ما يقارب 400 صاروخ على مناطق الشمال والعمق الإسرائيلي خلال يوم وصفه الإسرائيليون بـ"الأحد الأسود".
ويلفت سويلم إلى أن هذه الصواريخ، التي تضمنت أسلحة دقيقة وكبيرة التأثير، كشفت محدودية النجاح الاستخباري والعسكري الإسرائيلي، رغم ما تدعيه إسرائيل من تحقيق نجاحات بتدمير بنى تحتية واغتيال قيادات بارزة في الحزب.
ويشير سويلم إلى أن هذه الوقائع دفعت إسرائيل إلى قبول وقف إطلاق النار، تحت ضغوط من الولايات المتحدة وقيادة الجيش الإسرائيلي التي رأت أن الجيش لا يستطيع توسيع عملياته البرية إلى المرحلة الثالثة دون مخاطر كبيرة.
ويرى أن حزب الله يدرك تمامًا أبعاد هذه الاستعراضات الإسرائيلية، لكنه يلتزم بسياسة الصبر المؤقت بسبب اعتبارات داخلية لبنانية، لكن صبر الحزب لن يستمر طويلاً، حيث سيرد على الخروقات الإسرائيلية عندما تصل الأمور إلى حد معين، ليس بهدف "حفظ ماء الوجه"، بل لتوجيه رسالة واضحة إلى إسرائيل مفادها أن سياسة الاستعراضات لن تمنحها أي أفضلية في المواجهة.
ويؤكد سويلم أن المعركة لم تنتهِ بعد، حيث إن فصولاً عدة منها ما زالت على جدول الأعمال، بما في ذلك التطورات في سوريا واليمن، التي قد تؤثر على المشهد الإقليمي بشكل كبير.
وفي ما يتعلق بسوريا، يشير سويلم إلى أن الأزمة السورية لم تُحسم كما قد يعتقد البعض، بل هي في مرحلة إعادة تشكيل السلطة والمعادلات السياسية وسط تناقض الحلفاء الذين ساهموا بإسقاط نظام بشار الأسد، إذ إن هذا التناقض يضع الساحة السورية في حالة من الجمود القابل للانفجار، خاصة مع محاولات إسرائيل إضعاف إيران عبر سوريا.
ويعتبر سويلم أن الساحة اليمنية تلعب دوراً مشابهاً في تسخين الأجواء لجولات قادمة قد تمتد إلى إيران، ما يجعل الشرق الأوسط كتلة ملتهبة قابلة للانفجار في أي لحظة.
على الجانب الإسرائيلي، يرى سويلم أن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى لإبقاء المنطقة مشتعلة من خلال حروب صغيرة أو استفزازات مستمرة، كوسيلة لضمان استمرار اليمين الفاشي في الحكم.
ويشير إلى أن هذه الحكومة تدرك أن خسارة اليمين للسلطة قد تكون نهاية حاسمة له، ما يدفعها للمجازفة بسياسات مغامرة دون حسابات طويلة المدى.
ويعتقد سويلم أن سياسات اليمين الاسرائيلي تهدف إلى ابتلاع الدولة الإسرائيلية "الليبرالية الديمقراطية"، ما قد يؤدي إلى أزمة داخلية تفوق كل الأزمات السابقة. ويوضح سويلم أن هذا الوضع الداخلي المعقد قد يؤدي إلى فتح أبواب جديدة من التصعيد في المنطقة، حيث تسعى إسرائيل لاستغلال أي فرصة لضرب إيران أو استفزازها.
من جهة أخرى، يؤكد سويلم أن إيران ترى أن أي مواجهة محتملة مع إسرائيل ستكون معركة وجودية وليست مجرد صراع سياسي أو عسكري عابر.
ويشير سويلم إلى أن النظام الإيراني يمتلك قدرات كبيرة تتجاوز التصورات، ما يجعله مستعداً لاستخدام كل الوسائل للدفاع عن وجوده في حال اندلاع صراع مباشر.
ويشير إلى أن خسارة إيران لبعض المواقع في سوريا لا تعني تراجعها كلياً، بل إنها قد تعيد بناء محور المقاومة بأساليب ووسائل جديدة تتماشى مع التحديات الحالية.
ويعتقد سويلم أن المنطقة تقف على حافة تصعيد أكبر بكثير مما شهدناه خلال الأشهر الماضية، حيث إن التناقضات الإقليمية والدولية لا تزال تعيق أي محاولات للتهدئة.
ويؤكد سويلم أن محاولات الإدارة الأمريكية لفرض ترتيبات جديدة في الشرق الأوسط ستواجه مقاومة من محور المقاومة، ما يجعل الشرق الأوسط كتلة متدحرجة من اللهب لا يمكن السيطرة عليها بسهولة.
رسائل مزدوجة تتراوح بين التحذير والاستعداد
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي هاني أبو السباع أن تلويح حزب الله بالرد على الخروقات الإسرائيلية في جنوب لبنان يعكس رسائل مزدوجة، تتراوح بين التحذير والاستعداد، خصوصاً في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية التي تجاوزت 300 خرق منذ توقيع الاتفاق المبرم قبل أكثر من شهر.
ويشير أبو السباع إلى أن هذه الخروقات، وفق تقارير الجيش اللبناني، تنوعت بين نسف مبانٕ واستهداف بالطيران الحربي، فضلاً عن استهدافات بالمسيرات أسفرت عن سقوط شهداء، في حين اكتفى حزب الله برد وحيد على مزارع شبعا كرسالة ضمنية تؤكد جاهزيته لأي تصعيد محتمل.
ويرى أبو السباع أن المعادلة الحالية في المنطقة، خاصة مع الأوضاع الداخلية في لبنان، تدفع الحزب إلى التريث حتى انتهاء فترة الستين يوماً المحددة في الاتفاق، وبعدها سيكون أي خرق إسرائيلي بمثابة تجاوز للخطوط الحمراء.
ويشير أبو السباع إلى أن التنسيق بين حزب الله وإيران يلعب دوراً في ضبط الإيقاع في المنطقة، خاصة مع الخسائر التي تكبدتها إيران في سوريا وانهيار نظام بشار الأسد، ما أدى إلى تقليص قدرات إيران وحزب الله على تأمين خطوط الإمداد، وهذه الظروف المعقدة دفعت إيران إلى محاولة تخفيف التوتر في المنطقة، بما يتماشى مع سياساتها الجديدة الساعية للتقارب مع العالم، وإعادة بناء علاقاتها مع دول الجوار، في إطار استراتيجية لتخفيف العزلة الدولية ورفع العقوبات الاقتصادية، في رسائل إيرانية بأنها تريد تجنب التصعيد العسكري.
ويؤكد أبو السباع أنه بالرغم من هذه التحديات، لا تزال إيران تسعى للحفاظ على تأثيرها الإقليمي عبر أذرعها المختلفة، خاصة في اليمن، حيث يشهد التصعيد هناك اهتمامًا أكبر من جانب طهران مقارنة بالساحة اللبنانية.
في المقابل، يشير أبو السباع إلى أن إسرائيل ترى أن الظروف الحالية تتيح لها توسيع عملياتها ضد حزب الله، خاصة في ظل ما تعتبره ضعفًا في خطوط الإمداد وتعطل القدرات العسكرية للحزب، بعد الضربات الإسرائيلية في سوريا، بهدف تقويض قدرات حزب الله.
إسرائيل، بحسب أبو السباع، تحاول استفزاز حزب الله لجره إلى مواجهة مفتوحة، مستغلة التغيرات الإقليمية وصعوبة الظروف الداخلية في لبنان، ومع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى الحكم، تعتقد إسرائيل أن لديها فرصة مواتية لتنفيذ ضربات استراتيجية قد تعيد حزب الله إلى الوراء، او توجيه ضربة لإيران رغم أن ترامب رجل اقتصادي ويحاول إطفاء الحروب.
وبالرغم من ذلك، يعتقد أبو السباع أن حزب الله يدرك هذه الحسابات، ويختار التريث لعدم الانجرار إلى مواجهة غير محسوبة في الوقت الحالي، خاصة ان لبنان لا يزال يعاني من تبعات أزماته الاقتصادية والسياسية، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالجنوب اللبناني خلال جولات التصعيد السابقة، والآثار المتبقية للحرب في ضاحية بيروت الجنوبية، ما يعزز منطق التهدئة الذي يتبناه حزب الله حالياً.
ويشدد أبو السباع على أنه رغم ذلك، تبقى معادلة المقاومة حاضرة بقوة في خطاب حزب الله، حيث يسعى للحفاظ على شعبيته وسط قاعدته الجماهيرية، خاصة إذا استمرت الخروقات الإسرائيلية بعد انتهاء مهلة الستين يوماً.
ويؤكد أبو السباع ان قرار إشعال المنطقة من جديد ليس سهلًا على أي طرف، سواء حزب الله أو إسرائيل أو إيران، فالتغيرات الدولية والإقليمية، بما في ذلك الوضع في سوريا وتداعيات الحرب في غزة، تشكل عوامل ضغط تدفع جميع الأطراف لإعادة حساباتها، ومع أن إسرائيل تستغل الظرف الحالي لتعزيز استراتيجيتها في لبنان وسوريا، إلا أن حزب الله وإيران يعتمدان سياسة النفس الطويل، انتظارًا لظروف أكثر ملاءمة لإعادة رسم التوازنات الإقليمية.
تساؤلات حول الغموض المحيط بملف حزب الله
يعتقد د. رائد نعيرات، الكاتب والمحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، أن هناك تساؤلات عدة حول الغموض المحيط بملف حزب الله بعد انتهاء المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.
ويشير نعيرات إلى ثلاث قضايا رئيسية تشوبها علامات استفهام: الأولى تتعلق بالطريقة التي انتهت بها الحرب بشكل مفاجئ، والثانية هي غياب أي مراسم رسمية لتشييع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ما يثير العديد من التكهنات، والثالثة هي عدم التزام إسرائيل بالانسحاب وتطبيق بنود الاتفاقية المبرمة، وسط صمت لافت من حزب الله.
ويوضح نعيرات أن الطريقة التي انتهت بها جبهة لبنان توحي باحتمال أن يكون هذا الانتهاء مرحلة تحضيرية لاندلاع مواجهة جديدة بين حزب الله وإسرائيل.
ويرى نعيرات أن تلويح حزب الله بالرد على الخروقات الإسرائيلية قد يحمل رسالة سياسية للفرقاء اللبنانيين والوسطاء الدوليين، بهدف الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للالتزام ببنود الاتفاق.
ومع ذلك، يرى نعيرات أن هناك احتمالية واقعية لاندلاع الحرب مجدداً، خاصة بالنظر إلى الغموض الذي شاب الاتفاق والطريقة المفاجئة لإنهاء الحرب.
وفي ما يتعلق بالملف الإيراني، يؤكد نعيرات أن توجيه ضربة لإيران لن يكون مجرد مواجهة بين دولتين، بل سيعتبر ملفاً دولياً معقداً يحمل أبعاداً استراتيجية تؤثر على تحالفات كبرى تشمل الصين وروسيا.
ويشير نعيرات إلى أن أي تصعيد كبير ضد إيران قد يؤدي إلى إشعال المنطقة وربما يتسبب في اندلاع حرب عالمية، ما يجعل إمكانية ضرب إيران بشكل واسع أمراً مستبعداً حالياً.
دلالات
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
حجب قناة الجزيرة في فلسطين.. محللون يعتبرونها خطوة متسرعة ويطالبون السلطة بالتراجع عنها
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية بحادث عرضي في مخيم جنين
نادي الأسير: المخاطر على مصير د.حسام ابو صفية تتضاعف
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
الأكثر قراءة
دروس "الطوفان" وارتداداته (1)... قول في النصر والهزيمة
نواب في الكنيست يطالبون "كاتس" بتدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة في قطاع غزة
شهادات جديدة لعدد من معتقلي غزة في سجن "النقب"
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
القبض على "عزرائيل" سجن صيدنايا في سوريا
وزيرة خارجية ألمانيا من دمشق: أوروبا لن تمول "هياكل إسلامية"
أسعار العملات
السّبت 04 يناير 2025 10:26 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.75
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 345)
شارك برأيك
تلويح حزب الله بالرد على الخروقات الإسرائيلية.. خطوة سياسية أم توطئة لعودة التصعيد؟