فلسطين
الأربعاء 18 ديسمبر 2024 8:42 صباحًا - بتوقيت القدس
الفرص والتحديات أمام السلطة.. كُتّاب ومحللون يرسمون صورة العام 2025
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. حسين الديك: الإدارة الأمريكية المرتقبة يمينية الطابع وتحديات معقدة وقاسية تواجه القضية الفلسطينية
خليل شاهين: نجاح السلطة بمواجهة التحديات القادمة يعتمد على قدرتها على تطوير رؤية استراتيجية شاملة
د. سعد نمر: المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً في الضفة بعد انتهاء حرب غزة بهدف تثبيت الاستيطان وتوسيعه
فراس ياغي: إسرائيل تسعى لخلق فوضى بالضفة لتبرير ادعاءاتها بأن السلطة لا تستطيع السيطرة على الأوضاع الداخلية
د. سهيل دياب: المشهد معقد.. والخيارات أمام السلطة ضيقة لكنها جدية إذا تم استثمارها بالشكل الصحيح
سليمان بشارات: إسرائيل تحاول خلق "الفوضى الخلاقة" استناداً للمنهجية الأمريكية القديمة لإضعاف التماسك الفلسطيني الداخلي
تواجه السلطة الفلسطينية مرحلة حاسمة في العام 2025، حيث تتشابك عوامل سياسية دولية وإقليمية تضعها أمام تحديات غير مسبوقة في ظل تصاعد الأطماع الإسرائيلية والدعم الأمريكي المحتمل لهذه السياسات، والذي تجلى بتصريحات للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب التي يشير فيها إلى أن لديه خططاً للتطبيق.
ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة علوم سياسية، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن السياسات الإسرائيلية المدعومة من إدارة دونالد ترمب تمثل عامل ضغط إضافياً على القضية الفلسطينية، في ظل سعي إسرائيلي مرتقب لإعلان ضم الضفة الغربية والسيطرة على قطاع غزة، حيث تُظهر التوجهات الحالية تكاملاً بين المواقف الإسرائيلية والأمريكية الهادفة إلى فرض أمر واقع جديد، من خلال التوسع الاستيطاني ورفض حل الدولتين، إلى جانب تصعيد الإجراءات الأمنية والعسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويرى الكتاب وأساتذة العلوم السياسية إلى أن إسرائيل تسعى إلى "حسم الصراع" عبر فرض سيطرتها على كامل الجغرافيا الفلسطينية، مع العمل على إضعاف السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى كيان وظيفي محدود الصلاحيات.
ويؤكدون أن هناك خيارات فلسطينية سياسية وقانونية لمواجهة المرحلة المقبلة، من بينها تحميل إسرائيل المسؤولية كقوة احتلال، وتفعيل التوجه نحو المحاكم الدولية لمحاسبة القادة الإسرائيليين على انتهاكاتهم، بالتوازي مع إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وتوحيد الصف الوطني عبر مشروع سياسي شامل، بما يعزز قدرة الفلسطينيين على مواجهة السياسات الإسرائيلية وفرض معادلات جديدة على المستويين الإقليمي والدولي.
السيناريوهات المرتقبة تُنذر بمزيد من التعقيد
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي د.حسين الديك أن السيناريوهات المرتقبة للإدارة الأمريكية المقبلة تُنذر بمزيد من التعقيد على الساحة الدولية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ويوضح الديك أن الإدارة الأمريكية القادمة برئاسة دونالد ترامب هي يمينية الطابع، حيث ستشهد سيطرة المحافظين الجدد واليمين المسيحي المتطرف، إلى جانب نفوذ اللوبي الصهيوني.
ويشير الديك إلى أن التعيينات التي رشحها ترمب لتكون صانعة القرار في إدارته المقبلة تُعد مؤشراً بارزاً على هذا التوجه، إذ تضمنت شخصيات محسوبة على التيار اليميني المتطرف والصقور في السياسة الأمريكية، المرتبطين فكرياً واستراتيجياً باللوبي الصهيوني، وهذا التحالف بين القوى اليمينية والمحافظة في الولايات المتحدة يضع القضية الفلسطينية أمام تحديات غير مسبوقة.
ويوضح الديك أن المشهد الحالي، الذي شهد تدميراً واسع النطاق وحرب إبادة جماعية في قطاع غزة، يُظهر بجلاء تماهي الموقف الأمريكي السياسي مع حكومة بنيامين نتنياهو، التي تُعد الأكثر تطرفاً وفاشية في تاريخ إسرائيل.
ويشير الديك إلى أن هذا التقارب بين واشنطن وتل أبيب يعزز من توجهات نتنياهو، خصوصاً تلك المتعلقة برفض حل الدولتين، والترويج لما يُعرف بـ "السلام الاقتصادي"، الذي طرحه نتنياهو منذ سنوات، ويقوم على إقصاء أي فكرة لإقامة كيان سياسي فلسطيني مستقل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويلفت إلى أن التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تصب في خدمة حكومة نتنياهو اليمينية، ما قد يؤدي إلى تصعيد إضافي على الصعيد الأمني والسياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويؤكد الديك أن هناك توجهات إسرائيلية واضحة لاحتلال قطاع غزة بشكل مباشر أو غير مباشر، مع تهيئة الظروف الدولية والإقليمية لذلك، في العام المقبل 2025.
ويذكّر الديك بأن خطة "الحسم" التي اقترحها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تمثل تهديداً وجودياً للفلسطينيين، إذ تهدف إلى ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، وتهجير السكان، واستمرار قضم الحقوق الوطنية الفلسطينية.
في مواجهة هذه السيناريوهات الصعبة، يرى الديك أن لدى الفلسطينيين خيارات سياسية وقانونية يمكنهم الاعتماد عليها للتصدي لهذه التحديات.
وأبرز هذه الخيارات وفق الديك، هو أن تقوم منظمة التحرير بتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الوضع الإداري والمدني في الضفة الغربية، باعتبارها قوة احتلال، وفق القانون الدولي الإنساني، الذي يلزم الاحتلال بالاضطلاع بمسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني.
ويشير الديك إلى أنه من بين الخيارات أمام منظمة التحرير هو إعلان فلسطين "دولة تحت الاحتلال"، وهو إجراء من شأنه تحميل إسرائيل مسؤوليات إضافية على الصعيد الدولي، وإبراز معاناة الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي.
إلى جانب ذلك، يلفت الديك إلى أهمية توجه منظمة التحرير نحو المحاكم الدولية والمؤسسات الأممية، بهدف محاسبة القادة الإسرائيليين على جرائم الحرب والانتهاكات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.
ويطرح الديك خياراً إضافياً يتمثل في مطالبة منظمة التحرير للأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها الكاملة تجاه الشعب الفلسطيني، بما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الإنسانية والسياسية، خاصة في ظل تقاعس إسرائيل عن الوفاء بالتزاماتها كدولة احتلال.
ويؤكد الديك أن المرحلة المقبلة ستكون بالغة الصعوبة، وأن الفلسطينيين أمام تحديات مصيرية تتطلب تحركاً استراتيجياً منسقاً لمواجهة التصعيد الإسرائيلي، سواء من خلال العمل السياسي أو عبر المسارات القانونية والدبلوماسية الدولية.
حكومة نتنياهو تسعى لفرض أمر واقع
يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن مستقبل السلطة الفلسطينية سيكون مرهونًا بتشابك وتفاعل مجموعة من العوامل الأساسية، التي تلعب دوراً حاسماً في تحديد مصير الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويشير شاهين إلى أن حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، تسعى لفرض أمر واقع عبر توسيع الاستيطان وتعميق السيطرة على الأراضي الفلسطينية، وصولاً إلى الضم الجزئي أو الشامل لمناطق واسعة من الضفة الغربية، مع تجنب الإعلان الرسمي في الوقت الراهن.
ويوضح شاهين أن إسرائيل تعمل على عزل المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية من خلال منع ترابطها الجغرافي، مما يقوّض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متماسكة، وتستخدم إسرائيل لتحقيق ذلك أدوات عدة، أبرزها تهجير التجمعات البدوية، وتصعيد اعتداءات ميليشيات المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية.
ونتيجة لذلك، يوضح شاهين أن إسرائيل تسعى لتحويل السلطة الفلسطينية إلى كيان وظيفي يخدم الأهداف الأمنية الإسرائيلية، بحيث تقتصر مهامها على إدارة الشأن الداخلي للفلسطينيين، مثلما كان الحال قبل إنشاء السلطة عندما امتلكت البلديات، مثل بلدية نابلس، أجهزة شرطة محلية.
ويشير شاهين إلى السياسات الأمريكية كعامل آخر مؤثر، خاصة في ضوء مواقف إدارة ترامب التي قد تعترف بضم إسرائيل لمناطق واسعة من الضفة الغربية، وتدعم استمرار الحرب أو التهجير في قطاع غزة.
سيادة إسرائيلية تدريجية على الضفة الغربية
ويعتقد شاهين أنه وفقاً لهذا السيناريو، ستُفرض سيادة إسرائيلية تدريجية على الضفة الغربية، وستتلاشى تدريجياً صلاحيات السلطة الفلسطينية، لتتحول إلى ما يشبه "بلدية كبرى" تتولى مهام محدودة تحت السيطرة الإسرائيلية.
وفي ما يتعلق بقطاع غزة، يلفت شاهين إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ترفضان مشاركة حركة "حماس" في أي شكل من أشكال الحكم، سواء عبر اللجان المجتمعية أو غيرها، حتى وإن سُمح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى القطاع، فإن صلاحيات السلطة، إن عادت إلى غزة، ستكون مشابهة لصلاحياتها في الضفة، وستبقى خاضعة للقيود الإسرائيلية.
من جهة أخرى، يشدد شاهين على أهمية العوامل الإقليمية التي تتمثل في التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والتي تشهد تغييرات كبيرة بعد الحرب على لبنان وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
ويرى شاهين أن إسرائيل تسعى لتكريس موقعها كدولة "صغيرة كبرى" في المنطقة، تمتلك اليد الطولى للضرب في أي مكان تريد، بما يعزز هيمنتها الإقليمية.
في ظل هذه التطورات، يرى شاهين أن الفلسطينيين مطالبون بوضع استراتيجية جديدة لمواجهة المخاطر المحدقة، وتبدأ هذه الاستراتيجية بضرورة معالجة ملف الانقسام الفلسطيني الداخلي سياسياً ومؤسسياً، عبر إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني الموحد في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويشمل ذلك أيضاً إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ويرى شاهين أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدير حواراً وطنياً شاملاً لقراءة التحولات المستقبلية ووضع سيناريوهات للتعامل مع التحديات، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ويتطلب ذلك صياغة استراتيجية فلسطينية قادرة على التصدي لمخططات تعميق الاحتلال والاستيطان، والاستفادة من تجربة العمل الوطني الفلسطيني ما قبل إنشاء السلطة.
ويوضح شاهين أن ذلك لا يعني حل السلطة الفلسطينية، بل الدفع باتجاه تغيير مهامها السياسية والإدارية والأمنية، لتتحول إلى كيان يعزز صمود الفلسطينيين ويدير شؤونهم بالتعاون مع الفصائل والمجتمع المدني والبلديات.
ويؤكد شاهين ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وتوحيد المؤسسات الفلسطينية، إلى جانب التنسيق مع العمق العربي لمواجهة السياسات الإسرائيلية.
ويرى شاهين أن نجاح السلطة في مواجهة التحديات المقبلة يعتمد على قدرتها على تطوير رؤية استراتيجية شاملة، تسهم في الحفاظ على وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة وتعزيز الصمود الفلسطيني في مواجهة المخططات الإسرائيلية.
لا توجد أي إشارة لحل الدولتين..!
يؤكد د. سعد نمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت أن السياسات الإسرائيلية الحالية، المدعومة من الولايات المتحدة، خصوصاً من إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، لم تتضمن حتى الإشارة إلى حل الدولتين، فترمب نفسه كان قد أعلن أن هذا الحل ليس بالضرورة هو الطريق الأمثل، ومع ذلك، يبقى الغموض يحيط بالشكل النهائي الذي تسعى كل من الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية إلى تثبيته في الأرض المحتلة.
ويوضح نمر أن هناك توجهاً إسرائيلياً واضحاً نحو ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وفق ما يطرحه مسؤولون إسرائيليون مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بموافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
ووفق نمر، يشمل هذا الضم ما يقارب ثلث مساحة الضفة الغربية، إضافة إلى المناطق الاستراتيجية في الأغوار، كما أن ما يجري على الأرض يؤدي عملياً إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية وتحويلها إلى مناطق منفصلة.
ويشير نمر إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية تواجه تحديات كبرى في التعامل مع هذه السياسات الإسرائيلية، مؤكداً أن أي محاولة فلسطينية لمواجهة هذا الواقع تتطلب نقاط قوة حقيقية.
ويشدد نمر على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة بين كافة الفصائل الفلسطينية، وتوحيد منظمة التحرير لتشمل جميع التنظيمات السياسية.
ويؤكد نمر أن هذا التوافق الفلسطيني على استراتيجية وطنية موحدة سيكون السبيل الوحيد لمواجهة التحركات الأمريكية والإسرائيلية.
ويحذر نمر من إقدام اسرائيل على حل السلطة الوطنية واستبدالها بسلطات محلية في ثلاثة "كانتونات" متفرقة شمالاً ووسطاً وجنوباً، كما يقترح سموتريتش.
ويؤكد نمر أن حل الدولتين أصبح من الماضي بفعل الوقائع التي فرضتها إسرائيل على الأرض، مثل التوسع الاستيطاني الذي بات يضم نحو 800 ألف مستوطن في الضفة الغربية، وضم أجزاء واسعة من الأراضي، واستبعاد القدس الشرقية كعاصمة محتملة للدولة الفلسطينية، ورفض أي نقاش حول حق عودة اللاجئين.
ويشير نمر إلى أن إسرائيل لا تسعى لإعادة اللاجئين بل تعمل على تهجير الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم.
ويشدد نمر على انه يجب على السلطة الفلسطينية أن تفكر بطريقة جديدة، وذلك لن يتحقق إلا عبر وحدة وطنية قادرة على وضع استراتيجيات فعالة للمراحل القادمة.
ويتوقع نمر أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً إسرائيلياً متزايداً بحق الضفة الغربية بعد انتهاء حرب غزة، بهدف تثبيت الاستيطان وتوسيعه، ما يعني إجراءات إسرائيلية أكثر حدة تجاه الفلسطينيين، كما أن هذه السياسات سترافقها إجراءات أمنية مشددة، ستزيد من معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ويحذر نمر من أن الضفة الغربية مقبلة على مرحلة "غاية في الصعوبة"، حيث ستتعزز السيطرة الإسرائيلية من خلال الاستيطان وتفتيت الجغرافيا الفلسطينية، ما يفرض على الفلسطينيين خيارات جديدة تتطلب وحدة وتنسيقاً استراتيجياً لمواجهة هذه المخاطر.
مخطط إسرائيلي للسيطرة على الضفة وتقويض السلطة
يرى الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن التسريبات المتداولة بشأن بقاء السلطة الفلسطينية أو عدم بقائها، وطرح "صفقة" من قبل إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب تكون للتطبيق وليس للنقاش، تعكس وجود مخطط إسرائيلي يسعى للسيطرة على الضفة الغربية وتقويض السلطة الوطنية الفلسطينية.
ووفق ياغي، فإن دعم ترامب المحتمل لضم الضفة الغربية غير المؤكد والمؤجلة بعض الشيء يمنح إسرائيل مساحة مفتوحة للتحرك، لكنه يعتقد أن الظروف الإقليمية والدولية تجعل وجود السلطة الفلسطينية ضرورة لا يمكن تجاوزها.
ويشير ياغي إلى أن إسرائيل تعمل على خلق حالة من الفوضى في الضفة الغربية، لتبرير ادعاءاتها أمام المجتمع الدولي والإقليمي بأن السلطة غير قادرة على فرض الأمن والسيطرة على الأوضاع الداخلية.
ويلفت ياغي إلى أن ما يحدث حالياً في جنين من تصعيد واشتباكات هو جزء من مخطط استغلال المتطرفين الإسرائيليين والمستوطنين للوضع الأمني المتوتر، بهدف إظهار السلطة كجهة عاجزة عن ضبط المقاومة.
ويوضح ياغي أن العلاقة المريحة بين إسرائيل وترمب أسهمت في منح إسرائيل "اليد الطولى" للتحرك بحرية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومع ذلك، يؤكد ياغي أن المحاولات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية ستفشل، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني، الذي صمد منذ فجر التاريخ، لن يتنازل عن حقوقه الوطنية وحقه في تقرير المصير.
ويعتقد ياغي أن مفتاح المواجهة الحقيقية يكمن في الوحدة الوطنية الفلسطينية بين كافة الفصائل الوطنية والإسلامية، باعتبارها الضمانة الوحيدة للتصدي للمخططات الإسرائيلية الرامية إلى إنهاء القضية الفلسطينية.
ويرى ياغي أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى تبني برنامج مواجهة مستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومرتبط بالواقع الميداني.
ويعتبر ياغي أن الانتفاضة الشعبية السلمية هي الخيار الأنسب والأكثر فاعلية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العنصرية في الضفة الغربية، نظرًا لشرعيتها الدولية وقدرتها على كسب التأييد العالمي.
ويلفت ياغي إلى أن تجربة المقاومة المسلحة أثبتت محدوديتها في ظل الظروف الحالية، حيث تفتقر إلى الدعم الإقليمي والدولي الواسع، بل يتم وصمها بالإرهاب خاصة بعد تفجير البرجين في نيويورك عام 2001.
ويدعو ياغي إلى تعزيز السلطة الفلسطينية لعلاقاتها مع الدول العربية، والانخراط بشكل فاعل في المؤسسات والمنظمات الأممية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ويؤكد ياغي أن أي حل لا يضمن الحقوق الفلسطينية المعترف بها دولياً لن يلقى قبولاً أو دعماً فلسطينياً أو دولياً.
ويشير ياغي إلى أن التطورات الأخيرة، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر، أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية، ما يفرض على الفلسطينيين توحيد صفوفهم والخروج من حالة الانقسام الراهنة.
ويدعو ياغي السلطة الفلسطينية إلى التركيز على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني من خلال إجراء إصلاحات داخلية، وتعزيز الثقة بين القيادة والشعب عبر التوجه نحو الانتخابات.
ويؤكد ياغي أن المطالبة بالحقوق الوطنية، وفي مقدمتها قضية القدس، تتطلب استراتيجية فلسطينية موحدة تقوم على الشرعية الدولية والعمل الدبلوماسي المكثف، إلى جانب إصلاحات داخلية تعزز قدرة الفلسطينيين على الصمود ومواجهة التحديات السياسية المقبلة.
أربع خطوات إسرائيلية استراتيجية
يؤكد د. سهيل دياب، أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإسرائيلي، أن إسرائيل، بقيادة نتنياهو وائتلافه اليميني، توصلت إلى استنتاجات جديدة بعد الحرب على غزة تتعلق بمسار تعاملها مع القضية الفلسطينية. ويوضح دياب أن الاستنتاج الأبرز هو انتقال إسرائيل من مرحلة "إدارة الصراع" إلى "حسم الصراع" بهدف تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.
ويوضح دياب أن هناك أربع خطوات استراتيجية تعتمدها إسرائيل في هذا السياق، أهمها: محو الحدود بين مناطق "ا" و"ب" و"ج" في الضفة الغربية، وبسط النفوذ العسكري الإسرائيلي على جميع المناطق.
الخطوة الاستراتيجية الثانية وفق دياب، هي التركيز على مناطق "ج" التي تضم غالبية المستوطنين وعدداً محدوداً من الفلسطينيين، ما يسهل فرض السيطرة الإسرائيلية عليها.
ويشير دياب إلى أن الاستراتيجية الثالثة هي تسهيل الهجرة للفلسطينيين سواء من خلال دفعهم للانتقال بين مناطق الضفة أو تهجيرهم إلى خارجها إذا توفرت الفرصة.
ويلفت دياب إلى أن الاستراتيجية الرابعة هي مقايضة إدارة ترامب القادمة بضم أجزاء من الضفة الغربية، وخاصة مناطق "ج"، إلى إسرائيل مقابل اي حل في المنطقة.
ويشدد دياب على أن تنفيذ هذه الخطة يتطلب القضاء على أي كيان سياسي فلسطيني، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل عبر تصعيد سياساتها الأمنية والعسكرية في الضفة الغربية بعد انتهاء الحرب على غزة.
ويشير دياب إلى أن لقاءات نتنياهو الأخيرة مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب كشفت عن مراجعات جديدة من قبل ترامب حول المنطقة، فقد طلب ترامب من نتنياهو عدم التسرع في ضم الضفة الغربية لتجنب إحراج الولايات المتحدة، مشيراً إلى ضغوط دولية متزايدة، خاصة بعد الحرب على غزة، التي جعلت القضية الفلسطينية محور اهتمام عالمي.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، يرى دياب أن الخيارات أمام السلطة الفلسطينية ضيقة، لكنها جدية إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح.
ويوضح دياب أن أول هذه الخيارات هو توسيع منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل كافة القوى، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، تحت برنامج سياسي موحد يركز على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، بما يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
الخيار الثاني، وفق دياب، هو تشكيل حكومة انتقالية موحدة تعكس وحدة الكلمة الفلسطينية، وتقدم نفسها للعالم كصوت موحد للقضية الفلسطينية.
وفي حال تعذر تشكيل حكومة في الأراضي المحتلة، يقترح دياب إنشاء "حكومة في المنفى" كخيار استراتيجي يضغط على الرأي العام العالمي، مستفيدين من الزخم الذي اكتسبته السردية الفلسطينية بعد الحرب الأخيرة على غزة.
ويتطرق دياب إلى الخيار الثالث، ويكمن في الانتقال إلى "الدبلوماسية المفتوحة"، من خلال توسيع العلاقات مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية، وعدم الاقتصار على المسار الأمريكي.
ويشير دياب إلى ضرورة تعزيز الحضور الفلسطيني أمام الاتحاد الأوروبي، الذي تظهر بوادر اختلافات في موقفه عن الولايات المتحدة، إضافة إلى روسيا والصين والدول العربية والإسلامية.
وفي السياق الإقليمي، يرى دياب أن على الفلسطينيين تعزيز التعاون مع دول عربية مؤثرة، وعلى رأسها السعودية، نظراً لمكانتها التاريخية والسياسية والدينية والاقتصادية.
ويلفت دياب إلى أن السعودية تشكل مفتاحاً لأي مشروع إقليمي، خاصة في ظل تزايد الاهتمام بخطوط الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا، كما أن السعودية تضع شرطاً رئيسياً لأي تسوية إقليمية بضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
وفي ما يتعلق بالوضع الإقليمي بعد الأزمة السورية، يشير دياب إلى تراجع دور محور المقاومة بقيادة إيران وحزب الله، مقابل صعود المحور التركي – القطري واستفادة إسرائيل والولايات المتحدة من الوضع الجديد.
ومع ذلك، يشدد دياب على أهمية إيجاد مشروع عربي بقيادة السعودية ومصر يعيد التوازن للقضية الفلسطينية.
ويحذر دياب من أن إسرائيل ستسعى خلال المرحلة المقبلة إلى تهدئة جبهتي لبنان وغزة للتركيز على الضفة الغربية.
ويشير دياب إلى أن إسرائيل تتخوف من "متلازمة الدومينو" التي قد تنتشر من سوريا إلى الأردن والضفة، ما سيدفعها لتصعيد إجراءاتها الأمنية في الضفة الغربية.
ويشدد دياب على أن نجاح الفلسطينيين في توحيد صفوفهم وتغليب الأجندة الوطنية على أي اعتبارات إقليمية أو أيديولوجية، سيعزز الموقف الفلسطيني ويمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها.
سليمان بشارات: إسرائيل تحاول خلق "الفوضى الخلاقة" استناداً إلى المنهجية الأمريكية القديمة لإضعاف التماسك الفلسطيني الداخلي..
يرى الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل بشكل ممنهج ومدروس على استهداف الكل الفلسطيني في الضفة الغربية، ليس فقط بالنوايا، بل من خلال الممارسات العملية على الأرض والتصريحات الصادرة عن قادة الاحتلال، حيث يجمع الاحتلال على ضرورة إضعاف الوجود الفلسطيني. الهدف الأساسي، بحسب بشارات، هو تحقيق الحلم الإسرائيلي بإقامة "الدولة اليهودية" على كامل التراب الفلسطيني، مقابل إبقاء الفلسطينيين ضمن إطار إداري وإنساني دون كيان سياسي مستقل.
ويوضح بشارات أن السياسات الإسرائيلية، التي تشمل الاستيطان ومصادرة الأراضي وعرقلة السيادة الفلسطينية داخل مناطق "أ" وفق اتفاقية أوسلو، تأتي في سياق خطة مدروسة لتفكيك البنية المؤسساتية والسياسية الفلسطينية.
ويشير بشارات إلى أن قرصنة أموال المقاصة الفلسطينية أيضاً تعد جزءاً من هذه الاستراتيجية الهادفة إلى شل الاقتصاد الفلسطيني وإضعاف قدرة السلطة الفلسطينية على القيام بدورها.
ويلفت بشارات إلى أن هروب إسرائيل المستمر من الاستحقاقات السياسية، ورفضها أي حلول أو تسويات تضمن إقامة دولة فلسطينية، يعكس رفضاً قاطعاً للاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
ويرى بشارات أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على ترسيخ رواية مفادها بأن الفلسطينيين غير مؤهلين لإقامة دولة مستقلة أو سيادة سياسية، مستغلاً هذه السردية لإجهاض أي ضغوط دولية أو مشاريع حلول سياسية قد تُطرح مستقبلاً.
ويعزز الاحتلال سياساته من خلال الضوء الأخضر الذي تمنحه الولايات المتحدة، حيث يرى بشارات أن واشنطن تتحكم في إدارة الملف الفلسطيني بما يخدم الرؤية الإسرائيلية، بعيداً عن أي دور نزيه أو رعاية محايدة لعملية التسوية.
في هذا الإطار، يشير بشارات إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الديموغرافي والجغرافي في الضفة الغربية عبر سياسات الضم والاستيطان، التي بدأت بتشريعات مثل "قانون الهوية القومية اليهودية" وتحويل الأراضي الفلسطينية إلى "أراضي دولة" ثم إلى مستوطنات، كما أن تشريع الكنيست بعدم الاعتراف بأي دولة فلسطينية من طرف واحد يعكس حجم الرفض الإسرائيلي لأي حل سياسي.
ويؤكد بشارات أن إسرائيل عملت منذ عام 2007 على تعزيز حالة الانقسام الفلسطيني، من خلال تغذية الخلافات بين التيارات والفصائل، وصولاً إلى محاولات خلق انقسام مجتمعي داخلي عبر التحريض على المخيمات الفلسطينية وتفكيك النسيج الاجتماعي. الهدف هنا، وفق بشارات، هو إضعاف الحالة الفلسطينية من الداخل بما يسمح بتسهيل تنفيذ المخططات الإسرائيلية.
فيما يتعلق بخيارات السلطة الفلسطينية لمواجهة هذا الواقع، يرى بشارات أنها أصبحت محدودة للغاية، بل تكاد تكون شبه معدومة، فالالتزام الفلسطيني باتفاقيات أوسلو من طرف واحد جعل الاحتلال يمارس مزيداً من الضغوط للحصول على تنازلات إضافية، ومع تراجع الدعم العربي والدولي للقضية الفلسطينية إلى أدنى مستوياته، تعاني القيادة الفلسطينية من ضعف واضح في قدرتها على الصمود.
وفي هذا السياق، يرى بشارات أن الخيار الأهم يتمثل في تفعيل الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر مشروع وطني جامع يذيب الخلافات التنظيمية ويمكّن الفلسطينيين من توحيد مواقفهم.
ويشدد بشارات على ضرورة الاتفاق على رؤية موحدة لطبيعة العلاقة مع الاحتلال وأدوات النضال في المرحلة الراهنة، بما يشمل إعادة تفعيل المؤسسات الفلسطينية، واللجوء إلى الديمقراطية والاستماع إلى الشارع الفلسطيني عبر الانتخابات، وهو ما يعزز شرعية القيادة الفلسطينية ويمنحها قوة لمواجهة الضغوط الإسرائيلية.
ويؤكد بشارات على أهمية تعزيز الصمود الفلسطيني من خلال مصارحة وتفاهم بين القيادة السياسية والشارع الفلسطيني، باعتبار الشعب هو الحاضن الأساسي للقيادة، فالوضوح والتواصل الداخلي يُفشل محاولات الاحتلال للتفرد بالسلطة الفلسطينية أو إضعافها.
إضافة إلى ذلك، يدعو بشارات إلى ضرورة إعادة الحيوية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها باعتبارها البيت الجامع والمرجعية الأساسية التي تحظى باعتراف ودعم عربي ودولي.
فيما يتعلق بالتطورات السياسية والأمنية في الضفة الغربية، يُحذر بشارات من أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى خلق حالة من "الفوضى الخلاقة" استناداً إلى المنهجية الأمريكية القديمة، مشيراً إلى أن إسرائيل تغذي هذه الفوضى لإضعاف التماسك الفلسطيني الداخلي.
ولهذا يرى بشارات أن قطع الطريق أمام هذه المخططات يتطلب تعزيز الوحدة الداخلية والتصدي لمحاولات الاحتلال زعزعة الاستقرار المجتمعي والسياسي الفلسطيني.
دلالات
فلسطيني قبل 36 دقيقة
تحليلات ووجهات نظر كثيرة لكننا نأمل من المحور التركي القطري أن يهيمن على الساحة وضم عددا من الدول الإسلامية كاندونيسيا والباكستان مثلا ودول عربية كبرى كالجزائر وليس لها من دون الله كاشفة والأخذ
الأكثر تعليقاً
خداع ففرار... الأسد قال لمساعديه إنه ذاهب لمنزله لكنه توجه للمطار
اليونيسيف تدعو لتحرك عالمي لوقف سفك دماء أطفال غزة
الاستباحة الإسرائيلية للأراضي السورية.. نوازع ثأرية ومحاولة لتكريس دولة الطوائف
فرصة أن تحكم النصرة سوريا كإرهاب أصغر
استشهاد مصور قناة الجزيرة أحمد اللوح في قصف إسرائيلي على غزة
مقبرة جماعية في سوريا تحوي 100 ألف جثة على الأقل
سوليفان: قريبون من التوصل إلى صفقة تبادل في غزة
الأكثر قراءة
القناة 12 العبرية: نتنياهو أكثر تصميما من أي وقت مضى على التوصل لاتفاق
الاحتلال يقتحم مخيم بلاطة شرق نابلس ويصيب طفلا بالرصاص
البيان الختامي لاجتماع لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا
هل تندرج في إطار الضغوط المرتقبة؟.. ما الحلول الأُخرى التي يُفضلها ترمب غير "حل الدولتين"؟
إسرائيل تبحث عن رفات الجاسوس إيلي كوهين في سوريا
رغم "النبرة المعتدلة".. الجولاني يقلق إسرائيل
تفاصيل جديدة بشأن صفقة إسرائيل وحماس.. 5 نقاط رئيسية
أسعار العملات
الأربعاء 18 ديسمبر 2024 9:27 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.59
شراء 3.58
يورو / شيكل
بيع 3.88
شراء 3.78
دينار / شيكل
بيع 5.7
شراء 5.6
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 255)
شارك برأيك
الفرص والتحديات أمام السلطة.. كُتّاب ومحللون يرسمون صورة العام 2025