Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

عربي ودولي

الأحد 15 ديسمبر 2024 8:27 صباحًا - بتوقيت القدس

هل تندرج في إطار الضغوط المرتقبة؟.. ما الحلول الأُخرى التي يُفضلها ترمب غير "حل الدولتين"؟

رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم

د. حسن أيوب: ترمب لم يعد يختبئ وراء شعار حل الدولتين الذي تبنته الإدارات الأمريكية السابقة بصورة مواربة

نزار نزال: ترمب سيمارس ضغوطاً كبيرة على السلطة لدفعها إلى قبول ترتيبات تخدم المصالح الإسرائيلية

د. جمال حرفوش: بالرغم من الانقسامات الداخلية فإن الإجماع الوطني على ضرورة إقامة دولة مستقلة يظل قوياً

د. ولاء قديمات: تصريحات ترمب تشير إلى تراجع دور أمريكا في المنطقة وعدم قدرتها على فرض حل الدولتين

عدنان الصباح: أمريكا وإسرائيل تعملان على فرض رؤية بديلة لحل الدولتين تسعى لإقامة حكم ذاتي مجزأ إلى غيتوات منفصلة

 

تُظهر تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، حول وجود بدائل أُخرى عن "حل الدولتين"، رؤية جديدة تتجاوز الحلول السياسية التي تبنتها الإدارات الأمريكية السابقة، متجهة نحو دعم علني يسقط "حل الدولتين" وهيمنة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية عبر سياسات تتجاهل حق الفلسطينيين في إقامة دولة ذات سيادة. 


ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن الرؤية الأمريكية وفق ترمب هي دعم ترتيبات تقلص من الحقوق الفلسطينية، والسعي لفرض "حلول" تعيد صياغة العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في سياق تغييرات سياسية إقليمية ودولية تعزز من موقف إسرائيل، ما يجعل من فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة أمراً شبه مستحيل في ظل الظروف الحالية.


ويرون أن الفلسطينيين يعانون من غياب قيادة سياسية موحدة قادرة على تقديم استراتيجيات بديلة لمواجهة هذه السياسات، وسط تحذيرات من ممارسة إدارة ترمب المقبلة ضغوطاً على السلطة الفلسطينية، وكل ذلك يعكس حاجة ملحة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات الوجودية التي تهدد القضية الفلسطينية.

 

رؤية جديدة تلغي إمكانية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي د.حسن أيوب أن مفهوم حل الدولتين، كما طُرح في الولاية الرئاسية الأولى لدونالد ترمب، يعيد إلى الأذهان السياسات البريطانية إبان انتدابها لفلسطين في أربعينيات القرن الماضي. 


ويوضح أيوب أن بريطانيا حينذاك اقترحت خطة تناقش مستقبل دولة فلسطينية غير واضحة المعالم جغرافياً أو سيادياً على مدى عشر سنوات، وهي مقاربة تكررت في سياسات ترمب، ولكن بأسلوب أكثر وضوحاً لصالح المشروع الإسرائيلي.


بحسب أيوب، فإن الإدارة الأمريكية في عهد ترمب انطلقت من فرضية أن إسرائيل أصبحت في وضع قوي يُمكّنها من فرض شروطها على خصومها. 


ويؤكد أن ترمب لم يعد يختبئ وراء شعار حل الدولتين الذي تبنته الإدارات الأمريكية السابقة بصورة مواربة، فتصريحات ترمب وفق التغيرات الإقليمية والدولية، إلى جانب تصريحاته السابقة حول ضم مرتفعات الجولان واعترافه بالسيادة الإسرائيلية عليها، تعني أن الوقت قد حان لتبني رؤية جديدة تلغي إمكانية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية.


ويشير أيوب إلى أن الإدارة الأمريكية لم تعد ترى في فكرة الدولة الفلسطينية حلاً قابلاً للتطبيق، بل تتبنى فكرة أن يكون هناك شكل مشوه للدولة يتمثل في إقامة معازل فلسطينية صغيرة في قطاع غزة متصلة بمثيلاتها في الضفة الغربية، بحيث تخضع لإدارة شبيهة بالبلديات، وهذه المعازل لن تكون أكثر من تجمعات تخدم السيطرة الإسرائيلية وتُفرض على الفلسطينيين كجزء مما يسمى "حل الدولتين".


ويوضح أيوب أن أحد أبرز ملامح رؤية الإدارة الأمريكية التي يقودها ترمب قبولها لخطة الضم الإسرائيلية، التي تمنح إسرائيل السيادة على المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية بموجب اتفاقية أوسلو.


ويشدد أيوب على أن هذه الخطة تشمل التخلص من جزء كبير من سكان هذه المناطق عبر ترحيلهم أو دفعهم للنزوح إلى المدن الفلسطينية المصنفة "أ" في الضفة الغربية، مما يخلق واقعاً جديداً يكون فيه الفلسطينيون محصورين في تجمعات محددة.


ويعتبر أيوب أن الإدارة الأمريكية تدعم هذه الرؤية كجزء من استراتيجية طويلة الأمد تسعى لإعادة تقسيم الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل مشابه لتقسيم فلسطين في منتصف القرن العشرين. 


ويؤكد أن ذلك هو مماطلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، عبر عدم دعم أي حل سياسي واقعي، وهو ما يتيح لإسرائيل تنفيذ مخططاتها الاستيطانية وترسيخ وجودها على أرض الواقع.


ويشير أيوب إلى أن المشكلة الكبرى التي تواجه الفلسطينيين اليوم هي غياب قيادة سياسية موحدة قادرة على تقديم بدائل لمواجهة هذه المخططات. 


ويقول أيوب: "إن القيادة الفلسطينية ما زالت متمسكة بمفهوم حل الدولتين رغم انتهاء صلاحيته عملياً، إذ لم تعد إسرائيل تعترف به، كما أن الإدارة الأمريكية باتت تتجاوزه بشكل واضح".


وتساءل أيوب: "إذا لم يكن هناك اعتراف بحل الدولتين من قبل الطرف الآخر والراعي لعملية السلام، فما هي البدائل المتاحة أمام القيادة الفلسطينية؟ وما الخيارات التي تمتلكها لمواجهة هذا الواقع؟".


ويؤكد أيوب أن استمرار القيادة الفلسطينية في العمل ضمن الأطر التقليدية يعكس ضعفاً في الرؤية والاستراتيجية، خاصة في ظل غياب توحيد الصف الفلسطيني وإشراك جميع القوى والفصائل الوطنية، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية.


ويشدد أيوب على أن هذا التوحيد أصبح ضرورة حتمية في ظل التحديات الوجودية التي تواجه القضية الفلسطينية. 


ويشير أيوب إلى أن القيادة الفلسطينية لا تزال تتصرف وكأنها تعيش في مرحلة ما قبل السابع من أكتوبر 2023، دون أي إدراك للتغيرات الجذرية التي طرأت على الواقع السياسي والإقليمي.


وفي سياق متصل، يؤكد أيوب أن السلطة الفلسطينية تواجه تهميشاً واضحاً من قبل الولايات المتحدة، حيث أن المسؤولين الأمريكيين الذين يزورون المنطقة لم يعودوا يلتقون بمسؤولي السلطة في رام الله، وهو ما يعكس تقليصاً لدورها وتجاهلاً واضحاً لمطالبها.


ويحذر أيوب من أن الاستمرار في الانقسام الداخلي الفلسطيني وغياب القيادة السياسية الموحدة قد يؤدي إلى نتائج كارثية على مستقبل القضية الفلسطينية. 


ويؤكد أيوب أن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني هي الخطوة الأولى لمواجهة التحديات الراهنة، مشدداً على ضرورة وضع برنامج وطني شامل يواجه المخططات الإسرائيلية-الأمريكية ويعيد الزخم للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية.

 

ترمب النرجسي والفوقي يتعامل بما يخدم أهدافه الشخصية

 

يعرب الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال عن تشككه في امتلاك الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب رؤية محددة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكداً أن شخصية ترمب النرجسية والفوقية تجعله ينظر إلى زعماء العالم، بما في ذلك الطبقة السياسية الإسرائيلية، من منظور يخدم أهدافه الشخصية، وليس من خلال رؤية استراتيجية شاملة.


ويوضح نزال أن تصريحات ترمب في مقابلته مع مجلة التايمز الأمريكية، حول رغبته في تجنب الحروب تتناقض مع مواقفه الداعمة لإسرائيل، حيث أبدى تأييده للقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل وشرعنة المستوطنات في الضفة الغربية. 


ويقول نزال: "عندما يتحدث ترمب عن حل للقضية الفلسطينية، عن أي حل يتحدث؟ من الواضح أنه لا يؤمن بحل الدولتين الذي تبنته الشرعية الدولية منذ عقود ولم يُنفذ، كما أنه لا يسعى لفرض أي ضغوط على إسرائيل لتنفيذ مثل هذا الحل بل هو يريد الضغط على الفلسطينيين فقط".


ويشير نزال إلى أن ترمب قد يسعى إلى ترتيبات تهدف إلى الحد من التصعيد العسكري دون تقديم حل سياسي شامل. 


ويقول نزال: "يمكن أن يلجأ ترمب إلى تبريد الجبهات، خصوصاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد يعمل على تقليص القتل المتكرر عبر الآلة العسكرية الإسرائيلية، لكن من المستبعد أن يقود ذلك إلى حل سياسي يقبل به الفلسطينيون".


ويعتقد نزال أن ترمب قد يتجه إلى حل نحو إعادة هيكلة دور السلطة الفلسطينية بشكل يقلل من سلطاتها، أو إدخال أطراف ثالثة مثل الأردن لتولي بعض المهام. ووفق نزال، فإنه "من السيناريوهات المطروحة تحويل السلطة الفلسطينية إلى مجرد إدارة بلدية كبيرة، ما يعني تقييدها بمستوى حكم محلي دون أي صلاحيات سيادية، وهذه الأفكار تتماشى مع رؤية إسرائيلية تدعمها إدارة ترمب لفرض حل بالقوة على الفلسطينيين، دون أي التزام من الجانب الإسرائيلي".


نزال يؤكد أن هناك خططاً قد تشمل تشكيل قيادات محلية داخل التجمعات السكانية الفلسطينية أو حتى إدخال الأردن كشريك إداري في بعض المناطق، في إطار نموذج حكم ذاتي محدود، لكن نزال يشدد على أن هذه الطروحات لن تكون مقبولة لدى الفلسطينيين. 


ويقول نزال: "الشعب الفلسطيني لن يقبل بأقل من إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإن أي حلول دون هذا السقف ستواجه رفضاً شعبياً واسعاً".


ويرى نزال أن الفلسطينيين قدموا تنازلات كبيرة بالفعل، حيث وافقوا على إقامة دولتهم على 22% فقط من فلسطين التاريخية، وهو ما يجعل أي اقتراحات جديدة تنتقص من هذا الهدف غير مقبولة على الإطلاق.


ويؤكد نزال أن الإدارة الأمريكية، تحت قيادة ترمب، ستمارس ضغوطاً كبيرة على السلطة الفلسطينية لدفعها لقبول ترتيبات تخدم المصالح الإسرائيلية. 


ويقول نزال: "السلطة ستواجه ضغوطاً غير مسبوقة في ظل عجز واضح لدى العالم العربي، الذي يمر بحالة من الضعف والتفكك، حيث لا يوجد حالياً أي عمق عربي قادر على دعم القضية الفلسطينية أو الضغط على إسرائيل".


ويشير نزال إلى أن هذا الوضع قد يؤدي إلى سيناريوهات خطيرة، منها محاولة فرض قيادات فلسطينية جديدة توافق على حلول أقل من إقامة دولة فلسطينية مستقلة. 


ويقول نزال: "هناك مخاوف حقيقية من أن يتكرر سيناريو إزاحة الرئيس الراحل ياسر عرفات عن المشهد، واستبداله بنخب فلسطينية توافق على تسويات لا تلبي تطلعات الشعب الفلسطيني".


ويشدد نزال على أن أي حل يُفرض بالقوة خارج إطار حل الدولتين لن يكون مقبولاً على مستوى الشارع الفلسطيني. 


ويقول نزال: "الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بأقل من دولة مستقلة كاملة السيادة، ولن يرضى بأي ترتيبات تنتهك حقه في الحرية والعدالة".


ويشدد نزال قائلاً: "ترمب لا يسعى إلى حل عادل، بل إلى تنفيذ أجندة إسرائيلية بحتة، تعتمد على تقليص الحقوق الفلسطينية وزيادة الهيمنة الإسرائيلية، فيما أي ترتيبات سياسية لا تستند إلى الشرعية الدولية لن تحقق السلام المنشود".

 

تراجع عن الموقف التقليدي لأمريكا ودول كثيرة

 

يؤكد البروفيسور د. جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب حول وجود "شيء آخر" غير حل الدولتين تعكس تراجعاً عن الموقف التقليدي للولايات المتحدة ودول كثيرة في المجتمع الدولي، التي دعت إلى حل الدولتين كأساس للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.


ويوضح حرفوش أن هذا التصريح قد يعني أن ترمب يدعم حلولًا بديلة، مثل الحلول التي تقوم على "الدولة الواحدة" أو "الحكم الذاتي" للفلسطينيين ضمن الدولة الإسرائيلية، أو حتى نوع من الفيدرالية أو الكنفدرالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.


ويعتقد حرفوش أنه من الناحية القانونية، إذا كان المقصود من هذا التصريح هو إيجاد حلول لا تمنح الفلسطينيين السيادة الكاملة أو الاستقلال، فقد يتناقض ذلك مع مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير الذي ينص عليه القانون الدولي. 


ويشدد حرفوش على أن الشعب الفلسطيني يملك الحق في إقامة دولته المستقلة وفقًا للقرارات الدولية، مثل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 (الذي ينص على تقسيم فلسطين) و القرار 242 لمجلس الأمن الدولي، الذي يؤكد على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة.


ويؤكد حرفوش أن أي "حل آخر" يتجاهل هذا الحق قد يُعتبر انتهاكًا للقانون الدولي، ويثير جدلاً حول شرعية أي محاولة لتقليص حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. 


ويقول حرفوش: "إذا لم يُطبق حل الدولتين، فإن السيناريوهات المتبقية تشمل عدة خيارات معقدة من الناحية القانونية، منها اما حل الدولة الواحدة (دولة ثنائية القومية) وهذا الحل قد ينطوي على دمج الفلسطينيين والإسرائيليين في دولة واحدة، وهو ما قد يثير مسائل قانونية تتعلق بـ المساواة والحقوق المدنية، وإذا تم دمج الفلسطينيين في دولة واحدة دون منحهم حقوقًا متساوية، فإن ذلك قد يُعتبر انتهاكًا لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ذلك، الحق في تقرير المصير قد يُعتبر مهددًا، لأن الفلسطينيين قد يُحرمون من إقامة دولة مستقلة ذات سيادة".


ويشير حرفوش إلى إلى أنه ربما يكون المتوقع الحكم الذاتي الموسع، فإذا تم منح الفلسطينيين نوعاً من الحكم الذاتي دون سيادة كاملة، فقد يتناقض ذلك مع مبدأ تقرير المصير، الذي يضمن لكل شعب حق إقامة دولته المستقلة، الحكم الذاتي قد يعني استمرار الاحتلال أو السيطرة الإسرائيلية على السياسات الخارجية والأمنية، مما يشكل تقييدًا للحقوق السيادية للفلسطينيين.


ووفق حرفوش، فإنه قد يكون هناك خيار آخر بالتوسع في الاحتلال والاستيطان، فإذا استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فإن ذلك يعني الاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان، و الاستيطان في الأراضي المحتلة يعتبر مخالفًا للقانون الدولي (اتفاقيات جنيف).


ويؤكد حرفوش أن استمرار الاحتلال دون حل سياسي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وقد يؤدي إلى تصاعد التوترات.


في حين، يشير حرفوش إلى أنه ربما يكون هناك خيار عبر الحل الدولي المفروض، حيث قد يتم فرض حل عبر قرارات من مجلس الأمن الدولي أو الأمم المتحدة، ولكن ذلك يتطلب موافقة جميع الأطراف المعنية.


ويشدد حرفوش على أن فرض حل دون توافق قد يؤدي إلى مقاومة شديدة من الأطراف المتأثرة ويشكل انتهاكاً للسيادة الوطنية.


في هذه الأثناء، يؤكد حرفوش أن غالبية الشعب الفلسطيني ترفض أي حل يتجاوز حل الدولتين، وتعتبره غير مقبول لأسباب قانونية وإنسانية.


ويشير حرفوش إلى أن الفلسطينيين يعتبرون أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 هو حقهم الشرعي المعترف به في القانون الدولي، وأي حل لا يحقق هذا الحق يُعتبر انتهاكًا لحقوقهم في تقرير المصير.


ويؤكد حرفوش أن الشعب الفلسطيني يرفض أي حل قد يؤدي إلى تقليص سيادته أو دمجه في دولة واحدة لا يتمتع فيها بحقوق متساوية، خاصة في ظل الاحتلال الإسرائيلي.


ويقول حرفوش: "إن القدس الشرقية تعتبر عاصمة الدولة الفلسطينية وفقًا للقرارات الدولية، وأن أي حل يقترح تغيير وضع المدينة أو يعترف بها عاصمة لإسرائيل فقط يُعتبر غير مقبول لدى الفلسطينيين".


ويشير إلى أن الفلسطينيين يرفضون استمرار الاحتلال أو أي نوع من الحلول التي تعني استمرار السيطرة الإسرائيلية على أراضيهم، فالحلول مثل الحكم الذاتي أو الدولة الواحدة قد تُعتبر استمرارًا للوضع القائم الذي يواجهون فيه التمييز العنصري و القيود على حرياتهم.


ويرى حرفوش أنه رغم الانقسامات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية (مثل حماس وفتح)، إلا أن الإجماع الوطني على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة يظل قويًا، فأي حل لا يتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة قد يُعتبر مرفوضًا من معظم الفلسطينيين.


ووفق حرفوش، فإن تصريحات ترمب حول "شيء آخر" غير حل الدولتين قد تعني ترويجًا لحلول بديلة مثل الدولة الواحدة أو الحكم الذاتي، ولكنها قد تتعارض مع الحقوق القانونية للفلسطينيين.


ويؤكد حرفوش أن السيناريوهات المتبقية تشمل عدة خيارات معقدة، لكنها تظل غير مثالية من الناحية القانونية إذا لم تضمن حقوق الفلسطينيين في السيادة، وبالنسبة للشعب الفلسطيني، أي حل يتجاهل حقه في إقامة دولة مستقلة يُعتبر غير مقبول ويُعتبر انتهاكًا لحقوقه المشروعة في تقرير المصير والحرية.

 

انحياز أمريكي كبير لصالح دولة الاحتلال

 

 

في تعليقها على تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب بشأن وجود "خيارات أخرى" غير حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ترى الكاتبة والباحثة السياسية د.ولاء قديمات أن هذه التصريحات تعكس بشكل واضح انحيازاً أمريكياً كبيراً لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما تشير إلى تراجع الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية، إذ لم تعد الولايات المتحدة القوة الوحيدة القادرة على تحديد مستقبل المنطقة وحل صراعاتها.


وترى قديمات أن هذا التراجع الأمريكي في القدرة على التأثير على تسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي قد انعكس بشكل خاص على خيار حل الدولتين، الذي كان يعتبر أساساً لأي تسوية سلمية في المنطقة.


وتؤكد قديمات أنه رغم الدعم الدولي الواسع لحل الدولتين، فإن تصريحات ترمب تمثل تخلياً عن هذا الحل، ما يفتح الباب أمام طروحات أخرى، مثل الحلول التي تدعمها إسرائيل، كالدولة الواحدة أو الحكم الذاتي للفلسطينيين في إطار دولة الاحتلال.


وبينما ترى قديمات أن هذه التصريحات تؤكد تراجع الدور الأمريكي على الساحة الدولية، فإنها تشير إلى أن السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه الآن هو: هل الولايات المتحدة قادرة بالفعل على فرض حل الدولتين؟ 


وتجيب د. قديمات عن هذا السؤال من خلال إشارة إلى هيمنة اللوبي الصهيوني على السياسة الأمريكية، وخاصة على مستوى البيت الأبيض، مما يزيد من صعوبة تحقيق هذا الحل، كما أن الولايات المتحدة نفسها لم تعد قادرة على فرض رؤيتها الخاصة بالسلام بسبب التغيرات الحاصلة في المنطقة، وتنافس القوى الكبرى الأخرى، مثل الصين وروسيا، على النفوذ في الشرق الأوسط.


وتؤكد قديمات أن الهيمنة الأمريكية على المنطقة تتعرض لتحديات حقيقية، ما يعكس تراجع قدرتها على فرض السياسات التي كانت تنتهجها سابقًا. 


وهذا التراجع وفق قديمات، أدى إلى ضعف قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على فرض حل الدولتين أو حتى إرساء السلام الذي يضمن الحقوق الفلسطينية. 


وتقول قديمات: "في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة اللاعب الرئيسي في مفاوضات السلام، أصبح الوضع اليوم أكثر تعقيدًا مع زيادة الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، ما يجعل من الصعب تحقيق تسوية عادلة".


وتشدد قديمات على أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على فرض الحلول في ظل الظروف الراهنة، فتغيرات المنطقة، خاصة في ضوء التقلبات السياسية وتنافس القوى الكبرى، جعلت من الصعب على الإدارة الأمريكية الحالية أن تواصل فرض رؤيتها للحل. 


من جهة أخرى، تؤكد قديمات أن إدارة ترمب تسير في نفس المسار الذي بدأه خلال ولايته الرئاسية الأولى عبر صفقة القرن، ومن خلال التصريحات المتتالية التي لا تعترف بحل الدولتين، بل تدعم مواقف إسرائيل التوسعية.


د. قديمات لا تستبعد أن تواصل إسرائيل استغلال فرصة الأحداث في الشرق الاوسط ووصول ترمب لتحقيق اطماعها التوسعية والاستيطانية. 


وتؤكد قديمات أن "الطروحات الأمريكية" لن تكون مقبولة على الشعب الفلسطيني بأي حال من الأحوال، وذلك على جميع المستويات، سواء من القيادة أو من الشعب الفلسطيني.


ورغم هذا الرفض الواسع، فإن قديمات تؤكد أن المرحلة الحالية والتحديات التي تواجهها المنطقة تفرض على الفلسطينيين التوحد والتماسك حول مشروعهم الوطني، ما يعزز من موقفهم في مواجهة الضغوط الخارجية.


وفيما يتعلق بالتصعيد الإسرائيلي المستمر، تؤكد قديمات أهمية تمسك الفلسطينيين بحقهم في إقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967، معتبرة أن أي حل لا يتضمن هذا الحق هو مرفوض.


وبالنسبة لدور الولايات المتحدة، تشير قديمات إلى أن إدارة ترمب قد أضعفت قدرتها على تنفيذ تسوية حقيقية في المنطقة، لأن إسرائيل لم تعد تشعر بالحاجة إلى التسوية مع الفلسطينيين طالما أن الدعم الأمريكي مستمر في تقديم التسهيلات والمساعدات.


وتشير الى أن إسرائيل ليست الوحيدة في الساحة الدولية، وأن هناك قوى دولية أخرى، مثل روسيا والصين، التي يمكن أن تسهم في تغيير ميزان القوى في المنطقة. 


وتلفت قديمات إلى أن النظام الدولي نفسه يشهد تغييرات قد تؤدي إلى تقليص الهيمنة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن المستقبل القريب قد يحمل تغيرات متسارعة، بما في ذلك تعزيز الدور الفلسطيني في الساحة الدولية، وتغيير التوازنات التي تدير النزاع في المنطقة.


وتؤكد قديمات أن الولايات المتحدة، رغم قوتها العسكرية والاقتصادية، لن تكون قادرة على دعم إسرائيل إلى الأبد في ظل التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.

 

حل الدولتين بات غير واقعي بل مستحيل التطبيق

 

يعتبر الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن حل الدولتين بات غير واقعي وغير منطقي، بل مستحيل التطبيق بأي حال من الأحوال. 


ويوضح الصباح أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان على فرض رؤية بديلة لحل الدولتين تسعى لإقامة حكم ذاتي فلسطيني مجزأ إلى غيتوات منفصلة جغرافياً، دون أي تواصل بين مناطق الضفة الغربية أو حتى متواصلة في داخل قطاع غزة. 


ويؤكد أن هذا الطرح يُرسخ واقع السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، مع ضم المستوطنات وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها، ما يعكس مساعي الاحتلال لاعتبار الضفة جزءاً لا يتجزأ من دولته.


ويشير الصباح إلى أن السيناريو المقترح من الولايات المتحدة الأمريكية قد يتضمن إقامة حكم ذاتي محدود للفلسطينيين داخل المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في الضفة الغربية، بينما تُحكم إسرائيل سيطرتها على بقية الأراضي، أما في قطاع غزة، فإن المخطط قد يشمل تحويل ما يتبقى من القطاع إلى جيتوغات معزولة وغير مترابطة جغرافياً، وإعطائها حكماً ذاتياً مع احتمال تنفيذ ذلك بعد القضاء على المقاومة الفلسطينية هناك.


وعلى صعيد الولايات المتحدة، يؤكد الصباح أن لديها أطماعها الخاصة في غزة، حيث تسعى للسيطرة على شمال القطاع لضمان حماية قناة "بن غوريون" البحرية التي يخطط الاحتلال لإنشائها، إضافة إلى الاستحواذ على حقول الغاز في المنطقة، كما أن هذه الأطماع قد تشمل أيضاً إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في شمال غزة لتعزيز النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.


وحول الخيارات الفلسطينية، يشدد الصباح على أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بأي حل ينتقص من حقه في الحرية الكاملة على كامل أراضيه. 


ويوضح الصباح أن الفلسطينيين، نتيجة للظروف السياسية، أبدوا استعداداً لقبول إقامة دولة على حدود 1967، إلا أن هذا الخيار تم تدميره عملياً بعد اتفاقية أوسلو وما أعقبها من توسع استيطاني وتهويد للأراضي.


ويعرب الصباح عن قناعته بأن الحل الوحيد الممكن للقضية الفلسطينية يكمن في إقامة دولة ديمقراطية موحدة على كامل الأراضي الفلسطينية التاريخية، في إطار نظام ديمقراطي قائم على المساواة. 


ويرى الصباح أن كل الحلول الأخرى ستبقى مؤقتة ومصيرها الفشل، مشدداً على أن أي تسوية جزئية ستؤدي إلى انفجارات متكررة حتى يتحقق هذا الحل الجذري.

دلالات

شارك برأيك

هل تندرج في إطار الضغوط المرتقبة؟.. ما الحلول الأُخرى التي يُفضلها ترمب غير "حل الدولتين"؟

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل 3 أيام

ليس لها من دون الله كاشفة الذي اذا أراد شيئا أن يقول لو كن فيكون والعنحهية لا تفعل شيئا أمام إرادة الشعوب وامام إرادة الله اولا واخيرا

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:06 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.59

شراء 3.58

دينار / شيكل

بيع 5.06

شراء 5.04

يورو / شيكل

بيع 3.6

شراء 3.66

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 254)