Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 8:38 صباحًا - بتوقيت القدس

آليات للانتقال من حالة الهشاشة إلى حالة المناعة النفسيّة





يرى المتتبع للحالة النفسية التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، بمعظم قطاعاته وانتماءاته الفكرية والدينية، وخلفياته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية حالة من الهشاشة النفسيّة، وفي أحسن الحالات عدم الثبات في درجة الطمأنينة وراحة البال.

أثناء عدة مقابلات سريعة لعينة عشوائية، أجابت الغالبية على سؤال كيف الحال؟ كما يلي: 

12 شخص زفت، 9 أشخاص تعبان نفسياً، 14 شخصاً غير مرتاح، 15 شخصاً مثل المي في الطلوع. هذه الإجابات تؤكد على حالة هشاشة الحالة النفسية، ويصعب القول عدم التسليم بالقضاء والقدر. 

مثل هذه الأوصاف للحالة النفسيّة من قبل هذه العينة العشوائية لم يتأتى فقط بسبب الأساليب والحيل السيكولوجية الذكيّة البارعة التي يتبعها الطرف الآخر، بل وبحكم توالي الويلات والأحداث الصادمة، عبر الأجيال المتعاقبة، وما ينجم عن ذلك من آثار ما بعد الصدمات النفسيّة PTSD، وعدم كفاية مستوى الوعي المطلوب بخصوص الثقافة النفسيّة اللازمة لمواجهة تلك الآثار بشكل مهني ناجع، وبأقل تأثيرات سيكولوجية سلبية ممكنة. أيضاً، للتوقعات العالية ولردود الفعل الانفعالية السريعة أثر في ذلك.

هنا، في هذه الرؤية، سنحاول التقدم بمقترحات للانتقال من حالة الهشاشة إلى حالة من المناعة النفسيّة الأقوى ونحو التعافي، كوسيلة وقاية مانعة Preventive measure من الانزلاق إلى حالة الضعف والخواء النفسي الذي يقود إلى مثل هذه الهشاشة غير المرغوبة، كونها غير قادرة على مساعدة الشخص للانعتاق من حالة الأزمات والقنوط، وعدم الفاعلية وبالتالي عدم الانتاجية.

أولى هذه المقترحات توطيد أركان الإيمان والعقيدة، فعلا لا مجرد أقوال وشعارات. مما يؤكد الحاجة إلى ذلك قول العلي القدير في الآية الكريمة رقم 41 من  سورة الروم "ظهر الفساد في البر والبحر، بما كسبت أيدي الناس، ليذيقهم بعض الذي عملوا  لعلهم يرجعون". وكما جاء في الإنجيل المقدس: وهكذا يقول يسوع: "ولي خراف أخرى ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد" (يو 16:10). وفي داخل الحظيرة، نجد أن أعظم امتياز وأكبر شرف وأخطر مسؤولية هي إطعام الخراف والحملان (يو 15:21، 16، 17).

إحدى تكتيكات المجتمع الخاضع للاضطهاد والقمع المتواصل، الميل إلى التدين والبحث عن الاستقرار والاكتفاء الذاتي قدر الإمكان. للأسف الشديد، نسبة لا بأس بها تميل إلى التمسك بقشور الدين من صلاة وصوم، متناسين أن الديانات جميعها تحضّ وتدعو إلى التعاضد والتكافل، فمثلاً حوالي ثلثي القرآن الكريم يدعو إلى التمسك بالقيم والأخلاق، وكذلك نسبة عالية من الإنجيل المقدّس. لهذا جاءت الدعوة إلى الصلاة كركن ثانٍ بعد الشهادة بأن لا إله إلا الله، كونها تنهى عن الفحشاء والمنكر. ولا يفوتنا هنا ذكر الآية الكريمة رقم 94 من سورة الأنبياء "فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن، فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون "وورد في الإنجيل أيضاً: وَلَا تَظْلِمُوا ٱلْأَرْمَلَةَ وَلَا ٱلْيَتِيمَ وَلَا ٱلْغَرِيبَ وَلَا ٱلْفَقِيرَ، وَلَا يُفَكِّرْ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَرًّا عَلَى أَخِيهِ فِي قَلْبِكُمْ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ ٱلْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ ٱللهِ فِيهِ؟ 1 كورنثوس 6: 9-11

10 ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله. 11 وهكذا كان بعضكم. لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع المسيح وبروح إلهنا.

وعن التعاون جاء في الذكر الحكيم: "وتعاونوا على البر والتقوى" مثلما ورد في الإنجيل المقدس:" روما 10:12

أَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَإِخْوَةٍ. كُونُوا مِثَالًا فِي إِكْرَامِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا.

غلاطية 2:6

اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، بِهَذَا تُنَفِّذُونَ شَرِيعَةَ الْمَسِيحِ. 

كولوسي 13:3

اِحْتَمِلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَسَامِحُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. إِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ وَاحِدٌ، سَامِحْهُ كَمَا سَامَحَكَ الْمَسِيحُ.

مثل هذه الرسائل والمضامين تبعث في نفوس العاملين بموجبها على الطمأنينة والراحة النفسيّة وهي إحدى المبتغيات الأساسية لمن يعيش في أجواء الحروب والاضطهاد المتواصل.

ثمة جانب آخر لا بد من ممارسته في تعامل الناس مع بعضها البعض، ألا وهو التعامل والتخطب بلين بعيداً عن التنابز بالألقاب والنميمة، بدليل قول العلي القدير: "وهدوا إلى الطي من القول وهدوا إلى صراط الحميد" الآية 24 من سورة الحج، كون مثل هذا الأسلوب في التعامل يبعث على السكينة والطمأنينة، ونمو الثقة في التعامل بين البشر، الذي سيقود إلى نهج الحوار أسلوباً قي حل الخلافات والمنازعات، ما يعمل على تمتين السلم الأهلي والابتعاد عن الاقتتال المجتمعي، فتتحقق التنمية المستدامة والازدهار بكل أشكاله المنشودة.

إلى جانب ذلك، ضرورة التمسك والتشبث بالصبر وعدم التسرع بردود الفعل "وبشّر الصابرين"، مع عدم رفع سقف التوقعات، كي لا تصاب بخيبة الأمل والخذلان حتى من أقرب الناس إليك ، مع ضرورة تقدير وأخذ ظروف هؤلاء الآخرين بعين الاعتبار. 

مع بدء جائجة كورونا، سبقها سياسة تقييد ومصادرة حرية التنقل بسبب الحواجز العسكرية والتي، للأسف ليس فقط لم تتم ازالتها بل وزاد عددها إلى 707 حواجز في المحافظات الشمالية لوحدها، أخذت تتفشى حالات تراجع التفاعل الاجتماعي بين الغالبية من الناس، إذ نرى توقف/ تراجع تبادل الزيارات الاجتماعية أو المشاركة في الأنشطة الثقافية والأعمال التطوعية، الأمر الذي كان بمثابة فرصة مهمة لتبادل الخبرات والتجارب والتعلم من بعضنا البعض، ما يتيح ممارسة التفريغ النفسي للتعبير عما يعتصر في ذات المرء من ضغوطات وهموم متراكمة (accumulated stress  & harassment)، الأمر الذي كاد أن يختفي اليوم، مما يزيد من الطين بِلّة.

نظراً لظروف الاحتلال وحرب الإبادة المتواصلة، وبسبب ما يعتري الغالبية من قلق وخوف، أخذت رياضة المشي بالتلاشي، بعد أن كنت ترى عائلات بأكملها تمارس هذا النوع من الرياضة المفيدة، حيث تعتبر قناة فاعلة لتفريغ الطاقة الزائدة والكامنة في داخل كل واحد منا. 

للأسف الشديد، يلعب الإعلام (المرئي والمقروء والمسموع ) ووسائل التواصل الاجتماعي ( غير القابلة للتحكم بها على صعيد الوارد والصادر)، بقصد أو بغير قصد، في المساهمة في حالة الهشاشة النفسيّة هذه، من خلال الإبقاء على نشر وتعميم أحداث الكرب والفقدان، دون الالتفات إلى الخطورة السيكولوجية خاصة على فئة الأطفال واليافعين.

إننا نتوخى من: 

* مديريات الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف والمقدسات إيلاء أهمية أكبر لدور المؤسسة الدينية في تحصين وتمتين الحصانة النفسيّة والمعنوية للمواطن من خلال الدروس الدينية وحلقات التفقيه والوعظ.

* المؤسسات الثقافية والرياضية ( الحكومية والأهلية)، تكثيف المزيد من الجهود لصناعة الأحداث الثقافية الترفيهية المفيدة ( رسم، موسيقى، غناء)، لا سيما في المناطق النائية والمهمشّة مع إيلاء أهمية خاصة للمسرح لما له من دور فاعل في إتاحة فرص التفاعل والتعبير والتفريغ وتعزيز تنمية مهارات الشراكة المسؤولة، خاصة إذا كان من نمط مسرح المضطهدين Theater of the oppressed .

* المؤسسات والفضائيات الإعلامية لتبادر إلى ادخال المزيد من برامج التوعية وثقافة التوعية بالصحة النفسية من خلال المزيد من المقابلات مع ذوي الاختصاص في الموضوع، وعرض تجارب محلية وعالمية تتحدث عن حالات مشابهة لواقعنا المرير، بدلا من الاكتفاء بجعلنا مجرد أرقام وصور مرعبة.

دلالات

شارك برأيك

آليات للانتقال من حالة الهشاشة إلى حالة المناعة النفسيّة

المزيد في أقلام وأراء

مستقبل السلام في الشرق العربي أرض السلام والأنبياء

كريستين حنا نصر

"الدولة" التي تعبث بالعالم

د. إياد البرغوثي

حرب التجويع متواصلة في غزة

حديث القدس

المجاعة المجاعة!

ابراهيم ملحم

قمة الرياض.. الإرادة السياسية واستقلالية آليات التنفيذ هما الأهم

مروان إميل طوباسي

نتائج القمة المشتركة

حمادة فراعنة

عامٌ من طوفان المجازر ولا تزال حرب الإبادة مستعرة

د. رياض العيلة

غزة والإبادة.. الضفة والسيادة

حديث القدس

القمة العربية والإسلامية في الرياض

بهاء رحال

حرب الانبعاث الإسرائيلية

حمادة فراعنة

عودة ترامب والمصير الفلسطيني

جمال زقوت

فرصة قد لا تسنح في خمسين سنة

حمدي فراج

جرائم القتل والفوضى والانهيار مستمرة.. أين الخلل؟!

راسم عبيدات

ترامب والقضية الفلسطينية وإمكانية تحويل الأزمة إلى فرصة‎

هاني المصري

المؤامرة الإسرائيلية على الدور القطري مرفوضة

حديث القدس

ياسر عرفات الهوية الوطنية والضمير الحيّ

بهاء رحال

إلى الشهيد علي علقم.. شهيد الأبعاد والغربة

أختك أمل علقم

خيارات العالم العربي أمام ترامب

أحمد رفيق عوض

رفض الاحتلال والاستعمار والصهيونية

حمادة فراعنة

تداعيات فوز ترامب على السياسات الخارجية للشرق العربي

كريستين حنا نصر

أسعار العملات

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 9:48 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.76

شراء 3.75

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.29

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%67

%33

(مجموع المصوتين 9)