أقلام وأراء
السّبت 07 سبتمبر 2024 8:25 صباحًا - بتوقيت القدس
غزة.. والمسؤولية الأميركية
على الرغم من أن العناوين الرئيسية الصادرة عن إسرائيل وفلسطين تنذر بالسوء، إلا أننا كان ينبغي أن نتوقعها. المشكلة، بالطبع، هي أنه يبدو أن الإسرائيليين عازمون على جعل الوضع السيء للغاية أسوأ، وإدارة بايدن تتصرف كما لو أنهم لم يفعلوا شيئاً خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية سوى صب البنزين على نار مستعرة. يستمر الإسرائيليون في التصرف كما لو لم تكن هناك عواقب لسلوكياتهم العنيفة.
لا يوجد أية تهدئة لهجومهم الذي يشنونه على غزة، حيث يأمرون بشكل روتيني بعمليات إخلاء جماعية جديدة تجبر عائلات بأكملها على النزوح مرة أخرى. ومن ناحية أخرى، فقد أسفرت عمليات القصف في جميع أنحاء غزة عن نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه. وهناك تقارير عن وفاة أطفال بسبب سوء التغذية والآن شلل الأطفال. وما لا يفهمه الإسرائيليون أن الغضب والألم لا يؤديان إلا إلى المزيد من المقاومة وتجنيد المزيد من المجندين التابعين لحركة "حماس".
فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، كان الإسرائيليون يواجهون المقاتلين الفلسطينيين في مناطق شمال ووسط غزة التي زعموا أنها "تم تطهيرها". ولكن كما تعلمت الولايات المتحدة في فيتنام وأفغانستان والعراق، فإن أي منطقة لا يتم "تطهيرها»" طالما بقي الغزاة الأجانب.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن الضفة الغربية على وشك الانفجار. فمنذ عدة سنوات، كانت القوات الإسرائيلية وشرطة الحدود تنفذ غارات قاتلة على المجتمعات الفلسطينية. ومنذ بدأت الحرب في غزة، تسارعت وتيرة هذه الغارات وأصبحت أكثر فتكاً، ومصحوبة بقصف جوي.
بيد أن هذا ليس كل شيء. فقد عانى الفلسطينيون منذ فترة طويلة من عنف المستوطنين المتطرفين من حرق ونهب، بل وحتى استخدام القوة المميتة. وقد أجازت القوات العسكرية الإسرائيلية هذه الهجمات وشجعتها في كثير من الأحيان. كما تزايدت هذه الظاهرة في تواترها ونواياها القاتلة. ولجعل الأمور أسوأ، انخرط أعضاء الائتلاف الحاكم الذي يرأسه نتنياهو في استفزازات، قولاً وفعلاً، شجعت المستوطنين المتطرفين، ما ولّد المزيد من الغضب أو الخوف لدى الشعب الفلسطيني الأسير. وتم إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية غير القانونية، وتوفير الحماية العسكرية والخدمات الحكومية والأسلحة لها، ولأغراض عملية، تم ضمها إلى إسرائيل نفسها. وقام أحد الوزراء المتطرفين بقيادة المستوطنين إلى الحرم القدسي، معلناً عن نيته بناء كنيس يهودي على أرض المسجد الأقصى.
وقال عضو آخر في الائتلاف الحاكم إن هدف الحكومة يجب أن يكون إزالة الجزء الأكبر من الفلسطينيين من الضفة الغربية، لجعلها أكثر قابلية للحكم. وكانت كل هذه العوامل مجتمعة بمثابة حافز لـ "حماس" لتجنيد المزيد من الأفراد، حيث كسبت المجموعة أعضاء جدداً ليس فقط في الأراضي المحتلة، بل أيضاً بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وبينما تستمر رقصة الموت هذه، يتصرف فريق بايدن بلا وعي. إنهم يرهقون أنفسهم في محاولة التفاوض على وقف إطلاق النار، والذي يجب أن يعرفوا الآن أن حكومة نتنياهو ليس لديها أية مصلحة في قبوله. وبغض النظر عن الكيفية التي تتلاعب بها الولايات المتحدة بالشروط لجعلها مقبولة لدى الجانب الإسرائيلي (وبالتالي جعلها غير مقبولة ليس فقط لحماس، بل وأيضاً للمصريين)، فإن نتنياهو، خوفاً من خسارة حكومته، يواصل إما بالرفض أو ارتكاب بعض الفظائع الجديدة كتكتيك للمماطلة.
لا تزال الخطوط الحمراء الأميركية يتم تجاوزها ولا يزال القانون الأميركي يُنتهك. لكن رد إدارة بايدن يتلخص في إرسال الأسلحة وتهديد أولئك في المجتمع الدولي الذين يطالبون بالمساءلة. والمحصلة النهائية هي تعزيز شعور إسرائيل بالإفلات من العقاب. ويستمر الغضب الفلسطيني في النمو، وكذلك مكانة "حماس" لدى السكان المحبطين. وتتعرض الولايات المتحدة للمزيد من الإدانة في نظر العالم باعتبارها ممكّنة للأفعال الإسرائيلية.
وما بدأ كرد فعل على الهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر تحول الآن إلى هجوم إبادة، وهو ما أدى إلى المزيد من المقاومة بلا نهاية في الأفق. ولا ينبغي لأحد من أي من الجانبين أن يفترض أن أي نوع من النصر يمكن تحقيقه. فقد أصبح المجتمعان الإسرائيلي والفلسطيني أكثر تطرفاً. وسيستغرق ملء بئر المرارة التي حُفِرَت أكثر من جيل. يمكننا أن نلقي باللوم على "حماس" بسبب هجومها المروع في أكتوبر، أو إسرائيل بسبب ردها البغيض.
ولكن اللوم يقع أيضاً على عاتق الولايات المتحدة. فقد عملنا لفترة طويلة جداً وعلى مدار العديد من الإدارات الأميركية على تمكين إسرائيل من تنفيذ أفعالها غير القانونية.
ونتيجة لهذا فقد شجعنا المتطرفين الإسرائيليين وقضينا على قوى السلام الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، عملنا على إضعاف تأثير المعتدلين الفلسطينيين، بينما عملنا على تمكين المتطرفين الفلسطينيين الذين يُنظَر إليهم على نحو متزايد باعتبارهم السبيل الوحيد للمضي قدماً. وفي كل هذا الوقت، يحصل الإسرائيليون على المكافأة، في حين يعاقب الفلسطينيون.
وبينما يُطلَب من الفلسطينيين اتخاذ الخيارات الصعبة، لا يُطلَب من الإسرائيليين سوى القليل وعندما ترفض إسرائيل، لا توجد عواقب. لتغيير هذه الديناميكية، يتعين على الولايات المتحدة أن تعكس مسارها وأن تفعل ذلك بشكل جذري. إن قطع الأسلحة الأميركية عن إسرائيل، الذي طال انتظاره، والاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير من شأنه أن يوجه الصدمة للنظام بالضبط على النحو المطلوب.
وسيفرض ذلك نقاشاً داخلياً في إسرائيل، ويعزز من عزيمة أولئك الذين يريدون السلام. وقد يخدم أيضاً في إرسال رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن محنتهم وحقوقهم مفهومة. إن هذه الإجراءات، وخاصة إذا تبعتها العزيمة والخطوات الملموسة، لن تنهي الصراع غداً، ولكنها بالتأكيد ستضعنا على مسار أكثر فاعلية نحو السلام من المسار الذي نسلكه الآن.
ربما يقول البعض إنه من غير المرجح أن يتخذ الرئيس بايدن مثل هذه الخطوة على الإطلاق. ولكن إذا تمكن من حشد نفس العزيمة التي استلزمها التنحي لصالح نائبه، فيمكنه أن يجد الشجاعة للقيام بذلك أيضا. لن يؤدي ذلك إلى إصلاح الضرر الذي حدث، لكنه سيمهد الطريق لخليفته للتحرك بسهولة أكبر نحو تحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني.
..........
ما بدأ كرد فعل على الهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر تحول الآن إلى هجوم إبادة، وهو ما أدى إلى المزيد من المقاومة بلا نهاية في الأفق. ولا ينبغي لأحد من أي من الجانبين أن يفترض أن أي نوع من النصر يمكن تحقيقه.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟
حديث القدس
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
هاني المصري
المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها
حمدي فراج
ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي
راسم عبيدات
سوريا إلى أين؟
حمادة فراعنة
المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة
كريستين حنا نصر
أسرى فلسطين في معسكرات الموت
حديث القدس
الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"
اللواء المتقاعد أحمد عيسى
البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال
مروان اميل طوباسي
قد تتوقف الإبادة ولكن !
بهاء رحال
رحيل عيسى الشعيبي
حمادة فراعنة
أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف
د. أحمد رفيق عوض
آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ
ثروت زيد الكيلاني
حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق
كريستين حنا نصر
بوادر اتفاق تلوح بالأفق!
حديث القدس
الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة
دلال صائب عريقات
هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟
عبدالله جناحي
جابوتنسكي ونظرية الأمن الإسرائيلي
أسماء ناصر أبو عيّاش
هل كانت لداود مملكة في هذه البلاد؟!
تيسير خالد
منطق استعماري قديم
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
ارتفاع حصيلة قتلى حرائق لوس أنجلوس إلى 11 شخصا
غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس
مقتل 5 عسكريين إسرائيليين بمعركة شمال غزة
أبو ردينة: القيادة سعت منذ اليوم الأول لبدء العدوان على قطاع غزة
الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو
كتيبة جنين والمقاومة في مخيم جنين توافق على مبادرة الوفاق الوطني
الأكثر قراءة
أوسلو تستضيف اجتماعا دوليا لدعم حل الدولتين
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. اتفاق يلوح في الأفق وهذه تفاصيله!
دروس "الطوفان" وارتداداته(2) السياسي يربك الثقافي
الاحتلال سيستخدم عوائد الضرائب الفلسطينية لسداد ديون شركة الكهرباء
أسر رهائن إسرائيليين في غزة يوجهون انتقادات حادة لوزير المالية
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
ترمب و"تسوية الحدّ الأدنى" للقضية الفلسطينية: قراءة استشرافية (الحلقة الثالثة والأخيرة)
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%59
%41
(مجموع المصوتين 413)
شارك برأيك
غزة.. والمسؤولية الأميركية