Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 24 أغسطس 2024 10:21 صباحًا - بتوقيت القدس

ممرات عبور إلى السعادة

إذا تخيلنا السعادة غابة ساحرة، أو شاطئا جميلاً، أو قصراً بديع المعمار مع حدائق فاتنة، أو امرأة حازت الجمالين المظهري والجوهري، أو رجلاً وسيماً اجتمعت فيه مزايا العطاء والوفاء، فإن أيا مما اخترتَ أو اخترتِ منها في خيالك سيكون له طريق مُعبّد أو ممرّ موصِل.
والعجيب أن للسعادة ممرات كثيرة ومتنوعة، قد تثير دهشتنا. لنتعرف إلى ثلاثة منها:
أولاً: أن تكون أفعالك معبّرة عنك حقا.
لن تذوق طعم السعادة ما لم تكن قراراتك وتوجهاتك وأفعالك نابعة من صميم ذاتك، دونما ضغط أو إكراه من الآخرين أو من المحيط الخارجي. فما يصدر عنك يشبه رغيف الخبز الذي يتم تجميع مكوناته وعجنه وخبزه داخل كينونتك الفريدة، ومن ثم هو يبصر النور من خلال نار أفكارك ومشاعرك وخبرتك وبصمتك الفريدة، أنت لا غيرك.
ولا يعني ذلك بحال ألا تستمع إلى آراء الآخرين وخبراتهم ونصائحهم وتجاربهم، بل على العكس استمع إليهم، وخذ منهم ما يناسبك، واستبعد ما لا يناسبك، وكوّن رؤيتك الخاصة من بعد كل ذلك السماع وتلك المطالعة.
فالحكمة والذكاء هنا يتناصفهما جزآن أو قطبان، جزء (قطب) بالإفادة من تجارب الغير، وجزء (قطب) من ابتكار منظورك الخاص. فصدق من قال (ما خاب من استشار)، وصدق من قال (كن نفسك).
هل تستذكر مرة قمتَ فيها بفعل أنت غير مقتنع به؟ هل مرضت بعدها؟ هل بكيت؟ هل عضّك الندم؟ هل عاهدت نفسك على عدم العودة إلى مثل هذا الموقف المعيب بحق إنسانيتك؟
إن عنوان السعادة هو هويتك الفردية البهيجة، كلماتك أنت، قناعاتك أنت، اتجاهاتك أنت، مفهومك الخاص للسرور.
بعض الناس مفهومها للسرور يشير إلى احتساء القهوة في مقهى، والمشي والقراءة والتفسح في الطبيعة..، وبعض يشير إلى تدخين الأرجيلة (على مضرتها)، لكلّ منا مفهومه للسرور.
ثانيا: أن تكون عنواناً للمحبة وللعطاء وللإيجابية.
في لحظة صفاء روحية، ستدرك يا إنسان أنك لست سوى ممر للعطاء وللمحبة وللخير وللإيجابية وللإبداع، جميعها تعبر من خلالك، باعتبارك ممراً بشرياً للمشيئة الإلهية التي استودعتك تلك الكنوز واستأمنتك عليها، لخدمة الجنس البشري، وللمساهمة في تطوره، وللارتقاء بتجربته على كوكب الأرض.
أليس من الجهل والغباء والسخف أن تكون شريراً، أو أنانياً، أو ظالماً؟!
لماذا تتسبب في الأذى والدمار والخراب والتراجع للجنس البشري؟!
حتى لو حصلت على مزيد من المال والسلطة والملذات.. هل تظنّ أنك ستنال الإحساس الحقيقي بالسعادة بينما أنت تدوس على أحلام الآخرين، وتسحق طموحاتهم البسيطة العادلة؟!
ألم تفكر يوماً أن العوالم الأرضية وغير الأرضية يوجد بينها رابط خفي يربطها معاً نسميه المقاصة الروحية، أو ميزان العدل الكوني ( الكارمي)، وهو يقتصّ منك في العالمين الأرضي والما بعد أرضي الذي ستواجهه مباشرة بعد رحيلك عن جسدك المادي وعالم المادة؟!
كن عنواناً للمحبة، وللعطاء، وللإيجابية، حتى لا تدفع الثمن الكبير حين لا ينفع الندم.
كن عنواناً للمحبة وللعطاء وللإيجابية، حتى تَسلَم وتَسعد.
ثالثا: أن تكون في حال استقبال وإرسال دائم للحب.
لا تكن (الغافل) فتظن لحظة أن الحياة هي أيّ شيء عدا الحب، بل العكس هي لا شيء إلا الحب.
فالحب هو المحرك الخفي للحياة، وهو الأمل الكبير للإنسان يتجلى في الصدور، ويرتسم في العقول، كلما التقت امرأة برجل.
والحب هو الغلاف الكبير المتين الذي يلفّ مساعيك للدراسة، وللعمل، وللنجاح، وللعطاء، للمجتمع، وللإنسانية، بوعي منك أو بدون وعي، لأنه حب مغروس فيك للجنس البشري، وللوجود، وللخليقة، ولخالق الخليقة، وللعدالة الاجتماعية، وللارتقاء بسلوكيات الجنس البشري، ولتوفير الأمن والرفعة له.
ومهما حاولتَ الإنكار، فلن تهرب من الحقيقة الخالدة الراسخة في تكويننا الروحي والبشري العميق، وهي أننا كائنات محُبة، تصدر عنا موجات حب وعطاء وانفعال بالجمال وبالخير طيلة الوقت، كما نستقبلها أيضاً من الآخرين طيلة الوقت.
أما موجات الكراهية والأنانية وحَجب العطاء إن صدرت عنا أو عن غيرنا، فإنها تكون انحرافاً عن المسار المرسوم للخليقة، وإهمالاً لسماع صوت بوصلة النور فينا.
وهي تصدر إما عن جهل بعظمة الحب وقيمته وأهميته (خلل في الفكر)، وإما بسبب اضطراب أو مرض نفسي (خلل في النفس)، وإما بسبب توجيه مجتمعي نخبوي متعمد (خلل مجتمعي)، خدمة لمصلحة نخبة محدودة، هدفها إعلاء قيم الأنانية والجشع والمادة، بدل إعلاء قيمة الإنسان روحاً وكائناً، ومكانة، وممثلاً للجوهر الكوني الخالد.
وقد وصل معظم المفكرين الاجتماعيين والروحانيين في العالم إلى حقيقة أن ( الكون مؤيَّد بالحب).

..........

إننا كائنات محُبة، تصدر عنا موجات حب وعطاء وانفعال بالجمال وبالخير طيلة الوقت، كما نستقبلها أيضاً من الآخرين طيلة الوقت.

دلالات

شارك برأيك

ممرات عبور إلى السعادة

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 85)