أقلام وأراء
الأربعاء 13 أبريل 2022 6:01 صباحًا - بتوقيت القدس
أربع وخمسون سنة احتلال
بقلم: الدكتور أحمد رفيق عوض
ما حدث هو أن اسرائيل استطاعت وخلال هذه المدة تفكيك المرجعيات الدولية والتملص من القرارت الدولية المتعلقة بالصراع الفلسطيني- الاسرائيلي، كما استطاعت ان تغير ديموغرافيا الضفة المحتلة بالذات من خلال تكريس الاستيطان وفرضه فرضا على اية تسوية ممكنة. وتمكنت اسرائيل من عقد اتفاقيات سلام مع اطراف عربية كثيرة، واقامت علاقات سرية مع اطراف عربية اخرى، وبالتالي استطاعت ان تضعف الجبهة العربية حيث لم يعد باستطاعتها مساندة الحركة الوطنية الفلسطينية فضلا عن حصارها او الاشتباك معها او حتى نزع الشرعية عنها.
واستطاعت اسرائيل خلال تلك المدة ان تربط الحياة اليومية للشعب الفلسطيني باقتصادها بحيث حولت معظم الفلسطينيين الى عمال او ذوي اشغال يدوية غير قادرة على المنافسة او التأثير، فضلا عن مصادرة الارض والثروات، فلم يعد الفلسطيني يملك ما يستطيع به ان يقيم مجتمعاً صحياً او معافى. ولم تكتف اسرائيل بذلك، بل لاحقت الثورة الفلسطينية والتجمعات الفلسطينية في كل اماكن تواجدها بالقتل والتشريد والنفي لعدة مرات، واستخدمت السياسة الاستعمارية المعروفة طيلة الوقت التي تسمى العصا والجزرة، بحيث كانت فترات استخدام العصا اكثر واطول وأشد.
عملت اسرائيل طيلة المدة المشار اليها الى اضعاف النخبة الفلسطينية وضرب مؤسسات التعليم والتنمية الزراعية وربطها بما يسمى الادارة المدنية، اي ادارة الاحتلال بحيث تحول احتلال الاراضي الفلسطينية الى مشروع مربح جدا. وقد حاولت اسرائيل الالتفاف على التمثيل الشرعي للشعب الفلسطيني من خلال الاعتماد على القوى التقليدية او قوى اخرى عميلة، كما شجعت التنافس بين الفصائل لتضرب بعضها بعضا، ولكن ذلك كله انهار مع الانتفاضة الكبرى سنة ١٩٨٧، الامر الذي فتح الباب امام التسوية السياسية التي لها اسباب اخرى اقليمية ودولية.
ومنذ تسوية ١٩٩٤ حتى يومنا هذا، فقد عملت اسرائيل على اضعاف السلطة الوطنية وارهاقها بالالتزامات والاشتراطات والتهديدات، كما عمدت الى تشجيع الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني لضرب وحدة التمثيل وخلق مرجعيات متعددة، ثم جوفت وافرغت اتفاق اوسلو من اهدافه ومن مضمونه الاساسي الا وهو انهاء الصراع التاريخي بإقامة دولة فلسطينية. ولكن اسرائيل استخدمت الاتفاق لضرب الحركة الوطنية الفلسطينية وتطويقها وتطويعها من جهة والى تغيير بنية وديموغرافية وجغرافية الضفة الغربية بالذات من جهة اخرى.
ومنذ العام ١٩٩٤ وحتى يومنا هذا، فان اسرائيل تعامل السلطة الوطنية كدولة عندما يكون ذلك في صالح اسرائيل، وتعاملها باعتبارها اجيراً إذا كان ذلك في صالحها، واوهمت العالم ان هناك سلام رغم ان حقيقة الوضع تقول ان الاحتلال الاسرائيلي تغول وتوحش بعد اتفاق اوسلو لأسباب كثيرة منها ان المجتمع الاسرائيلي انتقل الى اليمين القومي والديني كردة فعل متعددة الاسباب ايضا. ومنذ العام ٢٠٠٦ وهو عام الانقسام الفلسطيني فان الجبهة الجديدة التي لم تكن اسرائيل تتوقعها اعادت كل شيء الى مربعه الاول.
منذ العام ١٩٦٧ وحتى يومنا هذا، تغير الاسرائيلي المحتل نحو مزيد من التطرف والتغول، فقد زاد خوفه وتوجسه، إذ انكشفت عوراته ونقاط ضعفه، كما تغير العالم ايضا بحيث لم يعد تأييد اسرائيل ودعمها يجري بشكل اوتوماتيكي كما كان في السابق، كما تغير الفلسطيني ايضا، فلم يعد الضحية الوادعة او الشاكرة او الطيبة او الطيّعة.
منذ العام ١٩٦٧، وبدلا من الحديث عن حل إقليمي تتخلى فيه اسرائيل عن الأراضي او عن أراضٍ، فان الكلام الان يدور على الارض الكاملة. لقد فشل الاحتلال في شطبنا او اخضاعنا او اقناعنا رغم كل ما فعله او يفعله او سيفعله. المحتل وبعد ٧٤ سنة من اقامة دولته ما يزال يواجه ذات التحدي وذات السؤال. أكثر من ذلك، فإن الاحتلال كفكرة فاسدة ومخزية لا تصيب من يقع عليه الاحتلال بالأمراض فقط، بل ترتد على من يمارس فعل الاحتلال ايضا.
الاحتلال مرض استثنائي تماماً والشفاء منه مسألة وقت ليس إلا.
*رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
الاحتلال يخلي المستشفى الإندونيسي ويقصف المستشفيين الآخرين شمالي غزة
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
مصطفى يبحث مع خارجية قبرص الرومية إنهاء الإبادة الإسرائيلية بغزة
الأكثر قراءة
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 304)
شارك برأيك
أربع وخمسون سنة احتلال