Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 06 أغسطس 2024 9:27 صباحًا - بتوقيت القدس

الحل قائمة مشتركة جديدة.. إسقاط حكومة نتنياهو ضرورة وطنية: مَنْ، كيف، ولماذا؟

تلخيص

قبل الإجابة على السؤال في عنوان هذه المقالة، أتخيل أن البعض سيسأل فوراً: وهل الحكومة البديلة التي ستأتي ستكون خيراً من هذه الحكومة؟! سؤال مشروع بلا أدنى شك، إلا أن الشجاعة في الإجابة عليه ضرورة وطنية وشرعية أيضاً. نحن حينما نتحدث عن إسقاط حكومة كحكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير الحالية، واستبدالها بحكومة أخرى، لا نختار بين حكومة سيئة وأخرى جيدة. الخيارات كلها سيئة، لكن بعض الحكومات قد – أقول قد – تكون أقل سوءاً من الأخرى. فهل تستحق هذه الحقيقة أن نجازف بالاجتهاد لإسقاط هذه الحكومة؟ الجواب: نعم، بكل تأكيد.إسقاط هذه الحكومة الأكثر فاشية في تاريخ إسرائيل – أنظر الأكثر فاشية، بمعنى أن غيرها أقل فاشية، وهذا يعني أن كليهما تتشاركان في هذ الصفة، أصبح بعدما ارتكبت ما ارتكبت من جرائم في حق شعبنا الفلسطيني، ولا يزال. ونحن كمجتمع عربي فلسطيني يعيش على أرض وطنه تحت الحكم الإسرائيلي، ويحمل جنسيته، أصبح واجباً لا انفكاك عنه، والتقاعس عن تحقيقه- قدر المستطاع – بمثابة تفريط لا أتصور أن التاريخ سيغفره لنا.


(مَن) سيتصدى لهذه المهمة الوطنية بامتياز؟ الجواب: العرب الفلسطينيون في إسرائيل: شعباً وقيادةً وأحزاباً وحركات ومؤسسات وطنية! أما كيف؟ فبالحشد الواسع النطاق الذي يشمل ليس أقل من 90% من قوة المجتمع العربي الانتخابية من وراء قائمة مشتركة جديدة يمكن أن تُدخل إلى البرلمان/ الكنيست أكثر من 15 عضواً، تُقام على قاعدة الحد الأدنى مما يمكن الاتفاق عليه، ويكون الهدف الأول منها إسقاط حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير، والضغط لإقامة حكومة بديلة يكون للنواب العرب تأثير عليها بشكل يتم الاتفاق على صورته وكيفيته.


 هذا التحدي الكبير في ظل هذا الظرف الخطير الذي نمر به ويمر به شعبنا الفلسطيني، يتطلب من القوى الفاعلة في المجتمع العربي الترفع عن الخلافات التافهة شخصيةً كانت أو حزبيةً من أجل تحقيق اختراق للواقع الإسرائيلي يؤسس لمرحلة جديدة، ربما توقف حالة التدهور في واقعنا الفلسطيني، هنا في إسرائيل، وهناك في فلسطين المحتلة عام 1967، ويهيئ لانفراجة في حالة التشرذم التي نعيشها كمجتمع عربي يُطحنُ بين مطرقة السياسات الحكومية العنصرية، وسندان الصراعات الداخلية ودموية العنف والجريمة!

أما لماذا؟ فهاكم التفاصيل:
(1)
التدهور المستمر الحاصل في العلاقة بين إسرائيل "اليهوديموقراطية" وبين المواطنين العرب الفلسطينيين الأصلانيين أصحاب الأرض الشرعيين، والتي ازدادت ملامحها قتامة في ظل حكومات نتنياهو منذ العام 1996، والتراجع الخطير في مسار القضية الفلسطينية التي يوشك نتنياهو أن يوجه لها الضربة القاضية في ظل الانهيار العربي والدعم الأمريكي والانقسام الفلسطيني، كلها "تُنذر!" بمرحلة جديدة هي الأكثر خطورة في تاريخ الدولة والمنطقة، هذا التدهور يجب أن يضئ أمامنا ضوءاً أحمر خطيراً.


من الواضح أن نتنياهو وحلفاءه من اليمين المتطرف و"الكهانيين" (نسبة إلى مئير كاهانا مؤسس حزب "كاخ" الأكثر عنصرية وعداء للعرب، قتل في نيويورك عام 1990)، وصلوا إلى قناعة أن كل مشاريعهم لـ "تطويع" الجماهير العربية الفلسطينية من جهة، وشطب القضية الفلسطينية بكل ملفاتها عن أجندة الاهتمام العالمي من جهة أخرى، قد باءت بالفشل الذريع رغم كل الظروف المحيطة التي تخدم المشروع الصهيوني بشكل غير مسبوق. لذلك انتقل هذا التحالف اليميني بزعامة نتنياهو إلى تنفيذ النسخة الجديد من الخطة "د/ دالت" (خطة وضعتها منظمة الهاجاناه الصهيونية في فلسطين بين خريف 1947 وربيع 1948، وكان الهدف منها إنهاء الوجود الفلسطيني في فلسطين فعلياً بكل الطرق، بما في ذلك التدمير والقتل والإرهاب، وهي التي أدت الى النكبة في نهاية المطاف بكل فصولها المأساوية). خطة "د" الجديدة تهدف إلى ذات أهداف الأولى، ولكن بطريقة جديدة أكثر عصرية، لكنها مساوية للأولى بشاعةً وعنصريةً وعداءَ وهمجيةً.


حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 (وقبلها طبعا) والتي ما زالت مستمرة بكل وحشية وبشاعة منذ نحو عشرة أشهر، وحرب الإبادة - وإن بحجم أقل - التي تشنها ضد الضفة الغربية ومدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، هي عَرَضٌ من أعراض هذه الخطة الجديدة التي تنفذها حكومة إسرائيل فعليا على أرض الواقع غير آبهة بـ 57 دولة عربية وإسلامية، وغير مكترثة بكل المواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة، وضاربة بعرض الحائط كل قرارات المحاكم الدولية (محكمة العدل ومحكمة الجرائم) التي اتخذتها هذه المحاكم في الفترة الأخيرة التي تدعو كلها إلى: 1. وقف حرب الإبادة، 2. إنهاء الاحتلال الإسرائيلي فوراً، باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي، ودعوة حكومات العالم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله، 3. اعتقال ومحاكمة القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على ما ارتكبت من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. هذا بالإضافة إلى تحدي نتنياهو ووزرائه السافر للرئيس والإدارة الأمريكية (انظر خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الذي انتقد فيها الشعب الأمريكي الرافض لجرائمه ضد الشعب الفلسطيني، واتهامه لكل المتظاهرين ضده باللاسامية ودعم الإرهاب! كما اعتبر فيه أمريكا خادمة لإسرائيل لا أكثر)، وَرَفْضٍ مبادرات بايدن ومناشداته لوقف الحرب، ووضعه العراقيل أمام اية فرصة لوقف النزيف وإنهاء حالة التدهور الخطيرة، الأمر الذي أثار عليه حتى قادة أجهزته الأمنية: وزير الدفاع، ورئيس الموساد ورئيس الشاباك.

نتنياهو يرفض أي اتفاق يوقف الحرب

يرفض نتنياهو عقد أي اتفاق يشمل: وقف الحرب فوراً، وصفقة تبادل على قاعدة الكل مقابل الكل، وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم في القطاع، وفك الحصار، وإعادة الاعمار، وهي مطالب يجمع المجتمع الدولي على مشروعيتها. نتنياهو مقتنع تماماً بأن استمرار الحرب لا علاقة له بأمن إسرائيل ومستقبلها، لكنها تخدم مصالحة السياسية الشخصية (استمرار حكمه، وتأجيل إجراءات انهاء دوره السياسي، وإجراءات محاكمته بتهم الفساد المنظورة حالياً في المحاكم الإسرائيلية)، وتخدم أيضا مصالح شركائه المتطرفين الذين يسعون صراحة لشطب القضية الفلسطينية تماماً، وفرض السيادة الإسرائيلية الفعلية على أرض فلسطين المحتلة عام 1967، ووضع العالم أمام واقع جديد لا يملك أمامه إلا التسليم به والاعتراف بشرعيته، وإن خالف القانون والقرارات الدولية.


وصل نتنياهو إلى قناعة منذ إمد بعيد وهو في السلطة منذ العام 1996، أنه مهما ارتكب من جرائم، ومهما هدد الإمن والاستقرار الدوليين، ومهما انتهك من حقوق الإنسان الفلسطيني، فإن يد العدالة الدولية لن تصل إليه، وسيظل في مأمن من أن يتحمل تبعات جرائمه.

(2)

لا احد يمكنه أن يُنكر أن المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل تقدم كثيراً، وفي أكثر من مجال حيوي، رغم أنف كل سياسات التمييز العنصري والقهر القومي التي مارستها حكومات إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 وحتى يومنا هذا، وحقق قفزات نوعية دلَّتْ كلها على أن مجتمعنا الفلسطيني يتمتع بحيوية متميزة استطاع بها – بعد توفيق الله – من الانتصار على خطط إسرائيل المتعلقة بالوجود، وما زالت المعركة مستمرة لانتزاع الحقوق ابتداء من الاعتراف بهويتنا الوطنية، وليس انتهاء بحقوقنا الجماعية القومية. نجحنا إلى حد بعيد نسبياً في المزاوجة بين مشروعنا القومي/ الوطني الذي يتمسك بالهوية والمرجعية الدينية والوطنية حتى النخاع، وبين ضرورة الالتفات إلى الهَمِّ اليومي من غير تفريط بأي من الثوابت الدينية والقومية.

معركة المجتمع العربي في الداخل

من هذا المنطلق نجح مجتمعنا العربي الفلسطيني داخل الكيان العبري، خوض معركته على أكثر من مسار بشكل متزامن، بدأها بتعزيز الوعي الشعبي وإطلاق الإرادة وتحدي الواقع الصهيوني، وعدم المساومة على الثوابت وتعزيز الكبرياء الديني والقومي، مروراً ببناء المؤسسات الوطنية كلجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وهي برلمان جماهيرنا العربية التي تجمع تحت سقفها كل أطياف المجتمع العربي وفعالياته، واللجنة القطرية لرؤساء البلديات والمجالس العربية (الحكم المحلي)، وتشييد منظمات المجتمع الأهلي عالية التخصص في كل المجالات، وبناء حياة حزبية وحراك سياسي/ ديني/ ثقافي مميز، وليس انتهاء باستثمار كل المسارات النضالية: شعبية وقانونية وإعلامية، محلية ودولية، في سبيل تعزيز حراكنا الداخلي ونضالنا المشروع ضد سياسة حكومات إسرائيل المتعاقبة، ودعماً لنضال شعبنا الفلسطيني لنيل الحرية والاستقلال والكنس النهائي للاحتلال.

(3)
كيهودي، نشأ في عائلة تحمل فكراً قومياً صهيونياً – يهودياً متطرفاً، بدأت ملامح شخصية نتنياهو تتشكل مبكرا على ما يبدو، وبدأت هذه الملامح في أخذ شكلها النهائي، مع بدايات دخوله المعترك السياسي ممثلا لبلده في الأمم المتحدة، وكعضو في وفد إسرائيل برئاسة شامير إلى مؤتمر مدريد للسلام (1991)، وبعدها وزيراً للمالية في حكومة أريئيل شارون، لم يُخْفِ نتنياهو عبر هذه المحطات آراءه في مسألة إسرائيل وفلسطين في جزئيتها المتعلقة بنا كجماهير عربية ظلت متمسكة بأرض وطنها تحت الحكم الإسرائيلي منذ العام 1948، أو في جزئيتها الأخرى المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية في التحرير وتقرير المصير. ما زلتُ أذكر كلماته في "مؤتمر هرتسليا" السنوي الاستراتيجي قبل سنوات، والتي عبرت عن موقفه المعادي لنا كمجتمع عربي فلسطيني في الداخل، إذ قال: "إن مشكلة اسرائيل الديموقراطية هي عربها وليس عرب فلسطين"، محذراً من أن نسب تكاثرنا ستُفقد إسرائيل هويتها وأكثريتها الصهيونية اليهودية خلال عقود قليلة. لم تقتصر مواقفه عند عتبات التخوفات الاستراتيجية كما يسميها، بل بدأ كوزير للمالية بتنفيذ خطة تهدف إلى المس بحقوقنا كعرب، كالمَسِّ بمخصصات التأمين الوطني، وفتح ملف ظاهرة كثرة الأولاد، في منطقة النقب بالتحديد وأسبابها، وغيرها من الإجراءات المصنفة دولياً "عنصريةً" بلا نزاع.

تنازلات للحلفاء الأصوليين

حدد نتنياهو أهدافه داخلياً وإقليمياً ودولياً بكل وضوح منذ تسلم منصب رئيس الوزراء ابتداء من العام 2009 وحتى الآن، من أجل أن يحقق هذه الأهداف دون "منغصات" أو "معيقات"، واختار حلفاءه بعناية فكانوا مزيجاً من الأحزاب المتدينة الأصولية (الحاريديون) وأحزاب المتدينين الصهاينة القوميين والتي تعتبر النسخة الأخيرة (سموتريتش وبن غفير) أكثرها تطرفاً، وأشدها عنفاً، وأعمقها توحشاً.


أبدى نتنياهو استعداداً للذهاب بعيداً في التنازلات لحلفائه الأصوليين المتدينين على المستوى الداخلي متجاوزاً وضع "الستاتوس كفو" الذي كان الحاكم للعلاقة بين الدولة وبين المتدينين منذ قيام الدولة، بدرجة أثارت عليه حلفاءه العلمانيين السابقين كأفيغدور ليبرمان، وحتى أعضاء في حزبه الذي رأوا في حملة البيع بالجملة التي يقودها نتنياهو تهديداً لحزب الليكود ومصداقيته أمام أوساط واسعة من الإسرائيليين العلمانيين المؤيدين. أما على المستوى الخارجي فقد استسلم نتنياهو تماماً – ما عدا اختلافات تكتيكية – لحلفائه المستوطنين الذين دفعوه إلى العمل الجاد والمنهجي بهدف إغلاق الملف الفلسطيني. تأتي تصريحات حلفاء نتنياهو هذا الأسبوع بضرورة بسط السيادة الإسرائيلية على منطقة الضفة الغربية (المناطق ب و ج) وفي قلبها غور الأردن وشمال البحر الميت ومنطقة القدس بكاملها، وكذا الكتل الاستيطانية، إضافة إلى خططه بخصوص الخليل التي اقتحمها مؤخراً معلنا "أبدية" السيادة الإسرائيلية على الخليل المقدسة، حسب تعبيره، أوضح دليل وأصدق شاهد على ما ستؤول إليه الأمور في حال فاز نتنياهو بالمنصب في أية انتخابات مقبلة.

تشريعات عنصرية

أما بالنسبة لنا كمجتمع عربي فلسطيني في الداخل، فقد شهدت السنوات العشر الأخيرة لحكم نتنياهو تصعيداً خطيراً على مستوى التشريعات العنصرية والتي بلغت المئات، من أهمها: أولاً، "قانون القومية" الذي يعلن عدم اعتراف إسرائيل بأية صلة دينية ووطنية وقومية بيننا كجماهير عربية فلسطينية وبين وطننا فلسطين، ويعتبرنا مجرد "رعايا" يجب أن "نمتن" لإسرائيل على ما تعطينا من فتات لا يستند إلى قانون وإنما يعتمد على "إحسان!!" "السيد الإسرائيلي!!" "صاحب الوطن!" الذي لا يشاركه في هذا الوطن أحد. قانون القومية قانون فاشي بكل المعايير، فهو ينتقل بالعلاقة بيننا وبين الدولة التي نحمل جنسيتها (كُرها) منذ العام 1948 من مطالبتنا بـ"احترام" القوانين مهما كانت عنصرية، إلى مطالبتنا بـ "احترام" الأيديولوجية الصهيونية التي تنفي وجودنا ولا تعترف بأي حق وطني أو قومي لنا في وطننا وعليه. كما ينتقل بواقع الصراع الشرق أوسطي من صراع حدود إلى صراع وجود، لا يعترف بموجبه الجانب الصهيوني بالرواية الفلسطينية بكل تفاصيلها، ولا يعترف أصلا بوطن اسمه فلسطين، وبشعب اسمه الشعب الفلسطيني.


 يعترف القانون فقط بالرواية الصهيونية، وبشعب واحد وهو "الشعب اليهودي!!".. ثانيا، قانون “كمينيتس" الذي جاء بدوره ليكمل ما جاء به قانون القومية، من خلال استهدافه لكل مقومات مجتمعنا العربي الفلسطيني من حيث الأرض والمسكن والاقتصاد ومناطق النفوذ ومسطحات البناء والخدمات، والقدرة على التطور الطبيعي أسوة بالمجتمع اليهودي الذي يتطور بسرعة فلكية تترك وراءها مجتمعنا العربي كأحياء فقر ملتصقة بحواضر تسبقنا بسنوات ضوئية تقدماً وتطوراً وازدهاراً..


بات واضحاً الآن في ظل حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير، أن التنفيذ الفعلي والأعمق لتلك القوانين العنصرية على المستويين الفلسطيني الداخلي (المجتمع العربي في الداخل)، والقضية الفلسطينية الكبرى، أخذ منحىً جديداً غير مسبوق يُنذر بمرحلة جديدة ستشهد تصعيداً خطيرا جداً. تستغل هذه الحكومة الصمت الدولي والعربي – إلا من بعض بيانات الاستنكار الخجولة – وتجاهل حكومات العالم لفداحة الجرائم التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية، بل ومسارعة العالم لمساعدة إسرائيل ومدها بكل أنواع القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية، رغم جرائمها عند أي تهديد حتى لو نظري لأمنها، تستغل ذلك كله من أجل المضي قدماً في انتهاكاتها التي تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.

(4)

تشكل القوانين العنصرية، الغطاء الشرعي الذي منح وزارات حكومة نتنياهو المساحة الواسعة بلا حدود للتضييق على مجتمعنا العربي، وبالذات في القضايا ذات العلاقة بالمجالات الحيوية لهذا المجتمع وعلى رأس هذه القضايا: أولا، الأمن الشخصي والجماعي في مواجهة العنف والجريمة التي تغذيه دوائر إسرائيلية أمنية وغيرها، دعماً مباشراً أو غضاً للنظر، وتعمد عدم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها أسوة بالمجتمع اليهودي. من المهم هنا الإشارة إلى أن وزير الأمن الداخلي الحالي (بن غفير) يعتبر بجميع المعايير من أشنع وزراء الأمن الداخلي الذين مروا على إسرائيل، وأكثرهم تطرفاً وحقداً على كل ما هو عربي. ينعكس هذا بوضوح في سياساته المستهترة بمصالح المواطنين العرب وبدمائهم، واستخفافه بكل ما يتعرض له مجتمعنا من تحديات أمنية. ثانيا، الأرض والمسكن وهي واحدة من القضايا الساخنة التي بدأت تشكل عاملاً ضاغطاً قد يؤدي إلى هجرة الأجيال الشابة من البلاد، وهو ما يسعى إليه نتنياهو كما يبدو.


 إصرار حكومة نتنياهو على سياسة الهدم والتدمير لمئات البيوت السكنية والمحلات التجارية العربية سنوياً، بدل الانخراط في تخطيط ممنهج لتطوير المجتمع العربي، والمصادقة على خرائطه الهيكلية التي تستجيب للاحتياجات الحقيقية وليست الوهمية لهذا المجتمع، والإبقاء على بُناه التحتية الخدماتية والصناعية والتجارية متخلفة عن مثيلتها في المجتمع اليهودي، دليل واضح على انحطاط الأيدولوجية التي يحملها تجاهنا كعرب.

(5)

أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فقد بات واضحاً ان نتنياهو وحلفاءه اطمأنوا تماماً إلى أن الطريق بات مفتوحاً أمامهم لتحقيق حلمهم في إقامة دولة "إسرائيل الكبرى" على كامل تراب فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، ومنح الفلسطينيين حكمأ ذاتياً فقط، بلا حقوق سياسية أو وطنية أو سيادية. وقد ساعد الوضع العربي المنهار، وانحياز إدارة بايدن الكامل، والانقسام الفلسطيني نتنياهو على المضي بشكل غير مسبوق في تحقيق السيطرة الكاملة لإسرائيل على كامل التراب الوطني الفلسطيني وانهاء وَهْمِ حل الدولتين، والنأي عن وَهْمِ حل الدولة الواحدة، الأمر الذي يمهد لقيام نظام أبرتهايد جديد يمارَس فعلياً على الأرض، يولد من جديد بعد سقوط نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا.


أقنع نتنياهو نسبة ليست بالبسيطة من الإسرائيليين حتى من معارضيه أن إسرائيل ليست بحاجة إلى سلام يفرض عليها تنازلات استراتيجية من أجل أن تعيش بسلام. إنها بحاحة فقط إلى فرض سياسة الأمر الواقع بشكل يضطر العالم إلى التسليم بهذا الواقع، بديلاً عن الشرعية والقرارات الدولية ذات الصلة بفلسطين وغيرها كالجولان مثلاً.

(6)

وأخيرا، المتابع لتصريحات نتنياهو ضدنا كمجتمع عربي فلسطيني في السنوات الأخيرة والتي تتراوح بين: "بيبي جيد لليهود"، إلى "أنهم يتدفقون إلى صناديق الاقتراع"، فـ"العرب زَيَّفُوا الانتخابات"، و"العرب يسرقون الانتخابات"، وأخيرا وليس آخراً " العرب يريدون القضاء على الدولة"، يصل إلى قناعة تامة بأن المنطقة في ظل حكومة "المجانين" أصبحت تشكل خطراً حقيقياً لا بد من التصدي له بكل الوسائل المشروعة. إن عجز العالمين العربي والإسلامي عن هزيمة هذه الحكومة وإخراجها من التاريخ، علّنا نحن المجتمع العربي ننجح فيما عجزوا هم فيه! هل هذا ممكن؟! الجواب: نعم، ممكن، إلا أن الأمر يحتاج إلى روح دينية – وطنية جديدة تتسبب في ميلاد منظومة سياسية عربية – فلسطينية تَنْظِمُ جماهيرنا العربية في بوتقة وحدوية تقدم المصلحة الوطنية العليا على كل مصلحة، وتدفع بالمصلحة الجماعية إلى ما فوق المصالح الشخصية والفئوية!

(7)

كيف يمكن لبعضنا بعد هذا وغيره أن لا يخرج "شاهراً" صوته (وهو سيفه القاطع حاليا) دفاعاً عن وجوده وعقاباً لجلاده؟!


أقنع نتنياهو نسبة ليست بالبسيطة من الإسرائيليين حتى من معارضيه أن إسرائيل ليست بحاجة إلى سلام يفرض عليها تنازلات استراتيجية من أجل أن تعيش بسلام. إنها بحاحة فقط إلى فرض سياسة الأمر الواقع بشكل يضطر العالم إلى التسليم بهذا الواقع، بديلاً عن الشرعية والقرارات الدولية.

دلالات

شارك برأيك

الحل قائمة مشتركة جديدة.. إسقاط حكومة نتنياهو ضرورة وطنية: مَنْ، كيف، ولماذا؟

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)